البدن والنفس المجرّدة، وقد مرّت الدلالة على أنّه تعالى لا يكون محلّاً لشيء ولا حالّاً فيه.وأمّا المركّب من البدن والنفس المجرّدة المتعلّقة به فقد مرّ الدليل على أنّه تعالى ليس بجسم، وسيجيء الدلالة على أنّه لا يكون نفسا لجرم من الأجرام، فلا يكون جزءً خارجيا لمركّب حقيقي أصلاً؛ فتأمّل فيه.
ويمكن تقريره بوجه آخر بأن يقال: الجزء الخارجي إمّا مادّة أو صورة أو موضوع أو عرض أو بدن أو نفس بحكم الاستقراء. واحتمال جزء المجرّد كجزء العقل، أو النفس لا يضرّنا؛ لأنّ الكلام هاهنا في المركّب المتحقّق الوقوع لا فيما لا يكون تركيبه معلوما، والكلّ باطل؛ لأنّ كلّ ذلك متغيّر وتحت متصرّف يغيّره على التغليب (ظ)، وكلّ ما هو كذلك ممكن غير واجب كما مرّ.
ولأنّ هذه الاُمور بعضها جوهر وبعضها عرض، والواجب لا يكون جوهرا ولا عرضا؛ فتأمّل.
ولأنّ المادّة والموضوع محلّ، والصورة والعرض حالّ وقد عرفت أنّ الواجب لا يمكن أن يكون محلّاً ولا حالّاً، وكلّ من المادّة والصورة والبدن جسماني وقد عرفت أنّه تعالى مجرّد ليس بجسماني، وكلّ من المادّة والصورة والعرض والبدن في تقوّمه ووجوده، أو في تشخّصه، أو في حياته محتاج إلى غيره، وما هو كذلك ليس بواجب بالذات، بل ممكن، وكلّ ما يكون نفسا لجرم من الأجرام ممكن، فهي ليست بواجبة.
واستدلّ عليه بعد تمهيد مقدّمتين:
المقدّمة الاُولى: أنّ نسبة النفس إلى بدنها ليست نسبة العلّة إلى معلولها، وإلّا لكان كلّ علّة نفسا لمعلولها، وذلك الواضح البطلان، بل بين النفس والبدن تعلّق وارتباط خاصّ موجب لتأثّر كلّ منهما عن صاحبه، بل موجب لأن يحصل منهما واحد طبيعي، وأن يكون شعورها