599
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

البدن والنفس المجرّدة، وقد مرّت الدلالة على أنّه تعالى لا يكون محلّاً لشيء ولا حالّاً فيه.وأمّا المركّب من البدن والنفس المجرّدة المتعلّقة به فقد مرّ الدليل على أنّه تعالى ليس بجسم، وسيجيء الدلالة على أنّه لا يكون نفسا لجرم من الأجرام، فلا يكون جزءً خارجيا لمركّب حقيقي أصلاً؛ فتأمّل فيه.
ويمكن تقريره بوجه آخر بأن يقال: الجزء الخارجي إمّا مادّة أو صورة أو موضوع أو عرض أو بدن أو نفس بحكم الاستقراء. واحتمال جزء المجرّد كجزء العقل، أو النفس لا يضرّنا؛ لأنّ الكلام هاهنا في المركّب المتحقّق الوقوع لا فيما لا يكون تركيبه معلوما، والكلّ باطل؛ لأنّ كلّ ذلك متغيّر وتحت متصرّف يغيّره على التغليب (ظ)، وكلّ ما هو كذلك ممكن غير واجب كما مرّ.
ولأنّ هذه الاُمور بعضها جوهر وبعضها عرض، والواجب لا يكون جوهرا ولا عرضا؛ فتأمّل.
ولأنّ المادّة والموضوع محلّ، والصورة والعرض حالّ وقد عرفت أنّ الواجب لا يمكن أن يكون محلّاً ولا حالّاً، وكلّ من المادّة والصورة والبدن جسماني وقد عرفت أنّه تعالى مجرّد ليس بجسماني، وكلّ من المادّة والصورة والعرض والبدن في تقوّمه ووجوده، أو في تشخّصه، أو في حياته محتاج إلى غيره، وما هو كذلك ليس بواجب بالذات، بل ممكن، وكلّ ما يكون نفسا لجرم من الأجرام ممكن، فهي ليست بواجبة.
واستدلّ عليه بعد تمهيد مقدّمتين:
المقدّمة الاُولى: أنّ نسبة النفس إلى بدنها ليست نسبة العلّة إلى معلولها، وإلّا لكان كلّ علّة نفسا لمعلولها، وذلك الواضح البطلان، بل بين النفس والبدن تعلّق وارتباط خاصّ موجب لتأثّر كلّ منهما عن صاحبه، بل موجب لأن يحصل منهما واحد طبيعي، وأن يكون شعورها


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
598

حقيقي آخر ـ كما ذهب إليه القائلون بأن لا مؤثّر في الوجود إلّا اللّه تعالى ـ أو أعمّ من أن يكون بلا واسطة، أو بالواسطة كما ذهب إليه الآخرون، ونسبة الفاعل من حيث إنّه فاعل إلى معلوله نسبة الإيجاب والإيجاد وإفاضة الوجود، وليس نسبة شيء من أجزاء المركّب إليه من حيث إنّه جزء نسبةَ الإيجاب والإيجاد؛ لأنّ الجزء من حيث إنّه جزء غير موجد الكلّ، فلو كان الواجب جزءً لمركّب حقيقي، يلزم أن يكون موجبا وموجدا له، وغير موجب وغير موجد له، فيلزم تعيّن ۱ نسبته إليه، وذلك في الواجب محال؛ لأنّه واحد من جميع الجهات، ويستحيل اتّصاف أمر واحد من جهة واحدة بالمتنافيين.
فإن قلت: على هذا يلزم أن لا يكون الواجب علّة غائيّة لمعلوله بعين ما ذكرت، وذلك منافٍ لتصريحاتهم من أنّه تعالى غاية الغايات.
قلنا: معنى قولهم هذا أنّ ذاته بذاته كافٍ في فاعليّته، ولا يحتاج فيها إلى أمر خارج عن ذاته، فذلك بالحقيقة يرجع إلى نفي العلّة الغائيّة عن فعله تعالى.
وتحقيق ذلك أنّ العلّة الغائيّة لفعله إنّما هو علمه الذي عين ذاته، فليس هاهنا صفتان متنافيتان ليلزم تكثّر الجهات فيه تعالى بخلاف ما إذا كان جزء المركّب؛ فتأمّل.
والثاني: لأنّ الواجب كما مرّ فاعل لجميع ما عداه، وقد عرّفوا الفاعل بما يحتاج إليه الشيء الخارج عنه كما صرّح به الشارح الجديد للتجريد، فلا يجوز أن يكون جزء الشيء، وإلّا يلزم أن يكون خارجا عنه داخلاً فيه معا، هذا خلف، فتأمّل فيه ۲ .
والثالث: لأنّ الجزء الخارجي في المركّب الحقيقي المعروض للوحدة الحقيقيّة ـ سواء كان التركيب طبيعيا وخلقيا أو صناعيا ـ لا يخلو إمّا ۳ أن يكون علّة مادّيّة، وهي ما يكون الشيء به بالفعل، والعلّة المادّيّة محلّ للصوريّة، والصوريّة حالّ فيه فيما عدا المركّب من

1.في النسخة: «تفنّن».

2.في النسخة: «عنه».

3.لم يذكر عِدْل «إمّا».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125466
صفحه از 739
پرینت  ارسال به