601
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

البسيطة إلى ذلك الجسم بعينه الذي هو بدنه تعالى عن ذلك نسبتان متباينتان متنافيتان. أحدهما النسبة التعلّقيّة التي من النسب الإمكانيّة، وثانيهما النسبة والإضافة التي بين العلّة ومعلولها المنافية للنسبة الإمكانيّة، وهذا محال.
قال العلّامة شارح الإشراق: وممّا يجب أن تعلمه أنّه لا يجوز أن يلحق ۱ للواجب إضافات مختلفة توجب اختلافات حيثيات فيه، بل له إضافة واحدة هي المبدئيّة تصحّح ۲ جميع الإضافات كالرازقيّة والمصوّريّة وغيرهما ۳ . فظهر أنّ الواجب تعالى يمتنع أن يكون نفسا لجسم، وإلّا لكان له إضافة اُخرى غير إضافة العلّيّة والمبدئيّة منافية لها وهو مستلزم لتركّبه، تعالى عن ذلك؛ فتدبّر.
المسألة الخامسة
أنّه تعالى لا يكون متّحدا مع غيره كما ذهب إليه بعض النصارى حيث قال بإيجاده تعالى مع المسيح، كما يفهم من ظاهر كلام بعض المتصوّفة حيث قال: إذا انتهى العارف نهاية مراتب العرفان، انتفى هويّته فصار الموجود هو اللّه تعالى وحده، وهذه المرتبة هي الفناء في التوحيد، وذلك لأنّه لا شكّ في أنّ اتّحاد الاثنين بوجه يستلزم انعدامها وحصول ثالث، أو انعدام أحدهما وبقاء الآخر ليس باتّحاد الاثنين، فاتحاد الاثنين غير متصوّر مطلقا سيّما في الواجب، فهو بديهيّ البطلان.
وأقول: يمكن بيان استحالته بوجه آخر وهو أنّه إذا صار الواجب متّحدا مع غيره فذلك الغير ممكن؛ لما ثبت من توحيده تعالى، وحينئذٍ لا يخلو إمّا أن يصير ذلك الممكن المتّحد معه واجبا لذاته، وهو محال؛ لاستحالة الانقلاب من الإمكان الذاتي إلى الوجوب الذاتي، أو بقى على إمكانه، وحينئذٍ إمّا أن يصير الواجب ممكنا أو مركّبا من الواجب والممكن، وكلاهما محال؛ فتدبّر.

1.في المصدر: «تلحق».

2.في النسخة: «يصحّح».

3.شرح حكمة الإشراق، ص ۳۰۴ في القسم الثاني في الأنوار الإلهيّة في المقالة الاُولى.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
600

بنفسها وبدنها شعورا واحدا يتألّف من الإدراكين واحد ۱ على ما صرّح به بهمنيار؛ ولهذا ينسب كلّ من الأفعال الصادرة من ذاتها وبدنها إلى نفسها، فنقول: أدركت وقعدت، وظاهر بيّن أنّ كلّ واحد من تلك الاُمور التي ذكرنا لا يمكن أن يتحقّق بين العلّة ومعلولها، بل نقول: إنّ النفس كالقوّة الجسمانيّة في التأثير لا يحصل أثره إلّا في موضوع بعد أن يكون لذلك الموضوع وضع، فلا يظهر أثر نفس في مجرّد ولا في جسماني بمادّته وصورته، فلا يكون علّة موجدة لبدنها.
نعم، البدن موضوع تصرّفات النفس، ويجوز أن يكون القوى الحاصلة فيه من معلولاتها لا البدن بأجزائه، فثبت أنّ تعلّق النفس بالبدن ليس تعلّق العلّيّة والمعلوليّة ونسبتهما بل نسبة اُخرى مغايرة ومباينة لها.
المقدّمة الثانية: قد مرّ أنّ للواجب بالذات نسبةً واحدة، وإضافة خاصّة إلى جميع الممكنات، هي نسبة العلّيّة والإيجاب والاستتباع، ولا يمكن أن يكون له نسبة وإضافة اُخرى إليها لا يكون تلك النسبة مستلزمة لها ومتضمّنة إيّاها على ما نقل عن العلّامة الشيرازي والمحقّق الشهرزوري ۲ فإنّ ما عدا تلك النسبة من النسب الإمكانيّة، والواجب لبساطته لا يمكن أن يكون له إلى أمر واحد نسبتان متباينتان متنافيتان، وذلك ظاهر.
وبعد ذلك نقول: لو كان الواجب تعالى شأنه نفسا لجسم من الأجسام ـ وقد مرّ أنّ تعلّق النفس إلى البدن نسبة مباينة بل منافية لنسبة العلّة إلى المعلول ـ يلزم أن يكون لذاته

1.في هامش النسخة: قال صاحب الإشراق: «بين النفس والبدن علاقة ، وليس علاقتها به علاقة جرم بمثله، ولا عرض بمحلّه؛ لكونها مجرّدة، ولا تعلّق العلّة والمعلول، فلا يوجدها البدن؛ لأنّ تأثيره يختصّ بلا مناسبة وضعا، وليست علّته ، وإلّا امتازت دونه ، فهي علاقة شوقيّة بمناسبة بينها وبين البدن، فاقتضت العلاقة الشوقيّة أن يفيض من النفس على البدن ما يمكنه قبوله من القوى البدنيّة التي [هي] نظائر الكمالات النفسيّة والاعتبارات العقليّة». انتهى (منه عفي عنه).

2.الشجرة الإلهيّة، ج ۳، ص ۲۸۹، الفنّ الثاني، الفصل الثالث في الأسماء والصفات. وتقدّم نقله عنه في ص ۴۲۳.

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125403
صفحه از 739
پرینت  ارسال به