البسيطة إلى ذلك الجسم بعينه الذي هو بدنه تعالى عن ذلك نسبتان متباينتان متنافيتان. أحدهما النسبة التعلّقيّة التي من النسب الإمكانيّة، وثانيهما النسبة والإضافة التي بين العلّة ومعلولها المنافية للنسبة الإمكانيّة، وهذا محال.
قال العلّامة شارح الإشراق: وممّا يجب أن تعلمه أنّه لا يجوز أن يلحق ۱ للواجب إضافات مختلفة توجب اختلافات حيثيات فيه، بل له إضافة واحدة هي المبدئيّة تصحّح ۲ جميع الإضافات كالرازقيّة والمصوّريّة وغيرهما ۳ . فظهر أنّ الواجب تعالى يمتنع أن يكون نفسا لجسم، وإلّا لكان له إضافة اُخرى غير إضافة العلّيّة والمبدئيّة منافية لها وهو مستلزم لتركّبه، تعالى عن ذلك؛ فتدبّر.
المسألة الخامسة
أنّه تعالى لا يكون متّحدا مع غيره كما ذهب إليه بعض النصارى حيث قال بإيجاده تعالى مع المسيح، كما يفهم من ظاهر كلام بعض المتصوّفة حيث قال: إذا انتهى العارف نهاية مراتب العرفان، انتفى هويّته فصار الموجود هو اللّه تعالى وحده، وهذه المرتبة هي الفناء في التوحيد، وذلك لأنّه لا شكّ في أنّ اتّحاد الاثنين بوجه يستلزم انعدامها وحصول ثالث، أو انعدام أحدهما وبقاء الآخر ليس باتّحاد الاثنين، فاتحاد الاثنين غير متصوّر مطلقا سيّما في الواجب، فهو بديهيّ البطلان.
وأقول: يمكن بيان استحالته بوجه آخر وهو أنّه إذا صار الواجب متّحدا مع غيره فذلك الغير ممكن؛ لما ثبت من توحيده تعالى، وحينئذٍ لا يخلو إمّا أن يصير ذلك الممكن المتّحد معه واجبا لذاته، وهو محال؛ لاستحالة الانقلاب من الإمكان الذاتي إلى الوجوب الذاتي، أو بقى على إمكانه، وحينئذٍ إمّا أن يصير الواجب ممكنا أو مركّبا من الواجب والممكن، وكلاهما محال؛ فتدبّر.