603
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

ونعترف بأنّ طريق الفناء فيه العيان دون البرهان؛ واللّه الموفِّق والمستعان ۱ .
تذنيب ۲
الاحتمالات التي تذهب إليها ۳ أوهام المخالفين في الحلول والاتّحاد ثمانية: حلول ذات الواجب، أو حلول صفته في بدن الإنسان، أو روحه، وكذا الاتّحاد. والمخالفون منهم نصارى، ومنهم منتمون إلى الإسلام.
أمّا النصارى فقد ذهبوا إلى أنّ اللّه تعالى جوهر واحد ثلاثة أقانيم، هي: الوجود والعلم والحياة، المعبّر عنها عندهم بالأب والابن وروح القدس على ما يقولون أبًا ابنًا روحًا قدسًا ويعنون بالجوهر القائمَ بنفسه، وبالاُقنوم الصفةَ، وجعل الواحد ثلاثة جهالة، أو ميل إلى أنّ الصفات نفس ۴ الذات، لكنّه لا يستقيم ذلك مع سائر كلماتهم ۵ ، واقتصارهم على العلم والحياة دون القدرة وغيرها جهالة اُخرى، وكأنّهم يجعلون القدرة راجعة إلى الحياة، والسمع والبصر إلى العلم.
ثمّ قالوا: إنّ الكلمة ـ وهي اُقنوم العلم ـ اتّحدت بجسد المسيح، وتدرّعت بناسوته بطريق الامتزاج كالخمر بالماء عند الملكائيّة، وبطريق الإشراق كما يشرق الشمس من كوّة على بلّور عند النسطوريّة، وبطريق الانقلاب لحما ودما بحيث صار الإله هو المسيح عند اليعقوبيّة.
ومنهم من قال: ظهر اللاهوت بالناسوت كما يظهر الملك في صورة البشر.

1.من قوله: «إنّ السالك إذا انتهى...» إلى هنا أخذه من شرح المقاصد، ج ۲، ص ۷۰.

2.هذا التذنيب أخذه من شرح المقاصد، ج ۲، ص ۶۹ ـ ۷۰، إلى أواخر التذنيب عند قوله : «لا بطريق الانقسام». واقتبسه المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۱، ص ۲۸۲ ـ ۲۸۴ من هذا الشرح.

3.المثبت من شرح المقاصد وهو الصواب، و في النسخة: «إليه».

4.في المرآة: «عين».

5.قوله: «لكنّه لا يستقيم... سائر كلماتهم» استدراك من المؤلّف.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
602

والاتّحاد بالمعنى المختصّ بالجسمانيات كالاتّصال وما في معناه لا يجري في الواجب؛ لما ثبت من تجرّده وتنزّهه عن لوازم الأجسام، وإن اُريد به معنىً آخر، فلا يمكن إثباته ولا نفيه إلّا بعد تصويره.
وقال صاحب المطارحات بعد نفي الاتّحاد:
بلى لا مانع عن أمرٍ أقُولُه وهو أنّ النفس وإن لم تكن في البدن لكن لمّا كان بينهما وبين البدن علاقةٌ شديدةٌ أشارت إلى البدن بـ «أنا» حتّى أنّ أكثر النفوس نسيت أنفسَها وظنّت أنّ هويّاتها هي البدن، كذلك ۱ لا مانع من أن يحصل للنفس مع الباري ۲ علاقةٌ شوقيّةٌ نوريّةٌ لاهوتيّةٌ يحكم عليها شعاعٌ قيّوميٌ طامسٌ يمحو عنها الالتفات إلى شيء بحيث تشير إلى مبدئها بـ «أنا» إشارةً روحانيّة، فيستغرق الإنّيات [في النور الأقهر الغير المتناهي] ۳ انتهى.
وأقول: هذا معنى قول المحقّقين من الصوفيّة: إنّ السالك إذا انتهى سلوكه إلى اللّه تعالى وفي اللّه ، استغرق ۴ في بحر التوحيد والعرفان بحيث تضمحلّ ذاته في ذاته، وصفاته في صفاته، ويغيب عن كلّ ما سواه، ولا يرى في الوجود إلّا اللّه . وهذا الذي يسمّونه الفناء في التوحيد، وإليه يشير الحديث القدسي: أنّ العبد لا يزال يتقرّب إليّ حتّى [اُحبّه فإذا] أحببته كنت سمعه الذي به يسمع، وبصره الذي به يبصر ۵ . وحينئذٍ ربّما يصدر عنه عبارات تشعر بالحلول والاتّحاد؛ لقصور العبارة عن تلك الحال، وتعذّرِ الكشف عنها بالمقال، وليس ذلك منهما في شيء أصلاً، ونحن على ساحل التمنّي نغترف من بحر التوحيد بقدر الإمكان،

1.في المصدر: «فكذلك».

2.في المصدر: «المبادئ».

3.كتاب المشارع والمطارحات، في المشرع السابع (مجموعه مصنّفات شيخ اشراق)، ج ۲، ص ۵۰۱ ـ ۵۰۲ وما بين المعقوفين منه.

4.في شرح المقاصد: «يستغرق».

5.تقدّم تخريجه في ص

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 142812
صفحه از 739
پرینت  ارسال به