605
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

۴.عدَّة من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد بن خالد البرقيّ ، عن أبيه ، عن النضر بن سُوَيْدٍ ، عن يحيى الحلبيّ ، عن ابن مُسكان ، عن زرارةَ بن أعْيَنَ ، قال : سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول :«إنَّ اللّه خِلْوٌ من خَلْقِه وخَلْقُه خِلْوٌ منه ، وكلُّ ما وقع عليه اسم شيء ما خلا اللّهَ فهو مخلوقٌ ، واللّه خالق كلِّ شيء ، تباركَ الذي ليس كمِثْله شيءٌ .........

تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ـ ۱ والقول بعدم تحقّق موجود آخر غير الواجب في الواقع، وكلّ منهما سفسطة تحكم بديهةُ العقل ببطلانه، وضرورةُ الدين بفساده وطغيانه، فهو خارج عن طريق العقل والشرع.
قوله عليه السلام : (واللّه خالق كلّ شيء)
أقول: الظاهر المتبادر من العبارة أنّه خالق كلّ شيء ابتداءً لا الأعمّ من أن يكون خالقا بغير واسطة أو بالواسطة وإن كان ذلك أيضا محتملاً من العبارة احتمالاً بعيدا.
وقوله عليه السلام : (تبارك الذي ليس كمثله شيء) أي تقدّس وتنزّه الذي ليس شيء مثله، فالكاف زائدة، والبطلة ۲ يقولون: الكاف ليست زائدة والمعنى كما أنّه ليس مثله موجودا ليس شيء غيره موجودا، فيعطون «ليس» حكم «كان» التامّة، أو يقدّرون الخبر. قيل: هذا القول منه عليه السلام هنا بيان لحسن التجوّز في الإطلاق بأنّه خالق كلّ شيء مع أنّه ليس خالقا لنفسه وهو «شيء»، وهذا الإطلاق وقع في القرآن أيضا، أي ليس يقاس تعالى بغيره، فهو مستثنى استثناءً ظاهرا وإن لم يذكر الاستثناء. ونظير هذا ما رواه ابن بابويه في معاني الأخبار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال في جواب من سأله عن قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذرّ» وقال: فأين رسول اللّه وأمير المؤمنين والحسن والحسين؟ [قال]: «إنّا أهل بيت لا يقاس بنا أحد ۳ » انتهى.
وأقول: الظاهر أنّ هذا القول بيان لكونه تعالى خالقا لجميع المخلوقات ابتداءً كما هو المتبادر من العبارة؛ لأنّه لو لم يكن كذلك، لكان غيره خالقا لشيء، فيكون له مثل في

1.في المرآة: «أو».

2.مقلوب الطلبة.

3.معاني الأخبار، ص ۱۷۹، ح ۲.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
604

وقيل: تركّب ۱ اللاهوت والناسوت كالنفس مع البدن.
وقيل: إنّ الكلمة قد تداخل الجسد، فيصدر عنه خوارق العادات، وقد يفارقه فيحلّه ۲ الآلام والآفات إلى غير ذلك من الهذيانات.
وأمّا المنتمون إلى الإسلام، فمنهم الغلاة ۳ القائلون بأنّه لا يمتنع ظهور الروحاني بالجسماني كجبرئيل في صورة دحية الكلبي، وكبعض الجنّ والشياطين في صورة الأناسي، فلا يبعد أن يظهر اللّه تعالى في صورة بعض الكاملين، وأولى الناس بذلك عليّ عليه السلام وأولاده المخصوصون الذين هم خير البريّة والعَلَم في الكمالات ۴ العلميّة والعمليّة؛ فلهذا كان يصدر عنهم العلوم ۵ والأعمال ما هو فوق الطاقة البشريّة.
ومنهم بعض المتصوّفة القائلون بأنّ السالك إذا أمعن في السلوك، وخاض لجّة الوصول فربّما يحلّ اللّه ـ تعالى عمّا يقول الظالمون علوّا كبيرا ـ فيه كالنار في الجمر بحيث لا تمايز، أو يتّحد به بحيث لا اثنينيّة ولا تغاير، وصحّ أن يقول: «هو أنا، وأنا هو» وحينئذٍ يرتفع الأمر والنهي، ويظهر من الغرائب والعجائب ما لا يتصوّر من البشر. وقد مرّ بيان فساد الرأيين، هذا.
ثمّ المفهوم من ظاهر كلام بعض المتصوّفة وهو أنّ الواجب هو الموجود المطلق وهو واحد لا كثرة فيه أصلاً، وإنّما الكثرة في الإضافات والتعيّنات التي هي بمنزلة الخيال والسراب؛ إذ الكلّ في الحقيقة [واحد] ۶ يتكرّر على المظاهر لا بطريق المخالطة، ويتكثّر في النواظر لا بطريق الانقسام، فأمره دائر بين القول بإتّحاد ۷ جميع الموجودات مع الواجب

1.في المرآة: «تركّبت» .

2.في المرآة: «تفارقه فتحلّه».

3.في شرح المقاصد: «بعض غلاة الشيعة» . وفى المرآة: «بعض الغلاة».

4.في المرآة: «في العلم و الكمالات».

5.في شرح المقاصد: «في العلوم». وفي المرآة: «من العلوم».

6.من شرح المقاصد والمرآة.

7.المثبت من المرآة، وفي النسخة: «بإيجاد».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 144043
صفحه از 739
پرینت  ارسال به