607
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

فظاهر؛ لأنّ الموجد إنّما هو المفيد للوجود وهو منحصر فيه تعالى عنده.
وأمّا بناءً على مذهب من قال بأنّ غيره تعالى أيضا يتّصف بالاتّحاد وإفادة الوجود، فلأنّ المعلول ما لم يجب من فاعله لم يوجد، والوجوب بالغير الذي يصحّح الموجوديّة إنّما هو الوجوب السابق لا الوجوب اللاحق، وهو صفة للغير حقيقة، وإلّا فيتأخّر عن وجود المعلول؛ لأنّ الوجوب الذي هو صفة للمعلول إنّما هو كيفيّة لنسبة وجوده إلى مهيّته وهي متأخّرة عنهما، فيكون وجوبا لاحقا لا سابقا مصحّحا للموجوديّة، وكذلك حال الفاعل إذا كان هو أيضا واجبا بالغير، فإنّ وجوبه أيضا صفة للغير حتّى ينتهي السلسلة إلى فاعل واجب بالذات، فثبت أنّ كلّ واجب بالغير إنّما يجب وجوده من الواجب بالذات، فالموجب بالحقيقة إنّما هو الواجب بالذات، وهو المراد بالفاعل الحقيقي، أي الفاعل الذي يكون موجبا لوجود المعلول بالحقيقة؛ فتأمّل.
وقال بعض الفضلاء ۱ :
هو منزّه عن أن يشاركه شيء في الخالقيّة؛ لأنّ المشارك في الخالقيّة يجب أن يكون مشاركا له في الإيجاب، ولا إيجاب إلّا ممّا له الوجوب، والوجوب بالغير صفة للغير حقيقيّة، وإلّا فيتأخّر عن الوجود، فيكون وجوبا لاحقا لا سابقا مصحّحا للموجوديّة والإيجاب والإيجاد ۲ . انتهى كلامه؛ فتأمّل.
ومن ذلك لا يلزم أن لا يكون غيره فاعلاً مطلقا، وإنّما يلزم منه نفي الفاعليّة الحقيقيّة عن غيره، فلا محذور فيه على ما هو المشهور من أنّ العبد فاعل فعله، فظهر أنّ الفاعل الحقيقي إنّما هو الواجب بالذات، وذلك هو معنى الخالق، فهو خالق كلّ شيء لا خالق غيره أصلاً، فما ذكره في القاموس من أنّ الخالق في صفاته تعالى هو المُبْدعُ للشيء، المخترعُ على غير مثال سَبَقَ ۳ . لا ينافي لما حقّقناه؛ لأنّ شيئا ۴ من أفعاله تعالى غير مسبوق بمثال صدر عن

1.هو الميرزا رفيعا النائيني.

2.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۲۷۳.

3.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۳۳۳ (خلق).

4.في النسخة: «شيء».


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
606

الخالقيّة والإيجاد، بل الإلهيّة لخلقه أيضا، وليس له مثل أصلاً لا في ذاته، ولا في صفاته مطلقا كما سيجيء.
اعلم أنّ الخالق في صفاته تعالى عند التحقيق عبارة عن الفاعل الحقيقي. وأمّا الفاعل المطلق وفي الجملة، فهو ۱ ما يطلق عليه لفظ الفاعل بحسب اللغة والعرف العامّ هو أعمّ من الموجد والقابل والشرط والآلة والمعدّ؛ فإنّه يقال: الواجب فاعل للفلك، ويقال: الحجر فاعل لحركته، فإنّه يطلق فاعل الحركة على المتحرّك المتّصف بها القابل لها، ويقال: النار فاعل لسخونة الماء، مع أنّ مجاورتها شرط لإيجاد الفاعل الحقيقي للسخونة فيه، ويقال: السيف قاطع وفاعل للقطع، مع أنّه آلة له، ويقال: البنّاء، مع أنّه علّة معدّة له في الحقيقة. وبالجملة قد يطلق الفاعل على أكثر العلل والأسباب.
وأمّا الفاعل الحقيقي عند أهل العلم إنّما هو الموجب الموجد للشيء حقيقة، وذلك عند التحقيق منحصر في الواجب تعالى عند جميعهم.
أمّا بناءً على المذهب الحقّ ـ وهو أن يكون موجوديّة الممكنات بالانتساب إلى حضرة الوجود وعدم اتّصافها به ـ فنقول: قد ثبت في موضعه أنّ الواجب ـ هو الوجود الحقيقي والموجود في حدّ ذاته وغيره ـ ليس في نفسه موجودا، وإنّما هو موجود باعتبار ارتباطه به، وأنّ التأثير والإيجاد حقيقة إنّما هو إفادة الفاعل نفس ذات المعلول متعلّقا مرتبطا بنفسه بحيث يصير بارتباطه به مبدءً لانتزاع الوجود، ومصداقا للموجود، فقد ثبت أنّ التأثير والإيجاد الحقيقي والفاعليّة الحقيقيّة مخصوصة به تعالى شأنه؛ فإنّ الشيء ما لم يكن وجودا وموجودا في نفسه لا يصير أمر آخر بارتباطه به موجودا وذلك الظاهر للمتدبّر.
وأمّا بناءً على المشهور من اتّصاف المهيّات المعلولة بالوجود فبناءً على مذهب من قال بأن لا مؤثّر في الوجود إلّا اللّه ، وذهب إلى أنّ المفيض للوجود إنّما هو الواجب بالذات

1.في النسخة: «وهو».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 142918
صفحه از 739
پرینت  ارسال به