فظاهر؛ لأنّ الموجد إنّما هو المفيد للوجود وهو منحصر فيه تعالى عنده.
وأمّا بناءً على مذهب من قال بأنّ غيره تعالى أيضا يتّصف بالاتّحاد وإفادة الوجود، فلأنّ المعلول ما لم يجب من فاعله لم يوجد، والوجوب بالغير الذي يصحّح الموجوديّة إنّما هو الوجوب السابق لا الوجوب اللاحق، وهو صفة للغير حقيقة، وإلّا فيتأخّر عن وجود المعلول؛ لأنّ الوجوب الذي هو صفة للمعلول إنّما هو كيفيّة لنسبة وجوده إلى مهيّته وهي متأخّرة عنهما، فيكون وجوبا لاحقا لا سابقا مصحّحا للموجوديّة، وكذلك حال الفاعل إذا كان هو أيضا واجبا بالغير، فإنّ وجوبه أيضا صفة للغير حتّى ينتهي السلسلة إلى فاعل واجب بالذات، فثبت أنّ كلّ واجب بالغير إنّما يجب وجوده من الواجب بالذات، فالموجب بالحقيقة إنّما هو الواجب بالذات، وهو المراد بالفاعل الحقيقي، أي الفاعل الذي يكون موجبا لوجود المعلول بالحقيقة؛ فتأمّل.
وقال بعض الفضلاء ۱ :
هو منزّه عن أن يشاركه شيء في الخالقيّة؛ لأنّ المشارك في الخالقيّة يجب أن يكون مشاركا له في الإيجاب، ولا إيجاب إلّا ممّا له الوجوب، والوجوب بالغير صفة للغير حقيقيّة، وإلّا فيتأخّر عن الوجود، فيكون وجوبا لاحقا لا سابقا مصحّحا للموجوديّة والإيجاب والإيجاد ۲ . انتهى كلامه؛ فتأمّل.
ومن ذلك لا يلزم أن لا يكون غيره فاعلاً مطلقا، وإنّما يلزم منه نفي الفاعليّة الحقيقيّة عن غيره، فلا محذور فيه على ما هو المشهور من أنّ العبد فاعل فعله، فظهر أنّ الفاعل الحقيقي إنّما هو الواجب بالذات، وذلك هو معنى الخالق، فهو خالق كلّ شيء لا خالق غيره أصلاً، فما ذكره في القاموس من أنّ الخالق في صفاته تعالى هو المُبْدعُ للشيء، المخترعُ على غير مثال سَبَقَ ۳ . لا ينافي لما حقّقناه؛ لأنّ شيئا ۴ من أفعاله تعالى غير مسبوق بمثال صدر عن