وإذا كانت في وقوعها بتلك المرتبة أيضا محتاجا إلى مرجّح لا يكون في تلك المرتبة أيضا واجبا كسائر المراتب، هذا خلف.
لا يقال: لا نسلّم تساوي نسبتها إلى جميع المراتب، ولِمَ لا يجوز أن يكون المرتبة الكاملة التي فوق سائر المراتب مقتضيا ۱ لها؟؛ لأنّه لو كان كذلك لا يختلف مراتب تلك الحقيقة أصلاً، ولا يتحقّق إلّا تلك المرتبة التي لا أكمل منها، وذلك ظاهر.
[بـ]عبارة اُخرى: هذا المعنى الواحد المشترك بين جميع تلك المراتب المختلفة إن كان ـ لأنّه هذا المعنى ـ واجبا لازما أن يكون في غاية الكمال، كان كلّ مرتبة من مراتب هذا المعنى كذلك، فلا يتعدّد ولا يختلف أصلاً؛ لأنّ لازم المعنى الواحد لا يتخلّف عنه قطعا، وإن لم يجب ـ لأنّه هذا المعنى ولمحضه ـ أن يكون في غاية الكمال يحتاج كونه في غاية الكمال أيضا إلى علّة بالضرورة، فلم يكن الكامل واجبا بالذات أيضا؛ فتدبّر.
قيل:
فيه نظر من وجهين: أمّا أوّلاً، فلأنّه منقوض بمفهوم الموجود المشترك بين جميع الموجودات؛ فإنّ فرد مفهوم الموجود إن كان ـ لأنّه موجود ويصدق عليه مفهوم الموجود ـ يجب أن يكون واجبا بالذات ينحصر الموجودات في الواجب ولا يتعدّد أصلاً، وإن لم يجب ـ لأنّه موجود ـ أن يكون واجبا بالذات يحتاج في كونه واجبا بالذات إلى علّة أيضا.
وأقول: هذا مدفوع بأنّ ذلك المفهوم أمر عرضي اعتباري بالنسبة إلى أفراده، فلا يلزم منه ۲ احتياج الواجب إلى علّة، بل ذلك لازم إذا كان له مهيّة مشتركة بينه وبين غيره، موجودة في الخارج، كما لا يخفى على المتدبّر.
وأمّا ثانيا، فلأنّ صاحب الإشراق أورد مثل هذا الكلام إيرادا على نفسه وأجاب عنه