613
الکشف الوافي في شرح أصول الکافي

في نفسه وفي حدّ ذاته مصداقا لصدق الموجود ومبدءً لانتزاع الوجود. وإن كانت من حيث هي وفي حدّ نفسها لا يصحّ انتزاع الوجود والموجوديّة عنها، ولا يكون مصداقا لصدق الموجود، لم يكن في شيء من المراتب مصداقا له ومبدءً لانتزاعهما، فلا يكون شيء من تلك المراتب واجبا بالذات أصلاً، بل كلّ منهما ممكنا بالذات؛ لما مرّ من أنّ مهيّة الواجب يجب أن تكون ۱ من حيث هي كذلك.
فإن قيل: المرتبة الكاملة في حدّ ذاتها يصحّ انتزاع الوجود عنها دون الضعيفة.
قلت: قد مرّ أنّ ما به الاختلاف بين تلك المراتب من حقيقة ما به الاشتراك، وبيّن بديهيّ أنّه إذا لم يكن تلك الحقيقة في حدّ ذاتها مصداقا للموجوديّة لم يكن المرتبة الكاملة منها مصداقا لها أيضا؛ ضرورة أنّها محض تلك الحقيقة. وأيضا وجوب تلك المرتبة إن كان من جهة كمالها وبواسطته، يلزم أن يكون الكمال قبل الوجوب، فيكون متميّزا موجودا قبل كونه واجبا، فيكون ممكنا ثمّ ينقلب واجبا وهذا محال. وإن كان لأصل الحقيقة يلزم وجوب الممكن. انتهى؛ فتأمّل فيه.

الفصل الثاني : في نفي المثل عنه تعالى في صفاته

أقول: أمّا نفي المثل عنه تعالى في صفاته الحقيقيّة العينيّة فظاهر؛ لما مرّ من أنّه لا مثل له في ذاته، وتلك الصفات عين ذاته، فلا مثل له فيها.
وأمّا في صفاته الإضافيّة، فلأنّ كلّها يرجع إلى الخالقيّة والمبدئيّة الحقيقيّة الخالقيّة ۲ والمنبعثة عن قدرته، وقد عرفت أنّها مختصّة به تعالى لا يشاركه غيره فيها.
وأمّا في صفاته السلبيّة، فلأنّ كلّها في الواجب يرجع إلى نفي الإمكان الذاتي اللازم

1.في النسخة: «أن يكون».

2.كذا.


الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
612

بما ملخّصه أنّ المهيّة المشتركة بين تلك المراتب معنىً كلّي موجود في الذهن، وليس بمشترك في الخارج بينها؛ فإنّ ما في الخارج ليس مركّبا من أصل المهيّة وكمالها مثلاً حتّى يجب أن يحصل ما هو حاصل لمرتبة مخصوصة منها لمرتبة اُخرى، بل المراتب والأفراد المختلفة متباينة في الخارج؛ فإنّ ذات الكامل مباين لذات الناقص، فيجوز أن تختلف تلك الأفراد في اللوازم، والاشتباه إنّما نشأ من أخذ ما في الذهن مكان ما في الخارج.
وأقول: هذا أيضا مدفوع؛ لأنّ هذا القول مبنيّ على عدم وجود الكلّي الطبيعي في الخارج والحقّ خلافه.
ثمّ سلك بعض الأفاضل في إبطال ما ذهب إليه صاحب الإشراق مسلكا آخر بعد تمهيد مقدّمة هي:
أنّ ما به الاختلاف في المراتب المختلفة من حقيقة واحدة مختلفةٌ بالكمال والنقص من حقيقة ما به الاشتراك وليس بخارج عنها على ما حقّقه في موضعه؛ فإنّه يجوز أن تختلف حقيقة واحدة زيادةً ونقصانا وقلّةً وكثرةً كالمقدار العظيم والصغير، وقوّةً وضعفا وكمالاً ونقصا كمراتب ۱ الأنوار والحرارات، فما به الاشتراك أصل الحقيقة والمعنى، وما به الاختلاف هو هذا المعنى بعينه وتلك الحقيقة بعينها لا أمر خارج عن تلك الحقيقة؛ فإنّ النور القويّ زائد ۲ على الضعيف بحقيقة النور لا بأمر خارج عن معنى النور.
وقال: إذا عرفت هذه المقدّمة نقول: الحقيقة المشتركة بين تلك المراتب المختلفة إذا اُخذت من حيث هي إن كانت في حدّ ذاتها وفي نفسها بحيث يصحّ انتزاع الوجود والموجوديّة عنها يجب أن يكون في جميع المراتب كذلك، فيكون كلّ من تلك المراتب واجبا بالذات بالبديهة؛ إذ لا نعني بالواجب بالذات إلّا ما يكون

1.في النسخة: «لمراتب».

2.في النسخة: «زائدا».

  • نام منبع :
    الکشف الوافي في شرح أصول الکافي
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 125382
صفحه از 739
پرینت  ارسال به