الحديث الشريف موارده ومصادره ومسيره عبرالتاريخ ومصيره في العصر - صفحه 137

صدور الحديث ووجوده.

اندحار المرتابين بجهود الصحابة والتابعين

وخفت صوت المرتابين ، وباءت جهودهم بالفشل الذريع ، وهم على طول المدّة وحتّى اليوم لا يكوّنون رقما بين الملايين من الأُمّة علماء وعوامّ ، ممّن يقدّسون الحديث والسنّة ويعتمدون على هذا المصدر الثرِّ في الثقافة الإسلاميّة بعد القرآن الكريم.
وإنّما حصل هذا كلّه بجهود الصحابة الكرام والتابعين العظام الذين وقفوا في وجه تلك المحاولات اليائسة ، وبالتصدّي القاطع، اعتمادا على آيات الكتاب والأحاديث المرفوعة المتواترة معنويّا المؤكّدة على أهمّية الحديث والسنّة ووجوب اتّباعهما والتحذير عن مخالفتهما.
كما قاموا رضي اللّه عنهم بجهادٍ صعبٍ ومرير في المحافظة على نصّه ، جمعا وتأليفا وتدوينا وضبطا وحفظا وتخليدا ونشرا وتداولاً وتطبيقا وبثّا ، وإعلانا للمعارضة لمحاولات المانعين والمرتابين .

آثار المنع والريب في الحديث

ولئن خمدت المحاولات تلك وفشلت ، إلّا أنّها خلّفت آثارا سيّئةً بقيت ، وبقوا ـ هم وأتباعهم ـ يستثمرونها ممّا بثّوه من الشبهة والريب في إثارات ، منها :

* مسألة الخبر الواحد وحجّيته

فمع أنّ الحديث النبويّ كان ينتشر في العصر النبويّ انتشار الوحي بين المسلمين ، ويتّخذه المسلمون دينا يطبّقونه ويعملون بمقتضاه ، فلم يكن ليبقى حديثا واحدا ، بل كان يتواتر فور صدوره بتلقّي الصحابة الذين كانوا ينتظرون تعاليم الدين ، ويبلّغونها بعد حفظها ، وينقلونها إلى آحاد المسلمين ، عملاً بوصيّة النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم في قوله :

صفحه از 144