الحديث الشريف موارده ومصادره ومسيره عبرالتاريخ ومصيره في العصر - صفحه 138

نضّر اللّه امرءا سمع مقالتي فوعاها وبلّغها، فربّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه ۱
فلم يبق ـ على هذا ـ من لم تبلغه أحاديث الرسول في صدورها، سواء وصلت إلينا رواياتهم أو لم تصل، لكنّ المرتابين زعموا أنّ من الأحاديث ما لم يسمعه سوى الواحد أو الاثنين ، ولم يعرف عنها سائر المسلمين ، وإن كانت من أهمّ أحكام الدين ، بل عارضوا بمثل ذلك آيات القرآن المحكمة ! وهذا هو البلاء الذي لا نزال نتحمّل أعباءه في العقيدة والشريعة ۲ .

* تكذيب الصحابة واتّهامهم

وعلى أثر تقنين المنع الرسميّ والسلطويّ للحديث ونقله ، تعرّضوا للصحابة القائمين بكتابة الحديث أو نقله، بالاعتداء والتهديد بأشكالٍ متعدّدة ، كالحبس وفرض الرقابة والإقامة الجبريّة، متذرّعين بأعذار ثبت بطلانها علميّا وتاريخيا وعدم واقعيّتها ، كما أنّ بعض الأعذار قد افتعلها الغلاة فيهم من المتأخّرين ۳ .

* فتح الذرائع أمام أصحاب الرأي وتحكيمه في الدين

فإنّ أصحاب الاجتهادات المخالفة للنصوص تذرّعوا بالخلل في اتّصال الأحاديث، وشكّكوا في حجّيتها وصحّة بلوغها ، بعد انقطاعها لفترة ما يقرب من قرنٍ من الزمن ۴ .

* فتح الباب للوضع وإطلاق سراح الوضّاعين والقصّاصين

في فترة المنع الرسميّ ، حيث انتشر وعّاظ السلاطين وأعوان الأُمراء، بالتزلّف إليهم بوضع ما يلائم أغراضهم السياسيّة وأهواءهم ، وما يوهن معارضيهم ومخالفيهم ،

1.جامع بيان العلم : ج ۲ ص ۱۲۴ .

2.راجع بحث (الثقلان ودعمهما لحجّية السنّة) في مجلّة علوم الحديث العدد الأوّل لسنة ۱۴۱۸ ه الصفحات ۳۸ ـ ۴۳.

3.قد فصّلنا البحث عن تلك الأعذار ومدى واقعيتها في كتابنا تدوين السنّة الشريفة القسم الثاني، فراجع .

4.انظر : تدوين السنّة : ص ۴۸۹ .

صفحه از 144