نضّر اللّه امرءا سمع مقالتي فوعاها وبلّغها، فربّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه ۱
فلم يبق ـ على هذا ـ من لم تبلغه أحاديث الرسول في صدورها، سواء وصلت إلينا رواياتهم أو لم تصل، لكنّ المرتابين زعموا أنّ من الأحاديث ما لم يسمعه سوى الواحد أو الاثنين ، ولم يعرف عنها سائر المسلمين ، وإن كانت من أهمّ أحكام الدين ، بل عارضوا بمثل ذلك آيات القرآن المحكمة ! وهذا هو البلاء الذي لا نزال نتحمّل أعباءه في العقيدة والشريعة ۲ .
* تكذيب الصحابة واتّهامهم
وعلى أثر تقنين المنع الرسميّ والسلطويّ للحديث ونقله ، تعرّضوا للصحابة القائمين بكتابة الحديث أو نقله، بالاعتداء والتهديد بأشكالٍ متعدّدة ، كالحبس وفرض الرقابة والإقامة الجبريّة، متذرّعين بأعذار ثبت بطلانها علميّا وتاريخيا وعدم واقعيّتها ، كما أنّ بعض الأعذار قد افتعلها الغلاة فيهم من المتأخّرين ۳ .
* فتح الذرائع أمام أصحاب الرأي وتحكيمه في الدين
فإنّ أصحاب الاجتهادات المخالفة للنصوص تذرّعوا بالخلل في اتّصال الأحاديث، وشكّكوا في حجّيتها وصحّة بلوغها ، بعد انقطاعها لفترة ما يقرب من قرنٍ من الزمن ۴ .
* فتح الباب للوضع وإطلاق سراح الوضّاعين والقصّاصين
في فترة المنع الرسميّ ، حيث انتشر وعّاظ السلاطين وأعوان الأُمراء، بالتزلّف إليهم بوضع ما يلائم أغراضهم السياسيّة وأهواءهم ، وما يوهن معارضيهم ومخالفيهم ،
1.جامع بيان العلم : ج ۲ ص ۱۲۴ .
2.راجع بحث (الثقلان ودعمهما لحجّية السنّة) في مجلّة علوم الحديث العدد الأوّل لسنة ۱۴۱۸ ه الصفحات ۳۸ ـ ۴۳.
3.قد فصّلنا البحث عن تلك الأعذار ومدى واقعيتها في كتابنا تدوين السنّة الشريفة القسم الثاني، فراجع .
4.انظر : تدوين السنّة : ص ۴۸۹ .