الحديث الشريف موارده ومصادره ومسيره عبرالتاريخ ومصيره في العصر - صفحه 141

ورسائل وأُصول مفرّقة ومؤلّفة في فترةٍ زمنيّة متباعدة، تراوحت بين عصر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وإلى عصر الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، والتي سُمّيت بالأُصول الأربعمئة ، وكانت معتمدة عند الأصحاب ، ثمّ ما تلاها من كتبٍ ومؤلّفات وجوامع ، كان عليها المعوّل وإليها المرجع ، فجمعها الإمام الكلينيّ في كتابٍ واحد ، وعلى ترتيب الكتب العقائديّة أُصولاً والفقهيّة فروعا ، وعلى ترتيب منطقيّ لأبوابه، ملتزما عنونة الأبواب بنحوٍ دقيق، وبأقوى ما يوافق فقه الحديث ۱ .
فاحتوى الكافي على ما يحتاج إليه المسلم ، وبشموليّة تدلّ على قوّة اختياره وصحّة اجتهاده وعمق استنباطه ، فكان الفاتح لما استقبل من مؤلّفاتٍ مهمّة استفادت من مادّته ومنهجه ، وخلّصت النتائج المتوخّاة منه بأيسر جهدٍ وأتمّه.
إنّ التوفّر على مزايا هذا الكتاب العظيم وعظمة مؤلّفه الكبير وبيان منهجه القويم، بحاجةٍ إلى جهودٍ وفيرة يقوم بها ذوو الاختصاص ممّن توفّرت لديهم وسائل العمل في علوم الحديث، مع الاطّلاع الواسع حول ظروف تأليف الكتاب، مكاناً وزماناً، واستقصاء البحث عن حياة مؤلّفه وشخصيته، مع المقارنة بين عمله والأعمال السابقة عليه أو المعاصرة له، وكذا اللّاحقة؛ كي يتمّ الوقوف على مدى عظمته وقوّة نظمه وسائر ميزاته، كمّا وكيفا، في المنهج والأُسلوب، والنظم والنتائج.

نقطة مهمّة

ونحن نذكّر هنا بنقطة مهمّة ، نوجّه إليها العاملين في هذا الصدد ، وهي :
إنّ المؤلِّف ـ وهو من هو في مقامه ـ قد أتمّ تأليف الكافي في فترةٍ زمنيّة تمتاز بحضور بعض النوّاب الخاصّين للإمام المهديّ عليه السلام ، وهذه في نفسها ممّا انفرد به كتابه هذا بين الكتب الأربعة المعتمدة، بقطع النظر عن مدى الارتباط العضويّ بين الكلينيّ وبين أيٍّ من النوّاب، وهذه خاصّيةٌ من حيث الزمان للكافي، تدخله في موضوع «قرب

1.راجع كتابنا (العنعنة) المطبوع فيما صدر عن هذا المؤتمر برقم ۳۲ .

صفحه از 144