قال أبو حمزة : فما لبثتُ إلّا برهةً ، حتّى رأيتُ زيدا بالكوفة في دار معاوية بن إسحاق ، فأتيته فسلَّمتُ عليه ، ثمّ قلت : جُعِلتُ فداك! ما أقدمك هذا البلد؟ 
 قال : الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر . 
 فكنتُ أختلفُ إليه ، فجئته ليلةَ النصف من شعبان ، فسلّمت عليه ، وجلستُ عنده ، فقال : يا أبا حمزة ، تقوم حتّى تزور قبر أمير المؤمنين عليه السلام ؟ 
 قلت : نعم ، جُعِلتُ فداك . 
 ثمّ ساق أبو حمزة الحديث ، حتّى قال : أتينا الذكوات البيض ، فقال : هذا قَبرُ عليّ عليه السلام . 
 ثمّ رَجَعنا ، فكان مِنْ أمره ما كان ، فواللّه لقد رأيتهُ مقتولاً مدفونا منبوشا مسحوبا مصلوبا بالكُناسة ، ثمّ اُحرق ودُقّ وذُري في الهواء .
الباب الثالث عشر
«في ما ورد عن المنصور وعن الرشيد وعَمَّن زاره من الخلفاء»
47 . وجدتُ بخطّ الشريف الفاضل أبو يَعْلى الجعفري ما صورته : 
 قال أحمد بن محمّد بن سهل : كنتُ عند الحسن بن يحيى ، فجاءه أحمد بن عيسى بن يحيى ابن أخيه ، فقال له : تعرف في حديثٍ قبرَ عليّ عليه السلام ، غير حديث صفوان الجمّال؟ 
 فقال : نعم ، أخبرني مولىً لنا ، عن مولىً لبني العبّاس ، قال : قال لي أبو جعفر المنصور : خُذ مِعوَلاً وزنبيلاً وامض معي . 
 قال : فأخذتهما وذهبتُ معه ليلاً ، حتّى ورد الغريّ ، وإذا بقبرٍ ، فقال : احفر . فحفرتُ حتّى بَلَغتُ اللَّحد . 
 فقلتُ : هذا لحدٌ قد ظَهَر . 
 فقال : طُمَّ ؛ ويلَكَ هذا قبرُ عليّ عليه السلام ! إنّما أردتُ أن أعلم هذا ؛ لأنّ المنصور سمِعَ بذلك عن أهل بيته عليهم السلام ، فأراد أن يعرف الحال ، وقد اتّضحت له .