الدلائل البرهانية في تصحيح الحَضرة الغروية - صفحه 382

وقد خَلَع عليه ، وأرسله ومعه خمسة عشر رِطْلاً فضّة ، بعيني رأيتها وهي : سروج ۱ وكيزان ورؤوس أعلامٍ ، وصفائح فضّة ، فَعُمِلَتْ ثلاث طاساتٍ على الضريح الشريف ـ صلوات اللّه على مشرّفه وآله ـ وما زالت إلى أنْ سُبِكت في هذه الحلية التي عليها إلى الآن .
وأمّا البدوي ابن بطن الحقّ ، فرأى أمير المؤمنين عليه السلام في منامه في البريّة ، وهو يقول : ارجع إلى سُنقر ؛ فَقَد خَلّى سبيل الذي كان قد أخذه . فرجع إلى المشهد الشريف ، واجتمع بالأمير المطلق .
هذا رأيته سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة .
68 . وقال : في سنة أربعٍ وثمانين وخمسمائة في شهر رمضان كانوا يأتون مشايخ الزيديّة من الكوفة في كلّ ليلةٍ يزورون ، وكان فيهم رجلٌ يُقال له عبّاس الأمعص ، وكانت تلك الليلة نوبةُ الخدمة عَليَّ ، فجاؤوا على العادة ، وطرقُوا الباب ، وفتحتُ باب القُبّة الشريفة وبيد عبّاس سيفٌ ، فقال لي : أين أطرحُ هذا السيف؟
فقلت له : اطرحه في هذه الزاوية .
وكان شريكي في الخدمة شيخٌ كبير يُقال له بقاء بن عنقود ، فوضعه ودخلتُ فأشعلتُ لهم شمعةً ، وحَرّكت القناديل ، وزاروا وصَلّوا وطلعوا ، وطلب عبّاس السيف فلم يجده ، فسألني عنه فقلت له : مكانه .
فقال : ما هو هاهنا . فطلبه فما وجده ، وعادتنا أنْ لا نُخلّي أحدا يَنامُ بالحَضْرة سوى أصحاب النوبة ۲ ، فلمّا يئس منه دخل وقعد عند الرأس ، وقال : يا أمير المؤمنين ، أنا وليّك عبّاس ، واليوم لي خمسون سنةً أزورك في كلّ ليلةٍ في رجب وشعبان ورمضان ، والسيفُ الّذي معي عاريةٌ ، وحَقّك ۳ إنْ لم تردّه عليَّ إنْ رجعتُ ما زُرتك أبدا ، وهذا فراق بيني وبينك ! ومضى .

1.سروج : جمع سَرج ، وهو لباس الدابّة.

2.أصحاب النوبة : أي الخدم الذين يتناوبون ليلاً لخدمة الروضة وحفظها.

3.أي قسما بحقّك على اللّه سبحانه وتعالى.

صفحه از 388