الدلائل البرهانية في تصحيح الحَضرة الغروية - صفحه 339

جوابنا في هذا الموضع حذو النعل بالنعل ، والقُذّة بالقُذّة ۱ .
ولا يقال : لو كان الأمرُ كما تقولون ، لحَصَل العِلْمُ لنا كما حَصَل لكم؟!
لأنّا نقول : لا خلاف بيننا وبينكم أنّه عليه السلام دُفن سرّا ، وحينئذٍ أهلُ بيته أعلَمُ بسرّه من غيرهم ، والتواترُ الّذي صار لنا منهم وممّا دلّوا عليه ، وأشاروا ببنان البيان إليه ، ولو كان الأمرُ كما يزعمُ مخالفنا لتطرّق إليهم اللَّوم من وجهٍ آخر ، وذلك أنّه إذا كان عنده أنّه مدفونٌ في قصر الإمارة ۲ ، أو في رَحْبة مسجد الكوفة ، أو في البقيع ، أو في كوخ زادوه ، كان يتعيّن أن يزوره فيها أو في واحدٍ منها ، ومن المعلوم أنّ هذه الأقاويل ليست لواحدٍ ، فكان كلّ قائل بواحدٍ منها يزوره من ذلك الموضع ، كما يزور معروفا الكرخي ۳ ، والجُنيد ۴ ، وسريّا السِقْطِيّ ۵ ، والشِّبلي ۶ .
وأيضا : لا شكّ أنّ عترته وشيعته متّفقونَ مُجْمِعونَ على أنّ هذا الموضع قبره عليه السلام ، لا يرتابون فيه أصلاً ، ويرون عنده آثارا تدلّ على صِدْق قولهم ، وهي كالحُجّة على المُنكِر .
وأعجبُ الأشياء أنّه لو وقف اثنان على قبرٍ مجهولٍ ، وقال [أحدهما] : «هذا قبرُ أبي» ، رجع فيه إليه ، ويقولُ أهلُ بيته المعصومون[ عليهم السلام ] : «إنّ هذا قبر والدنا» ، ولا يُقبل منهم؟! ويكون الأجانبُ الأباعد المناوون أعلمُ به؟! إنّ هذا من غريب القول .
فأهله وأعيان خواصّه أولى بالمعرفة وأدرى ، وهو واضح .
والأئمّة المعصومون عليهم السلام لو أشاروا إلى قبر أجنبي لقُلّدوا فيه ، وكيف لا وهم الأئمّة والأولاد ؟! فلهم أرجحيّةٌ من جهتين .
وهذا القدرُ كافٍ ؛ فإنّ ما دلّ وقلّ أولى ممّا كَثُر فملّ .

1.من الأمثال المعروفة التي تُضرب للدلالة على استواء شيئين وعدم تفاوتهما في النفي والإثبات .

2.هو القصر الذي بناه سعد بن أبي وقّاص حينما مصّر الكوفة عام ۱۵ للهجرة ، ولا زالت جدرانها وأساساتها الضخمة باقية إلى يوم الناس هذا في جنوب مسجد الكوفة.

3.معروف بن فيروز الكرخي ، من العبّاد والزهّاد المشهورين ، وكان من موالي الإمام الرضا عليه السلام ، توفّي في بدايات القرن الثالث ، وقبره ببغداد.

4.أبو القاسم الجنيد النهاوندي البغدادي ، من العبّاد والزهّاد المشهورين ، كان عامّيا وتوفّي ببغداد سنة ۲۹۷ق .

5.أبو الحسن السري بن المفلّس السَّقطي ، من العبّاد والزهّاد المشهورين ، وكان من العامّة ، توفّي ببغداد سنة ۲۵۱ أو ۲۵۷ق.

6.أبو بكر دُلف بن جحدر الشبلي الخراساني ، من كبار المتصوّفة ، كان عاميّا ، توفّي ببغداد سنة ۳۳۴ق.

صفحه از 388