الدلائل البرهانية في تصحيح الحَضرة الغروية - صفحه 340

المقدّمة الثانية

«في السبب الموجب إخفاء قبره عليه السلام »

قد تحقّق وعُلِم ما كان جَرى لأمير المؤمنين عليه السلام من الوقائع العظيمة الموجبة للشَّحناء والعداوة الشديدة والبغضاء ـ والحقُّ مرّ ـ وذلك في أيّام النبيّ صلى الله عليه و آله ، ومن حيثُ قُتِل عثمان يوم الغدير سنة خمسٍ وثلاثين :
أوّلها : الجَمَل .
وثانيها : صفّين .
وثالثها : النَّهروان .
وأدّى ذلك إلى خروج أهل النَّهروان عليه ، وتديّنهم بمحاربته وبُغضه وسبّه وقَتْل مَنْ ينتمي إليه ، كما جرى لعبد اللّه بن خَبّاب بن الأرتّ وزوجته ، وهؤلاء يعملونه تديّنا ، حتّى أنّهم سبّوا عُثمان من جهة تغييره في السنين الستّ من ولايته ، فاقتضى ذلك عندهم سبّه ، وسبّ عليّ عليه السلام لتحكيمه ، وعُذره في ذلك عُذر النبيّ صلى الله عليه و آله يوم قُرَيظة ، فقتله عبد الرَّحمن بن عمرو بن يحيى بن عمرو بن ملجم لعنه اللّه تعالى ، والقصّة مشهورة .
ولمّا اُحضِر لِيُقْتل ، قال عبد اللّه بن جعفر الطيّار : دعوني أشفي بعض ما في نفسي عليه .
فدُفِع إليه ، فأمر بمسمارٍ فاُحمِي بالنار ، ثمّ كَحَّله به ، فجعل ابن ملجم ـ لعنه اللّه ـ يقول : تبارك خالق الإنسان من عَلَقٍ ، يا ابن أخي ، إنّك لتَكْحَلُ بمِروَدٍ مَضٍّ . ۱
ثمّ أمر بقطع يديه ورجليه ، فقُطِعَتا ولم يتكلّم ، ثمّ أمر بقطع لسانه فجَزَع .

1.يُقال : الكحلُ يَمُضُّ العين بحدَّته ، أي يَلْذَعُ.

صفحه از 388