الدلائل البرهانية في تصحيح الحَضرة الغروية - صفحه 342

ويدلّ على الثاني : ما رُوي أنّ صاحب شَرَطة الحَجّاج حَفَر حفيرا في الرَّحبة ، فاستخرج منه شيخا أبيض الرأس واللِّحية ، وقال : هذا عليّ بن أبي طالبٍ . وكتبَ إلى الحَجّاج بذلك .
فكتب إليه الحَجّاج : كذِبتَ ؛ أعِد الرجل مكانه ؛ فإنّ الحَسَن حَمَل أباه لمّا خَرَج إلى المدينة . 1
وهذا غَيرُ صحيحٍ منه ؛ لأنّ نبش الميّت لا يجوزُ ، فكيفَ يفعلُ ما لا يجوز؟! وهذا كافٍ في بطلان قوله ، ولو ترجَّح في خاطره أنّه هو لأظهر المخبيّات .
فلا اعتبار به ، ولا بما ورد من أمثاله أنّه في قصر الإمارة ، ولا أنّه في الرُّحبة في ما يلي أبواب كِنْده 2 ، ولا أنّه بالبقيع ، ولا أنّه بالخيف 3 ، ولا أنّه بمشهد كوخ زادوه قريبا من النعمانية ، 4 ولا أنّ طيّا نبشوه فتوهّموه مالاً ؛ لأنّها أقوالٌ مبنيّةٌ على الرَّجم بالغيب .
والذي بنى مشهد الكوخ ، الحاجب شباشي مولى شرف الدولة ابن عضد الدولة .
قال هشام بن الكلبي ، قال :
إنّي أدركتُ بني أوَدٍ وهم يُعلّمون أبناءهم وحُرَمهم سبّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وفيهم رجلٌ دَخَل على الحجّاج ، وكلّمه بكلامٍ ، فأغلظ له في الجواب .
فقال : لا تقل هذا أيّها الأمير ؛ فما لقريشٍ ولا لثقيفٍ منقبةٌ يعتدّون بمثلها إلّا ونحن نعتدُّ بمثلها . قال : وما مناقبكم؟
قال : ما يُنقَصُ عثمان ولا يُذْكَر بسوءٍ في نادينا قطّ . قال : هذه منقبة .
قال : ولا رُؤي منّا خارجيٌّ . قال : منقبة .
قال : وما شَهِد منّا مع أبي ترابٍ مشاهده إلّا رجلٌ ، فأسقطه ذلك عندنا . قال : منقبةٌ .
قال : وما أراد رجلٌ منّا قطّ أن يتزوّج امرأةً ، إلّا سأل عنها : هل تُحبُّ أبا ترابٍ أو

1.أي عندما عاد الإمام الحسن عليه السلام إلى المدينة بعد صلحه مع معاوية ، حمل معه إليها جثمان أبيه .

2.الأبواب المسجد التي كانت شارعة إلى جهة الغرب التي كانت تسكن فيها قبيلة كنده كانت تسمّى بأبواب كنده.

3.مسجد الخيف بمنى.

4.هي مدينة لا زالت عامرة بأهلها المؤمنين تقع شمال مدينة واسط.

صفحه از 388