الدلائل البرهانية في تصحيح الحَضرة الغروية - صفحه 343

تذكره بخير؟ فإن قيل : إنّها تفعلُ ذلك اجتنبها . قال : ومنقبة .
قال : ولا وُلِد فينا ذَكَرٌ يُسمّى عليّا ، ولا حَسَنا ، ولا حُسَينا ، ولا وُلِدتْ فينا جاريةٌ فسُمّيت فاطمة . قال : منقبة .
قال : ونَذَرَت امرأةٌ منّا إنْ قُتِل الحسين عليه السلام أنْ تنحِرَ عَشْرَ جروزٍ ، فلمّا قُتِلَ وَفَتْ بنذرها . قال : منقبة .
قال : ودُعي رجلٌ منّا إلى البراءة من عليّ ولَعْنِه ، فقال : نعم ، ونزيدكم حَسَنا وحُسينا . قال : منقبةٌ واللّه .
وقد كان معاوية يسبُّ عليّا ، ويتتبّع أصحابه ، مثل : ميثم التمّار ، وعمرو بن الحَمِق ، وجُوَيريّة بن مُسهِر ، وقيس بن سعد ، ورُشَيد الهَجَري ، ويقُنْت بسبّه في الصلاة ، ويسبّ ابن عبّاسٍ ، وقَيْس بن سَعدٍ ، والحَسَن والحُسَين ، ولم يُنكِر ذلك عليه أحد .
وكان خالد بن عبد اللّه القَسْريّ يقولُ على المنبر : اِلعنوا عليّ بن أبي طالب ؛ فإنّه لُصّ بن لُصّ بالضمّ ! 1
فقام إليه أعرابي ، فقال : واللّه ما أعلم مِنْ أيّ شيءٍ أعجبُ : مِنْ سبّك عليَّ بن أبي طالبٍ ، أو مِنْ معرفتك بالعربية ؟!
قال الكراجكيّ :
مسجدُ الذِّكر بمصر معروفٌ بموضعٍ يُعرف بسوق وردان 2 ، وإنّما سُمّي «مسجد الذِّكر» لأنّ الخطيب سها يوم الجمعة عن سبّ عليّ عليه السلام على المنبر ، فلمّا وصل إلى موضع المسجد المذكور ، ذَكرَ أنّه لم يَسُبّه ، فوقف وسبّه هناك قضاءً لما نسيه ، فبُني الموضع وسُمّي بذلك ، وكان يؤخذ من ترابه للشفاء!!

1.لكن عند اللغويين كسر اللام فيه أيضا صحيح ، بل هو أوّل اللغات فيه ، و بعضهم لم يذكر فيه إلّا الكسر ؛ راجع : لسان العرب مادّة «لصص» .

2.سوق وردان : قال المقريزي في المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار ، ج۲ ، ص ۱۵۸ : «وكان من جملة خِطط مدينة فُسطاط مصر الحمراوات الثلاث : فالحمراء الاُولى من جملتها سُوق وردان وكان يُشرف بغربيه على النيل ...» . أمّا وردان ، فقد روى المقريزي في خططه (ج ۲ ، ص ۱۶۵) عن القُضاعي : أنّ وردان كان مولى لعمرو بن العاص . أمّا «مسجد الذِّكر» فلم يرد له ذكرٌ في خِطط المقريزي ، والموضوع أساسا لذكر خطط الفسطاط والقاهرة . ولعلّ المسجد اُزيل في أيّام دولة الفاطميّين بمصر ، أو بدّل اسمه لشناعته ، أو قيّض اللّه من هدّمه ، فلعنة اللّه على الخطيب ، وعلى مَنْ شاده ، ومن نال فيه من أمير المؤمنين عليه السلام .

صفحه از 388