الدلائل البرهانية في تصحيح الحَضرة الغروية - صفحه 346

«اشترى أمير المؤمنين عليه السلام ما بين النجف إلى الحيرة إلى الكوفة من الدهاقين 1 ، بأربعين ألف درهمٍ ، وأشهد على شرائه .
فقيل له في ذلك ؛ فقال : سمعتُ رَسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول :
كُوفان ؛ كوفان ، يردُّ أوّلها على آخرها ، يُحْشَرُ مِنْ ظَهرها سبعون ألفا ، يدخلون الجنّة بغير حساب ، واشتهيتُ أن يُحشروا مِنْ ملكي .
أقول : هذا الحديث فيه إيناسٌ بما نحن بصدده ؛ وذلك أنّ في ذكره «ظَهْرُ الكوفة» إشارةٌ إلى ما خرج عن الخندق 2 ، ولأنّه اشترى ما خرج عن الكوفة الممصّرة ليُدفَن في مُلْكه ، ويُدْفَن الناس عنده ، وكيفَ يُدفنُ بالجامع ولا يجوز ، أو بالقصر وهو عمارة الظَّلمة؟!
3 . وعن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : لمّا اُصيب أمير المؤمنين عليه السلام قال للحَسن والحُسين عليهماالسلام : غَسّلاني وكفّناني وحنّطاني ، واحملاني على سريري ، واحملا مؤخّره تكفيان مُقدّمه ؛ فإنّكما تنتهيان إلى قبرٍ محفورٍ ، ولحدٍ ملحود ، ولَبَن موضوعٍ ، فألحداني وأشرجا 3 عَليَّ اللِّبن ، وارفعا لبنةً ممّا عند رأسي ، وانظرا ما تسمعان .
فأخذا اللبنة من عند الرأس ، بعد ما أشْرَجا عليه اللبن ، فإذا ليس في القبر شيءٌ ، وإذا هاتفٌ يقول : أمير المؤمنين كانَ عبدا صالحا فألحَقَه اللّه بنبيّه ، وكذلك يُفعل بالأوصياء بعد الأنبياء ، حتّى لو أنّ نبيّا ماتَ في المشرق ، ومات وصيّه في المغرب ، ألحق اللّه الوصيّ بالنبيّ .

ورُوي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أمر ابنه الحسن عليه السلام أن يَحفر له أربع قبور : في المسجد ، وفي الرَّحبة 4 ، وفي الغريّ ، وفي دار جَعْدة بن هُبيرة ؛ 5 إنّما أراد بهذا إخفاء قبره .

1.الدهاقين : جمع دهقان ، كلمة فارسيّة معرّبة ، يطلق على رئيس القرية ، وعلى من له مالٌ وعقار.

2.أي أنّ الشراء تشمل الأراضي الخارجة عن الخندق.

3.شَرَّجتُ اللّبن (بالتشديد) : نضدتُهُ ، وهو ضمّ بعضه إلى بعض.

4.الرحبة : قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة ، على يسار الحجّاج إذا أرادوا مكّة ، وفيها كان يقضي عليه السلام ، وفيها ناشد الناس على يوم الغدير ، وقيل إنّه دُفن عليه السلام فيها.

5.جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي ، ابن اُخت أمير المؤمنين عليه السلام ، واُمّه اُمّ هانئ بنت أبي طالب واسمها ? فاختة ، وقد سكن أمير المؤمنين عليه السلام عند نزوله الكوفة داره ، وهي لازالت باقية إلى اليوم في الجنوب الغربي من جدار مسجد الكوفة ، ويتبرّك الناس بزيارته.

صفحه از 388