الدلائل البرهانية في تصحيح الحَضرة الغروية - صفحه 367

48 . أخبرني الشيخُ المقتدى نجيب الدِّين يحيى بن سعيد ، يرفعه ۱ إلى عبد اللّه بن حازم ، قال :
خرجنا يوما مع الرشيد من الكوفة وهو يتصيّدُ ، فصِرْنا إلى ناحية الغريّين ، فرأينا ظِباءً ؛ فأرسلنا عليها الصُّقور والكلاب ، فحاولتها ساعةً ، ثمّ لجأت الظباء إلى أكَمَةٍ ۲ فوقفت عليها ، فرجعت الصُّقور ناحيةً من الأكَمَة ، ورَجَعت الكلابُ ، فتعجّب الرشيد ، ثمّ إنّ الظباء هَبَطت من الأكَمَة ، فسقطت الصُّقور والكلاب ، فَرَجعت الظباء إلى الأكَمَة ، فتراجَعَتْ عنها الكِلاب والصُّقور ، فَفَعلتْ ذلك ثلاثا .
فقال هارون : اركضوا ، فمن لَقَيتموه فأتوني به ، فأتيناهُ بشيخٍ من بني أسد ، فقال له الرشيد : ما هذه الأكمة؟
قال : إنْ جعلتَ لي الأمان أخبرتُك . فأعطاه الأمان .
قال : حدّثني أبي ، عن آبائه : أنّ هذه الأكَمَة قبرُ عليّ بن أبي طالبٍ عليه السلام ، جَعَله اللّه حَرَما لا يأوي إليه شيءٌ إلّا أمن .
فنزل هارون فتوضّأ ، وصَلّى عند الأكمّة ، وتَمرّغ عليها ، وجعل يبكي ، ثمّ انصرفنا .
قال : قال لي الرشيد ليلةً ونحنُ بالكوفة : «يا ياسر ، قُلْ لعيسى بن جعفر يركب» ، فركبا وركبتُ معهما ، حتّى صِرْنا إلى الغريّين ، فأمّا عيسى فَطَرح نفسه فنام ، وأمّا الرشيد فجاء إلى الأكمّة فصلّى عندها ، ودعا وبكى وتَمَرّغ على الأكَمَة ، ثمّ قال : يا عَمّ ، أنا واللّه أعرفُ فَضْلَكَ وسابقتك ، وبك واللّه جَلَستُ مجلسي الّذي أنا فيه ، وأنتَ أنتَ ، ولكن ولدُك يؤذُونني ويَخرُجُون عَليَّ !
ثمّ يقوم فيُصلّي ويدعو ويبكي ، حتّى إذا كان وقت السَّحر ، قال : يا ياسر ، أقم عيسى . فأقمته ، فقال : يا عيسى ، قُم فصلِّ عند قبر ابن عمّك .
قال له : وأيّ عمومتي هذا؟

1.رواه السيّد في فرحة الغري بأسانيد معنعنة صحيحة عن عبد اللّه بن حازم ، كما رواه المفيد في الإرشاد وابن شهرآشوب في المناقب وغيرهما.

2.الأكمة : تلّ.

صفحه از 388