الدلائل البرهانية في تصحيح الحَضرة الغروية - صفحه 368

قال : هذا قبرُ عليّ بن أبي طالب عليه السلام . فتوضّأ عيسى وصلّى ، فلم يزالا كذلك حتّى طلع الفجر ، وركبا ورجعنا إلى الكوفة .
فقال ياسر : يا أمير المؤمنين ، تفعل هذا بقبر عليّ عليه السلام ، وتَحبِسُ وَلَده؟
فقال : ويلك! إنّهم يؤذونني ويحوجونني إلى ما أفعل بهم ! انظُر إلى مَنْ في الحبس منهم . فأحصينا مَن في الحبس منهم ببغداد وبالرَّقَّة ، فكانوا مقدار خمسين رجلاً .
فقال : ادفع إلى كلّ واحدٍ منهم ألف درهم وثلاثة أثواب ، وأطلقهم .
قال ياسر : ففعلتُ ذلك ، فما لي عند اللّه حسنةً أكبر منها .
وقد زاره الخليفة المقتفي ۱ مرارا ، وكذلك الخليفة المستعصم ، وفرّق الأموال الجليلة عنده ، والحالُ في ذلك أظهر من أنْ يُحصى .
وذكر ابن طحّال ۲ أنّ الرشيد بنى عليه بنيانا بآجر أبيضَ ، أصغرَ من هذا الضريح [الذي عليه] اليوم ، من كلّ جانبٍ بذراع ، وأمر أن يُبنى عليه قُبّة ، فبُنيتْ من طينٍ أحمر ، وطَرَح على رأسها جَرّة ۳ خضراء ، هي في الخزانة إلى اليوم .
***

الباب الرابع عشر

«في ما ورد عن جماعة أعيان من العلماء»

اعلم أنّه لمّا كان القصد بدفنه عليه السلام سرّا سَتر الحال عن غير أهله ، قَلَّ العارفون به من الأجانب ، وإن عَرِف بعضهم ، فاستنادَ معرفته إليهم ، وقد قال كثيرٌ من العلماء : «لا يُدرى موضع قبره!» تحقيقا لجهالتهم ، ومن لا يَدري لا يُنازع من يقول : إنّي أدري ، فليس خصما حينئذٍ .

1.زار النجف الأشرف سنة ۵۰۵ ق.

2.هو الحسن بن الحسين بن طحّال المقدادي ، خادم مشهد أمير المؤمنين عليه السلام .

3.أي قطع خزفيّة مطليّة بلون الخُضرة ، وهي المسمّاة اليوم بالقاشاني ، وقد بُني قبل عدّة قرون بجوار الروضة الحيدرية الشريفة مسجدٌ لا زال يُسمّى بـ «مسجد الخضراء» حيث يحتمل البعض أنّ سبب هذه التسمية يعود إلى القطع الخزف الذي كان قد زيّن به جدران المسجد وحيطانه ، وقد قام الشهيد الشيخ أحمد الأنصاري بإعادة بناء هذا المسجد عام ۱۳۸۵ق حيث عُثر في بعض جدرانه بقايا الخزف الأخضر المعمول قديما في تزيين جدران الروضة والمسجد.

صفحه از 388