الدلائل البرهانية في تصحيح الحَضرة الغروية - صفحه 370

أبي طالب من الفضائح والأقوال الشنيعة وسَبّ ۱ الصَّحابة جهارا بأصواتٍ مرتفعة!!
فقال إسماعيل : أيُّ ذنبٍ لهم؟ واللّهِ ما جَرَّأهم على ذلك ، وفَتَحَ لهم هذا الباب ، إلّا صاحب ذلك القبر !
فقال ذلك الشخص : ومَنْ صاحبُ ذلك القبر يا سيّدي؟
فقال : عليُّ بن أبي طالب عليه السلام .
قال : يا سيّدي ، هو الذي سَنَّ لهم ذلك ، وعَلّمهم إيّاه ، وطرّقهم عليه؟
قال : نعم واللّه .
فقال : يا سيّدي ، إنْ كان مُحقّا فما لنا نتولّى فلانا وفلانا ، وإنْ كان باطلاً فما لنا نتولّاه ، فيجبُ أنْ نتبرّأ منه أو منهما ؟!
قال ابن عالية : فقام الفخر ۲ إسماعيل مُسْرِعا ولبس نعليه ، وقال : لعنَ اللّه إسماعيل الفاعل ابن الفاعلة ، إنْ كان يعرفُ جواب هذه المسألة . ودخل داره ، وقمنا نحنُ فانصرفنا .
والغرض من إيراد هذه الحكاية أنّ هذا شيخ الحنابلة ذَكَر أنّه صاحبُ هذا القبر الذي نحن بصدد تقريره ، ولم يقل إنّه في غيره ، ولم يُنْكَر عليه قوله .
51 . وذكر أحمد بن أعثم الكوفي ۳ أنّه دُفن ليلاً في الغريّ .
52 . وقال أبو الفرج ابن الجوزي في المنتظم ، قال : أنبأنا شيخنا أبو بكر بن عبد الباقي ، قال : سمعتُ أبا الغنائم بن النرسي يقول :
ما لنا في الكوفة أحدٌ من أهل السنّة والحديث إلّا أنا . وكان يقول : ـ توفّي في الكوفة ثلاثمائة وثلاث عشر من الصحابة ، لا يُدرى أينَ قبر أحدٍ منهم ، إلّا قبر عليّ بن أبي طالب عليه السلام ـ وقال : ـ جاء جعفر الصادق عليه السلام ، وأبوه محمّد بن عليّ عليهماالسلامفزارا هذا الموضع من قبر أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ، ولم يكن إذ ذاك القبر ، وما كان إلّا الأرض ، حتّى جاء محمّد بن زيد الداعي ۴ ، فأظهر القبر .
وهذا محمّدٌ مَلِك بعد أخيه الحسن ، وهو الذي بنى المشهد الشريف الغرويّ أيّام المعتضد ، وقُتِل في أيّام وقعة أصحاب السلطان ، وقبره بجَرَجان . مَلَك طبرستان عشرين سنة .
وقال ابن طحّال : إنّ عضد الدولة تولّى عمارته ، وأرسل الأموال العظيمة .
53 . وذكر إبراهيم بن عليّ الدينوريّ في كتاب نهاية الطَّلَبْ وغَاية السَّؤول في مناقب آل الرسول :
وقد اختلفت الروايات في قبر أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ، والصحيح أنّه في الموضع الشريف الذي على النجف الآن ، ويُقصد ويُزار ، وما ظهر لذلك من الآيات والآثار والكرامات فأكثر من أن تُحصى ، وقد أجمع النّاس عليه على اختلاف مذاهبهم وتباين أقوالهم ، ولقد كنتُ في النجف ليلة الأربعاء ، ثالث عَشَر ذي الحجّة ، سنة سبعٍ وتسعين وخمسمائة ، ونحن متوجّهون نحو الكوفة ، بعد إذ فارقنا الحاجّ بأرض النجف ، وكانت ليلةً مُضْحِيةً ۵ كالنهار ، وكان ثُلثُ الليل ، فظَهَر نورٌ دَخَل القمر في ضمنه ، ولم يَبق له أثرٌ ؛ فتأمّلتُ سبَب ذلك ، فإذا على قبر أمير المؤمنين عليه السلام عمودٌ من النور ، يكونُ عَرْضه في رأى العين نحو ذراعٍ ، وطوله نحو عشرين ذراعا ، وقد نزل من السماء ، وبقى على ذلك حدود ساعتين ، ثمّ ما زال يتلألأ ۶ على القبر حتّى اختفى عنه ، وعاد نور القمر كما كان ، فكلّمتُ جُنْدَبا كان إلى جانبي ؛ فَوَجَدتهُ قد ثَقُلَ لسانه وارتَعَش ، فلم أزل به حتّى عاد إلى ما كان عليه ، وأخبرني أنّه شاهد مثل ذلك .
ـ قال[جامع الكتاب] : ـ وهذا بابٌ متّسعٌ ، لو ذهبنا إلى جميع ما قيل فيه ضاقَ الوقتُ عنه ، وأظهر العجز عن الحصر ، فليس ذلك بموقوف على أحدٍ دون آخر ؛

1.لم يصدر من المؤمنين في هذا العيد سبٌّ وشتمٌ كما زعمه الحنبليّ ، وإنّما ذكرٌ لفضائل أمير المؤمنين عليه السلام وما اختصّه اللّه بها ، ولعنٌ وبراءةٌ ممّن دفعه عن مقامه وغَصَبه حقّه وحاربه وآذى ذرّيته.

2.شرح نهج البلاغة : ـ الفخر.

3.رواه ابن أعثم في كتابه الفتوح ، ج ۴ ، ص ۲۸۳.

4.هو محمّد بن زيد بن إسماعيل جالب الحجارة ابن الحسن بن زيد بن الحسن عليه السلام المعروف بالداعي الصغير ، ملك طبرستان ، وقُتل سنة ۲۸۷ق.

5.ليلة مُضْحيّة ، أي ليلة مشرقة بنور القمر ؛ حيث إنّ ليلة الثالث عشر من كلّ شهر تعدّ من الليالي البيض ؛ لارتفاع نور القمر فيها وسطوعه.

6.في جميع النسخ : يتلاشى ، والصحيح ما أثبتناه .

صفحه از 388