الدلائل البرهانية في تصحيح الحَضرة الغروية - صفحه 375

أمير المؤمنين عليه السلام والسادة من الأئمّة صلوات اللّه عليهم ، وعَدَّهم واحدا واحدا ، فانبسطت الجماعة .
ثمّ قال : رجعنا يوم جمعةٍ من الجامع مع عَمّي داوود ۱ ، فلمّا كان قبل دخوله منزله قال : أينما كنتُم قبل غروب الشمس فصيروا إليَّ . وكان جمرة بني هاشم .
فصرنا إليه آخر النهار ، فقال : صيحوا بفلانٍ وفلانٍ من الفَعَلة . فجاؤوا برَجلين ومعهما آلتهما ، والتفت إلينا فقال : اجتمعوا كُلُّكم فاركبوا وخذوا مَعَكم الجَمَل ـ يعني غلاما كان له أسود ، وكان لو حُمِل هذا الغلام على سَكْر ۲ دِجلة لسَكَرها من شدّته وبأسه ـ وامضوا إلى هذا القبر الذي قد افتتنَ به الناس ، ويقولون إنّه قبر عليٍّ ، حتّى تنبشوه وتُجيئوني بأقصى ما فيه !
فمضينا إلى الموضع ، وقلنا : دونَكُم وما أمر به . فَحَفَر الحفّارون وهُم يقولون : لا حول ولا قوّة إلّا باللّه العَليّ العظيم . حتّى نَزَلوا خَمْسَة أذرع ، فلمّا بلغوا الصَّلابة ۳ قالوا : لا يقوى بنقره منّا أحدٌ .
فأنزلوا الحَبَشيّ ، فأخذ المنقار ۴ فَضَرب ضربةً سمعنا لها طنينا شديدا في البريّة ، ثمّ ضَرَب ثانيةً فَسَمِعنا طنينا أشدّ ، ثمَّ ضَرَب الثالثة فسَمِعنا طنينا أشدَّ ممّا تقدّم ، ثمَّ صاحَ الغُلام صيحةً ، فقمنا فأشرفنا عليه ، وسألناه فَلَم يُجِبنا وهو يَستَغيثُ ، فشَدُّوه وأخرجوه بالحبل ، فإذا على يده مِن أطراف أصابعه إلى مِرْفَقه دمٌ وهو يستغيث ولا يُكلّمنا ، فحَمَلناهُ على بَغْلٍ ورَجَعنا طائرين العقل ، ولم يزل لَحْم الغُلام يَنْشُر مِنْ عَضده وجنبيه وسائر شقّه الأيمن ، حتّى انتهينا إلى عمّي .
فقال : أيش ۵ وراءكم؟
فقلنا : ما ترى . وحدّثناه بالصورة ، فالتفتَ إلى القبلة ، وتابَ ممّا هو عليه ، ورجع عن المذهب ، وتبرّأ وتولّى ، وركب إلى عليّ بن مصعب ، وسأله أنْ يعمل على

1.هو داود بن علي بن عبد اللّه بن العبّاس بن عبد المطّلب.

2.سَكَرْتُ النهر : أي سددته .

3.الطبقة الصخرية المنبسطة تحت أرض الغريّ.

4.أي المعول.

5.بمعنى أيّ شيء.

صفحه از 388