الدلائل البرهانية في تصحيح الحَضرة الغروية - صفحه 377

فقلتُ مخاطبا لأمير المؤمنين عليه السلام : ما أعرفُ عِوض هذا إلّا منك .
وكان إلى جانبي رجلٌ زائرٌ غير رأيي ۱ ، فقال مستهزئا : ما يُعطيك عوضه إلّا قباءً ورديّا !
فانفصلنا من الزيارة ، وجئنا إلى الحلّة ، وكان جمال الدِّين الناصري رحمه الله قد هيّأ لشخصٍ يريدُ أنْ ينفذه إلى بغداد ـ يقال له ابن مايست ـ قباءً وقلنسوةً ، فخرج الخادمُ على لسان قشتمر ، وقال : هاتوا كمال الدِّين القُمّي المذكور ، فأخذ بيدي ودخل إلى الخزانة ، وخَلَع عليَّ قباءً ملكيّا وَرْديّا ، فخرجتُ ودَخَلْتُ حتّى اُسلّم على قشتمر وأشكُر له ، فنظر إليَّ نظرا عَرِفتُ الكراهة في وجهه ، والتفتَ إلى الخادم مُغْضِبا ، وقال : طلبتُ فلانا ، يعني ابن مايست .
فقال الخادم : إنّما قلتَ كمال الدِّين القمّي ، وشَهد الجماعة الذين كانوا جُلوسا عنده أنّه أمر بإحضار كمال الدِّين القمّي .
فقلت : أيُّها الأمير ، أنتَ ما خَلَعْتَ عليَّ هذه الخَلْعة ، إنّما خَلَعها عليَّ أمير المؤمنين عليه السلام .
فالتَمَسَ منّي الحكاية ، فحكيتُها له ، فخرَّ ساجدا ، وقال : الحمدُ للّه ، كيفَ كانت الخَلعة على يدي؟
وروى ذلك أيضا محمّد بن شرفشاه الحُسيني ، عن شهاب الدِّين بندار أيضا .
62 . وعن حسين بن عبد الكريم الغَرويّ ، قال :
وفد إلى المشهد الشريف الغرويّ رجلٌ أعمى من أهل تكريت ، وكان عَمِي على كبرٍ ، وعيناه ناتئتان على خدّه ، وكان يقعد عند المسألة ۲ ، ويخاطب الجناب الأشرف ۳ بخطابٍ غَير حَسَنٍ ، مثل : «كيف يليق بي أجيءُ وأمشي أعمى ، ويستشفى بك من لا يُحبُّك!» وأشباه ذلك ، وكنتُ أهمُّ بالإنكار عليه ، ثمّ أصْفَحُ عنه ، فبينما أنا في بعض الأيّام قد فُتِحت الخزانة ، إذ سَمِعْتُ صيحةً عظيمة ، فخرجتُ ألتمس الخَبرَ .

1.أي لم يكن الزائر شيعيّا.

2.أي يقعد عند مكان طلب الحاجة من أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو المكان الذي يواجه وجهه الشريف.

3.أي أمير المؤمنين عليه السلام .

صفحه از 388