الدلائل البرهانية في تصحيح الحَضرة الغروية - صفحه 378

فقيل لي : هاهنا أعمى قد رُدَّ بصره ، فإذا هو ذَاك الأعمى ، وعيناهُ كأحسن ما يكون ، فشكرتُ اللّه على ذلك .
63 . وعن الحسين بن عبد الكريم الغروي ، قال :
كان بالحلّة إيلغازيٌّ أميرا ، وكان قد أنفذ سريّةً إلى العرب ، فلمّا رَجَعت السريّة ، نزلوا حول سور المشهد الشريف الغَرَويّ ، على الحالّ به أفضلُ الصلاة والسلام .
ـ قال الشيخ حسين : ـ فَخَرَجتُ بعد رحيلهم إلى ذلك الموضع الذي كانوا فيه نزولاً لأمرٍ عَرَض لي ، فوجدتُ كُلابي سرپوش ۱ ملقاةً في الرَّمل فأخذتها ، فلمّا صارا في يدي نَدِمْتُ وقلتُ : تعلّقتْ ذمّتي بما ليس فيه راحة . فلمّا كان بعد مدّةٍ اتّفق أنّه ماتتْ بالمشهد امرأةٌ علويّة ، فصلّينا عليها ، وخرجتُ معها إلى المقبرة ، وإذا برجلٍ تركيٍّ قائم يُفتّشُ موضعا لقيتُ الكُلّابَين ، فقلت لأصحابي : هذا التركي يفتّشُ على كُلّابي سرپوش ، وهما معي في جيبي ، وجئتُ أنا وأصحابي ، وقلنا له : على ما تفتّش؟
قال : اُفتّشُ كلّابين ضاعتا منذ سنة .
قلنا : سبحان اللّه ! تضيعُ منك منذ سنة ، وتطلبها اليوم؟
قال : نعم ، اِعلم أنّني لمّا دخلتُ السريّة ضاعتا ، فلمّا وصَلنا إلى خَنْدق الكوفة ذكرتهما ، فقلت : يا عليّ ، هما في ضِمانك ؛ لأنّهما في حَرَمك ، وأنا أعلمُ أنّهما لم يُصبهما شيءٌ .
فقلت له : الآن ما حَفَظ اللّه عَلَيك شيئا غيرهما . ثمّ ناولته إيّاهما .
64 . وعن الشيخ حسن بن حسين بن طحّال المقدادي ، قال : أخبرني أبي ، عن أبيه ، عن جَدّه : أنّه أتاهُ رجلٌ مليحُ الصُّورة نقيّ الثياب ، ودَفَع إليه دينارين ، وقال له : أغلق عليَّ القُبّة وذَرني .
فأخذهما منه ، وأغلق باب القُبّة ونام ، فرأى أمير المؤمنين عليه السلام في منامه وهو يقول له : اُقعد أخرجه عنّي ؛ فإنّه نصرانيّ .
فنهض عليّ بن طحّال ، وأخذ حَبْلاً فَوَضَعَهُ في عُنُقه ، وقال له : اُخرج ؛ تَخْدعُني بالدينارين ، وأنتَ نصراني!
قال : لستُ بنصراني .
قال : بلى ، إنّ أمير المؤمنين عليه السلام أتاني في المنام ، وأخبرني أنّك نَصرانيّ ، وقال لي : أخرجه .
قال : اُمدد يدكَ . وأسلم وقال : ما عَرَف أحدٌ بخروجي من الشام ، ولا عرفني أحدٌ من أهل العراق ! ثمّ حَسُنَ إسلامه .
65 . وحُكي أيضا : أنّ عِمران بن شاهين ۲ من أهل العراق ، عَصى على عضد الدولة ، وطَلَبه طلبا شديدا ، فهرب منه إلى المشهد متخفّيا ، فرأى أمير المؤمنين عليه السلام ليلةً في منامه ، وهو يقول له : يا عِمران ، إنّ في غدٍ يأتي فنّاخسرو إلى هاهنا ، فيُخرِجُون كلّ مَنْ في هذا المكان ، فتقفُ أنتَ هاهنا ـ وأشار إلى زاويةٍ من زوايا القُبّة ـ فإنّهم لا يرونك ، فيدخُل ويَزُور ويُصلّي ويَبتهل في الدُّعاء والقَسَم بمحمّدٍ وآله أنْ يَظْفر بك ، فادنُ منه وقل له : أيُّها المَلِك ، مَنْ هذا الذي قد ألحَحْتَ بالقَسَم بمحمّدٍ وآله أنْ يظفرك به؟
فسيقول : رجلٌ عصاني ونازعني في سلطاني .
فقل له : ما لمن يُظفِرك به؟
فيقول : إنْ حتم عليَّ بالعفو عنه عَفَوتُ عنه .
فأعلمه بنفسك ؛ فإنّك تجدُ منه ما تريد .
فكان كما قال ، فقال له : أنا عِمرانُ بن شاهين .
قال : مَنْ أوقفك هنا؟
قال : هذا مولانا قال لي في منامي : غدا يَحْضرُ فنّاخسرو إلى هاهنا ، وأعاد عليه القول .
فقال له : بحقّه قال لك : فنّاخسرو؟!
قلت : إي وحقّه .
فقال عضد الدولة : ما عَرف أحدٌ أنّ اسمي فنّاخسرو إلّا اُمّي والقابلة وأنا ، ثمّ خَلَع

1.المظنون أنّه يقصد به شيئا يثبت به ما يضعه الجندي على رأسه مثل القراصات التي يجمعن بها النسوة شعورهنّ.

2.مَلِك البطائح ، ثار واستولى على جميع البطائح في جنوب العراق أيّام دولة البويهيّين ، فحاربه عضد الدولة لسنوات طويلة ، وعجز عن أن يستولي عليه أو يهزمه.

صفحه از 388