فَوَقَع مغشيّا عليه ، ومضى الرجل ، وقام فزوّج بناته ، وحَسُن حاله .
67 . وقال : إنّ في سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة كان الأمير مجاهد الدِّين سُنقر قد وقع بينه وبين بني خَفاجة شيءٌ ، فما كان أحدٌ منهم يأتي المشهد ولا غيره إلّا وله طليعة ؛ فأتى فارسان فَدَخل أحدهما المشهد ، وبقي الآخر طليعةً ، فطَلَع سُنقر من مطلع الرهيمي ، وأتى مع السور ، فلمّا بَصرَ به الفارس نادى : جاءت العجم وأفلت . ومنعوا الآخر أن يخرج من الباب ، واقتحموا وراءه ، فدخل راكبا ، ثمّ نزل عن فرسه قدّام باب السلام ، ومضيتُ ودَخَلتُ دار ابن عبد الحميد ، ودَخَل البدويّ إلى الضريح الشريف .
فقال سُنقر : آتوني به . فجاءت المماليك يجذبونه من على الضريح الشريف ، وقد لَزِم البدويّ برمّانة الضريح ، وهو يقول : يا أبا الحَسَن ، أنتَ عَرَبيٌّ ، وأنا عربيّ ، وعادة العرب الدخول ، وقد دَخَلْتُ عليك يا أبا الحسن ؛ دَخيلك دخيلك !
وهُم يَفُكّونَ أصابعه عن الرُّمانة ، وهو يقول : لا تخفر ۱ ذِمامك .
فأخذوه ومَضَوا به ، فأراد أنْ يقتله ، فَقَطع على نفسه مئتي دينارٍ ، فكفّله ابن بطن الحقّ ، ومضى ليأتي المال والفرس ، فلمّا كان الليل ـ وأنا نائمٌ مع والدي محمّد بن طحّال بالحضرة ـ وإذا بالباب يُطرق ، ففُتِح الباب ، وإذا أبو البقاء والبدويّ معه ، وعليه جُبّةٌ حمراء وعِمامة زرقاء ، ومملوكٌ على رأسه منشفة مكوّرة ، فدخلوا القبّة الشريفة حين فُتِحت ، ووقفوا قدّام الشبّاك ، وقال :
يا أمير المؤمنين ، عَبدك سُنقر يُسلّم عليك ، ويقول لك : إلى اللّه وإليكَ المعذرة والتوبة ، وهذا دخيلك ، وهذا كفّارة ما صنعت .
فقال له والدي : ما سببُ هذا؟
قال : إنّه رأى أمير المؤمنين عليه السلام في منامه ، وبيده حَرْبةٌ ، وهو يقول : واللّه لئن لم تُخلّ سبيل دخيلي ، لأنزعنّ نفسك على هذه الحربة .
1.أي لا تنقض عهدك وذِمّتك.