الهمداني الكُوفي ـ وكان زيديّا صالحا متعبّدا ، توفّي في سنة ثلاث وستّين وستّمائة ، ودفن بالسهلة ـ قال :
كنتُ في الجامع بالكوفة ، وكانت ليلةً ممطرة ، فدَقّ بابَ مسلمٍ ۱ جماعة ، فذكر بعضهم أنّ معهم جنازة ، فأدخلوها وجعلوها على الصفحة التي تجاه مسلم بن عقيل رضى الله عنه ، ثمّ إنّ أحدهم نَعِس ، فرأى في منامه كأنّ قائلاً يقول لآخر : ما نبصره حتّى ننظر هل لنا معه حسابٌ أم لا ؟ فكشفَ عن وجهه ، قال : بلى لنا معه حسابٌ ، وينبغي أنْ نأخذ منه معجّلاً قبل أنْ يتعدّى الرصافة ، فما يبقى لنا معه حساب .
فانتبه وحكى لهم المنام ، وقال لهم : خذوه معجّلاً . فأخذوه ومضوا في الحال .
***
قال المولى المعظّم العالم الكامل ۲ شرف آل أبي طالب ، غياث الدِّين أبو المظفّر عبد الكريم بن أحمد بن طاووس ، مُصَنّف هذا الكتاب أدام اللّه أيّامه :
هذا بابٌ واسعٌ ، متى فُتِح لم تَسَعه بطون الأوراق ؛ لكونه ممتدّ الأطْنَاب فسيحُ الرَّواق ، ولكنّا ذكرنا قطرةً من تيّار البحار ، وجذوةً من نار ، ونحمدُ اللّه ـ سبحانه وتعالى ـ على حُسن التوفيق بإقرار الحقّ وبتسهيل الطريق بأخبار الصِّدق ، ونسأله أنْ يُجازينا بالصفح عن الحوب ۳ ، وليُنْجِح ۴ المراد الصالح والمطلوب ، ويجعل مآلنا خَير مآل ، ويَصْرِفَ عنّا كلّ إغفالٍ وإهمال ، حتّى نظفر بالسعادتين الفانية والباقية ، ويُتمّم الدُّنيا عن أمن الإعمال بالنِّعم الموصلة بمنّه .
انتهى كلامه .
***
تمَّ بمنّة اللّه وجُوده يوم الخميس أحد عَشَر شهر جمادى الاُولى في مشهد الرِّضا ـ على مُشرّفها الصلاة والسلام ـ على العبد المذنب العاصي محمود بن محمّدتقي الشيرازي ـ عفي عنهما ـ سنة 1294 .
1.يقصد إحدى أبواب المسجد الجامع بالكوفة المؤدّي إلى مقام مسلم بن عقيل عليهماالسلام
2.في الأصل وبقيّة النسخ : «العاقل» ، والصحيح ما أثبتناه .
3.حابَ ، حَوْبا ، الحَوَبة : الخطيئة .
4.أنجحت الحاجة ، إنجاحا : قضاء الحاجة .