۰.وَالحَمدُ للّه ِِ الَّذي وَكَلَني إلَيهِ فَأَكرَمَني«24 »ولَم يَكِلني إلَى النّاسِ فَيُهينوني «25 »
وكل إليه : فوّضه إليه . أُفوّض أمري إلى اللّه ؛ أي أردّه إليه ، ومنه الدعاء : «فوّضت أمري إليك» ، أي رددته إليك وجعلتك الحاكم فيه.
وذلك بأن هيّأ له أسباب الحياة فجعله صحيحا سويّا قادرا على العمل ، وهداه إلى طريق العمل ، ويسّر له تحصيل ما يحتاج إليه فيما كان باختياره ، وجعل تحت يده الأرض والماء ، وعلّمه الحرث والسقي ، وسخّر له ما لم يكن تحت قدرته كالمطر وسائر الأسباب الكونية ، وبعد ذلك أمره بتحصيل المعاش : «فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَوةُ فَانتَشِرُواْ فِى الْأَرْضِ وَ ابْتَغُواْ مِن فَضْلِ اللَّهِ » . ۱
وأمره بعد ذلك كلّه بالدعاء وطلب الرزق ، قال صلوات اللّه عليه : «جعل لكلّ روحٍ منهم قوتا معلوما مقسوما من رزقه ، لا ينقص من زاده ناقص ، ولا يزيد من نقص منهم زائد». ۲
قال تعالى : «نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ رَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَـتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًَا سُخْرِيًّا وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ » ، وقال : «وَسْئلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ » . ۳
والأحاديث والأدعية في طلب الرزق وسعته كثيرة ، وفي الدعاء : «واجعل أوسع رزقك عليّ إذا كبرت ، وأقوى قوّتك فيّ إذا نصبت» ، ۴ «وتوّجني بالكفاية ... ولا تفتنّي بالسعة ، وامنحني حسن الدعة ، ولا تجعل عيشي كدّا كدّا ...». ۵
يحمد اللّه تعالى على أن وكله إليه فأكرمه من ذلّ السؤال والحقارة وضيق المعاش والهوان عند الناس ، ولم يكله إلى الناس فيهينونه ويستخفّونه ، عدا هوان السؤال وذلّه .