احادیث داستانی ماجرای مباهله به روایت سید بن طاووس

سید بن طاووس ماجرای مباهله را نسبتا مفصل تر و جامع تر نقل کرده است.

الإقبال ـ فی بَیانِ إنفاذِ النَّبِی(ص) لِرُسُلِهِ إلی نَصاری نَجرانَ ومُناظَرَتِهِم فیما بَینَهُم وظُهورِ تَصدیقِهِ فیما دَعاهُم إلَیهِ ـ:

رَوَینا ذلِک بِالأَسانیدِ الصَّحیحَةِ، وَالرِّوایاتِ الصَّریحَةِ إلی أبِی المُفَضَّلِ مُحَمَّدِ بنِ [عَبدِ اللّهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ] المُطَّلِبِ الشَّیبانِی رحمه اللهمِن کتابِ المُباهَلَةِ، ومِن أصلِ کتابِ الحَسَنِ بنِ إسماعیلَ بنِ أشناسٍ مِن کتابِ عَمَلِ ذِی الحِجَّةِ، فیما رَوَیناهُ بِالطُّرُقِ الواضِحَةِ عَن ذَوِی الهِمَمِ الصّالِحَةِ، لا حاجَةَ إلی ذِکرِ أسمائِهِم؛ لِأَنَّ المَقصودَ ذِکرُ کلامِهِم.

قالوا: لَمّا فَتَحَ النَّبِی(ص) مَکةَ، وَانقادَت لَهُ العَرَبُ، وأَرسَلَ رُسُلَهُ ودُعاتِهِ إلَی الاُمَمِ، وکاتَبَ المَلِکینِ ـ کسری وقَیصَرَ ـ یدعوهُما إلَی الإِسلامِ، وإلّا أقَرّا بِالجِزیةِ وَالصَّغارِ، وإلّا أذِنا بِالحَربِ العَوانِ؛ أکبَرَ شَأنَهُ نَصاری نَجرانَ وخُلَطاؤُهُم مِن بَنی عَبدِ المَدانِ وجَمیعُ بَنِی الحارِثِ بنِ کعبٍ، ومَن ضَوی إلَیهِم ونَزَلَ بِهِم مِن دَهماءِ النّاسِ عَلَی اختِلافِهِم هُناک فی دینِ النَّصرانِیةِ، مِن الأروسِیةِ، وَالسّالوسِیةِ، وأَصحابِ دینِ المَلِک، وَالمارونیةِ، وَالعُبّادِ، وَالنّسطورِیةِ، واُملِئَت قُلوبُهُم ـ عَلی تَفاوُتِ مَنازِلِهِم ـ رَهبَةً مِنهُ ورُعبا.

فَإِنَّهُم کذلِک مِن شَأنِهِم، إذا وَرَدَت عَلَیهِم رُسُلُ رَسولِ اللّهِ(ص) بِکتابِهِ؛ وهُم عُتبَةُ بنُ غَزوانَ، وعَبدُ اللّهِ بنُ أبی اُمَیةَ، وَالهُدَیرُ بنُ عَبدِ اللّهِ ـ أخو تَیمِ بنِ مُرَّةَ ـ، وصُهَیبُ بنُ سِنانٍ ـ أخُو النَّمِرِ بنِ قاسِطٍ ـ یدعوهُم إلَی الإِسلامِ، فَإِن أجابوا فَإِخوانٌ، وإن أبَوا وَاستَکبَروا فَإِلَی الخُطَّةِ المُخزِیةِ؛ إلی أداءِ الجِزیةِ عَن یدٍ، فَإِن رَغِبوا عَمّا دَعاهُم إلَیهِ مِن إحدَی المَنزِلَتَینِ وعَنِدوا، فَقَد آذَنَهُم عَلی سَواءٍ.

وکانَ فی کتابِهِ(ص):«قُلْ یاأَهْلَ الْکتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَی کلِمَةٍ سَوَاءٍ بَینَنَا وَبَینَکمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِک بِهِ شَیئا وَلَا یتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ».[۱]

قالوا: وکانَ رَسولُ اللّهِ(ص) لا یقاتِلُ قَوما حَتّی یدعُوَهُم، فَازدادَ القَومُ ـ لِوُرودِ رُسُلِ نَبِی اللّهِ(ص) وکتابِهِ ـ نُفورا وَامتِزاجا، فَفَزِعوا لِذلِک إلی بِیعَتِهِمُ العُظمی، وأَمَروا فَفُرِشَ أرضُها واُلبِسَ جُدُرُها بِالحَریرِ وَالدِّیباجِ، ورَفَعُوا الصَّلیبَ الأَعظَمَ ـ وکانَ مِن ذَهَبٍ مُرَصَّعٍ أنفَذَهُ إلَیهِمُ القَیصَرُ الأَکبَرُ ـ، وحَضَرَ ذلِک بَنُو الحارِثِ بنُ کعبٍ، وکانوا لُیوثَ الحَربِ وفُرسانَ النّاسِ، قَد عَرَفَتِ العَرَبُ ذلِک لَهُم فی قَدیمِ أیامِهِم فِی الجاهِلِیةِ.

فَاجتَمَعَ القَومُ جَمیعا لِلمَشوَرَةِ وَالنَّظَرِ فی اُمورِهِم، وأَسرَعَت إلَیهِمُ القَبائِلُ مِن مَذحِجٍ وعَک وحِمیرٍ وأَنمارٍ ومَن دَنا مِنهُم نَسَبا ودارا مِن قَبائِلِ سَبَأٍ، وکلُّهُم قَد وَرِمَ أنفُهُ غَضَبا لِقَومِهِم، ونَکصَ مَن تَکلَّمَ مِنهُم بِالإِسلامِ ارتِدادا، فَخاضوا وأَفاضوا فی ذِکرِ المَسیرِ بِنَفسِهِم وجَمعِهِم إلی رَسولِ اللّهِ(ص) وَالنُّزولِ بِهِ بِیثرِبَ لِمُناجَزَتِهِ.

فَلَمّا رَأی أبو حارِثَةَ حُصَینُ بنُ عَلقَمَةَ اُسقُفُّهُمُ الأَوَّلُ وصاحِبُ مَدارِسِهِم وعَلّامُهُم ـ وکانَ رَجُلاً مِن بَنی بَکرِ بنِ وائِلٍ ـ ما أزمَعَ القَومُ عَلَیهِ مِن إطلاقِ الحَربِ، دَعا بِعِصابَةٍ فَرَفَعَ بِها حاجِبَیهِ عَن عَینَیهِ ـ وقَد بَلَغَ یومَئِذٍ عِشرینَ ومِئَةَ سَنَةٍ ـ ثُمَّ قامَ فیهِم خَطیبا مُعتَمِدا عَلی عَصا، وکانَت فیهِ بَقِیةٌ ولَهُ رَأی ورَوِیةٌ، وکانَ مُوَحِّدا یؤمِنُ بِالمَسیحِ وبِالنَّبِی(ع)، ویکتُمُ ذلِک مِن کفَرَةِ قَومِهِ وأَصحابِهِ، فَقالَ:

مَهلاً بَنی عَبدِ المَدانِ مَهلاً، استَدیمُوا العافِیةَ وَالسَّعادَةَ؛ فَإِنَّهُما مَطوِیانِ فِی الهَوادَةِ، دُبّوا إلی قَومٍ فی هذَا الأَمرِ دَبیبَ الذَّرِّ ، وإیاکم وَالسَّورَةَ العَجلی؛ فَإِنَّ البَدیهَةَ بِها لا تُنجَبُ، إنَّکم وَاللّهِ عَلی فِعلِ ما لَم تَفعَلوا أقدَرُ مِنکم عَلی رَدِّ ما فَعَلتُم، ألا إنَّ النَّجاةَ مَقرونَةٌ بِالأَناةِ، ألا رُبَّ إحجامٍ أفضَلُ مِن إقدامٍ، وکأَین مِن قَولٍ أبلَغُ مِن صَولٍ .

ثُمَّ أمسَک، فَأَقبَلَ عَلَیهِ کرزُ بنُ سَبرَةَ الحارِثِی، وکانَ یومَئِذٍ زَعیمَ بَنِی الحارِثِ بنِ کعبٍ وفی بَیتِ شَرَفِهِم وَالمُعَصَّبَ فیهِم وأَمیرَ حُروبِهِم، فَقالَ: لَقَدِ انتَفَخَ سَحرُک وَاستُطیرَ قَلبُک أبا حارِثَةَ، فَظِلتَ کالمَسبوعِ النزاعة الهَلوعِ، تَضرِبُ لَنَا الأَمثالَ وتُخَوِّفُنَا النِّزالَ، لَقَد عَلِمتَ ـ وحَقِّ المَنّانِ ـ بِفَضیلَةِ الحُفّاظِ بِالنّوءِ بِالعِب ءِ وهُوَ عَظیمٌ، وتَلقَحُ الحَربَ وهِی عَقیمٌ، تَثقَفُ أودَ المَلِک الجَبّارِ، ولَنَحنُ أرکانُ الرائِشِ وذِی المنارِ الّذینَ شَدَدنا مُلکهُما وأَمَّرنا مَلیکهُما، فَأَی أیامِنا تُنکرُ أم لِأَیهِما ـ وَیک ـ تَلمِزُ؟

فَما أتی عَلی آخِرِ کلامِهِ حَتَّی انتَظَمَ نَصلَ نَبلَةٍ کانَت فی یدِهِ بِکفِّهِ غَیظا وغَضَبا وهُوَ لا یشعُرُ. فَلَمّا أمسَک کرزُ بنُ سَبرَةَ أقبَلَ عَلَیهِ العاقِبُ، وَاسمُهُ عَبدُ المَسیحِ بنُ شُرَحبیلَ ـ وهُوَ یومَئِذٍ عَمیدُ القَومِ وأَمیرُ رَأیهِم وصاحِبُ مَشوَرَتِهِم، الَّذی لا یصدِروُن جَمیعا إلّا عَن قَولِهِ ـ فَقالَ لَهُ:

أفلَحَ وَجهُک، وآنَسَ رَبعُک ، وعَزَّ جارُک، وَامتَنَعَ ذِمارُک، ذَکرتَ ـ وحَقِّ مُغبَرَّةِ الجِباهِ ـ حَسَبا صَمیما، وعیصا کریما، وعِزّا قَدیما، ولکن أبا سَبرَةَ! لِکلِّ مَقامٍ مَقالٌ، ولِکلِّ عَصرٍ رِجالٌ، وَالمَرءُ بِیومِهِ أشبَهُ مِنهُ بِأَمسِهِ، وهِی الأَیامُ تُهلِک جیلاً وتُدیلُ قَبیلاً، وَالعافِیةُ أفضَلُ جِلبابٍ، ولِلآفاتِ أسبابٌ، فَمِن أوکدِ أسبابِهَا التَّعَرُّضُ لِأَبوابِها.

ثُمَّ صَمَتَ العاقِبُ مُطرِقا، فَأَقبَلَ عَلَیهِ السَّیدُ وَاسمُهُ أهتَمُ بنُ النُّعمانِ ـ وهُوَ یومَئِذٍ اُسقُفُّ نَجرانَ، وکانَ نَظیرَ العاقِبِ فی عُلُوِّ المَنزِلَةِ، وهُوَ رَجُلٌ مِن عامِلَةَ وعِدادُهُ فی لَخمٍ، فَقالَ لَهُ: سَعَدَ جَدُّک وسَما جَدُّک أبا واثِلَةَ، إنَّ لِکلِّ لامِعَةٍ ضِیاءٌ، وعَلی کلِّ صَوابٍ نورا، ولکن لا یدرِکهُ ـ وحَقِّ واهِبِ العَقلِ ـ إلّا مَن کانَ بَصیرا، إنَّک أفضَیتَ وهذانِ فیما تصرّف بِکمَا الکلِمُ إلی سَبیلَی حَزَنٍ وسَهلٍ، ولِکلٍّ عَلی تَفاوُتِکم حَظٌّ مِنَ الرَّأی الرَّبیقِ وَالأَمرِ الوَثیقِ إذا اُصیبَ بِهِ مَواضِعُهُ، ثُمَّ إنَّ أخا قُرَیشٍ قَد نَجَدَکم لِخَطبٍ عَظیمٍ وأَمرٍ جَسیمٍ، فَما عِندَکم فیهِ قولوا وأَنجِزوا، أبُخوعٌ وإقرارٌ، أم نُزوعٌ؟

قالَ عُتبَةُ وَالهَدیرُ وَالنَّفَرُ مِن أهلِ نَجرانَ: فَعادَ کرزُ بنُ سَبرَةَ لِکلامِهِ وکانَ کمِیا أبِیا، فَقالَ:

أنَحنُ نُفارِقُ دینا رَسَخَت عَلَیهِ عُروقُنا، ومَضی عَلَیهِ آباؤُنا، وعَرَفَ مُلوک النّاسِ ثُمّ العَرَبُ ذلِک مِنّا؟! أنَتَهالَک إلی ذلِک أم نُقِرُّ بِالجِزیةِ وهِی الخِزیةُ حَقّا؟ لا وَاللّهِ حَتّی نُجَرِّدَ البَواتِرَ مِن أغمادِها، وتَذهَلَ الحَلائِلُ عَن أولادِها، أو نَشرُقُ نَحنُ [و] مُحَمَّدٌ بِدِمائِنا، ثُمَّ یدیلُ اللّهُ عز و جل بِنَصرِهِ مَن یشاءُ.

قالَ لَهُ السَّیدُ: اِربَع عَلی نَفسِک وعَلَینا أبا سَبرَةَ، فَإِنَّ سَلَّ السَّیفِ یسِلُّ السَّیفَ، وإنَّ مُحَمَّدا قَد بَخَعَت لَهُ العَرَبُ وأَعطَتهُ طاعَتَها ومَلَک رِجالَها وأَعِنَّتَها، وجَرَت أحکامُهُ فی أهلِ الوَبَرِ مِنهُم وَالمَدَرِ، ورَمَقَهُ المَلِکانِ العَظیمانِ کسری وقَیصَرَ، فَلا أراکم ـ وَالرّوحِ ـ لَو نَهَدَ لَکم إلّا وقَد تَصَدَّعَ عَنکم مَن خَفَّ مَعَکم مِن هذِهِ القَبائِلِ، فَصِرتُم جُفاءً کأَمسِ الذّاهِبِ، أو کلَحمٍ عَلی وَضَمٍ .

وکانَ فیهِم رَجُلٌ یقالُ لَهُ جَهیرُ بنُ سُراقَةَ البارِقِی مِن زَنادِقَةِ نَصارَی العَرَبِ، و کانَ لَهُ مَنزِلَةٌ مِن مُلوک النَّصرانِیةِ، وکانَ مَثواهُ بِنَجرانَ، فَقالَ لَهُ: أبا سُعادَ، قُل فی أمرِنا وأَنجِدنا بِرَأیک، فَهذا مَجلِسٌ لَهُ ما بَعدُهُ.

فَقالَ: فَإِنّی أری لَکم أن تُقارِبوا مُحَمَّدا وتُطیعوهُ فی بَعضِ مُلتَمَسِهِ عِندَکم، وَلینطَلِق وُفودُکم إلی مُلوک أهلِ مِلَّتِکم؛ إلَی المَلِک الأَکبَرِ بِالرّومِ قَیصَرَ، وإلی مُلوک هذِهِ الجِلدَةِ السَّوداءِ الخَمسَةِ؛ یعنی مُلوک السّودانِ: مَلِک النّوبَةِ، ومَلِک الحَبَشَةِ، و مَلِک علوه، و مَلِک الرّعا، و مَلِک الرّاحاتِ ومَریسَ وَالقِبطِ ـ وکلُّ هؤُلاءِ کانوا نَصاری ـ. قالَ: وکذلک مَن ضَوی إلَی الشّامِ وحَلَّ بِها مِن مُلوک غَسّانَ ولَخمٍ وجُذامٍ وقُضاعَةَ، وغَیرِهِم مِن ذَوی یمنِکم، فَهُم لَکم عَشیرَةٌ ومَوالی وأَعوانٌ، وفِی الدّینِ إخوانٌ ـ یعنی أنَّهُم نَصاری ـ وکذلِک نَصارَی الحیرَةِ مِنَ العُبّادِ وغَیرِهِم، فَقَد صَبَت إلی دینِهِم قَبائِلُ تَغلِبَ بِنتِ وائِلٍ وغَیرِهِم مِن رَبیعَةَ بنِ نزارٍ، لِتَسیرَ وُفودُکم ثُمَّ لِتَخرِقَ إلَیهِمُ البِلادَ إغذاذا ، فَیستَصرِخونَهُم لِدینِکم فَیستَنجِدَکمُ الرّومُ وتَسیرَ إلَیکمُ الأَساوِدَةُ مَسیرَ أصحابِ الفیلِ، وتُقبِلَ إلَیکم نَصارَی العَرَبِ مِن رَبیعَةِ الیمَنِ. فَإِذا وَصَلَتِ الأَمدادُ وارِدةً سِرُتم أنتُم فی قَبائِلِکم وسائِرِ مَن ظاهَرَکم وبَذَلَ نَصرَهُ ومُوازَرَتَهُ لَکم، حَتّی تُضاهِئونَ مَن أنجَدَکم وأَصرَخَکم مِنَ الأَجناسِ وَالقَبائِلِ الوارِدَةِ عَلَیکم.

فَأُمُّوا مُحَمَّدا حَتّی تَنجوا بِهِ جَمیعا، فَسَیعتِقُ إلَیکم وافِدا لَکم مَن صَبا إلَیهِ مَغلوبا مَقهورا، وینعَتِقُ بِهِ مَن کانَ مِنهُم فی مَدَرَتِهِ مَکثورا ، فَیوشِک أن تَصطَلِموا حَوزَتَهُ وتُطفِئُوا جَمرَتَهُ، ویکونَ لَکم بِذلِک الوَجهُ وَالمَکانُ فِی النّاسِ، فَلا تَتَمالَک العَرَبُ حینَئِذٍ حَتّی تَتَهافَتَ دُخولاً فی دینِکم، ثُمَّ لَتَعظُمَنَّ بیعَتُکم هذِهِ ولَتَشرُفُنَّ حَتّی تَصیرَ کالکعبَةِ المَحجوجَةِ بِتِهامَةَ، هذَا الرَّأی فَانتَهِزوهُ فَلا رَأی لَکم بَعدَهُ.

فَأَعجَبَ القَومُ کلامَ جَهیرِ بنِ سُراقَةَ، ووَقَعَ مِنهُم کلَّ مَوقِعٍ، فَکادَ أن یتَفَرَّقوا عَلَی العَمَلِ بِهِ، وکانَ فیهِم رَجُلٌ مِن رَبیعَةَ بنِ نزارٍ مِن بَنی قَیسِ بنِ ثَعلَبَةَ، یدعی حارِثَةَ بنَ أثالٍ عَلی دینِ المَسیحِ(ع)، فَقامَ حارِثَةُ عَلی قَدَمَیهِ وأَقبَلَ عَلی جَهیرٍ وقالَ مُتَمَثِّلاً شِعرا:

مَتی ما تُقِد بِالباطِلِ الحَقَّ یأبَهُ وإن قُدتَ بِالحَقِّ الرَّواسِی تَنقَدِ

إذا ما أتَیتَ الأَمرَ مِن غَیرِ بابِهِ ضَلَلتَ وإن تَقصِد إلَی البابِ تَهتَدِ

ثُمَّ استَقبَلَ السَّیدَ وَالعاقِبَ وَالقِسّیسینَ وَالرُّهبانَ وکافَّةَ نَصاری نَجرانَ بِوَجهِهِ لَم یخلِط مَعَهُم غَیرَهُم، فَقالَ: سَمعا سَمعا یا أبناءَ الحِکمَةِ، وبَقایا حَمَلَةِ الحُجَّةِ، إنَّ السَّعیدَ وَاللّهِ مَن نَفَعَتهُ المَوعِظَةُ، ولَم یعشُ عَنِ التَّذکرَةِ، ألا وإنّی اُنذِرُکم واُذَکرُکم قَولَ مَسیحِ اللّهِ عز و جل . ثُمَّ شَرَحَ وَصِیتَهُ ونَصَّهُ عَلی وَصِیهِ شَمعونَ بنِ یوحَنّا، وما یحدُثُ عَلی اُمَّتِهِ مِنَ الاِفتِراقِ، ثُمَّ ذَکرَ عیسی(ع) وقالَ: إنَّ اللّهَ جَلَّ جَلالُهُ أوحی إلَیهِ:

«فَخُذ یابنَ أمَتی کتابی بِقُوَّةٍ، ثُمَّ فَسِّرهُ لِأَهلِ سورِیا بِلِسانِهِم، وأَخبِرهُم أنّی أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّا أنَا الحَی القَیومُ، البَدیعُ الدّائِمُ الَّذی لا أحولُ ولا أزولُ، إنّی بَعَثتُ رُسُلی ونَزَّلتُ کتُبی رَحمَةً ونورا وعِصمَةً لِخَلقی، ثُمَّ إنّی باعِثٌ بِذلِک نَجیبَ رِسالَتی أحمَدَ، صَفوَتی مِن بَرِیتی، البارِقلیطا عَبدی، اُرسِلُهُ فی خُلُوٍّ مِنَ الزَّمانِ، أبعَثُهُ بِمَولِدِهِ فارانَ مِن مَقامِ أبیهِ إبراهیمَ(ع)، اُنزِلُ عَلَیهِ تَوراةً حَدیثَةً، أفتَحُ بِها أعینا عُمیا، آذانا صُمّا، وقُلوبا غُلفا، طوبی لِمَن شَهِدَ أیامَهُ وسَمِعَ کلامَهُ فَآمَنَ بِهِ، وَاتَّبَعَ النّورَ الَّذی جاءَ بِهِ، فَإِذا ذَکرتَ یا عیسی ذلِک النَّبِی فَصَلِّ عَلَیهِ فَإِنّی ومَلائِکتی نُصَلّی عَلَیهِ».

قالَ: فَما أتی حارِثَةُ بنُ أثالٍ عَلی قَولِهِ هذا، حَتّی أظلَمَ بِالسَّیدِ وَالعاقِبِ مَکانُهُما، وکرِها ما قامَ بِهِ فِی النّاسِ مُعرِبا ومُخبِرا عَنِ المَسیحِ(ع) بِما أخبَرَ وقَدَّمَ مِن ذِکرِ النَّبِی مُحَمَّدٍ(ص)؛ لِأَنَّهُما کانا قَد أصابا بِمَواضِعِهِما مِن دینِهِما شَرَفا بِنَجرانَ، ووَجها عِندَ مُلوک النَّصرانِیةِ جَمیعا، وکذلِک عِندَ سوقَتِهِم وعَرَبِهِم فِی البِلادِ، فَأَشفَقا أن یکونَ ذلِک سَبَبا لِانصِرافِ قَومِهِما عَن طاعَتِهِما لِدینِهِما وفَسخا لِمَنزِلَتِهِما فِی النّاسِ.

فَأَقبَلَ العاقِبُ عَلی حارِثَةَ فَقالَ: أمسِک عَلَیک یا حارِ، فَإِنَّ رادَّ هذَا الکلامِ عَلَیک أکثَرُ مِن قابِلِهِ، ورُبَّ قَولٍ یکونُ بَلِیةً عَلی قائِلِهِ، ولِلقُلوبِ نَفَراتٌ عِندَ الإِصداعِ بِمَظنونِ الحِکمَةِ، فَاتَّقِ نُفورَها، فَلِکلِّ نَبَإٍ أهلٌ، ولِکلِّ خَطبٍ مَحَلٌّ، وإنَّمَا الدَّرَک ما أخَذَ لَک بِمَواضِی النَّجاةِ، وأَلبَسَک جُنَّةَ السَّلامَةِ، فَلا تَعدِلَنَّ بِهِما حَظّا، فَإِنّی لَم آلُک ـ لا أبا لَک ـ نُصحا. ثُمَّ أرَمَّ .

فَأَوجَبَ السَّیدُ أن یشرِک العاقِبَ فی کلامِهِ، فَأَقبَلَ عَلی حارِثَةَ فَقالَ: إنّی لَم أزَل أتَعَرَّفُ لَک فَضلاً تَمیلُ إلَیک الأَلبابُ، فَإِیاک أن تَقتَعِدَ مَطِیةَ اللَّجاجِ، وأَن توجِفَ إلَی السَّرابِ، فَمَن عُذِرَ بِذلِک فلَستَ فیهِ أیهَا المَرءُ بِمَعذورٍ، وقَد أغفَلَک أبو واثِلَةَ ـ وهُوَ وَلِی أمرِنا وسَیدُ حَضَرِنا ـ عِتابا، فَأَولِهِ اعتِبارا .

ثُمَّ تَعلَمُ أنَّ ناجِمَ قُرَیشٍ ـ یعنی رَسولَ اللّهِ(ص) ـ یکونُ رُزؤُهُ قَلیلاً ثُمَّ ینقَطِعُ، ویخلو أنَّ بَعدَ ذلِک قَرنٌ یبعَثُ فی آخِرِهِ النَّبِی المَبعوثُ بِالحِکمَةِ وَالبَیانِ وَالسَّیفِ وَالسُّلطانِ، یملِک مُلکا مُؤَجَّلاً تُطَبِّقُ فیهِ اُمَّتُهُ المَشارِقَ وَالمَغارِبَ، ومِن ذُرِّیتِهِ الأَمیرُ الظّاهِرُ؛ یظهَرُ عَلی جَمیعِ المَلَکاتِ وَالأَدیانِ، ویبلُغُ مُلکهُ ما طَلَعَ عَلَیهِ اللَّیلُ وَالنَّهارُ، وذلِک ـ یا حارِ ـ أمَلٌ مِن وَرائِهِ أمَدٌ ومِن دونِهِ أجَلٌ، فَتَمَسَّک مِن دِینِک بِما تَعلَمُ، وتَمَنَّع ـ للّهِِ أبوک ـ مِن اُنسٍ مُتَصَرِّمٍ بِالزَّمانِ، أو لِعارِضٍ مِنَ الحَدَثانِ، فَإِنَّما نَحنُ لِیومِنا ولِغَدٍ أهلُهُ.

فَأَجابَهُ حارِثَةُ بنُ أثالٍ فَقالَ: إیها عَلَیک أبا قُرَّةَ! فَإِنَّهُ لا حَظَّ فی یومِهِ لِمَن لا دَرَک لَهُ فی غَدِهِ، وَاتَّقِ اللّهَ تَجدِ اللّهَ جَلَّ وتَعالی بِحَیثُ لا مَفزَعَ إلّا إلَیهِ.

وعَرَّضتَ مُشَیدا بِذِکرِ أبی واثِلَةَ! فَهُوَ العَزیزُ المُطاعُ، الرَّحِبُ الباعُ، وإلَیکما مَعا مُلقَی الرِّحالِ، فَلَو اُضرِبَتِ التَّذکرَةُ عَن أحَدٍ لِتَبریزِ فَضلٍ لَکنتُماهُ، لکنَّها أبکارُ الکلامِ تُهدی لِأَربابِها، ونَصیحَةٌ کنتُما أحَقَّ مَن أصغی لَها . إنَّکما مَلیکا ثَمَراتِ قُلوبِنا، ووَلِیا طاعَتِنا فی دینِنا، فَالکیسَ الکیسَ ـ یا أیهَا المُعَظَمّانِ ـ عَلَیکما بِهِ، أرِیا مَقاما یدهِکما نَواحیهِ، وَاهجُرا سُنَّةَ التَّسویفِ فیما أنتُما بِعَرضِهِ.

آثِرَا اللّهَ فیما کانَ یؤثِرُکما بِالمَزیدِ مِن فَضلِهِ، ولا تَخلُدا فیما أظَلَّکما إلَی الونیةِ ، فَإِنَّهُ مَن أطالَ عِنانَ الأَمرِ أهلَکتهُ الغِرَّةُ ، ومَنِ اقتَعَدَ مَطِیةَ الحَذَرِ کانَ بِسَبیلِ أمنٍ مِنَ المَتالِفِ، ومَنِ استَنصَحَ عَقلَهُ کانَتِ العِبرَةُ لَهُ لا بِهِ، ومَن نَصَحَ للّهِِ عز و جل آنَسَهُ اللّهُ جَلَّ وتَعالی بِعِزِّ الحَیاةِ وسَعادَةِ المُنقَلَبِ.

ثُمَّ أقبَلَ عَلَی العاقِبِ مُعاتِبا، فَقالَ: وزَعَمتَ ـ أبا واثِلَةَ ـ أنَّ رادَّ ما قُلتُ أکثَرُ مِن قائِلِهِ، وأَنتَ لعَمرُو اللّهِ حَرِی ألّا یؤثَرُ هذا عَنک، فَقَد عَلِمتَ وعَلِمنا اُمَّةَ الإِنجیلِ مَعا بِسیرَةِ ما قامَ بِهِ المَسیحُ(ع) فی حَوارِیهِ، ومَن آمَنَ لَهُ مِن قَومِهِ، وهذِهِ مِنک فَهَّةٌ لا یرحَضُها إلَا التَّوبَةُ وَالإِقرارُ بِما سَبَقَ بِهِ الإِنکارُ.

فَلَمّا أتی عَلی هذَا الکلامِ صَرَفَ إلَی السَّیدِ وَجهَهُ، فَقالَ:

لا سَیفَ إلّا ذو نَبوَةٍ، ولا عَلیمَ إلّا ذو هَفوَةٍ، فَمَن نَزَعَ عَن وَهلَةٍ وأَقلَعَ فَهُوَ السَّعیدُ الرَّشیدُ، وإنَّمَا الآفَةُ فِی الإِصرارِ.

وأَعرَضتَ بِذِکرِ نَبِیینِ یخلَقانِ ـ زَعَمتَ ـ بَعدَ ابنِ البَتولِ، فَأَینَ یذهَبُ بِک عَمّا خَلَدَ فِی الصُّحفِ مِن ذِکری ذلِک؟ ألَم تَعلَم ما أنبَأَ بِهِ المَسیحُ(ع) فی بَنی إسرائیلَ، وقَولَهُ لَهُم:

«کیفَ بِکم إذا ذُهِبَ بی إلی أبی وأَبیکم، وخُلِّفَ بَعدَ أعصارٍ یخلو مِن بَعدی وبَعدِکم صادِقٌ وکاذِبٌ؟ قالوا: ومَن هُما یا مَسیحَ اللّهِ؟ قالَ: نَبِی مِن ذُرِّیةِ إسماعیلَ(ع) صادِقٌ، ومُتَنَبِّئٌ مِن بَنی إسرائیلَ کاذِبٌ، فَالصّادِقُ مُنبَعِثٌ مِنهُما بِرَحمَةٍ ومَلحَمَةٍ، یکونُ لَهُ المُلک وَالسُّلطانُ ما دامَتِ الدُّنیا، وأَمَّا الکاذِبُ فَلَهُ نَبزٌ یذکرُ بِهِ المَسیحُ الدَّجّالُ، یملِک فُواقا ثُمَّ یقتُلُهُ اللّهُ بِیدی إذا رُجِعَ بی».

قالَ حارِثَةُ: واُحَذِّرُکم یا قَومِ أن یکونَ مَن قَبلَکم مِنَ الیهودِ اُسوَةً لَکم، إنَّهُم اُنذِروا بِمَسیحَینِ؛ مَسیحِ رَحمَةٍ وهُدی، ومَسیحِ ضَلالَةٍ، وجُعِلَ لَهُم عَلی کلِّ واحِدٍ مِنهُما آیةٌ وأَمارَةٌ، فَجَحَدوا مَسیحَ الهُدی وکذَّبوا بِهِ، وآمَنوا بِمَسیحِ الضَّلالَةِ الدَّجّالِ وأَقبَلوا عَلَی انتِظارِهِ، وأَضرَبوا فِی الفِتنَةِ ورَکبُوا نَتجَها، ومِن قَبلُ نَبَذوا کتابَ اللّهِ وَراءَ ظُهورِهِم وقَتَلوا أنبِیاءَهُ وَالقَوّامینَ بِالقِسطِ مِن عِبادِهِ، فَحَجَبَ اللّهُ عز و جل عَنهُمُ البَصیرَةَ بَعدَ التَّبصِرَةِ بِما کسَبَت أیدیهِم، ونَزَعَ مُلکهُم مِنهُم بِبَغیهِم، وأَلزَمهُمُ الذِّلَّةَ وَالصَّغارَ، وجَعَلَ مُنقَلَبَهُم إلَی النّارِ.

قالَ العاقِبُ: فَما أشعَرَک ـ یا حارِ ـ أن یکونَ هذَا النَّبِی المَذکورُ فِی الکتُبِ هُوَ قاطِنُ یثرِبَ، ولَعَلَّهُ ابنُ عَمِّک صاحِبُ الیمامَةِ، فَإِنَّهُ یذکرُ مِنَ النُّبُوَّةِ ما یذکرُ مِنها أخو قُرَیشٍ، وکلاهُما مِن ذُرِّیةِ إسماعیلَ ولِجَمیعِهِما أتباعٌ وأَصحابٌ، یشهَدونَ بِنُبُوَّتِهِ ویقِرّونَ لَهُ بِرِسالَتِهِ، فَهَل تَجِدُ بَینَهُما فی ذلِک مِن فاصِلَةٍ فَتَذکرُها؟

قالَ حارِثَةُ: أجَل وَاللّهِ، أجِدُها وَاللّهِ أکبَرَ وأَبعَدَ مِمّا بَینَ السَّحابِ وَالتُّرابِ، وهِی الأَسبابُ الَّتی بِها وبِمِثلِها تَثبُتُ حُجَّةُ اللّهِ فی قُلوبِ المُعتَبِرینَ مِن عِبادِهِ لِرُسُلِهِ وأَنبِیائِهِ.

وأَمّا صاحِبُ الیمامَةِ فَیکفیک فیهِ ما أخبَرَکم بِهِ سُفَراؤُکم وغَیرُکم ، وَالمُنتَجِعَةُ مِنکم أرضَهُ، ومَن قَدِمَ مِن أهلِ الیمامَةِ عَلَیکم، ألَم یخبِروکم جَمیعا عَن رُوّادِ مُسَیلِمَةَ وسَمّاعیهِ، ومَن أوفَدَهُ صاحِبُهُم إلی أحمَدَ بِیثرِبَ، فَعادوا إلَیهِ جَمیعا بِما تَعَرَّفوا هُناک فی بَنی قیلَةَ وتَبَینوا بِهِ! قالوا: قَدِمَ عَلَینا أحمَدُ یثرِبَ وبِئارُنا ثِمادٌ ومِیاهُنا مَلِحَةٌ، وکنّا مِن قَبلِهِ لا نَستَطیبُ ولا نَستَعذِبُ، فَبَصَقَ فی بَعضِها ومَجَّ فی بَعضٍ فَعادَت عِذابا مُحلَولِیةً، وجاشَ مِنها ما کانَ ماؤُها ثِمادا فَحارَ بَحرا.

قالوا: وتَفَلَ مُحَمَّدٌ فی عُیونِ رِجالٍ ذَوی رَمَدٍ، وعَلی کلومِ رِجالٍ ذوی جِراحٍ، فَبَرَأَت لِوَقتِهِ عُیونُهُم فَمَا اشتَکوها، وَاندَمَلَت جِراحاتُهُم فَما ألِموها، فی کثیرٍ مِمّا أدَّوا ونَبَّئوا عَن مُحَمَّدٍ(ص) مِن دَلالَةٍ وآیةٍ.

وأَرادوا صاحِبَهُم مُسَیلِمَةَ عَلی بَعضِ ذلِک، فَأَنعَمَ لَهُم کارِها، وأَقبَلَ بِهِم إلی بَعضِ بِئارِهِم فَمَجَّ فیها، وکانَتِ الرَّکی مَعذوذَبَةً فَصارَت مَلِحا لا یستَطاعُ شَرابُهُ، وبَصَقَ فی بِئرٍ کانَ ماؤُها وَشَلاً فَعادَت فَلَم تَبِضَّ بِقَطرَةٍ مِن ماءٍ، وتَفَلَ فی عَینِ رَجُلٍ کانَ بِها رَمَدٌ فَعَمِیت، وعَلی جِراحٍ ـ أو قالوا: جِراحِ آخَرَ ـ فَاکتَسی جِلدَهُ بَرَصا.

فَقالوا لِمُسَیلِمَةَ فیما أبصَروا فی ذلِک مِنهُ وَاستَبرَؤوهُ، فَقالَ: وَیحَکم! بِئسَ الاُمَّةُ أنتُم لِنَبِیکم وَالعَشیرَةُ لِابنِ عَمِّکم، إنَّکم کلَّفتُمونی یا هؤُلاءِ مِن قَبلِ أن یوحی إلَی فی شَیءٍ مِمّا سَأَلتُم، وَالآنَ فَقَد اُذِنَ لی فی أجسادِکم وأَشعارِکم دونَ بِئارِکم ومِیاهِکم، هذا لِمَن کانَ مِنکم بی مُؤمِنا، وأَمّا مَن کانَ مُرتابا فَإِنَّهُ لا یزیدُهُ تَفلَتی عَلَیهِ إلّا بَلاءً، فَمَن شاءَ الآنَ مِنکم فَلیأتِ لِأَتفِلَ فی عَینِهِ وعَلی جِلدِهِ.

قالوا: ما فینا ـ وأَبیک ـ أحَدٌ یشاءُ ذلِک، إنّا نَخافُ أن یشمَتَ بِک أهلُ یثرِبَ. وأَضرَبوا عَنهُ حَمِیةً لِنَسَبِهِ فیهِم وتَذَمُّما لِمَکانِهِ مِنهُم.

فَضَحِک السَّیدُ وَالعاقِبُ حَتّی فَحَصَا الأَرضَ بِأَرجُلِهِما، وقالا: مَا النّورُ وَالظَّلامُ وَالحَقُّ وَالباطِلُ، بِأَشَدَّ تَباینا وتَفاوُتا مِمّا بَینَ هذَینِ الرَّجُلَینِ صِدقا وکذبا.

قالوا: وکانَ العاقِبُ أحَبَّ ـ مَعَ ما تَبَینَ مِن ذلِک ـ أن یشَیدَ ما فَرَطَ مِن تَفریطِ مُسَیلِمَةَ، ویؤَهِّلَ مَنزِلَتَهُ لِیجعَلَهُ لِرَسولِ اللّه(ص) کفّا ، استِظهارا بِذلِک فی بَقاءِ عِزَّتِهِ، وما طارَ لَهُ مِنَ السُّمُوِّ فی أهلِ مِلَّتِهِ، فَقالَ: ولَئِن فَخَرَ أخو بَنی حَنیفَةَ فی زَعمِهِ أنَّ اللّهَ عز و جل أرسَلَهُ، وقالَ مِن ذلِک ما لَیسَ لَهُ بِحَقٍّ، فَلَقَد بَرَّ فی أن نَقَلَ قَومَهُ مِن عِبادَةِ الأَوثانِ إلَی الإِیمانِ بِالرَّحمنِ.

قالَ حارِثَةُ: أنشُدُک بِاللّهِ الَّذی دَحاها ، وأَشرَقَ بِاسمِهِ قَمَراها، هَل تَجِدُ فیما أنزَلَ اللّهُ عز و جل فِی الکتُبِ السّالِفَةِ، یقولُ اللّهُ عز و جل:

«أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّا أنَا دَیانُ یومِ الدّینِ، أنزَلتُ کتُبی وأَرسَلتُ رُسُلی؛ لِأَستَنقِذَ بِهِم عِبادی مِن حَبائِلِ الشَّیطانِ، وجَعَلتُهُم فی بَرِیتی وأَرضی کالنُّجومِ الدَّراری فی سَمائی، یهدونَ بِوَحیی وأَمری، مَن أطاعَهُم أطاعَنی ومَن عَصاهُم فَقَد عَصانی، وإنّی لَعَنتُ ومَلائِکتی فی سَمائی وأَرضی وَالّلاعِنونَ مِن خَلقی، مَن جَحَدَ رُبوبِیتی، أو عَدَلَ بی شَیئا مِن بَرِیتی، أو کذَّبَ بِأَحَدٍ مِن أنبِیائی ورُسُلی، أو قالَ: اُوحِی إلَی و لَم یوحَ إلَیهِ شَیءٌ، أو غَمَصَ سُلطانی أو تَقَمَّصَهُ مُتَبَرِّیا، أو أکمَهَ عِبادی وأَضَلَّهُم عَنّی، ألا وإنَّما یعبُدُنی مَن عَرَفَ ما اُریدُ مِن عِبادَتی وطاعَتی مِن خَلقی، فَمَن لَ یقصِد إلَی مِنَ السَّبیلِ الَّتی نَهَجتُها بِرُسُلی، لَم یزدَد فی عِبادَتِهِ مِنّی إلّا بُعدا»؟

قالَ العاقِبُ: رُوَیدَک، فَأَشهَدُ لَقَد نَبَّأتَ حَقّا.

قالَ حارِثَةُ: فَما دونَ الحَقِّ مِن مُقنِعٍ، وما بَعدَهُ لِامرِئٍ مَفزَعٌ، ولِذلِک قُلتُ الَّذی قُلتُ.

فَاعتَرَضَهُ السَّیدُ ـ وکانَ ذا مِحالٍ وجِدالٍ شَدیدٍ ـ فَقالَ: ما أحری وما أری أخا قُرَیشٍ مُرسَلاً إلّا إلی قَومِهِ بَنی إسماعیلَ [ بـِ] ـدینِهِ، وهُوَ مَعَ ذلِک یزعُمُ أنَّ اللّهَ عز و جل أرسَلَهُ إلَی النّاسِ جَمیعا!

قالَ حارِثَةُ: أفتَعَلَمُ أنتَ ـ یا أبا قُرَّةَ ـ أنَّ مُحَمَّدا مُرسَلٌ مِن رَبِّهِ إلی قَومِهِ خاصَّةً؟ قالَ: أجَل.

قالَ: أتَشهَدُ لَهُ بِذلِک؟

قالَ: وَیحَک! وهَل یستَطاعُ دَفعُ الشَّواهِدِ؟ نَعَم، أشهَدُ غَیرَ مُرتابٍ بِذلِک، وبِذلِک شَهِدَت لَهُ الصُّحُفُ الدّارِسَةُ وَالأَنباءُ الخالِیةُ.

فَأَطرَقَ حارِثَةُ ضاحِکا ینکتُ الأَرضَ بِسَبّابَتِهِ.

قالَ السَّیدُ: ما یضحِکک یابنَ اُثالٍ؟ قالَ: عَجِبتُ فَضَحِکتُ، قالَ: أوَ عَجَبٌ ما تَسمَعُ؟ قالَ: نَعَم، العَجَبُ أجمَعُ، أ لَیسَ ـ بِالإِلهِ ـ بِعَجیبٍ مِن رَجُلٍ اُوتِی أثَرَةً مِن عِلمٍ وحِکمَةٍ یزعُمُ أنَّ اللّهَ عز و جل اصطَفی لِنُبُوَّتِهِ وَاختَصَّ بِرِسالَتِهِ وأَیدَ بِروحِهِ وحِکمَتِهِ، رَجُلاً خَرّاصا یکذِبُ عَلَیهِ، ویقولُ: اُوحِی إلَی ولَم یوحَ إلَیهِ، فَیخلِطُ ـ کالکاهِنِ ـ کذِبا بِصِدقٍ وباطِلاً بِحَقٍّ؟!

فَارتَدَعَ السَّیدُ وعَلِمَ أنَّهُ قَد وَهِلَ ، فَأَمسَک مَحجوجا.

قالوا: وکانَ حارِثَةُ بِنَجرانَ حَثیثا ، فَأَقبَلَ عَلَیهِ العاقِبُ وقَد قَطَعَهُ ما فَرَطَ إلَی السَّیدِ مِن قَولِهِ، فَقالَ لَهُ:

عَلَیک أخا بَنی قَیسِ بنِ ثَعلَبَةَ، وَ احبِس عَلَیک ذَلَقَ لِسانِک، وما لَم تَزَل تَستَحِمُّ لَنا مِن مَثابَةِ سَفَهِک، فَرُبَّ کلِمَةٍ یرفَعُ صاحِبُها بِها رَأسا قَد ألقَتهُ فی قَعرٍ مُظلِمَةٍ، ورُبَّ کلِمَةٍ لَأَمَت ورَأَبَت قُلوبا نَغلَةً ، فَدَع عَنک ما یسبِقُ إلَی القُلوبِ إنکارُهُ، وإن کانَ عِندَک ما یبینُ اعتِذارُهُ.

ثُمَّ اعلَم أنَّ لِکلِّ شَیءٍ صورَةً، وصورَةُ الإِنسانِ العَقَلُ، وصورَةُ العَقلِ الأَدَبُ، وَالأَدَبُ أدَبانِ: طباعِی ومُرتاضِی، فَأَفضَلُهُما أدَبُ اللّهِ جَلَّ جَلالُهُ، ومِن أدَبِ اللّهِ سُبحانَهُ وحِکمَتِهِ أن یری لِسُلطانِهِ حَقٌّ لَیسَ لِشَیءٍ مِن خَلقِهِ؛ لِأَنَّهُ الحَبلُ بَینَ اللّهِ وبَینَ عِبادِهِ، وَالسُّلطانُ اثنانِ: سُلطانُ مَلَکةٍ وقَهرٍ، وسُلطانُ حِکمَةٍ وشَرعٍ، فَأَعلاهُما فَوقا سُلطانُ الحِکمَةِ، قَد تَری یا هذا أنَّ اللّهَ عز و جل قَد صَنَعَ لَنا حَتّی جَعَلَنا حُکاما وقُوّاما عَلی مُلوک مِلَّتِنا، ومِن بَعدِهِم مِن حَشوَتِهِم وأَطرافِهِم، فَاعرِف لِذِی الحَقِّ حَقَّهُ أیهَا المَرءُ وخَلّاک ذَمٌّ.

ثُمَّ قالَ: وذَکرتَ أخا قُرَیشٍ وما جاءَ بِهِ مِنَ الآیاتِ وَالنُّذُرِ، فَأَطَلتَ وأَعرَضتَ، ولَقد بَرَرتَ ؛ فَنَحنُ بِمُحَمَّدٍ عالِمونَ، وبِهِ جِدّا موقِنونَ، شَهِدتُ لَقَد انتَظَمَت لَهُ الآیاتُ وَالبَیناتُ، سالِفُها وآنِفُها، إلّا آیةً هِی أشفاها وأَشرَفُها، وإنَّما مَثَلُها فیما جاءَ بِهِ کمَثلِ الرَّأسِ لِلجَسَدِ، فَما حالُ جَسَدٍ لا رَأسَ لَهُ؟! فَأَمهِل رُوَیدا نَتَجَسَّسُ الأَخبارَ ونَعتَبِرُ الآثارَ، وَلنَستَشِفَّ ما ألفَینا مِمّا اُفضِی إلَینا، فَإِن آنَسنَا الآیةَ الجامِعَةَ الخاتِمَةَ لَدَیهِ، فَنَحنُ إلَیهِ أسرَعُ ولَهُ أطوَعُ، وإلّا فَاعلَم ما تَذکرُ بِهِ النُّبُوَّةَ وَ السِّفارَةَ عَنِ الرَّبِّ الَّذی لا تَفاوُتَ فی أمرِهِ ولا تُغایرَ فی حُکمِهِ.

قالَ لَهُ حارِثَةُ: قَد نادَیتَ فَأَسمَعتَ، وقَرَعتَ فَصَدَعتَ، وسَمِعتَ وأَطَعتَ، فَما هذِهِ الآیةُ الَّتی أوحَشَ بَعدَ الأُنسَةِ فَقدُها، وأَعقَبَ الشَّک بَعدَ البَینَةِ عُدمُها؟!

وقالَ لَهُ العاقِبُ: قَد أثلَجَک أبو قُرَّةَ بِها، فَذَهَبتَ عَنها فی غَیرِ مَذهَبٍ، وحاوَرتَنا فَأَطَلتَ فی غیرِ ما طائِلٍ حِوارَنا .

قالَ حارِثَةُ: إلی ذلِک فَجَلِّهَا الآنَ لی فِداک أبی واُمّی.

قالَ العاقِبُ: أفلَحَ مَن سَلَّمَ لِلحَقِّ وصَدَعَ بِهِ ولَم یرغَب عَنهُ، وقَد أحاطَ بِهِ عِلما، فَقَد عَلِمنا وعَلِمتَ مِن أنباءِ الکتُبِ المُستَودَعَةِ عِلمَ القُرونِ، وما کانَ وما یکونُ، فَإِنَّهَا استَهَلَّت بِلِسانِ کلِّ اُمَّةٍ مِنهُم، مُعرِبَةً مُبَشِّرَةً ومُنذِرَةً بِأَحمَدَ النَّبِی العاقِبِ، الَّذی تُطَبِّقُ اُمَّتُهُ المَشارِقَ وَالمَغارِبَ، یملِک ـ وشیعَتُهُ مِن بَعدِهِ ـ مُلکا مُؤَجَّلاً یستَأثِرُ مُقتَبَلُهُم مُلکا عَلَی الأَحَمِّ مِنهُم بِذلِک النَّبِی وتَباعَةَ وبَیتا .

ویوسِع مِن بَعدِهِم اُمَّتُهُم عُدوانا وهَضما، فَیملِکونَ بِذلِک سَبتا طَویلاً، حَتّی لا یبقی بِجَزیرَةِ العَرَبِ بَیتٌ إلّا وهُوَ راغِبٌ إلَیهِم أو راهِبٌ لَهُم، ثُمَّ یدالُ بَعدَ لَأی مِنهُم، ویشعَثُ سُلطانُهُم حَدّا حَدّا، وبَیتا فَبَیتا، حَتّی تَجیءَ أمثالُ النَّغَفِ مِنَ الأَقوامِ فیهِم، ثُمَّ یملِک أمرَهُم عَلَیهِم عُبَداؤُهم وقِنُّهُم، یملِکونَ جیلاً فَجیلاً، یسیرونُ فِی النّاسِ بِالقَعسَرِیةِ خبطا خبطا، ویکونُ سُلطانُهُم سُلطانا عَضوضا ضَروسا، فَتَنقُصُ الأَرضُ حینَئِذٍ مِن أطرافِها، ویشتَدُّ البَلاءُ وتَشتَمِلُ الآفاتُ، حَتّی یکونَ المَوتُ أعَزَّ مِنَ الحَیاةِ الحَمراءِ، أو أحَبَّ حینَئِذٍ إلی أحَدِهِم مِنَ الحَیاةِ، وما ذلِک إلّا لِما یدهَونَ بِهِ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرّاءِ، وَالفِتنَةِ العَشواءِ.

وقُوّامُ الدّینِ یومَئِذٍ وزُعَماؤُهُم یومَئِذٍ اُناسٌ لَیسوا مِن أهلِهِ، فَیمُجُّ الدّینُ بِهِم وتَعفو آیاتُهُ، ویدبِرُ تَوَلِّیا وإمحاقا، فَلا یبقی مِنهُ إلَا اسمُهُ، حَتّی ینعاهُ ناعیهِ، وَالمُؤمِنُ یومَئِذٍ غَریبٌ، وَالدَّیانونَ قَلیلٌ ما هُم، حَتّی یستَأیسُ النّاسُ مِن رَوحِ اللّهِ وفَرَجِهِ إلّا أقَلُّهُم، وتَظُّنُّ أقوامٌ أن لَن ینصُرَ اللّهُ رُسُلَهُ ویحِقَّ وَعدَهُ، فَإِذا بِهِمُ الشَّصائِبُ وَالنِّقَمُ، واُخِذَ مِن جَمیعِهِم بِالکظمِ، تَلافَی اللّهُ دینَهُ، وراشَ عِبادَهُ مِن بَعدِ ما قَنَطوا بِرَجُلٍ مِن ذُرِّیةِ نَبِیهِم أحمَدَ ونَجلِهِ، یأتِی اللّهُ عز و جل بِهِ مِن حَیثُ لا یشعُرونَ، تُصَلّی عَلَیهِ السَّماواتُ وسُکانُها، وتَفرَحُ بِهِ الأَرضُ وما عَلَیها مِن سَوامٍ وطائِرٍ وأَنامٍ، وتَخرُجُ لَهُ اُمُّکم ـ یعنِی الأَرضَ ـ بَرَکتَها وزینَتَها، وتُلقِی إلَیهِ کنوزَها وأَفلاذَ کبِدِها، حَتّی تَعودَ کهَیئَتِها عَلی عَهدِ آدَمَ(ع)، وتَرفَعُ عَنهُمُ المَسکنَةَ وَالعاهاتِ فی عَهدِهِ، وَالنَّقِماتِ الَّتی کانَت تَضرِبُ بِهَا الأُمَمَ مِن قَبلُ، وتُلقی فِی البِلادِ الأَمَنَةُ، وتُنزَعُ حُمَةُ کلِّ ذاتِ حُمَةٍ، ومِخلَبُ کلِّ ذی مِخلَبٍ، ونابُ کلِّ ذی نابٍ، حَتّی أنَّ الجُوَیرِیةَ اللُّکاعَ لَتَلعَبُ بِالأُفعُوانِ فَلا یضُرُّها شَیئا، وحَتّی یکونَ الأَسَدُ فِی الباقِرِ کأَنَّهُ راعیها، وَالذِّئبُ فِی البُهَمِ کأَنَّهُ رَبُّها، ویظهِرُ اللّهُ عَبدَهُ عَلَی الدّینِ کلِّهِ فَیملِک مَقالیدَ الأَقالیمِ إلی بَیضاءِ الصّینِ، حَتّی لا یکونَ عَلی عَهدِهِ فِی الأَرضِ أجمَعِها إلّا دینُ اللّهِ الحَقُّ الَّذِی ارتَضاهُ لِعِبادِهِ، وبَعَثَ بِهِ آدَمَ بَدیعَ فِطرَتِهِ، وأَحمَدَ خاتَمِ رِسالَتِهِ، ومَن بَینَهُما مِن أنبِیائِهِ ورُسُلِهِ.

فَلَمّا أتَی العاقِبُ عَلَی اقتِصاصِهِ هذا، أقبَلَ عَلَیهِ حارِثَةُ مُجیبا، فَقالَ: أشهَدُ بِاللّهِ البَدیعِ ـ یا أیهَا النَّبیهُ الخَطیرُ وَالعَلیمُ الأَثیرُ! ـ لَقَدِ ابتَسَمَ الحَقُّ بِقَلبِک، وأَشرَقَ الجَنانُ بِعَدلِ مَنطِقِک، وتَنَزَّلَت کتُبُ اللّهِ الَّتی جَعَلَها نورا فی بِلادِهِ وشاهِدَةً عَلی عِبادِهِ بِمَا اقتَصَصتَ مِن سُطورِها حَقّا، فَلَم یخالِف طِرسٌ مِنها طِرسا، ولا رَسمٌ مِن آیاتِها رَسما، فَما بَعدَ هذا؟!

قالَ العاقِبُ: فَإِنَّک زَعَمتَ زَعمَةَ أخا قُرَیشٍ، فَکنتَ بِما تَأثِرُ مِن هذا حَقَّ غالِطٍ.

قالَ: وبِمَ؟ ألَم تَعتَرِف لَهُ بِنُبُوَّتِهِ ورِسالَتِهِ الشَّواهِدُ؟

قالَ العاقِبُ: بَلی ـ لَعَمرُو اللّهِ ـ ولکنَّهُما نَبِیانِ رَسولانِ، یعتَقِبانِ بَینَ مَسیحِ اللّهِ عز و جل وبَینَ السّاعَةِ، اشتُقَّ اسمُ أحَدِهِما مِن صاحِبِهِ: مُحَمَّدٍ وأَحمَدَ، بَشَّرَ بِأَوَّلِهِما موسی(ع) وبِثانیهِما عیسی(ع)، فَأَخو قُرَیشٍ هذا مُرسَلٌ إلی قَومِهِ، ویقفوهُ مِن بَعدِهِ ذُو المُلک الشَّدیدِ، وَالأَکلِ الطَّویلِ، یبعَثُهُ اللّهُ عز و جل خاتِما لِلدّینِ، وحُجَّةً عَلَی الخَلائِقِ أجمَعینَ، ثُمَّ تَأتی مِن بَعدِهِ فَترَةٌ تَتَزایلُ فیهَا القَواعِدُ مِن مَراسیها، فَیعیدُهَا اللّهُ عز و جل ویظهِرُهُ عَلَی الدّینِ کلِّهِ، فَیملِک هُوَ وَالمُلوک الصّالِحونَ مِن عَقِبِهِ جَمیعَ ما طَلَعَ عَلَیهِ اللَّیلُ وَالنَّهارُ، مِن أرضٍ وجَبَلٍ وبَرٍّ وبَحرٍ، یرِثونَ أرضَ اللّهِ عز و جل مُلکا کما وَرِثَهُما أو مَلَکهُمَا الأَبَوانِ آدَمُ ونوحٌ(ع). یلقَونَ ـ وهُمُ المُلوک الأَکابِرُ ـ فی مِثلِ هَیئَةِ المَساکینِ بَذاذَةً وَاستِکانَةً، فَاُولئِک الأَکرَمونَ الأَماثِلُ، لا یصلُحُ عِبادُ اللّهِ وبِلادُهُ إلّا بِهِم، وعَلَیهِم ینزِلُ عیسَی ابنُ البِکرِ(ع) عَلی آخِرِهِم، بَعدَ مَکثٍ طَویلٍ ومُلک شَدیدٍ، لا خَیرَ فِی العَیشِ بَعدَهُم. وتَردِفُهُم رَجرَجَةُ طَغامٍ فی مِثلِ أحلامِ العَصافیرِ، وعَلَیهِم تَقومُ السّاعَةُ، وإنَّما تَقومُ عَلی شِرارِ النّاسِ وأَخابِثِهِم، فَذلِک الوَعدُ الَّذی صَلّی بِهِ اللّهُ عز و جل عَلی أحمَدَ، کما صَلّی بِهِ [عَلی] خَلیلِهِ إبراهیمَ(ع) فی کثیرٍ مِمّا لِأَحمَدَ(ص) مِنَ البَراهینِ وَالتَّأییدِ، الَّذی خَبَّرَت بِهِ کتُبُ اللّهِ الأُولی.

قالَ حارِثَةُ: فَمِنَ الأَثَرِ المُستَقَرِّ عِندَک ـ أبا واثِلَةَ ـ فی هذَینِ الاِسمَینِ أنَّهُما لِشَخصَینِ؛ لِنَبِیینِ مُرسَلَینِ، فی عَصرَینِ مُختَلِفَینِ؟

قالَ العاقِبُ: أجَل.

قالَ: فَهَل یتَخالَجُک فی ذلِک رَیبٌ، أو یعرِضُ لَک فیهِ ظَنٌّ؟

قالَ العاقِبُ: کلّا وَالمَعبودِ، إنَّ هذا لَأَجلی مِن بُوحٍ ـ وأَشارَ لَهُ إلی جِرمِ الشَّمسِ المُستَدیرِ ـ.

فَأَکبَّ حارِثَةُ مُطرِقا وجَعَلَ ینکتُ فِی الأَرضِ عَجَبا، ثُمَّ قالَ: إنَّمَا الآفَةُ ـ أیهَا الزَّعیمُ المُطاعُ ـ أن یکونَ المالُ عِندَ مَن یخزِنُهُ لا مَن ینفِقُهُ، وَالسِّلاحُ عِندَ مَن یتَزَینُ بِهِ لا مَن یقاتِلُ بِهِ، وَالرَّأی عِندَ مَن یملِکهُ لا مَن ینصُرُهُ.

قالَ العاقِبُ: لَقَد أسمَعتَ ـ یا حُوَیرِثُ ـ فَأَقذَعتَ ، وطَفِقتَ فَأَقدَمتَ، فَمَهْ؟!

قالَ: اُقسِمُ بِالَّذی قامَتِ السَّماواتُ وَالأَرَضونَ بِإِذنِهِ، وغَلَبَتِ الجَبابِرَةُ بِأَمرِهِ، إنَّهُمَا اسمانِ مُشتَقّانِ لِنَفسٍ واحِدَةٍ ولِنَبِی واحِدٍ ورَسولٍ واحِدٍ ، أنذَرَ بِهِ موسَی بنُ عِمرانَ، وبَشَّرَ بِهِ عیسَی بنُ مَریمَ، ومِن قَبلِهِما أشارَ بِهِ صُحُفُ إبراهیمَ(ع).

فَتَضاحَک السَّیدُ؛ یری قَومَهُ ومَن حَضَرَهُم أنَّ ضِحکهُ هُزءٌ مِن حارِثَةَ وتَعَجُّبٌ.

وَانتَشَطَ العاقِبُ مِن ذلِک، فَأَقبَلَ عَلی حارِثَةَ مُؤَنِّبا فَقالَ: لا یغرُرک باطِلُ أبی قُرَّةَ، فَإِنَّهُ وإن ضَحِک لَک فَإِنَّما یضحَک مِنک.

قالَ حارِثَةُ: لَئِن فَعَلَها لِأَنَّها لِاءِحدَی الدَّهارِسِ أو سوءٍ ، أفَلَم تَتَعَرَّفا ـ راجَعَ اللّهُ بِکما ـ مِن مَوروثِ الحِکمَةِ: «لا ینبَغی لِلحَکیمِ أن یکونَ عَبّاسا فی غَیرِ أدَبٍ، ولا ضَحّاکا فی غَیرِ عَجَبٍ»؟ أ وَلَم یبلُغکما عَن سَیدِکمَا المَسیحِ(ع) قالَ: «فَضِحک العالِمِ فی غَیرِ حینِهِ غَفلَةٌ مِن قَلبِهِ، أو سَکرَةٌ ألهَتهُ عَمّا فی غَدِهِ»؟

قالَ السَّیدُ: یا حارِثَةُ! إنَّهُ لا یعیشُ ـ وَاللّهِ ـ أحَدٌ بِعَقلِهِ حَتّی یعیشَ بِظَنِّهِ، وإذا أنَا لَم أعلَم إلّا ما رَوَیتُ فَلا عَلِمتُ، أوَلَم یبلُغک أنتَ عَن سَیدِنَا المَسیحِ ـ عَلَینا سَلامُهُ ـ أنَّ للّهِِ عِبادا ضَحِکوا جَهرا مِن سَعَةِ رَحمَةِ رَبِّهِم، وبَکوا سِرّا مِن خیفَةِ رَبِّهِم؟

قالَ: إذا کانَ هذا فَنَعَم.

قالَ: فَما هُنا فَلیکن مَراجِمَ ظُنونِک بِعِبادِ رَبِّک، وعُد بِنا إلی ما نَحنُ بِسَبیلِهِ، فَقَد طالَ التَّنازُعُ وَالخِصامُ بَینَنا یا حارِثَةُ!

قالوا: وکانَ هذا مَجلِسا ثالِثا فی یومٍ ثالِثٍ مِنِ اجتِماعِهِم لِلنَّظَرِ فی أمرِهِم.

فَقالَ السَّیدُ: یا حارِثَةُ، ألَم ینبِئک أبو واثِلَةَ بِأَفصَحِ لَفظٍ اختَرَقَ اُذُنا، ودَعا ذلِک بِمِثلِهِ مُخبِرا، فَأَلقاک مَعَ غرماتک بِمَوارِدِهِ حَجَرا؟ وها أنَا ذا اُؤَکدُ عَلَیک التَّذکرَةَ بِذلِک مِن مَعدِنٍ ثالِثٍ، فَأَنشُدُک اللّهَ وما أنزَلَ إلی کلِمَةٍ مِن کلِماتِهِ، هَل تَجِدُ فِی الزّاجِرَةِ المَنقولَةِ مِن لِسانِ أهلِ سورِیا إلی لِسانِ العَرَبِ، یعنی صَحیفَةَ شَمعونَ بنِ حَمّونَ الصَّفَا الَّتی تَوارَثَها عَنهُ أهلُ النَّجرانِ؟!

قالَ السَّیدُ: أ لَم یقُل ـ بَعدَ نَبذٍ طَویلٍ مِن کلامٍ ـ:

«فَإذا طبّقت وقُطِّعَتِ الأَرحامُ، وعَفَتِ الأَعلامُ، بَعَثَ اللّهُ عَبدَهُ الفارِقلیطا بِالرَّحمَةِ وَالمَعدِلَةِ. قالوا: ومَا الفارِقلیطا یا مَسیحَ اللّهِ؟ قالَ: أحمَدُ النَّبِی الخاتِمُ الوارِثُ، ذلِک الَّذی یصَلّی عَلَیهِ حَیا ویصَلّی عَلَیهِ بَعدَما یقبِضُهُ إلَیهِ، بِابنِهِ الطّاهِرِ الخایرِ، ینشُرُهُ اللّهُ فی آخِرِ الزَّمانِ، بَعدَمَا انقَضَّت عُرَی الدّینِ، وخَبَتَ مَصابیحُ النّاموسِ، وأفِلَت نُجومُهُ، فَلا یلبَثُ ذلِک العَبدُ الصّالِحُ إلّا أمَما حَتّی یعودَ الدّینُ بِهِ کما بَدَأَ، ویقِرُّ اللّهُ عز و جل سُلطانَهُ فی عَبدِهِ، ثُمَّ فِی الصّالِحینَ مِن عَقِبِهِ، وینشُرُ مِنهُ حَتّی یبلُغَ مُلکهُ مُنقَطَعَ التُّرابِ»؟

قالَ حارِثَةُ: کلُّ ما قَد أنشَدتُما حَقٌّ، لا وَحشَةَ مَعَ الحَقِّ، ولا اُنسَ فی غَیرِهِ، فَمَه؟!

قالَ السَّیدُ: فَإِنَّ مِنَ الحَقِّ أن لا حَظَّ فی هذِهِ الأُکرومَةِ لِلأَبتَرِ.

قالَ حارِثَةُ: إنَّهُ لَکذلِک، ولَیسَ بِمُحَمَّدٍ(ص).

قالَ السَّیدُ: إنَّک ما عَمِلَت إلّا لُدّا ، ألَم یخبِرنا سَفرُنا وأَصحابُنا فیما تَجَسَّسنا مِن خَبَرِهِ، أنَّ وَلَدَیهِ الذَّکرَینِ ـ القُرَشِیةَ وَالقِبطِیةَ ـ بادا، وغودِرَ مُحَمَّدٌ کقَرنِ الأَعضَبِ ، موفٍ عَلی ضَریحِهِ، فَلَو کانَ لَهُ بَقِیةٌ لَکانَ لَک بِذلِک مَقالاً، إذا وَلَّت أنباؤُهُ الَّذی تَذکرُ.

قالَ حارِثَةُ: العِبَرُ ـ لَعَمرُو اللّهِ ـ کثیرَةٌ، وَالاِعتِبارُ بِها قَلیلٌ، وَالدَّلیلُ موفٍ عَلی سُنَنِ السَّبیلِ إن لَم یعشُ عَنهُ ناظِرٌ، وکما أنَّ أبصارَ الرَّمِدَةِ لا تَستَطیعُ النَّظَرَ فی قُرصِ الشَّمسِ لِسُقمِها، فَکذلِک البَصائِرُ القَصیرَةُ لا تَتَعَلَّقُ بِنورِ الحِکمَةِ لِعَجزِها، ألا ومَن کانَ کذلِک فَلَستُماهُ ـ وأَشارَ إلَی السَّیدِ وَالعاقِبِ ـ إنَّکما ـ ویمینُ اللّهِ ـ لَمَحجوجانِ بِما آتاکمَا اللّهُ عز و جل مِن میراثِ الحِکمَةِ، وَاستَودَعَکما مِن بَقایا الحُجَّةِ، ثُمَّ بِما أوجَبَ لَکما مِنَ الشَّرَفِ وَالمَنزِلَةِ فِی النّاسِ، فَقَد جَعَلَ اللّهُ عز و جل مَن آتاهُ سُلطانا مُلوکا لِلنّاسِ وأَربابا، وجَعَلَکما حَکما وقُوّاما عَلی مُلوک مِلَّتِنا، وذادَةً لَهُم یفزَعونَ إلَیکما فی دینِهِم ولا تَفزَعانِ إلَیهِم، وتَأمُرانِهِم فَیأتَمِرونَ لَکما، وحَقٌّ لِکلِّ مَلِک أو مُوَطَّإِ الأَکنافِ، أن یتَواضَعَ للّهِِ عز و جل إذ رَفَعَهُ، وأَن ینصَحَ للّهِِ عز و جل فی عِبادِهِ، ولا یدَّهِنَ فی أمرِهِ.

وذَکرتُما مُحَمَّدا بِما حَکمَت لَهُ الشَّهاداتُ الصّادِقَةُ، وبَینَتهُ فیهِ الأَسفارُ المُستَحفَظَةُ، ورَأَیتُماهُ مَعَ ذلِک مُرسَلاً إلی قَومِهِ لا إلَی النّاسِ جَمیعاً، وأَن لَیسَ بِالخاتِمِ الحاشِرِ ولَا الوارِثِ العاقِبِ؛ لِأَنَّکما زَعَمتُماهُ أبتَرَ، ألَیسَ کذلِک؟

قالا: نَعَم.

قالَ: أ رَأَیتُکما لَو کانَ لَهُ بَقِیةٌ وعَقِبٌ هَل کنتُما مُمتَرِیانِ ـ لِما تَجِدانِ وبِما تُکذِّبانِ مِنَ الوَراثَةِ وَالظُّهورِ عَلَی النَّوامیسِ ـ أنَّهُ النَّبِی الخاتِمُ، وَالمُرسَلُ إلی کافَّةِ البَشَرِ؟

قالا: لا.

قالَ: أفَلَیسَ هذَا القیلُ لِهذِهِ الحالِ مَعَ طولِ اللَّوائِمِ وَالخَصائِمِ عِندَکما مُستَقَرّا؟

قالا: أجَل.

قالَ: اللّهُ أکبَرُ.

قالا: کبَّرتَ کبیرا، فَما دَعاک إلی ذلِک؟

قالَ حارِثَةُ: الحَقُّ أبلَجُ ، وَالباطِلُ لَجلَجٌ، ولَنَقلُ ماءِ البَحرِ ولَشَقُّ الصَّخرِ أهوَنُ مِن إماتَةِ ما أحیاهُ اللّهُ عز و جل وإحیاءِ ما أماتَهُ. الآنَ فَاعلَما أنَّ مُحَمَّدا غَیرُ أبتَرٍ، وأنَّهُ الخاتِمُ الوارِثُ، وَالعاقِبُ الحاشِرُ حَقّا، فَلا نَبِی بَعدَهُ، وعَلی اُمَّتِهِ تَقومُ السّاعَةُ، ویرِثُ اللّهُ الأَرضَ ومَن عَلَیها، وأَنَّ مِن ذُرِّیتِهِ الأَمیرُ الصّالِحُ الَّذی بَینتُما ونَبَأّتُما أنَّهُ یملِک مَشارِقَ الأَرضِ ومَغارِبَها، ویظهِرُهُ اللّهُ عز و جل بِالحَنیفِیةِ الإِبراهیمِیةِ عَلَی النَّوامیسِ کلِّها.

قالا: أولی لَک یا حارِثَةُ! لَقَد أغفَلناک، وتَأبی إلّا مُراوَغَةً کالثَّعالِبَةِ، فَما تَسأَمُ المُنازَعَةَ، ولا تَمَلُّ مِنَ المُراجَعَةِ، ولَقَد زَعَمتَ مَعَ ذلِک عَظیما! فَما بُرهانُک بِهِ؟

قالَ: أما ـ وجَدِّکما ـ لَأُنَبِئُّکما بِبُرهانٍ یجیرُ مِنَ الشُّبهَةِ، ویشفی بِهِ جَوَی الصُّدورِ. ثُمَّ أقبَلَ عَلی أبی حارِثَةَ حُصَینِ بنِ عَلقَمَةَ شَیخِهِم واُسقُفِّهِمُ الأَوَّلِ، فَقالَ: إن رَأَیتَ أیهَا الأَبُ الأَثیرُ أن تُؤنِسَ قُلوبَنا وتُثلِجَ صُدورَنا بِإِحضارِ الجامِعَةِ وَالزّاجِرَةِ.

قالوا: وکانَ هذَا المَجلِسُ الرّابِعُ مِنَ الیومِ الرّابِعِ، وذلِک لَمّا حَلَّقَتِ الشَّمسُ ، وفی زَمَنِ قَیظٍ شَدیدٍ، فَأَقبَلا عَلی حارِثَةَ فَقالا: أرجِ هذا إلی غَدٍ؛ فَقَد بَلَغَتِ القُلوبُ مِنّا الصُّدورَ.

فَتَفَرَّقوا عَلی إحضارِ الزّاجِرَةِ وَالجامِعَةِ مِن غَدٍ، لِلنَّظَرِ فیهِما وَالعَمَلِ بِما یتَراءانِ مِنهُما. فَلَمّا کانَ مِنَ الغَدِ صارَ أهلُ نَجرانَ إلی بِیعَتِهِم؛ لِاعتِبارِ ما أجمَعَ صاحِباهُم مَعَ حارِثَةَ عَلَی اقتِباسِهِ وتَبَینِهِ مِنَ الجامِعَةِ، ولَمّا رَأَی السَّیدُ وَالعاقِبُ اجتِماعَ النّاسِ لِذلِک، قُطِعَ بِهِما؛ لِعِلمِهِما بِصَوابِ قَولِ حارِثَةَ، وَاعتَرَضاهُ لِیصُدّانِهِ عَن تَصَفُّحِ الصُّحُفِ عَلی أعینِ النّاسِ، وکانا مِن شَیاطینِ الإِنسِ.

فَقالَ السَّیدُ: إنَّک قَد أکثَرتَ وأَملَلتَ، قُضَّ الحَدیثَ لَنا مَعَ قَصِّهِ ، ودَعنا مِن تِبیانِهِ.

فَقالَ حارِثَةُ: وهَل هذا إلّا مِنک وصاحِبِک؟ فَمِنَ الآنِ فَقولا ما شِئتُما.

فَقالَ العاقِبُ: ما مِن مَقالٍ إلّا قُلنا، وسَنَعودُ فَنُخَبِّرُ بَعضَ ذلِک تَخبیرا، غَیرَ کاتِمینَ للّهِِ عز و جل مِن حُجَّةٍ، ولا جاحِدینَ لَهُ آیةً، ولا مُفتَرینَ مَعَ ذلِک عَلَی اللّهِ عز و جل لِعَبدٍ أنَّهُ مُرسَلٌ مِنهُ ولَیسَ بِرَسولِهِ، فَنَحنُ نَعتَرِفُ ـ یا هذا ـ بِمُحَمَّدٍ(ص) أنَّهُ رَسولٌ مِنَ اللّهِ عز و جل إلی قَومِهِ مِن بَنی إسماعیلَ(ع)، فی غَیرِ أن تَجِبَ لَهُ بِذلِک عَلی غَیرِهِم مِن عُربِ النّاسِ ولا أعاجِمِهم تِباعَةٌ ولا طاعَةٌ، بِخُروجٍ لَهُ عَن مِلَّةٍ ولا دُخولٍ مَعَهُ فی مِلَّةٍ، إلَا الإِقرارَ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسالَةِ إلی أعیانِ قَومِهِ ودینِهِ.

قالَ حارِثَةُ: وبِم شَهِدتُما لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَالأَمرِ؟

قالا: حَیثُ جاءَتنا فیهِ البَینَةُ مِن تَباشیرِ الأَناجیلِ وَالکتُبِ الخالِیةِ.

فَقالَ: مُنذُ وَجَبَ هذا لِمُحَمَّدٍ(ص) عَلَیکما فی طَویلِ الکلامِ وقَصیرهِ، وبَدئِهِ وعَودِهِ، فَمِن أینَ زَعَمتُما أنَّهُ لَیسَ بِالوارِثِ الحاشِرِ، ولَا المُرسَلِ إلی کافَّةِ البَشَرِ؟

قالا: لَقَد عَلِمتَ وعَلِمنا، فَما نَمتَری بِأَنَّ حُجَّةَ اللّهِ عز و جل لَم ینتَهِ أمرُها، وأَنَّها کلِمَةُ اللّهِ جارِیةٌ فِی الأَعقابِ مَا اعتَقَبَ اللَّیلُ وَالنَّهارُ وما بَقِی مِنَ النّاسِ شَخصانِ، وقَد ظَنَنّا مِن قَبلُ أنَّ مُحَمَّدا(ص) رَبُّها ، وأَنَّهُ القائِدُ بِزِمامِها، فَلَمّا أعقَمَهُ اللّهُ عز و جل بِمَهلِک الذُّکورَةِ مِن وُلدِهِ عَلِمنا أنَّهُ لَیسَ بِهِ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدا أبتَرُ، وحُجَّةَ اللّهِ عز و جل الباقِیةَ ونَبِیهُ الخاتِمَ ـ بِشَهادَةِ کتُبِ اللّهِ عز و جل المُنزَلَةِ ـ لَیسَ بِأَبتَرَ، فَإِذاً هُوَ نَبِی یأتی ویخلَدُ بَعدَ مُحَمَّدٍ(ص)، اشتُقَّ اسمُهُ مِنِ اسمِ مُحَمَّدٍ، وهُوَ أحمَدُ الَّذی نَبَّأَ المَسیحُ(ع) بِاسمِهِ وبِنُبُوَّتِهِ ورِسالاتِهِ الخاتِمَةِ، ویملِک ابنُهُ القاهِرُ الجامِعَةَ لِلنّاسِ جَمیعا عَلی ناموسِ اللّهِ عز و جل الأَعظَمِ، لَیسَ بِمَظهَرَةِ دینِهِ ولکنَّهُ مِن ذُرِّیتِهِ وعَقِبِهِ، یملِک قُرَی الأَرضِ وما بَینَهُما مِن لوبٍ وسَهلٍ وصَخرٍ وبَحرٍ، مُلکا مُوَرَّثا مُوَطَّأً، وهذا نَبَأٌ أحاطَت سَفَرَةُ الأَناجیلِ بِهِ عِلما، وقَد أوسَعناک بِهذَا القیلِ سَمعا، وعُدنا لَک بِهِ آنِفَةً بَعدَ سالِفَةٍ، فَما إربُک إلی تِکرارِهِ.

قالَ حارِثَةُ: قَد أعلَمُ أنّی وإیاکما فی رَجعٍ مِنَ القَولِ مُنذُ ثَلاثٍ؛ وما ذاک إلّا لِیذکرَ ناسٍ ویرجِعَ فارِطٌ وتَظهَرَ لَنَا الکلِمُ. وذَکرتُما نَبِیینِ یبعَثانِ یعتَقِبانِ بَینَ مَسیحِ اللّهِ عز و جل وَالسّاعَةِ؛ قُلتُما: وکلاهُما مِن بَنی إسماعیلَ، أوَّلُهُما : مُحَمَّدٌ بِیثرِبَ، وثانیهِما: أحمَدُ العاقِبُ. وأَمّا مُحَمَّدٌ(ص) ـ أخو قُرَیشٍ ـ هذَا القاطِنُ بِیثرِبَ فَأَنَا به حَقٌّ مُؤمِنٌ، أجَل وهُوَ ـ وَالمَعبودِ ـ أحمَدُ الَّذی نَبَّأَت بِهِ کتُبُ اللّهِ عز و جل، ودَلَّت عَلَیهِ آیاتُهُ، وهُوَ حُجَّةُ اللّهِ عز و جل، ورَسولُهُ(ص) الخاتِمُ الوارِثُ حَقّا، ولا نُبُوَّةَ ولا رَسولَ للّهِِ عز و جل ولا حُجَّةَ بَینَ ابنِ البَتولِ وَالسَّاعَةِ غَیرُهُ، بَلی ومَن کانَ مِنهُ مِنِ ابنَتِهِ البُهلولَةِ الصِّدّیقَةِ، فَأَنتُما بِبَلاغِ اللّهِ إلَیکما مِن نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ(ص) فی أمرٍ مُستَقَرٍّ، ولَولَا انقِطاعِ نَسلِهِ لَمَا ارتَبتُما فیما زَعَمتُما بِهِ أنَّهُ السّابِقُ العاقِبُ؟

قالا: أجَل، إنَّ ذلِک لَمِن أکبَرِ أماراتِهِ عِندَنا.

قالَ: فَأَنتُما ـ وَاللّهِ ـ فیما تَزعُمانِ مِن نَبِی ثانٍ مِن بَعدِهِ فی أمرٍ مُلتَبَسٍ، وَالجامِعَةُ تَحکمُ فی ذلِک بَینَنا.

فَتَنادَی النّاسُ مِن کلِّ ناحِیةٍ، وقالوا: الجامِعَةَ ـ یا أبا حارِثَةَ! ـ الجامِعَةَ؛ وذلِک لِما مَسَّهُم فی طولِ تَحاوُرِ الثَّلاثَةِ مِنَ السَّأمَةِ وَالمَلَلِ، وظَنَّ القَومُ مَعَ ذلِک أنَّ الفَلجَ لِصاحِبَیهِما لِما کانا یدَّعِیانِ فی تِلک المَجالِسِ مِن ذلِک. فَأَقبَلَ أبو حارِثَةَ إلی عِلجٍ واقِفٍ مِنهُ [أمَما] ، فَقالَ: اِمضِ یا غُلامُ فَائتِ بِها. فَجاءَ بِالجامِعَةِ یحمِلُها عَلی رَأسِهِ وهُوَ لا یکادُ یتَماسَک بِها لِثِقَلِها.

قالَ: فَحَدَّثَنی رَجُلُ صِدقٍ مِنَ النَّجرانِیةِ ـ مِمَّن کانَ یلزَمُ السَّیدَ وَالعاقِبَ، ویحِفُّ لَهُما فی بَعضِ اُمورِهِما، ویطَّلِعُ عَلی کثیرٍ مِن شَأنِهِما ـ قالَ: لَمّا حَضَرَتِ الجامِعَةُ بَلَغَ ذلِک مِنَ السَّیدِ وَالعاقِبِ کلَّ مَبلَغٍ؛ لِعِلمِهِما بِما یهجُمانِ عَلَیهِ فی تَصَفُّحِهِما مِن دَلائِلِ رَسولِ اللّهِ(ص) وصِفَتِهِ، وذِکرِ أهلِ بَیتِهِ وأَزواجِهِ وذُرِّیتِهِ، وما یحدُثُ فی اُمَّتِهِ وأَصحابِهِ مِن بَوائِقِ الاُمورِ مِن بَعدِهِ إلی فَناءِ الدُّنیا وَانقِطاعِها.

فَأَقبَلَ أحَدُهُما عَلی صاحِبِهِ فَقالَ: هذا یومٌ ما بورِک لَنا فی طُلوعِ شَمسِهِ! لَقَد شَهِدَتهُ أجسامُنا وغابَت عَنهُ آراؤُنا بِحُضورِ طَغامِنا وسَفَلَتِنا، ولَقَلَّما شَهِدَ سُفَهاءُ قَومٍ مَجمَعَةً إلّا کانَت لَهُمُ الغَلَبَةُ.

قالَ الآخَرُ: فَهُم شَرُّ غالِبٍ لِمَن غَلَبَ، إنَّ أحَدَهُم لَیفیقُ بِأَدنی کلِمَةٍ، ویفسُدُ فی بَعضِ ساعَةٍ، ما لا یستَطیعُ الآسِی الحَلیمُ لَهُ رَتقا، ولَا الخَوَلِی النَّفیسُ إصلاحا لَهُ فی حَولٍ مُحَرَّمٍ؛ ذلِک لِأَنَّ السَّفیهَ هادِمٌ وَالحَلیمَ بانٍ، وشَتّانَ بَینَ البِناءِ وَالهَدمِ.

قالَ: فَانتَهَزَ حارِثَةُ الفُرصَةَ فَأَرسَلَ فی خُفیةٍ وسِرٍّ إلَی النَّفَرِ مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ(ص) فَاستَحضَرَهُمُ استِظهارا بِمَشهَدِهِم، فَحَضَروا، فَلَم یستَطِعِ الرَّجُلانِ فَضَّ ذلِک المَجلِسِ ولا إرجاءَهُ، وذلِک لِما تَبَینا مِن تَطَلُّعِ عامَّتِهِما مِن نَصاری نَجرانَ إلی مَعرِفَةِ ما تَضَّمَنَتِ الجامِعَةُ مِن صِفَةِ رَسولِ اللّهِ(ص) وَانبِعاثِهِم لَهُ مَعَ حُضورِ رُسُلِ رَسولِ اللّهِ(ص) لِذلِک، وتَألیبِ حارِثَةَ عَلَیهِما فیهِ، وصَغوِ أبی حارِثَةَ شَیخِهِم إلَیهِ.

قالَ: قالَ لی ذلِک الرَّجُلُ النَّجرانِی: فَکانَ الرَّأی عِندَهُما أن ینقادا لِما یدهِمُهُما مِن هذَا الخَطبِ، ولا یظهِرانِ شِماسا مِنهُ و لا نُفورا؛ حَذارِ أن یطرَقا الظِّنَّة فیهِ إلَیهِما، وأَن یکونا أیضا أوَّلَ مُعتَبِرٍ لِلجامِعَةِ ومُستَحِثٍّ لَها؛ لِئَلّا یفتاتَ فی شَیءٍ مِن ذاک المَقامِ وَالمَنزِلَةِ عَلَیهِما، ثُمَّ یستبینَ أنَّ الصَّوابَ فِی الحالِ ویستَنجِدانِهِ لِیأخُذانِ بِمَوجِبِهِ. فَتَقَدَّما لِما تَقَدَّمَ فی أنفُسِهِما مِن ذلِک إلَی الجامِعَةِ ـ وهِی بَینَ یدَی أبی حارِثَةَ ـ، وحاذاهُما حارِثَةُ بنُ أثالٍ، وتَطاوَلَت إلَیهِما فیهِ الأَعناقُ، وحَفَّت رُسُلُ رَسولِ اللّهِ(ص) بِهِم.

فَأَمَرَ أبو حارِثَةَ بِالجامِعَةِ فَفُتِحَ طَرَفُها، وَاستُخرِجَ مِنها صَحیفَةُ آدَمَ الکبرَی المُستَودَعَةُ عِلمَ مَلَکوتِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ جَلالُهُ، وما ذَرَأَ وما بَرَأَ فی أرضِهِ وسَمائِهِ، وما وَصَلَهُما جَلَّ جَلالُهُ بِهِ مِن ذِکرِ عالَمَیهِ؛ وهِی الصَّحیفَةُ الَّتی وَرِثَها شَیثٌ مِن أبیهِ آدَمَ(ع)، عَمّا دَعا مِنَ الذِّکرِ المَحفوظِ. فَقَرَأَ القَومُ السَّیدُ وَالعاقِبُ وحارِثَةُ فِی الصَّحیفَةِ؛ تَطَلُّبا لِما تَنازَعوا فیهِ مِن نَعتِ رَسولِ اللّهِ(ص) وصِفَتِهِ، ومَن حَضَرَهُم یومَئِذٍ مِنَ النّاسِ إلَیهِم، مُضِجّونَ مُرتَقِبونَ لِما یستَدرَک مِن ذِکری ذلِک، فَأَلفَوا فِی المِسباحِ الثّانی مِن فَواصِلِها :

«بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ، أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّا أنَا الحَی القَیومُ، مُعَقِّبُ الدُّهورِ، وفاصِلُ الاُمورِ، سَبَقتُ بِمَشِیتِی الأَسبابَ، وذَلَّلتُ بِقُدرَتِی الصِّعابَ، فَأَنَا العَزیزُ الحَکیمُ، الرَّحمنُ الرَّحیمُ، اِرحَم تُرحَم، سَبَقَت رَحمَتی غَضَبی، وعَفوی عُقوبَتی، خَلَقتُ عِبادی لِعِبادَتی، وأَلزَمتُهُم حُجَّتی، ألا إنّی باعِثٌ فیهِم رُسُلی، ومُنزِلٌ عَلَیهِم کتُبی، اُبرِمُ ذلِک مِن لَدُن أوَّلِ مَذکورٍ مِن بَشَرٍ، إلی أحمَدَ نَبِیی وخاتِمِ رُسُلی، ذاک الَّذی أجعَلُ عَلَیهِ صَلَواتی، وأسلُک فی قَلبِهِ بَرَکاتی، وبِهِ اُکمِلُ أنبِیائی ونُذُری.

قالَ آدَمُ(ع): إلهی! مَن هؤُلاءِ الرُّسُلُ؟ ومَن أحمَدُ هذَا الَّذی رَفَعتَ وشَرَّفتَ؟

قالَ: کلٌّ مِن ذُرِّیتِک، وأَحمَدُ عاقِبُهُم.

قالَ: رَبِّ! بِما أنتَ باعِثُهُم ومُرسِلُهُم؟

قالَ: بِتَوحیدی، ثُمَّ اُقَفّی ذلِک بِثَلاثِمِئَةٍ وثَلاثینَ شَریعَةً، أنظُمُها واُکمِلُها لِأَحمَدَ جَمیعا، فَأَذِنتُ لِمَن جاءَنی بِشَریعَةٍ مِنها مَعَ الإِیمانِ بی وبِرُسُلی أن اُدخِلَهُ الجَنَّةَ».

ثُمَّ ذَکرَ ما جُملَتُهُ أنَّ اللّهَ تَعالی عَرَضَ عَلی آدَمَ(ع) مَعرِفَةَ الأَنبِیاءِ(ع) وذُرِّیتِهِم، ونَظَرَ إلَیهِم آدَمُ، ثُمَّ قالَ ما هذا لَفظُهُ:

«ثُمَّ نَظَرَ آدَمُ(ع) إلی نورٍ قَد لَمَعَ فَسَدَّ الجَوَّ المُنخَرِقَ، فَأَخَذَ بِالمَطالِعِ مِنَ المَشارِقِ، ثُمَّ سَری کذلِک حَتّی طَبَّقَ المَغارِبَ، ثُمَّ سَما حَتّی بَلَغَ مَلَکوتَ السَّماءِ، فَنَظَرَ فَإِذا هُوَ نورُ مُحَمَّدٍ رَسولِ اللّهِ(ص)، وإذَا الأَکنافُ بِهِ قَد تَضَوَّعَت طیبا، وإذا أنوارٌ أربَعَةٌ قَدِ اکتَنَفَتَهُ عَن یمینِهِ وشِمالِهِ ومِن خَلفِهِ وأَمامِهِ، أشبَهُ شَیءٍ بِهِ أرجا ونورا، ویتلوها أنوارٌ مِن بَعدِها تَستَمِدُّ مِنها، وإذا هِی شَبیهَةٌ بِها فی ضِیائِها وعِظَمِها ونَشرِها، ثُمَّ دَنَت مِنها فَتَکلَّلَت عَلَیها وحَفَّت بِها.

ونَظَرَ فَإِذا أنوارٌ مِن بَعدِ ذلِک فی مِثلِ عَدَدِ الکواکبِ، ودونَ مَنازِلِ الأَوائِلِ جِدّا جِدّا، وبَعضُ هذِهِ أضوَأُ مِن بَعضٍ، وهِی فی ذلِک مُتَفاوِتَةٌ جِدّا، ثُمَّ طَلَعَ عَلَیهِ سَوادٌ کاللَّیلِ وکالسَّیلِ، ینسِلونَ مِن کلِّ وِجهَةٍ وأَوبٍ ، فَأَقبَلوا کذلِک حَتّی مَلَؤُوا القاعَ وَالأَکمَ، فَإِذا هُم أقبَحُ شَیءٍ صُوَرا وهَیئَةً، وأَنتَنُهُ ریحا، فَبَهَرَ آدَمُ(ع) ما رَأی مِن ذلِک، وقالَ: یا عالِمَ الغُیوبِ وغافِرَ الذُّنوبِ، ویا ذَا القُدرَةِ القاهِرَةِ وَالمَشِیةِ الغالِبَةِ! مَن هذَا الخَلقُ السَّعیدُ الَّذی کرَّمتَ ورَفَعتَ عَلَی العالَمینَ، ومَن هذِهِ الأَنوارُ المُنیفَةُ المُکتَنِفَةُ لَهُ؟

فَأَوحَی اللّهُ عز و جل إلَیهِ: یا آدَمُ، هذا وهؤُلاءِ وَسیلَتُک ووَسیلَةُ مَن أسعَدتُ مِن خَلقی، هؤُلاءِ السّابِقونَ المُقَرَّبونَ وَالشّافِعونَ المُشَفَّعونَ، و هذا أحمَدُ سَیدُهُم وسَیدُ بَرِیتِی، اختَرتُهُ بِعِلمی، وَاشتَقَقتُ اسمَهُ مِن اِسمی، فَأَنَا المَحمودُ وهُوَ مُحَمَّدٌ، وهذا صِنوُهُ ووَصِیهُ، آزَرتُهُ بِهِ، وجَعَلتُ بَرَکاتی وتَطهیری فی عَقِبِهِ، وهذِهِ سَیدَةُ إمائی وَالبَقِیةُ فی عِلمی مِن أحمَدَ نَبِیی، وهذانِ السِّبطانِ وَالخَلَفانِ لَهُم، وهذِهِ الأَعیانُ المُضارِعُ نورُها أنوارَهُم بَقِیةٌ مِنهُم، ألا إنَّ کلّاً اصطَفَیتُ وطَهَّرتُ، وعَلی کلٍّ بارَکتُ وتَرَحَّمتُ، فَکلّاً بِعِلمی جَعَلتُ قُدوَةَ عِبادی ونورَ بِلادی.

ونَظَرَ فَإِذا شَبَحٌ فی آخِرِهِم یزهَرُ فی ذلِک الصَّفیحِ کما یزهَرُ کوکبُ الصُّبحِ لِأَهلِ الدُّنیا، فَقالَ اللّهُ تَبارَک وتَعالی: وبِعَبدی هذَا السَّعیدِ أفُک عَن عِبادِی الأَغلالَ، وأَضَعُ عَنهُمُ الآصارَ، وأَملَأُ أرضی بِهِ حَنانا و رَأفَةً وعَدلاً، کما مُلِئَت مِن قَبلِهِ قَسوَةً وقَشعَرِیةً وجَوراً.

قالَ آدَمُ(ع): رَبِّ! إنَّ الکریمَ مَن کرَّمتَ، وإنَّ الشَّریفَ مَن شَرَّفتَ، وحُقَّ ـ یا إلهی ـ لِمَن رَفَعتَ وأَعلَیتَ أن یکونَ کذلِک، فَیا ذَا النِّعَمِ الَّتی لا تَنقَطِعُ، وَالإِحسانِ الَّذی لا یجازی ولا ینفَدُ، بِمَ بَلَغَ عِبادُک هؤُلاءِ العالونَ هذِهِ المَنزِلَةَ مِن شَرَفِ عَطائِک وعَظیمِ فَضلِک وحِبائِک، وکذلِک مَن کرَّمتَ مِن عِبادِک المُرسَلینَ؟

قالَ اللّهُ تَبارَک وتَعالی: إنّی أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّا أنَا الرَّحمنُ الرَّحیمُ العَزیزُ الحَکیمُ، عالِمُ الغُیوبِ ومُضمَراتِ القُلوبِ، أعلَمُ ما لَم یکن مِمّا یکونُ کیفَ یکونُ، وما لا یکونُ کیفَ لَو کانَ یکونُ، وإنِّی اطَّلَعتُ ـ یا عَبدی ـ فی عِلمی عَلی قُلوبِ عِبادی، فَلَم أرَ فیهِم أطوَعَ لی ولا أنصَحَ لِخَلقی مِن أنبِیائی ورُسُلی، فَجَعَلتُ لِذلِک فیهِم روحی وکلِمَتی، وأَلزَمتُهُم عِب ءَ حُجَّتی، وَاصطَفَیتُهُم عَلَی البَرایا بِرِسالَتی ووَحیی . ثُمَّ ألقَیتُ بِمَکانَتِهِم تِلک فی مَنازِلِهِم حَوامَّهُم وأَوصِیاءَهُم مِن بَعدِهم [فَأَلحَقتُهُم بِأَنبِیائی ورُسُلی، وجَعَلتُهُم مِن بَعدِهِم] وَدائِعَ حُجَّتی، وَالسّادَةَ فی بَرِیتی؛ لِأَجبُرَ بِهِم کسرَ عِبادی، واُقیمَ بِهِم أَوَدَهُم، ذلِک أنّی بِهِم وبِقُلوبِهِم لَطیفٌ خَبیرٌ.

ثُمَّ اطَّلَعتُ عَلی قُلوبِ المُصطَفَینَ مِن رُسُلی، فَلَم أجِد فیهِم أطوَعَ ولا أنصَحَ لِخَلقی مِن مُحَمَّدٍ خِیرَتی وخالِصَتی، فَاختَرتُهُ عَلی عِلمٍ، ورَفَعتُ ذِکرَهُ إلی ذِکری، ثُمَّ وَجَدتُ قُلوبَ حامَّتِهِ اللّاتی مِن بَعدِهِ عَلی صِبغَةِ قَلبِهِ، فَأَلحَقتُهُم بِهِ، وجَعَلتُهُم وَرَثَةَ کتابی ووَحیی، وأَوکارَ حِکمَتی ونوری، وآلَیتُ بی ألّا اُعَذِّبَ بِناری مَن لَقِینی مُعتَصِما بِتَوحیدی، وحَبلِ مَوَدَّتِهِم أبَدا».

ثُمَّ أمَرَهُم أبو حارِثَةَ أن یصیروا إلی صَحیفَةِ شَیثٍ الکبرَی، الَّتِی انتَهی میراثُها إلی إدریسَ النَّبِی(ع)، قالَ: وکانَ کتابَتُها بِالقَلَمِ السُّریانِی القَدیمِ، وهُوَ الَّذی کتِبَ بِهِ مِن بَعدِ نوحٍ(ع) مِن مُلوک الهیاطلة وهُمُ النَّمادِرَةُ.

قالَ: فَاقتَصَّ القَومُ الصَّحیفَةَ وأَفضَوا مِنها إلی هذَا الرَّسمِ، قالَ:

«اِجتَمَعَ إلی إدریسَ(ع) قَومُهُ وصَحابَتُهُ ـ وهُوَ یومَئِذٍ فی بَیتِ عِبادَتِهِ مِن أرضِ کوفانَ ـ فَخَبَّرَهُم فیمَا اقتَصَّ عَلَیهِم، قالَ: إنَّ بَنی أبیکم آدَمَ(ع) الصُّلبِیةَ وبَنی بَنیهِ وذُرِّیتَهُ، اختَصَموا فیما بَینَهُم، وقالوا: أی الخَلقِ عِندَکم أکرَمُ عَلَی اللّهِ عز و جل، وأَرفَعُ لَدَیهِ مَکانَةً، وأَقرَبُ مِنهُ مَنزِلَةً؟

فَقالَ بَعضُهُم: أبوکم آدَمُ(ع)؛ خَلَقَهُ اللّهُ عز و جل بِیدِهِ وأَسجَدَ لَهُ مَلائِکتَهُ، وجَعَلَهُ الخَلیفَةَ فی أرضِهِ وسَخَّرَ لَهُ جَمیعَ خَلقِهِ. وقالَ آخَرونَ: بَلِ المَلائِکةُ الَّذینَ لَم یعصُوا اللّهَ عز و جل . وقالَ بَعضُهُم: لا، بَل رُؤَساءُ المَلائِکةِ الثَّلاثَةِ: جَبرَئیلُ، ومیکائیلُ، وإسرافیلُ(ع). وقالَ بَعضُهُم: لا، بَل أمینُ اللّهِ جَبرَئیلُ(ع).

فَانطَلَقوا إلی آدَمَ(ع) فَذَکرُوا الَّذی قالوا وَاختَلَفوا فیهِ، فَقالَ: یا بَنِی! أنَا اُخبِرُکم بِأَکرَمِ الخَلائِقِ جَمیعا عَلَی اللّهِ عز و جل، إنَّهُ ـ وَاللّهِ ـ لَمّا أن نُفِخَ فِی الرّوحُ حَتَّی استَوَیتُ جالِسا، فَبَرَقَ لِی العَرشُ العَظیمُ، فَنَظَرتُ فیهِ فَإِذا فیهِ: لا إلهَ إلَا اللّهُ، مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ، فُلانٌ صَفوَةُ اللّهِ، فُلانٌ أمینُ اللّهِ، فُلانٌ خِیرَةُ اللّهِ عز و جل، فَذَکرَ عِدَّةَ أسماءٍ مَقرونَةٍ بِمُحَمَّدٍ(ص).

قالَ آدَمُ: ثُمَّ لَم أرَ فِی السَّماءِ مَوضِعَ أدیمٍ ـ أو قالَ: صَفیحٍ ـ مِنها إلّا وفیهِ مَکتوبٌ: لا إلهَ إلَا اللّهُ، وما مِن مَوضِعٍ مَکتوبٌ فیهِ: لا إله إلَا اللّهُ إلّا وفیهِ مَکتوبٌ ـ خَلقا لا خَطّا ـ: مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ، وما مِن مَوضِعٍ فیهِ مَکتوبٌ: مُحَمَّدٌ رَسولُ اللّهِ إلّا ومَکتوبٌ: فُلانٌ خِیرَةُ اللّهِ، فُلانُ صَفوَةُ اللّهِ، فُلانٌ أمینُ اللّهِ عز و جل، فَذَکرَ عِدَّةَ أسماءٍ تَنتَظِمُ حِسابَ المَعدودِ.

قالَ آدَمُ(ع): فَمُحَمَّدٌ(ص) ـ یا بَنِی ـ ومَن خُطَّ مِن تِلک الأَسماءِ مَعَهُ، أکرَمُ الخَلائِقِ عَلَی اللّهِ تَعالی جَمیعا».

ثُمَّ ذَکرَ أنَّ أبا حارِثَةَ سَأَلَ السَّیدَ وَالعاقِبَ أن یقِفا عَلی صَلَواتِ إبراهیمَ(ع) الَّذی جاءَ بِهَا الأَملاک مِن عِندِ اللّهِ عز و جل، فَقَنَعوا بِما وَقَفوا عَلَیهِ فِی الجامِعَةِ.

قالَ أبو حارِثَةَ: لا، بَل شارِفوها بِأَجمَعِها وأَسبِروها ؛ فَإِنَّهُ أصرَمُ لِلمَعذورِ وأَرفَعُ لِحِکةِ الصُّدورِ، وأَجدَرُ ألّا تَرتابوا فِی الأَمرِ مِن بَعدُ. فَلَم یجِدا مِنَ المَصیرِ إلی قَولِهِ مِن بُدٍّ، فَعَمَدَ القَومُ إلی تابوتِ إبراهیمَ(ع)، قالَ:

«وکانَ اللّهُ عز و جل بِفَضلِهِ عَلی مَن یشاءُ مِن خَلقِهِ، قَدِ اصطَفی إبراهیمَ(ع) بِخُلَّتِهِ، وشَرَّفَهُ بِصَلَواتِهِ وبَرَکاتِهِ، وجَعَلَهُ قِبلَةً وإماما لِمَن یأتی مِن بَعدِهِ، وجَعَلَ النُّبُوَّةَ وَالإِمامَةَ وَالکتابَ فی ذُرِّیتِهِ یتَلَقّاها آخِرٌ عَن أوَّلٍ، ووَرَّثَهُ تابوتَ آدَمَ(ع) المُتَضَمِّنَ لِلحِکمَةِ وَالعِلمِ، الَّذی فَضَّلَهُ اللّهُ عز و جل بِهِ عَلَی المَلائِکةِ طُرّا.

فَنَظَرَ إبراهیمُ(ع) فی ذلِک التّابوتِ فَأَبصَرَ فیهِ بُیوتا بِعَدَدِ ذَوِی العَزمِ مِنَ الأَنبِیاءِ المُرسَلینَ وأَوصِیائِهِم مِن بَعدِهِم، ونَظَرَهُم فَإِذا بَیتُ مُحَمَّدٍ(ص) آخِرَ الأَنبِیاءِ، عَن یمینِهِ عَلِی بنُ أبی طالِبٍ آخِذٌ بِحُجزَتِهِ ، فَإِذا شَکلٌ عَظیمٌ یتَلَألَأُ نورا، فیهِ: هذا صِنوُهُ ووَصِیهُ المُؤَیدُ بِالنَّصرِ، فَقالَ إبراهیمُ(ع): إلهی وسَیدی! مَن هذَا الخَلقُ الشَّریفُ؟ فَأَوحَی اللّهُ عز و جل: هذا عَبدی وصَفوَتِی الفاتِحُ الخاتِمُ، وهذا وَصِیهُ الوارِثُ، قالَ: رَبِّ! مَا الفاتِحُ الخاتِمُ؟ قالَ: هذا مُحَمَّدٌ خِیرَتی، وبِکرُ فِطرَتی، وحُجَّتِی الکبری فی بَرِیتی، نَبَّأتُهُ وَاجتَبَیتُهُ إذ آدَمُ بَینَ الطّینِ وَالجَسَدِ، ثُمَّ إنّی باعِثُهُ عِندَ انقِطاعِ الزَّمانِ لِتَکمِلَةِ دینی، وخاتِمٌ بِهِ رِسالاتی ونُذُری، وهذا عَلِی أخوهُ وصِدّیقُهُ الأَکبَرُ، آخَیتُ بَینَهُما وَاختَرتُهُما وصَلَّیتُ وبارَکتُ عَلَیهِما، وطَهَّرتُهُما وأَخلَصتُهُما وَالأَبرارَ مِنهُما وذُرِّیتَهُما قَبلَ أن أخلُقَ سَمائی وأَرضی وما فیهِما مِن خَلقی، وذلِک لِعِلمی بِهِم وبِقُلوبِهِم، إنّی بِعِبادی عَلیمٌ خَبیرٌ.

قالَ: ونَظَرَ إبراهیمُ(ع) فَإِذَا اثنا عَشَرَ [عَظیماً] تَکادُ تَلَألَأُ أشکالُهُم لِحُسنِها نورا، فَسَأَلَ رَبَّهُ عز و جل فَقالَ: رَبِّ نَبِّئنی بِأَسماءِ هذِهِ الصُّوَرِ المُقرونَةِ بِصوَرةِ مُحَمَّدٍ ووَصِیهِ؛ وذلِک لِما رَأی مِن رَفیعِ دَرَجاتِهِم وَالتِحاقِهِم بِشَکلَی مُحَمَّدٍ ووَصِیهِ(ع)، فَأَوحَی اللّهُ عز و جل إلَیهِ: هذِهِ أمَتی وَالبَقِیةُ مِن نَبِیی فاطِمَةُ الصِّدّیقَةُ الزَّهراءُ، وجَعَلتُها مَعَ خَلیلِها عَصَبَةً لِذُرِّیةِ نَبِیی هؤُلاءِ، وهذانِ الحَسَنانِ، وهذا فُلانٌ، وهذا فُلانٌ، وهذا کلِمَتِی الَّتی أنشُرُ بِهِ رَحمَتی فی بِلادی، وبِهِ أنتاشُ دینی وعِبادی، ذلِک بَعدَ إیاسٍ مِنهُم وقُنوطٍ مِنهُم مِن غِیاثی، فَإِذا ذَکرتَ مُحَمَّدا نَبِیی لِصَلَواتِک فَصَلِّ عَلَیهِم مَعَهُ یا إبراهیمُ.

قالَ: فَعِندَها صَلّی عَلَیهِم إبراهیمُ(ع)، فَقالَ: رَبِّ صَلِّ عَلی مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، کمَا اجتَبَیتَهُم وأَخلَصتَهُم إخلاصا.

فَأَوحَی اللّهُ عز و جل: لِتَهنِئک کرامَتی وفَضلی عَلَیک، فَإِنّی صائِرٌ بِسُلالَةِ مُحَمَّدٍ(ص) ومَنِ اصطَفَیتُ مَعَهُ مِنهُم إلی قَناةِ صُلبِک ومُخرِجُهُم مِنک، ثُمَّ مِن بِکرِک إسماعیلَ(ع)، فَأَبشِر یا إبراهیمُ فَإِنّی واصِلٌ صَلَواتِک بِصَلَواتِهِم، ومُتِبعٌ ذلِک بَرَکاتی وتَرَحُّمی عَلَیک وعَلَیهِم، وجاعِلُ حَنانی وحُجَّتی إلَی الأَمَدِ المَعدودِ وَالیومِ المَوعودِ الَّذی أرِثُ فیهِ سَمائی وأَرضی، وأبعَثُ لَهُ خَلقی لِفَصلِ قَضائی وإفاضَةِ رَحمَتی وعَدلی».

قالَ: فَلَمّا سَمِعَ أصحابُ رَسولِ اللّهِ(ص) ما أفضی إلَیهِ القَومُ مِن تِلاوَةِ ما تَضَمَّنَتِ الجامِعَةُ وَالصُّحُفُ الدّارِسَةُ مِن نَعتِ رَسولِ اللّهِ(ص)، وصِفَةِ أهلِ بَیتِهِ المَذکورینَ مَعَهُ بِما هُم بِهِ مِنهُ، وبِما شاهَدوا مِن مَکانَتِهِم عِندَهُ، ازدادَ القَومُ بِذلِک یقینا وإیمانا، وَاستُطیروا لَهُ فَرَحا.

قالَ: ثُمَّ صارَ القَومُ إلی ما نَزَلَ عَلی موسی(ع)، فَأَلفَوا فِی السَّفرِ الثّانی مِنَ التَّوراةِ:

«إنّی باعِثٌ فِی الاُمِّیینَ مِن وُلدِ إسماعیلَ رَسولاً، اُنزِلُ عَلَیهِ کتابی، وأَبعَثُهُ بِالشَّریعَةِ القَیمَةِ إلی جَمیعِ خَلقی، اُوتیهِ حِکمَتی، وأیدتُهُ بِمَلائِکتی وجُنودی، یکونُ ذُرِّیتُهُ مِنِ ابنَةٍ لَهُ مُبارَکةٍ بارَکتُها، ثُمَّ مِن شِبلَینِ لَهُما ـ کإِسماعیلَ وإسحاقَ ـ، أصلَینِ لِشُعَبتَینِ عَظیمَتَینِ، اُکثِّرُهُم جِدّا جِدّا، یکونُ مِنهُمُ اثنا عَشَرَ قَیما ، اُکمِلُ بِمُحَمَّدٍ(ص) وبِما اُرسِلُهُ بِهِ مِن بَلاغٍ وحِکمَةٍ دینی، وأَختِمُ بِهِ أنبِیائی ورُسُلی، فَعَلی مُحَمَّدٍ(ص) واُمَّتِهِ تَقومُ السّاعَةُ».

فَقالَ حارِثَةُ: الآنَ أسفَرَ الصُّبحُ لِذی عَینَینِ، ووَضَحَ الحَقُّ لِمَن رَضِی بِهِ دینا، فَهَل فی أنفُسِکما مِن مَرَضٍ تَستَشفِیانِ بِهِ؟

فَلَم یرجِعا إلَیهِ قَولاً.

فَقالَ أبو حارِثَةَ: اِعتَبِرُوا الامارَةَ الخاتِمَةَ مِن قَولِ سَیدِکمُ المَسیحِ(ع). فَصارَ [القَومُ] إلَی الکتُبِ وَالأَناجیلِ الَّتی جاءَ بِها عیسی(ع)، فَأَلفَوا فِی المِفتاحِ الرّابِعِ مِنَ الوَحی إلَی المَسیحِ(ع):

«یا عیسی، یابنَ الطّاهِرَةِ البَتولِ، اسمَع قَولی وجِدَّ فی أمری، إنّی خَلَقتُک مِن غَیرِ فَحلٍ، وجَعَلتُک آیةً لِلعالَمینَ، فَإِیای فَاعبُد، وعَلَی فَتَوَکل، وخُذِ الکتابَ بِقُوَّةٍ، ثُمَّ فَسِّرهُ لِأَهلِ سورِیا وأَخبِرهُم أنّی أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّا أنَا الحَی القَیومُ، الَّذی لا أحولُ ولا أزولُ، فَآمِنوا بی وبِرَسولِی النَّبِی الاُمِّی، الَّذی یکونُ فی آخِرِ الزَّمانِ؛ نَبِی الرَّحمَةِ وَالمَلحَمَةِ، الأَوَّلِ وَالآخِرِ ـ قالَ: أوَّلُ النَّبِیینَ خَلقا، وآخِرُهُم مَبعَثا ـ ذلِک العاقِبُ الحاشِرُ، فَبَشِّر بِهِ بَنی إسرائیلَ.

قالَ عیسی(ع): یا مالِک الدُّهورِ، وعَلّامَ الغُیوبِ! مَن هذَا العَبدُ الصّالِحُ الَّذی قَد أحَبَّهُ قَلبی ولَم تَرَهُ عَینی؟

قالَ: ذلِک خالِصَتی ورَسولِی المُجاهِدُ بِیدِهِ فی سَبیلی، یوافِقُ قَولُهُ فِعلَهُ، و سَریرَتُهُ عَلانِیتَهُ، اُنزِلُ عَلَیهِ تَوراةً حَدیثَةً، أفتَحُ بِها أعینا عُمیا، وآذانا صُمّا، وقُلوبا غُلفا، فیها ینابیعُ العِلمِ، وفَهمُ الحِکمَةِ، ورَبیعُ القُلوبِ. وطوباهُ! طوبی اُمَّتَهُ!

قالَ: رَبِّ! مَا اسمُهُ وعَلامَتُهُ، وما أکلُ اُمَّتِهِ ـ یقولُ: مُلک اُمَّتِهِ ـ وهَل لَهُ مِن بَقِیةٍ ـ یعنی ذُرِّیةً ـ؟

قالَ: سَاُنَبِّئُک بِما سَأَلتَ؛ اسمُهُ أحمَدُ(ص)، مُنتَخَبٌ مِن ذُرِّیةِ إبراهیمَ، ومُصطَفی مِن سُلالَةِ إسماعیلَ(ع)، ذُو الوَجهِ الأَقمَرِ، وَالجَبینِ الأَزهَرِ، راکبُ الجَمَلِ، تَنامُ عَیناهُ ولا ینامُ قَلبُهُ، یبعَثُهُ اللّهُ فی اُمَّةٍ اُمِّیةٍ ما بَقِی اللَّیلُ وَالنَّهارُ، مَولِدُهُ فی بَلَدِ أبیهِ إسماعیلَ ـ یعنی مَکةَ ـ کثیرُ الأَزواجِ، قَلیلُ الأَولادِ، نَسلُهُ مِن مُبارَکةٍ صِدّیقَةٍ، یکونُ لَهُ مِنهَا ابنَةٌ، لَها فَرخانِ سَیدانِ یستَشهَدانِ، أجعَلُ نَسلَ أحمَدَ مِنهُما، فَطوباهُما ولِمَن أحَبَّهُما، وشَهِدَ أیامَهُما فَنَصَرَهُما.

قالَ عیسی(ع): إلهی! وما طوبی؟

قالَ: شَجَرَةٌ فِی الجَنَّةِ، ساقُها وأَغصانُها مِن ذَهَبٍ، ووَرَقُها حُلَلٌ، وحَملُها کثَدی الأَبکارِ، أحلی مِنَ العَسَلِ وأَلینُ مِنَ الزَّبَدِ، وماؤُها مِن تَسنیمٍ ، لَو أنَّ غُرابا طارَ وهُوَ فَرخٌ لَأَدرَکهُ الهَرَمُ مِن قَبلِ أن یقطَعهَا، ولَیسَ مَنزِلٌ مِن مَنازِلِ أهلِ الجَنَّةِ إلّا وظِلالُهُ فَنَنٌ مِن تِلک الشَّجَرَةِ».

قالَ: فَلَمّا أتَی القَومُ عَلی دِراسَةِ ما أوحَی اللّهُ عز و جل إلَی المَسیحِ(ع)، مِن نَعتِ مُحَمَّدٍ رَسولِ اللّهِ(ص) وصِفَتِهِ، ومُلک اُمَّتِهِ، وذِکرِ ذُرِّیتِهِ وأَهلِ بَیتِهِ، أمسَک الرَّجُلانِ مَخصومینَ، وَانقَطَعَ التَّحاوُرُ بَینَهُم فی ذلِک.

قالَ: فَلَمّا فَلَجَ حارِثَةُ عَلَی السَّیدِ وَالعاقِبِ بِالجامِعَةِ وما تَبَینوهُ فِی الصُّحُفِ القَدیمَةِ، ولَم یتِمَّ لَهُما ما قَدَّروا مِن تَحریفِها، ولَم یمکنُهما أن یلَبِّسا عَلَی النّاسِ فی تَأویلِهِما، أمسَکا عَنِ المُنازَعَةِ مِن هذَا الوَجهِ، وعَلِما أنَّهُما قَد أخطَآ سَبیلَ الصَّوابِ، فَصارا إلی مَعبَدِهِم آسِفینَ، لِینظُرا ویرتَئِیا. وفَزِعَ إلَیهِما نَصاری نَجرانَ، فَسَأَلوهُما عَن رَأیهِمِا وما یعمَلانِ فی دینِهِما، فَقالا ما مَعناهُ: تَمَسَّکوا بِدینِکم حَتّی یکشَفَ دینُ مُحَمَّدٍ، وسَنَسیرُ إلی بَنی قُرَیشٍ ـ إلی یثرِبَ ـ ونَنظُرُ إلی ما جاءَ بِهِ وإلی ما یدعو إلَیهِ.

قالَ: فَلَمّا تَجَهَّزَ السَّیدُ وَالعاقِبُ لِلمَسیرِ إلی رَسولِ اللّهِ بِالمَدینَةِ، انتَدَبَ مَعَهُما أربَعَةَ عَشَرَ راکبا مِن نَصاری نَجرانَ، هُم مِن أکابِرِهِم فَضلاً وعِلما فی أنفُسِهِم، وسَبعونَ رَجُلاً مِن أشرافِ بَنِی الحارِثِ بنِ کعبٍ وسادَتِهِم. قالَ: وکانَ قَیسُ بنُ الحُصینِ ذُو الغُصَّةِ ویزیدُ بنُ عَبدِ المَدانِ بِبِلادِ حَضرَموتَ، فَقَدِما نَجرانَ عَلی بَقِیةِ مَسیرِ قَومِهِم، فَشَخَصا مَعَهُم.

فَاغتَرَزَ القَومُ فی ظُهورِ مَطایاهُم، وجَنَبوا خَیلَهُم، وأَقبَلوا لِوُجوهِهِم حَتّی وَرَدُوا المَدینَةَ.

قالَ: ولَمَّا استَراثَ رَسولُ اللّهِ(ص) خَبَرَ أصحابِهِ، أنفَذَ إلَیهِم خالِدَ بنَ الوَلیدِ فی خَیلٍ سَرَّحَها مَعَهُ لِمُشارَفَةِ أمرِهِم، فَأَلفَوهُم وهُم عامِدونَ إلی رَسولِ اللّهِ(ص).

قالَ: ولَمّا دَنَوا مِنَ المَدینَةِ أحَبَّ السَّیدُ وَالعاقِبُ أن یباهِیا المُسلِمینَ وأَهلَ المَدینَةِ بِأَصحابِهِما وبِمَن حَفَّ مِن بَنِی الحارِثِ مَعَهُما، فَاعتَرَضاهُم فَقالا: لَو کفَفتُم صُدورَ رِکابِکم ومَسَستُمُ الأَرضَ فَأَلقَیتُم عَنکم تَفَثَکم وثِیابَ سَفَرِکم، وشَنَنتُم عَلَیکم مِن باقی مِیاهِکم، کانَ ذلِک أمثَلَ. فَانحَدَرَ القَومُ عَنِ الرِّکابِ فَأَماطوا مِن شَعَثِهِم، وأَلقَوا عَنهُم ثِیابَ بِذلَتِهِم، ولَبِسوا ثِیابَ صَونِهِم مِنَ الأَتحَمِیاتِ وَالحَریرِ، وذَرُّوا المِسک فی لِمَمِهِم ومَفارِقِهِم، ثُمَّ رَکبُوا الخَیلَ وَاعتَرَضوا بِالرِّماحِ عَلی مَناسِجِ خَیلِهِم، وأَقبَلوا یسیرونَ رَزدَقا واحِدا، وکانوا مِن أجمَلِ العَرَبِ أجساما وخَلقا.

فَلَمّا تَشَرَّفَهُمُ النّاسُ أقبَلوا نَحوَهُم، فَقالوا: ما رَأَینا وَفدا أجمَلَ مِن هؤُلاءِ!

فَأَقبَلَ القَومُ حَتّی دَخَلوا عَلی رَسولِ اللّهِ(ص) فی مَسجِدِهِ، وحانَت وَقتُ صَلاتِهِم فَقاموا یصَلّونَ إلَی المَشرِقِ، فَأَرادَ النّاسُ أن ینهَوهُم عَن ذلِک، فَکفَّهُم رَسولُ اللّهِ(ص)، ثُمَّ أمهَلَهُم وأَمهَلوهُ ثَلاثا، فَلَم یدعُهُم ولَم یسأَلوهُ لِینظُروا إلی هَدْیهِ، ویعتَبِروا ما یشاهِدونَ مِنهُ مِمّا یجِدونَ مِن صِفَتِهِ، فَلَمّا کانَ بَعدَ ثالِثَةٍ دَعاهُم(ص) إلَی الإِسلامِ.

فَقالوا: یا أبَا القاسِمِ، ما أخبَرَتنا کتُبُ اللّهِ عز و جل بِشَیءٍ مِن صِفَةِ النَّبِی المَبعوثِ بَعدَ الرّوحِ عیسی(ع) إلّا وقَد تَعَرَّفناهُ فیک، إلّا خَلَّةً هِی أعظَمُ الخِلالِ آیةً ومَنزِلَةً، وأَجلاها أمارَةً ودَلالَةً!

قالَ(ص): وما هِی؟

قالوا: إنّا نَجِدُ فِی الإِنجیلِ مِن صِفَةِ النَّبِی الغابِرِ مِن بَعدِ المَسیحِ أنَّهُ یصَدِّقُ بِهِ ویؤمِنُ بِهِ، وأَنتَ تَسُبُّهُ وتُکذِّبُ بِهِ، وتَزعُمُ أنَّهُ عَبدٌ!

قالَ: فَلَم تَکن خُصومَتُهُم ولا مُنازَعَتُهُم لِلنَّبِی(ص) إلّا فی عیسی(ع).

فَقالَ النَّبِی(ص): لا، بَل اُصَدِّقُهُ واُصَدِّقُ بِهِ واُؤمِنُ بِهِ، وأَشهَدُ أنَّهُ النَّبِی المُرسَلُ مِن رَبِّهِ عز و جل، وأَقولُ: إنَّهُ عَبدٌ لا یملِک لِنَفسِهِ نَفعا ولا ضَرّا ولا مَوتا ولا حَیاةً ولا نُشورا.

قالوا: وهَل یستَطیعُ العَبدُ أن یفعَلَ ما کانَ یفعَلُ؟! وهَل جاءَتِ الأَنبِیاءُ بِما جاءَ بِهِ مِنَ القُدرَةِ القاهِرَةِ؟ أ لَم یکن یحیی المَوتی ویبرِئُ الأَکمَهَ وَالأَبرَصَ، وینَبِّئُهُم بِما یکنّونَ فی صُدورِهِم وما یدَّخِرونَ فی بُیوتِهِم؟ فَهَل یستَطیعُ هذا إلَا اللّهُ عز و جل أوِ ابنُ اللّهِ؟!

وقالوا فِی الغُلُوِّ فیهِ وأَکثَروا، تَعالَی اللّهُ عَن ذلِک عُلُوّا کبیرا.

فَقالَ(ص): قَد کانَ عیسی أخی کما قُلتُم، یحیی المَوتی ویبرِئُ الأَکمَهَ وَالأَبرَصَ، ویخبِرُ قَومَهُ بِما فی نُفوسِهِم وبِما یدَّخِرونَ فی بُیوتِهِم، وکلُّ ذلِک بِإِذنِ اللّهِ عز و جل، وهُوَ للّهِِ عز و جل عَبدٌ، وذلِک عَلَیهِ غَیرُ عارٍ، وهُوَ مِنهُ غَیرُ مُستَنکفٍ، فَقَد کانَ لَحما ودَما وشَعرا وعَظما وعَصَبا وأَمشاجا ، یأکلُ الطَّعامَ ویظمَأُ وینصَبُ بِأَرَبِهِ، ورَبُّهُ الأَحَدُ الحَقُّ الَّذی لَیسَ کمِثلِهِ شَیءٌ، ولَیسَ لَهُ نِدٌّ.

قالوا: فَأَرِنا مِثلَهُ مَن جاءَ مِن غَیرِ فَحلٍ ولا أبٍ؟

قالَ: هذا آدَمُ(ع) أعجَبُ مِنهُ خَلقا، جاءَ مِن غَیرِ أبٍ ولا اُمٍّ، ولَیسَ شَیءٌ مِنَ الخَلقِ بِأَهوَنَ عَلَی اللّهِ عز و جل فی قُدرَتِهِ مِن شَیءٍ ولا أصعَبَ،«إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَیئا أَن یقُولَ لَهُ کن فَیکونُ»[۲]. وتَلا عَلَیهِم:« إِنَّ مَثَلَ عِیسَی عِندَ اللَّهِ کمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ کن فَیکونُ»[۳].

قالا: فَما نَزدادُ مِنک فی أمرِ صاحِبِنا إلّا تَباینا، وهذَا الأَمرُ الَّذی لا نُقِرُّ لَک، فَهَلُمَّ فَلنُلاعِنک أینا أولی بِالحَقِّ فَنَجعَلَ لَعنَةَ اللّهِ عَلَی الکاذِبینَ، فَإِنَّها مُثلَةٌ وآیةٌ مُعَجَّلَةٌ.

فَأَنزَلَ اللّهُ عز و جل آیةَ المُباهَلَةِ عَلی رَسولِ اللّهِ(ص):« فَمَنْ حَاجَّک فِیهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَک مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَکمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَکمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَکمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَی الْکاذِبِینَ»[۴]، فَتَلا عَلَیهِم رَسولُ اللّهِ(ص) ما نَزَلَ عَلَیهِ فی ذلِک مِنَ القُرآنِ، فَقالَ(ص): إنَّ اللّهَ قَد أمَرَنی [أن] أصیرَ إلی مُلتَمَسِکم، وأَمَرَنی بِمُباهَلَتِکم إن أقَمتُم وأَصرَرتُم عَلی قَولِکم.

قالا: وذلِک آیةُ ما بَینَنا وبَینَک، إذا کانَ غَدا باهَلناک.

ثُمَّ قاما، وأَصحابُهُما مِنَ النَّصاری مَعَهُما، فَلَمّا أبعَدا وقَد کانوا أنزَلوا بِالحَرَّةِ، أقبَلَ بَعضُهُم عَلی بَعضٍ فَقالوا: قَد جاءَکم هذا بِالفَصلِ مِن أمرِهِ وأَمرِکم، فَانظُروا أوَّلاً بِمَن یباهِلُکم؛ أ بِکافَّةِ أتباعِهِ، أم بِأَهلِ الکتابِ مِن أصحابِهِ، أو بِذَوِی التَّخَشُّعِ وَالتَّمَسُّک وَالصَّفوَةِ دینا، وهُمُ القَلیلُ مِنهُم عَددا؟ فَإِن جاءَکم بِالکثرَةِ وذَوِی الشِّدَّةِ مِنهُم، فَإِنَّما جاءَکم مُباهِیا کما یصنَعُ المُلوک، فَالفَلجُ إذا لَکم دونَهُ، وإن أتاکم بنَفَرٍ قَلیلٍ ذَوی تَخَشُّعٍ فَهؤُلاءِ سَجِیةُ الأَنبِیاءِ وصَفوَتُهُم ومَوضِعُ بَهلَتِهِم، فَإِیاکم وَالإِقدامَ إذا عَلی مُباهَلَتِهِم، فَهذِهِ لَکم أمارَةٌ، وَانظُروا حینَئِذٍ ما تَصنَعونَ ما بَینَکم وبَینَهُ، فَقَد أعذَرَ مَن أنذَرَ.

فَأَمَرَ(ص) بِشَجَرَتَینِ فَقُصِدَتا وکسِحَ ما بَینَهُما، وأَمهَلَ حَتّی إذا کانَ مِنَ الغَدِ أمَرَ بِکساءٍ أسوَدَ رَقیقٍ فَنُشِرَ عَلَی الشَّجَرَتَینِ، فَلَمّا أبصَرَ السَّیدُ وَالعاقِبُ ذلِک خَرَجا بِوَلَدَیهِما: صِبغَةِ المُحسِنِ، وعَبدِ المُنعِمِ، وسارَةَ، ومَریمَ، وخَرَجَ مَعَهُما نَصاری نَجرانَ، ورَکبَ فُرسانُ بَنِی الحارِثِ بنِ الکعبِ فی أحسَنِ هَیئَةٍ.

وأَقبَلَ النّاسُ مِن أهلِ المَدینَةِ مِنَ المُهاجِرینَ وَالأَنصارِ وغَیرِهِم مِنَ النّاسِ فی قَبائِلِهِم وشِعارِهِم مِن رایاتِهِم وأَلوِیتِهِم وأَحسَنِ شارَتِهِم وهَیئَتِهِم، لِینظُروا ما یکونُ مِنَ الأَمرِ.

ولَبِثَ رَسولُ اللّهِ(ص) فی حُجرَتِهِ حَتّی مَتَعَ النَّهارُ، ثُمَّ خَرَجَ آخِذا بِیدِ عَلِی(ع)، وَالحَسَنُ وَالحُسَینُ(ع) أمامَهُ، وفاطِمَةُ(ع) مِن خَلفِهِم، فَأَقبَلَ بِهِم حَتّی أتَی الشَّجَرَتَینِ فَوَقَفَ مِن بَینِهِما مِن تَحتِ الکساءِ عَلی مِثلِ الهَیئَةِ الَّتی خَرَجَ بِها مِن حُجرَتِهِ، فَأَرسَلَ إلَیهِما یدعوهُما إلی ما دَعَواهُ إلَیهِ مِنَ المُباهَلَةِ.

فَأَقبَلا إلَیهِ فَقالا: بِمَن تُباهِلُنا یا أبَا القاسِمِ؟

قالَ: بِخَیرِ أهلِ الأَرضِ وأَکرَمِهِم عَلَی اللّهِ عز و جل، بِهؤُلاءِ. وأشارَ لَهُما إلی عَلِی و فاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَینِ صَلَواتُ اللّهِ عَلَیهِم.

قالا: فَما نَراک جِئتَ لِمُباهَلَتِنا بِالکبرِ، ولا مِنَ الکثرِ، ولا أهلِ الشّارَةِ مِمَّن نَری مِمَّن آمَنَ بِک وَاتَّبَعَک، وما نَری هاهُنا مَعَک إلّا هذَا الشّابَّ وَالمَرأَةَ وَالصَّبِیینِ، أ فَبِهؤُلاءِ تُباهِلُنا؟!

قالَ(ص): نَعَم، أوَلَم اُخبِرکم بِذلِک آنِفا؟! نَعَم بِهؤُلاءِ اُمِرتُ ـ وَالَّذی بَعَثَنی بِالحَقِّ ـ أن اُباهِلَکم.

فَاصفارَّت حینَئِذٍ ألوانُهُما، وکرّا وعادا إلی أصحابِهِما ومَوقِفِهِما. فَلَمّا رَأی أصحابُهُما ما بِهِما وما دَخَلَهُما، قالوا: ما خَطبُکما؟ فَتَماسَکا وقالا: ما کانَ ثَمَّةَ مِن خَطبٍ فَنُخبِرَکم.

وأَقبَلَ عَلَیهِم شابٌّ کانَ مِن خِیارِهِم قَد اُوتِی فیهِم عِلما، فَقالَ: وَیحَکم! لا تَفعَلوا وَاذکروا ما عَثَرتُم عَلَیهِ فِی الجامِعَةِ مِن صِفَتِهِ، فَوَ اللّهِ إنَّکم لَتَعلَمونَ حَقَّ العِلمِ أنَّهُ لَصادِقٌ، وإنَّما عَهدُکم بِإِخوانِکم حَدیثٌ؛ قَد مُسِخوا قِرَدَةً وخَنازیرَ!

فَعَلِموا أنَّهُ قَد نَصَحَ لَهُم، فَأَمسَکوا.

قالَ: وکانَ لِلمُنذِرِ بنِ عَلقَمَةَ ـ أخی أسقُفِّهِم أبی حارِثَةَ ـ حَظٌّ مِنَ العِلمِ فیهِم یعرِفونَهُ لَهُ، وکانَ نازِحا عَن نَجرانَ فی وَقتِ تَنازُعِهِم، فَقَدِمَ وقَدِ اجتَمَعَ القَومُ عَلَی الرِّحلَةِ إلی رَسولِ اللّهِ(ص)، فَشَخَصَ مَعَهُم، فَلَمّا رَأَی المُنذِرُ انتِشارَ أمرِ القَومِ یومَئِذٍ وتَرَدُّدَهُم فی رَأیهِم، أخَذَ بِیدِ السَّیدِ وَالعاقِبِ وأَقبَلَ عَلی أصحابِهِ، فَقالَ: «أخلونی وهذَینِ»، فَاعتَزَلَ بِهِما ثُمَّ أقبَلَ عَلَیهِما فَقالَ: إنَّ الرّائِدَ لا یکذِبُ أهلَهُ، [وأنَا لَکما حَقُّ نَصیحٍ] وأَنَا لَکما جِدُّ شَفیقٍ، فَإِن نَظَرتُما لِأَنفُسِکما نَجَوتُما، وإن تَرَکتُما ذلِک هَلَکتُما وأَهلَکتُما.

قالا: أنتَ النّاصِحُ جَیبا ، المَأمونُ عَیبا، فَهاتِ.

قالَ: أتَعلَمانِ أنَّهُ ما باهَلَ قَومٌ نَبِیا قَطُّ إلّا کانَ مَهلِکهُم کلَمحِ البَصَرِ، وقَد عَلِمتُما ـ وکلُّ ذی أرِبٍ مِن وَرَثَةِ الکتُبِ مَعَکما ـ أنَّ مُحَمَّدا أبَا القاسِم هذا هُوَ الرَّسولُ الَّذی بَشَّرَت بِهِ الأَنبِیاءُ(ع)، وأَفصَحَت بِنَعتِهِ وأَهلِ بَیتِهِ الاُمَناءُ ، واُخری اُنذِرُکما بِها فَلا تَعشوا عَنها.

قالا: وما هِی یا أبَا المُثَنّی؟

قالَ: اُنظُرا إلَی النَّجمِ قَدِ استَطلَعَ إلَی الأَرضِ، وإلی خُشوعِ الشَّجَرِ، وتَساقُطِ الطَّیرِ بِإِزائِکما لِوُجوهِها ، قَد نَشَرَت عَلَی الأَرضِ أجنِحَتَها، وقاءَت ما فی حَواصِلِها، وما عَلَیها للّهِِ عز و جل مِن تَبِعَةٍ، لَیسَ ذلِک إلّا ما قَد أظَلَّ مِنَ العَذابِ! وَانظُرا إلَی اقشِعرارِ الجِبالِ، وإلَی الدُّخانِ المُنتَشِرِ، وقَزَعِ السَّحابِ، هذا ونَحنُ فی حَمارَّةِ القَیظِ وإبّانِ الهَجیرِ! وَانظُروا إلی مُحَمَّدٍ رافِعا یدَهُ وَالأَربَعَةُ مِن أهلِهِ مَعَهُ، إنَّما ینتَظِرُ ما تُجیبانِ بِهِ، ثُمَّ اعلَموا أنَّهُ إن نَطَقَ فوهُ بِکلِمَةٍ مِن بَهلَةٍ، لَم نَتَدارَک هَلاکا، ولَم نَرجِع إلی أهلٍ ولا مالٍ.

فَنَظَرا فَأَبصَرا أمرا عَظیما، فَأَیقَنا أنَّهُ الحَقُّ مِنَ اللّهِ تَعالی، فَزَلزَلَت أقدامُهُما، وکادَت أن تَطیشَ عُقولُهُما، وَاستَشعرا أنَّ العَذابَ واقِعٌ بِهِما.

فَلَمّا أبصَرَ المُنذِرُ بنُ عَلقَمَةَ ما قَد لَقِیا مِنَ الخیفَةِ وَالرَّهبَةِ، قالَ لَهُما: إنَّکما إن أسلَمتُما لَهُ سَلِمتُما فی عاجِلِهِ وآجِلِهِ ، وإن آثَرتُما دینَکما وغَضارَةَ مِلَّتِکما وشَحَحتُما بِمَنزِلَتِکم مِنَ الشَّرَفِ فی قَومِکما، فَلَستُ أحجُرُ عَلَیکمَا الضَّنینَ بِما نِلتُما مِن ذلِک، ولکنَّکما بَدَهتُما مُحَمَّدا بِتَطَلُّبِ المُباهَلَةِ، وجَعَلتُماها حِجازا وآیةً بَینَکما وبَینَهُ، وشَخَصتُما مِن نَجرانَ وذلِک مِن تَأَلّیکما، فَأَسرَعَ مُحَمَّدٌ إلی ما بَغَیتُما مِنهُ، وَالأَنبِیاءُ إذا أظهَرَت بِأَمرٍ لَم تَرجِع إلّا بِقَضائِهِ وفِعلِهِ، فَإِذا نَکلتُما عَن ذلِک، وأَذهَلَتکما مَخافَةُ ما تَرَیانِ، فَالحَظُّ فِی النُّکولِ لَکما، فَالوَحا ـ یا إخوَتی ـ الوَحا، صالِحا مُحَمَّدا(ص) وأَرضِیاهُ، ولا تُرجِئا ذلِک؛ فَإِنَّکما ـ وأَنَا مَعَکما ـ بِمَنزِلَةِ قَومِ یونُسَ لَمّا غَشِیهُمُ العَذابُ!

قالا: فَکن أنتَ ـ یا أبَا المُثَنَّی ـ أنتَ الَّذی تَلقی مُحَمَّدا بِکفالَةِ ما یبتَغیهِ لَدَینا، وَالتَمِس لَنا إلَیهِ ابنَ عَمِّهِ هذا لِیکونَ هُوَ الَّذی یبرِمُ الأَمرَ بَینَنا وبَینَهُ، فَإِنَّهُ ذُو الوَجهِ وَالزَّعیمُ عِندَهُ، ولا تُبطِئَنَّ بِما تَرجِعُ إلَینا بِهِ.

وَانطَلَقَ المُنذِرُ إلی رَسولِ اللّهِ(ص)، فَقالَ: السَّلامُ عَلَیک یا رَسولَ اللّهِ، أشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ الَّذِی ابتَعَثَک، وأَنَّک وعیسی عَبدانِ للّهِِ عز و جل مُرسَلانِ. فَأَسلَمَ وبَلَّغَهُ ما جاءَ لَهُ، فَأَرسَلَ رَسولُ اللّهِ(ص) عَلِیا(ع) لِمُصالَحَةِ القَومِ، فَقالَ عَلِی(ع): بِأَبی أنتَ، عَلی ما اُصالِحُهُم؟ فَقالَ لَهُ: رَأیک ـ یا أبَا الحَسَنِ ـ فیما تُبرِمُ مَعَهُم رَأیی.

فَصارَ إلَیهِم، فَصالَحاهُ عَلی ألفِ حُلَّةٍ وأَلفِ دینارٍ خَرجا فی کلِّ عامٍ، یؤَدِّیانِ شَطرَ ذلِک فِی المُحَرَّمِ وشَطرا فی رَجَبٍ، فَصارَ عَلِی(ع) بِهِما إلی رَسولِ اللّهِ(ص) ذَلیلَینِ صاغِرَینِ، وأَخبَرَهُ بِما صالَحَهُما عَلَیهِ، وأَقَرّا لَهُ بِالخَرجِ وَالصَّغارِ.

فَقالَ لَهُما رَسولُ اللّهِ(ص): قَد قَبِلتُ ذلِک مِنکم؛ أما إنَّکم لَو باهَلتُمونی بِمَن تَحتَ الکساءِ، لَأَضرَمَ اللّهُ عَلَیکمُ الوادِی نارا تَأَجَّجُ، ثُمَّ لَساقَهَا اللّهُ عز و جل إلی مَن وَراءَکم فی أسرَعَ مِن طَرفِ العَینِ فَحَرَقَهُم تَأَجُّجا.

فَلَمّا رَجَعَ النَّبِی(ص) بِأَهلِ بَیتِهِ وصارَ إلی مَسجِدِهِ، هَبَطَ عَلَیهِ جَبرَئیلُ(ع) فَقالَ: یا مُحَمَّدُ، إنَّ اللّهَ عز و جل یقرِئُک السَّلامَ ویقولُ: إنَّ عَبدی موسی(ع) باهَلَ عَدُوَّهُ قارونَ بِأَخیهِ هارونَ وبَنیهِ، فَخَسَفتُ بِقارونَ وأَهلِهِ ومالِهِ وبِمَن آزَرَهُ مِن قَومِهِ، وبِعِزَّتی اُقسِمُ وبِجَلالی ـ یا أحمَدُ ـ، لَو باهَلتَ ـ بِک وبِمَن تَحتَ الکساءِ مِن أهلِک ـ أهلَ الأَرضِ وَالخَلائِقَ جَمیعا، لَتَقَطَّعتِ السَّماءُ کسَفا وَالجِبالُ زُبَرا، ولَساخَتِ الأَرضُ فَلَم تَستَقِرَّ أبَدا، إلّا أن أشاءَ ذلِک.

فَسَجَدَ النَّبِی(ص)، ووَضَعَ عَلَی الأَرضِ وَجهَهُ، ثُمَّ رَفَعَ یدَیهِ حَتّی تَبَینَ لِلنّاسِ عُفرَةُ إبطَیهِ ، فَقالَ: شُکرا لِلمُنعِمِ، شُکرا لِلمُنعِمِ ـ قالَها ثَلاثا ـ.

فَسُئِلَ النَّبِی(ص) عَن سَجدَتِهِ وعَمّا رُئِی مِن تَباشیرِ السُّرورِ فی وَجهِهِ، فَقالَ:

«شُکرا للّهِِ عز و جل لِما أبلانی مِنَ الکرامَةِ فی أهلِ بَیتی»، ثُمَّ حَدَّثَهُم بِما جاءَ بِهِ جَبرَئیلُ(ع).[۵]

الإقبال ـ در بیان این که پیامبر(ص) فرستادگانش را به نزد نصارای نجران گسیل داشت و نیز بیان مناظره بزرگان نجرانیان با یکدیگر و سرانجام، آشکار شدن حقّانیت پیامبر(ص) در آنچه آنان را بِدان فرا خواند ـ:

ین ماجرا را با اسانید صحیح و احادیث صریح از کتاب المباهلةی ابو المفضّل محمّد بن [عبد اللّه بن محمّد بن عبد ]المطّلب شیبانی رحمه اللهو از اصل کتاب عمل ذی الحجّةی حسن بن اسماعیل بن اَشناس، با طُرق روشن از افرادی خوش نیت، روایت کرده ایم که نیازی به بردن نام آنها نیست؛ زیرا غرض، نقل سخن آنهاست.

گفته اند: چون پیامبر(ص) مکه را فتح کرد و عرب ها فرمان بُردار او شدند و فرستادگان و دعوتگرانش را به سوی ملّت ها روانه ساخت و به دو پادشاه (کسرا و قیصر) نامه نوشت و از آنها خواست اسلام آورند و در صورت اسلام نیاوردن، یا به جِزیه و فرمان برداری تن دهند و یا خود را برای جنگی بی امان آماده نمایند، نصارای نجران و همگنان آنان، از بنی عبد المَدان و همه بنی حارث بن کعب و توده مردمی که به آنان پناه برده و در میان آنان ساکن گشته بودند ـ از هر فرقه نصرانی چون: اروسیان و سالوسیان، و پیروان دین پادشاه، و مارونیان و عُبّاد و نسطوریان ـ، به عظمت پیامبر(ص) پی بردند و دل هایشان، در هر جایگاه و منزلتی که بودند، آکنده از ترس و وحشت از او شد.

در چنین وضع و حالی، فرستادگان پیامبر خدا(ص) ـ که عبارت بودند از: عتبة بن غزوان و عبد اللّه بن ابی امیه و هُدَیر بن عبد اللّه، برادر تیم بن مُرّه، و صُهَیب بن سنان، برادر نمِر بن قاسط ـ، بر ایشان وارد شدند و آنان را به اسلام دعوت کردند، که اگر پذیرفتند، برادر آنان خواهند بود و اگر سر باز زدند و گردن فرازی نمودند، می باید به کاری ذلّت آور گردن نهند: پرداخت داوطلبانه جزیه، و چنانچه هیچ یک از این دو پیشنهاد را نپذیرفتند و خیره سری کردند، باید همگی خود را برای جنگ آماده نمایند.

در نامه پیامبر(ص) آمده بود: «بگو: ای اهل کتاب! بیایید بر سر سخنی که میان ما و شما یک سان است، بایستیم که: جز خدا را نپرستیم و چیزی را شریک او نگردانیم، و بعضی از ما بعضی دیگر را به جای خدا به خدایی نگیرد. پس اگر [از این پیشنهاد ]اعراض کردند، بگویید: شاهد باشید که ما مسلمانیم [نه شما]» .

گفته اند: پیامبر خدا(ص) با هیچ قومی نمی جنگید، مگر این که پیش تر، آنان را [به پذیرش اسلام] دعوت می کرد. با ورود فرستادگان پیامبر خدا(ص) و نامه ایشان، بر ترس و هراس مردمان، افزوده گشت. پس به کلیسای اعظم خود پناه بردند و دستور دادند آن را فرش کردند و دیوارهایش را با حریر و دیبا پوشاندند و صلیب بزرگ را که از طلا و جواهرنشان بود و قیصر بزرگ، آن را برایشان فرستاده بود، بر افراشتند. بنی حارث بن کعب در آن جا حضور داشتند. آنان جنگاورانی شیردل و شهسواران مردم بودند و عرب ها آنان را از دیرباز در روزگار جاهلیت می شناختند.

پس مردم، همگی برای رایزنی و اندیشیدن در کار خویش گرد آمدند و قبایل مذحج و عَک و حِمیر و اَنمار و نزدیکان نسبی و همسایگان سرزمین آنان از قبایل سبأ به سوی آنان شتافتند، و همگی برآشفته و خشمناک برای قوم خویش بودند و کسانی از آنان که از اسلام آوردن [و تسلیم] سخن می گفتند، از سخن خود برگشتند و در باره این که همگی با هم به سوی پیامبر خدا(ص) ره سپار شوند و در یثرب با او به پیکار برخیزند، به بحث و گفتگو پرداختند.

ابو حامد حُصَین بن علقمه که اسقف اوّل و صاحب مدرسه های آنان و دانشمندشان و از بنی بکر بن وائل بود، چون دید که همگی بر به راه انداختن جنگ هم داستان شده اند، پیشانی بندی خواست و با آن ابروهایش را از روی چشمانش بالا زد. او در آن هنگام، صد و بیست سال عمر داشت. سپس برخاست و بر عصایی تکیه زد. او که مردی فهمیده و صاحب نظر و خردمند و یکتاپرست بود و به مسیح و به پیامبر(ع) ایمان داشت، امّا آن را از قوم و یاران کافر خویش پنهان می داشت، گفت: آرام باشید، ای بنی عبد المَدان! آرام! عافیت و سعادت را پایدار بدارید، که این دو [نعمت] در دل صلح، نهفته است. در این باره ـ ای قوم من ـ چون موران حرکت کنید و از خشم زودگذر بپرهیزید، که خشم بی محابا، فرجام خوشی ندارد. به خدا سوگند، شما بر انجام دادن کاری که هنوز انجامش نداده اید، تواناترید تا پس گرفتن کاری که انجامش داده باشید. آگاه باشید که نجات، در گرو تأنّی و بردباری است. آگاه باشید که گاه، خویشتنداری، بهتر از بی محابا دست به کاری زدن است، و ای بسا جمله ای که مؤثّرتر از حمله است! و سپس خاموش ماند.

کرز بن سَبره حارثی ـ که در آن زمان، پیشوای بنی حارث بن کعب و از خاندان اشراف آنان و فرمانش مطاع و فرمانده جنگ های آنان بود ـ، رو به او کرد و گفت: ای ابو حارثه! تو ریه هایت باد کرده[۶]و قلبت از جا کنده شده است و همچون کسی که اسیر چنگال درنده ای شده باشد، پریشان و هراسناک گشته ای. برای ما مثال می زنی و ما را از جنگ می ترسانی! به حقّ خدای منّان، سوگند که تو از ارزشِ بر دوش کشیدن بارهای گران و سترگ، و بارورسازی جنگ سترون، و راست گردانی کژی پادشاه بزرگ، آگاهی و ما ارکان رائش[۷]و ذو مِناریم.[۸]ما بودیم که سلطنت آن دو را استواری بخشیدیم و شهریاری آنها را گسترانیدیم. پس کدام یک از روزهای (پیروزی های) ما را انکار می کنی؟ و یا ـ وای بر تو ـ بر کدام یک از آن دو، خرده می گیری؟

سخن کرز، تمام نشده بود که پیکان تیری که در دستش بود، از شدّت خشم و عصبانیت، در کف او فرو رفته بود، بی آن که خودش متوجّه باشد. چون کرز بن سَبره از سخن باز ایستاد، نایب ـ که نامش عبد المسیح[۹]بن شُرَحبیل بود و در آن ایام، رئیس قوم و صاحب رأی و طرف مشورت آنان بود و هیچ کس از گفته او سر باز نمی زد ـ، رو به او کرد و گفت:

رویت رستگار و خانه ات آباد و پناهت مستحکم و حَرَمت پاس داشته باد، به حقّ پیشانی های غبار گرفته [بر اثر سجده]! سوگند که از نژادی ناب و تباری ارجمند و عزّتی دیرین یاد کردی؛ امّا ـ ای ابو سَبره ـ هر سخن، جایی دارد و هر عصری، مردانی، و آدمی به امروزش شبیه تر است تا به دیروزش [و باید فرزند زمان خویشتن باشد]. این روزگار است که نسلی را از بین می برد و گروهی را چیره می سازد، و عافیت، بهترین تن پوش است. آفت ها و آسیب ها اسبابی دارند و یکی از مهم ترین اسباب آنها، کوبیدن در آنهاست.

آن گاه نایب، لب از سخن فرو بست و اندیشمندانه سر بر زیر افکند. مهتر ـ که نامش اهتم بن نعمان بود و در آن وقت، اسقف نجران و در بلندپایگی، همتای نایب، و مردی از تیره عامله و در شمار قبیله لَخم بود ـ، رو به او کرد و گفت: بختت یار و مقامت بلند باد، ای ابو واثله! هر برقی درخششی دارد و هر چیز درستی، نورانیتی؛ لیکن به حقّ خداوند خردبخش، سوگند که آن نور را جز بینا نمی بیند. تو و این دو تن با این سخنانی که گفتید، به سوی دو راه، یکی ناهموار و دیگری هموار، رفتید و هر یک از شما، علی رغم اختلافتان، بهره ای از رأی محکم و اندیشه استوار دارید، به شرط آن که در جایگاه خود به کار گرفته شود؛ امّا این مرد قرشی، شما را به کاری بزرگ و امری سترگ فرا خوانده است. پس آنچه در این باره دارید، بگویید و به کار زنید، یا تسلیم شوید و بپذیرید، یا دست بردارید.

عتبه و هَدیر و گروهی از اهل نجران گفته اند: کرز بن سبره که مردی دلیر و مغرور بود، دوباره زبان به سخن گشود و گفت: آیا دینی را که در رگ های ما ریشه دوانیده و پدران ما بر آن در گذشته اند و شهریارانِ مردم و سپس تازیان، آن را از ما آموخته اند، رها سازیم؟! آیا نسنجیده به پذیرفتن این دین (اسلام) بشتابیم، یا به جزیه ـ که به راستی، خفّت آور است ـ، تن دهیم؟! نه به خدا سوگند، باید شمشیرها را از نیام بر کشیم و زنان از فرزندانشان دست شویند و به پیکاری خونین با محمّد بپردازیم. آن گاه خدای عز و جل با نصرت خویش، هر که را بخواهد، پیروزی خواهد بخشید.

مهتر به او گفت: بر خویش و بر ما رحم کن ـ ای ابو سبره ـ که شمشیرکشی، شمشیرکشی می آورد، و عرب ها سر تسلیم در برابر محمّد فرود آورده اند و از او فرمان می برند و او صاحب اختیار است و زمام آنان را به دست گرفته است و فرمانش در بین بیابان نشین و شهرنشین، روان است و دو پادشاه بزرگ، کسرا و قیصر، چشم به او دوخته اند. بنا بر این، به روح، سوگند که او به سوی شما می آید و این قبایلی که به یاری شما شتافته اند، از گرد شما پراکنده و تار و مار می شوند، و شما به سان دیروزِ از میان رفته، بر باد می شوید، یا همچون گوشتی بر کنده زیر ساطور می گردید.

در میان ایشان مردی به نام جَهیر بن سُراقه بارقی، از زندیقان نصارای عرب بود که نزد پادشاهان مسیحیت، جایگاهی داشت و در نجران می نشست. مهتر به او گفت: ای ابو سُعاد! تو در این باره چیزی بگو و با رأی خود، یاری مان رسان؛ زیرا این، نشستی سرنوشت ساز است.

جَهیر گفت: رأی من، آن است که به محمّد نزدیک شوید و به پاره ای خواسته های او از شما تن دهید. آن گاه، نمایندگان شما به نزد پادشاهان همکیشتان روند: پادشاه بزرگ در روم، قیصر، و پنج پادشاه این سیاه پوستان ـ یعنی پادشاهان سیاهان: پادشاه نوبه، پادشاه حبشه، پادشاه علوه، پادشاه رعا و پادشاه راحات و مریس و قِبط که همگی شان نصرانی بودند ـ و نیز به نزد کسانی که به شام رفته و در آن جا سکنا گزیده اند، یعنی شاهان غسّان و لخم و جذام و قُضاعه و جز اینان از صاحبان برکت شما؛ زیرا اینان عشیره و طرفدار و یاور و برادر دینی شما هستند ـ یعنی نصرانی اند ـ و نیز به نزد نصارای حیره از بندگان و جز آنان؛ زیرا قبیله تغلب بن وائل و قبایل دیگر از بنی ربیعة بن نزار به دین ایشان گرویده اند. نمایندگانتان حرکت کنند و شهرها و آبادی ها را شتابان به سوی آنان بپیمایند و برای دینتان از آنان فریاد کمک بطلبند. پس، رومیان به یاری شما می آیند و سیاهان چونان اصحاب فیل به جانب شما حرکت می کنند و نصارای عرب از ربیعه یمن به شما رو می کنند، و چون این نیروهای کمکی سر رسیدند، شما با قبایلتان و دیگر کسانی که به پشتیبانی و یاری و حمایت شما برخاسته اند، حرکت می کنید تا با نژادها و قبایلی که به یاری و کمک شما آمده اند، برابری کنید و آن گاه، آهنگ محمّد نمایید تا همگی [با کمک هم] او را نابود سازید. در این صورت، کسانی که به او گرویده اند، شکست خورده و مقهور به سوی شما می شتابند، و آنان که در شهر او هستند، یک پارچه بر سر او فریاد خواهند زد، و چیزی نمی گذرد که ریشه اش را بر می کنید و آتشش را خاموش می گردانید، و با این کار در میان مردم، مقام و منزلت می یابید و عرب ها بی اختیار به طرف دین شما سرازیر می شوند. آن گاه این کلیسای شما عظمت و شکوه می یابد تا جایی که همانند کعبه که در تهامه به زیارتش می روند، می گردد. رأی درست، این است. پس آن را مغتنم شمارید که رأیی بهتر از این نخواهید داشت.

آن عدّه، سخن جهیر بن سراقه را پسندیدند و سخت تحت تأثیر آن قرار گرفتند و نزدیک بود که بروند و آن را به کار زنند. در میان ایشان، مردی بود از طایفه ربیعة بن نزار از قبیله بنی قیس بن ثعلبه، به نام حارثة بن اَثال، که بر دین مسیح علیه السلام بود. او از جا بر خاست، رو به جهیر کرد و این ابیات را در پاسخ او خواند:

هر گاه حق را با [مهار] باطل بِکشی، امتناع می کند

امّا اگر با [زمام] حق، کوه ها را بکشی، به دنبالت می آیند

هر گاه در کاری، از غیر دَرَش وارد شوی

گم راه می شوی و اگر از در وارد شوی، راه می یابی.

سپس رو به مهتر و نایب و کشیشان و راهبان و همه نصارای نجران کرد و بی آن که به دیگران توجّهی نماید، خطاب به آنان گفت: بشنوید، بشنوید، ای فرزندان حکمت، و بازماندگان حاملان حجّت! به خدا سوگند، خوش بخت، کسی است که اندرز در او کارگر افتد و از پند گرفتن، روی بر نتابد. هان! من به شما هشدار می دهم و سخن مسیحِ خدای عز و جل را برایتان یادآور می شوم. سپس سفارش و سخن او به وصیتش شمعون بن یوحَنّا را باز گفت.

آن گاه از عیسی علیه السلام یاد کرد و گفت: خدای پر جلال به او وحی فرمود که: «ای پسر کنیزم! کتاب مرا با قدرت بگیر و آن را برای مردم سوریه به زبان خودشان تفسیر کن و به ایشان بگو که: منم خدا. معبودی نیست جز منِ زنده پاینده؛ دادار همیشگی که نه تغییر می کنم و نه زوال می پذیرم. من، پیامبرانم را فرستادم و کتاب هایم را نازل کردم که رحمت و روشنایی و مایه نگهداشت خلق من است. سپس با همین ها، فرستاده برجسته ام احمد را ـ که برگزیده من از میان آفریدگانم است ـ، بنده ام فارقلیطا را بر خواهم انگیخت. او را در برهه ای از زمان می فرستم. او را در زادگاهش فاران ـ، که محلّ مقام پدرش ابراهیم علیه السلام است ـ، مبعوث می کنم و توراتی جدید بر او نازل می کنم و با آن، دیدگان کور و گوش های کر و دل های فروبسته را باز می کنم. خوشا به حال کسی که روزگار او را درک کند و سخنش را بشنود و به او ایمان آورد و از نوری که می آورد، پیروی نماید. «ای عیسی! هر گاه از آن پیامبر نام بردی، بر او صلوات فرست؛ زیرا من و فرشتگانم بر او صلوات می فرستیم».

چون سخن حارثة بن اَثال به این جا رسید، دنیا در نظر مهتر و نایب، تیره و تار شد و از آنچه حارثه در جمع مردمان گفت و از قول مسیح علیه السلام در باره محمّدِ پیامبر(ص) خبر داد، دیگرگون شدند؛ زیرا آن دو به خاطر جایگاه دینی شان، در نجران، به جاه و جلالی و در نزد همه پادشاهان و نیز در نزد توده مردم و عرب های آبادی ها، به اعتباری دست یافته بودند. از این رو ترسیدند که این سخنان، موجب شود تا قومشان دیگر از دستورات دینی آنها پیروی نکنند و جایگاهشان در میان مردم از بین برود. پس، نایب رو به حارثه کرد و گفت: خوددار باش ـ ای حارث؛ زیرا مخالفان این سخن، بیشتر از پذیرندگان آن اند، و ای بسا سخنی که بلای جان گوینده اش شود و دل ها در هنگام آشکار ساختن راز حکمت می رمند! پس، از رمیدگی آنها بترس، که هر سخن جایی و هر نکته مقامی دارد. کامیابی، آن چیزی است که تو را در جایگاه های نجات نشاند و زره سلامت بر تو پوشاند. پس هرگز هیچ بهره ای را با این دو، برابر مدار. من ـ ای پدر آمرزیده ـ آنچه شرط بلاغ بود، با تو گفتم. آن گاه خاموش ماند.

مهتر لازم دید که با نایب، هم سخن شود. پس رو به حارث کرد و گفت: من همیشه تو را انسانی با فضل و دانش می دانسته ام که خردها به تو میل می کنند. پس زنهار که بر مرکب خیره سری بنشینی و سوی سراب بتازانی، که هر کس در این کار معذور باشد، تو ـ ای مرد ـ معذور نیستی! ابو واثله ـ که ولی امر ما و سَروَر شهر ماست ـ از عتاب تو فروگذار کرد. پس آن را قدر بدان.

وانگهی، تو می دانی که این ظهور کننده در میان قریش ـ یعنی پیامبر خدا ـ بلایش اندک می پاید و سپس از بین می رود، و پس از آن، نسلی می آید که در پایان آن، پیامبری با حکمت و بیان و شمشیر و قدرت برانگیخته می شود و سلطنتی پایدار پدید می آورد که در آن، امّتش بر شرق و غرب عالم، فرمان می رانند، و از نسل اوست آن فرمان روای ظفرمند که بر همه ممالک و ادیان چیره می گردد، و قلمروش تا آن جا می رسد که شب و روز بر آن طلوع می کند، و این ـ ای حارث ـ آرزویی است که تا رسیدن به آن، روزگاری دراز در پیش است و عمر ما بِدان کفاف نمی دهد. پس ـ ای بزرگ مرد ـ به آنچه از دین خود می دانی، چنگ در زن، و از دل بستگی ای که با زمان به سر می آید یا با پیشامدی از روزگار، از بین می رود، دست بردار؛ زیرا ما در حقیقت، فرزندان امروز خویش هستیم و فردا را خود، فرزندانی است.

حارثة بن اَثال در جوابش گفت: بس کن، ای ابو قُرّه! کسی که به فردایش امید نداشته باشد، برای او از امروزش بهره ای نخواهد بود. از خدا بترس، که خدای بزرگ و بلندمرتبه را به گونه ای می یابی که جز به او پناه نتوان برد.

تو از ابو واثله به نیکی یاد کردی. او ارجمند و فرمانش مطاع، و بخشنده است، و بارها به نزد شما دو تن افکنده می شود. پس اگر کسی باشد که به دلیل فضل آشکار، نیازی به پند و اندرز نداشته باشد، آن کس شما دو تن هستید؛ لیکن این دوشیزگان سخن اند که به خانه شوهرانشان فرستاده می شوند، و نصیحتی است که شما دو تن، سزاوارترین کسی هستید که به آن گوش بسپارید. شما دو تن، شهریاران میوه های دل مایید (بر دل های ما حکومت می کنید) و فرمان روایان ما در دین ما هستید. پس ـ ای دو بزرگوار ـ بردبار باشید، بردبار! مقامی [و حقیقتی] را که کرانه های آن برایتان روشن گشته است، ببینید و از امروز و فردا کردن در کاری که بر عهده شماست، دوری کنید. خدا را در آنچه از فضل خویش بر شما افزوده است، ترجیح دهید و در آنچه بر شما سایه افکنده است، به سستی مگرایید؛ زیرا هر کس زمان کار را به درازا کشاند، فریب، او را به نابودی می کشاند، و هر کس بر مرکب احتیاط بنشیند، در راهی امن از تلفگاه ها قرار می گیرد، و هر که از خردش راه نمایی جوید، عبرت می گیرد و مایه عبرت دیگران نمی شود، و هر که برای خدای عز و جل اخلاص ورزد، خداوند بزرگ و بلندمرتبه، او را در زندگی، عزیز و در آخرت، سعادتمند می گرداند.

او سپس روی عتابش را به نایب کرد و گفت: ای ابو واثله! تو گفتی که مخالفان سخن من، بیش از پذیرندگانش هستند. به خدا سوگند که گفتن این سخن، از تو نسزد؛ زیرا هم تو و هم ما پیروان انجیل، از رفتار مسیح علیه السلام با حواریانش و دیگر افراد قومش که به او ایمان آوردند، آگاهیم، و این از جانب تو لغزشی است که آن را چیزی جز توبه و اقرار به آنچه انکار شده است، نمی شوید.

و چون به این جای سخن رسید، رویش را به مهتر کرد و گفت: هیچ شمشیری نیست، مگر آن که کند می شود، و هیچ عالمی نیست، مگر آن که دچار لغزش می گردد. پس هر که از خطای خویش دست بردارد و رهایش کند، او خوش بخت و خردمند است، و آفت، در پافشاری (لجاجت) است.

تو از دو پیامبری یاد کردی که به گفته خودت، پس از پسر [مریمِ] باکره می آیند. پس آنچه در کتاب ها[ی آسمانی] در این باره آمده است، چه می شود؟! آیا از آنچه مسیح علیه السلام در باره بنی اسرائیل خبر داد، آگاه نیستی، که به آنان فرمود: «شما چگونه خواهید بود، آن گاه که من به نزد پدرم و پدر شما برده شوم و روزگارانی پس از من و شما، راستگو و دروغگویی بیایند؟» و بنی اسرائیل گفتند: آن دو کیستند، ای مسیح خدا؟ فرمود: «پیامبری از نسل اسماعیل که راستگوست و پیامبرنمایی از بنی اسرائیل که دروغگوست. آن راستگو، با رحمت و جنگ، برانگیخته می شود، و پادشاهی و سلطنتش تا وقتی دنیا بر پاست، بر پا خواهد بود و آن دروغگو، که با لقب مسیح دجّال از او یاد می شود، برهه ای کوتاه سلطنت می کند. سپس خداوند، او را به دست من، زمانی که مرا بر می گرداند، به هلاکت می رساند».

حارثه گفت: ای قوم! من شما را بر حذر می دارم از این که یهودیانِ پیش از شما، الگویی برایتان باشند [و به آنان اقتدا کنید]. به آنان از دو مسیح، خبر داده شد: مسیح رحمت و هدایت، و مسیح گم راهی، و برای هر یک از آن دو، نشانه و علامتی قرار داده شد؛ امّا یهودیان، مسیح هدایت را انکار و تکذیب کردند و به مسیح دجّال گم راه کننده، ایمان آوردند و منتظر او شدند، و در فتنه [و گم راهی] ماندند و بر کرّه آن سوار شدند، و پیش تر، کتاب خدا را پشت سرشان انداختند و پیامبران او و بندگان عدالتخواهش را کشتند. پس خداوند عز و جل به سبب اعمالشان، بینشی را که داشتند، از آنان گرفت، و به سبب سرکشی شان، سلطنتشان را از چنگشان در آورد، و داغ ذلّت و خواری بر پیشانی شان زد، و بازگشتشان را به سوی آتش دوزخ، قرار داد.

نایب گفت: ای حارث! تو از کجا می دانی که این پیامبرِ یاد شده در کتاب ها، همان مرد ساکن یثرب است؟ شاید پسرعموی یمامه ای تو[۱۰]باشد؛ زیرا او نیز از نبوّت، همان می گوید [و ادّعا می کند] که مرد قرشی می گوید، و هر دوی آنها هم از نسل اسماعیل اند، و هر دو پیروان و یارانی دارند که به نبوّتشان گواهی می دهند و به رسالتش اقرار دارند. آیا میان آن دو، فرقی می یابی که [برای ما] بیانش کنی؟

حارثه گفت: آری، به خدا سوگند! به خدا که فرقی را که بزرگ تر و دورتر از فاصله میان ابرها و زمین است، می یابم. این فرق، همان اسباب [و معجزاتی ]هستند که به وسیله آنها و مانند آنها، حجّت خدا بر حقّانیت فرستادگان و پیامبرانش، در دل های بندگان عبرت آموز او استوار می شود.

در باره مرد یمامی، همان خبری که فرستادگان و کاروان های شما و غیر شما، یا کوچ گرانتان به سرزمین او، و یمامیانی که نزد شما آمده اند و برایتان آورده اند، خود، دلیلی کافی بر بطلان اوست. آیا همه آنان از قول جاسوسان و خبرچینان مسیلمه و فرستادگان او به سوی احمد در یثرب، به شما خبر ندادند که پس از بازگشت به نزد مسیلمه آنچه را در آن جا از بنی قیله[۱۱]شنیده بودند، برایش باز گفتند؟ بنی قیله گفته بودند: زمانی که احمد به یثرب نزد ما آمد، چاه هایمان نیمه خشک و آب هایمان شور بود و تا پیش از آمدن او، آب شیرین و گوارایی نداشتیم، و او در برخی چاه ها آب دهان انداخت و از برخی دیگر، قدری آب در دهانش کرد و دوباره در آنها ریخت؛ آب های شور، شیرین شدند، و از چاه های نیمه خشک، مانند دریا آب بیرون زد.

گفتند: محمّد در چشم کسانی که به چشم درد مبتلا بودند، و نیز روی زخم افرادی که زخم و جراحت داشتند، تف کرد و چشم ها و زخم هایشان در دم، بهبود یافت و دیگر از درد چشم و زخم، شکایت نکردند. و بسیاری از نشانه ها و معجزات دیگر که از محمّد گفتند و خبر دادند، و از مُسَیلَمه خواستند که او نیز چشمه ای از این کارها را نشان دهد و او بر خلاف میلش پذیرفت و با آنها به طرف یکی از چاه هایشان که آبی شیرین داشت، رفت و در آن تف انداخت؛ امّا آبش چنان شور شد که نمی شد خورد، و در چاه دیگری که اندک آبی داشت، آب دهان انداخت؛ امّا همان اندک آبش خشکید، به طوری که یک قطره آب هم نیامد. در چشم مردی که چشم درد داشت، تف کرد و کور شد. بر زخمی آب دهان انداخت و تمام بدن آن شخص، پیس شد.

مردم با دیدن این صحنه ها، بر مسیلمه خرده گرفتند و از او خواستند که دست بردارد؛ امّا مسیلمه گفت: وای بر شما! شما چه بد امّتی هستید برای پیامبرتان و چه بد عشیره ای هستید برای پسرعمویتان! ای مردم! شما این کارها را زمانی از من خواستید که در باره آنها بر من وحی نیامده بود؛ امّا اکنون در باره بدن ها و موهایتان به من اجازه داده شد، نه در باره چاه ها و آب هایتان و این برای کسانی از شماست که به من ایمان دارند؛ امّا کسی که شک و تردید داشته باشد، آب دهان انداختن من بر او جز بر درد و مرض او نمی افزاید. پس اینک هر یک از شما می خواهد، بیاید تا در چشم او و بر پوستش آب دهان بیندازم.

آنها گفتند: به پدرت سوگند که هیچ کس از ما، خواهان چنین چیزی نیست. ما می ترسیم که موجب شاد شدن یثربیان شوی. و از او روی گرداندند و حرمت خویشاوندی و جایگاهی را که در میان آنها داشت، نگه داشتند [و متعرّض او نشدند].

مهتر و نایب خندیدند، چنان که از شدّت خنده پا بر زمین می کوفتند و گفتند: فرق میان راستگویی و دروغگویی این دو مرد، از فرق میان روشنایی و تاریکی و حق و باطل هم بیشتر است!

گفتند: نایب، با آن که حقیقت برایش روشن شد، دوست داشت آبروی رفته مسیلمه را به جا آورد و جایگاه او را در خور سازد تا وی را همسنگ پیامبر خدا(ص) قرار دهد و بدین وسیله بقای عزّت خود و منزلت والایی را که در میان همکیشانش کسب کرده بود، استمرار بخشد. از این رو گفت: اگر این مرد بنی حنیفه (مسیلمه) در این ادّعایش که خدای عز و جل او را فرستاده، گنهکار است و در این باره چیزهایی گفته که حقّ او نیست، ولی این خدمت را کرده که قوم خود را از بت پرستی به ایمان به خدای مهربان کشانده است.

حارثه گفت: تو را به آن خدایی که زمین را گسترانید و به نام خود، ماه و خورشید را روشنایی بخشید، سوگند می دهم آیا در آنچه خداوند عز و جل در کتاب های پیشین نازل نفرموده است، می یابی که خدای عز و جل گفته باشد: «منم خدا. معبودی نیست جز من که حاکم و جزا دهنده روز جزایم. کتاب هایم را نازل کردم و رسولانم را فرستادم تا به واسطه ایشان، بندگانم را از دام های شیطان برهانم، و آنان را در میان آفریدگانم و زمینم چونان ستارگان درخشان آسمانم قرار دادم، که با وحی من و فرمان من، هدایت می کنند. هر که از آنان فرمان بَرَد، از من فرمان برده و هر که از آنان نافرمانی کند، از من نافرمانی کرده است، و من و فرشتگانم در آسمان و زمینم و آفریدگان لعنتگرم، همگی، آن کس را لعنت کرده ایم که پروردگاری مرا انکار کند یا چیزی از آفریدگانم را شریک من قرار دهد، یا یکی از پیامبران و فرستادگانم را تکذیب کند، یا بگوید: به من وحی شده، در حالی که چیزی به او وحی نشده است، یا سلطنت مرا کوچک شمارد، یا ردای سلطنتم را به باطل بر تن کند، یا بندگانم را کور و از من گم راه و منحرف سازد. هان! مرا در حقیقت، آن کس می پرستد که می داند من از عبادت و طاعتم از خلقم چه می خواهم. پس هر که از راهی که من به واسطه رسولانم رسم کرده ام، به سوی من نیاید، عبادت او، جز بر دوری اش از من نمی افزاید»؟

نایب گفت: خُب، آرام باش! من گواهی می دهم که تو حق را بیان داشتی.

حارثه گفت: پس به چیزی جز حق نباید راضی شد و به چیزی جز آن، پناهی نیست، و من آنچه گفتم، از همین روی گفتم.

مهتر ـ که مردی سخت مکار و مجادله گر بود ـ سخن او را برید و گفت: بسیار خوب؛ امّا به نظر من، این مرد قرشی (پیامبر خدا(ص) ) با آن دینش، تنها به سوی قومش [یعنی] فرزندان اسماعیل فرستاده شده است. با این حال، ادّعا می کند که خدای عز و جل او را به سوی همه مردمان فرستاده است.

حارثه گفت: ای ابو قرّه! آیا تو می دانی که خداوند، محمّد را فقط به سوی قوم خودش فرستاده است؟

مهتر گفت: آری.

حارثه گفت: به این امر، گواهی می دهی؟

مهتر گفت: وای بر تو! آیا می توان شواهد را رد کرد؟ آری، بدون تردید، گواهی می دهم. کتاب های کهن و خبرهای پیشین هم به آن گواهی می دهند.

حارثه خنده کنان سر به زیر افکند و به فکر فرو رفت و با انگشت نشانه اش با [خاک های] زمین، ور رفت.

مهتر گفت: چرا می خندی، ای پسر اَثال؟

گفت: از تعجّب، خنده ام گرفت.

مهتر گفت: مگر آنچه می شنوی، تعجّب دارد؟

حارثه گفت: آری، کاملاً تعجّب دارد. به حقّ خدا، آیا عجیب نیست مردی که فضیلت علم و حکمت به او داده شده است، می گوید که خداوند عز و جل برای نبوّت خود، مردی دروغگو را برگزیده و رسالتش را به او سپرده و او را با روح و حکمت خود، تأیید کرده است؛ کسی را که به خدا دروغ می بندد و می گوید: «به من وحی شده»، با آن که به او وحی نشده است و چون کاهن، راست و دروغ و درست و نادرست را به هم می بافد؟

مهتر، باز ایستاد و فهمید که خراب کرده است و محکوم شد و خاموش ماند.

گفتند: حارثه در نجران، غریب بود. از این رو، نایب که از سخنان تند و آزار دهنده او به مهتر جریحه دار شده بود، رو به حارثه کرد و گفت: بس کن ـ ای مرد بنی قیس بن ثعلبه ـ و تیزی زبانت را نگه دار، و این قدر تنور نادانی ات را برای ما داغ مکن؛ زیرا ای بسا سخنی که گوینده اش با آن، سری را بلند می کند،[۱۲]لیکن همان سخن، او را در قعر تاریکی می افکند، و ای بسا سخنی که دل های کینه ور را به صلاح و آشتی می آورد. پس، از آنچه دل ها پیشاپیش، انکارش می کنند و آن را نمی پذیرند، دست بدار، هر چند در نزد خودت برای آن، عذری باشد. وانگهی، بدان که برای هر چیزی صورتی است، و صورت انسان، خِرد است، و صورت خرد، ادب، و ادب بر دو گونه است: سرشتین و آموختنی، و برترین آنها، ادبِ خدای عز و جل (ادب خدادادی) است، و از ادب و حکمت خدای سبحان، این است که برای سلطنت او، حقّی است که برای هیچ یک از مخلوقاتش نیست؛ زیرا این سلطنت، ریسمان میان خدا و بندگان اوست. و سلطنت، دو گونه است: سلطنت پادشاهی و چیرگی، و سلطنت حکمت و شریعت. در رأس این دو، سلطنت حکمت، جای دارد، و تو ـ ای مرد ـ خود، می بینی که خدای عز و جل با لطف و احسان خویش، ما را بر پادشاهان دینمان و بر ملازمان و اطرافیان آنان، حاکم و مسلّط گردانیده است. پس ـ ای مرد ـ حق را به حقدار بده. در این صورت، بر تو نکوهشی نخواهد بود.

سپس گفت: از آن مرد قرشی و نشانه ها و هشدارهایی که آورده است، گفتی و با طول و تفصیل هم گفتی، و درست گفتی. ما از محمّد آگاهیم و به او کاملاً یقین داریم. من گواهی می دهم که تو نشانه ها و معجزات او را از قدیم و جدیدش، بیان کردی، بجز یک نشانه را که شفابخش ترین و شریف ترینِ نشانه های اوست، و نسبت آن با دیگر نشانه هایی که آورده، همانند سر به بدن است. بدنی که سر ندارد، چگونه است؟! پس، اندکی مهلت ده تا اخبار را جستجو کنیم و نشانه ها را از نظر بگذرانیم و آنچه را به ما رسیده است، وارسی نماییم. اگر آن نشانه فراگیر و نهایی او را مشاهده کردیم، ما زودتر از هر کس دیگر به او خواهیم پیوست و بیش از همگان فرمان بردارش خواهیم بود. در غیر این صورت، بدان که حقیقت، همان است که نبوّت و سفارتِ از جانب خداوندی که در حکم و فرمان او تفاوت و تغایری نیست، می گوید.

حارثه به او گفت: تو حرف هایت را زدی و به گوش همگان رساندی، و من شنیدم و فرمان بردارم؛ امّا این نشانه ای که فقدان آن می رماند و نبودش تردید می آورد، چیست؟!

نایب به او گفت: ابو قرّه، آن را برایت روشن ساخت؛ لیکن تو راهی دیگر را در پیش گرفتی و بیهوده با ما این همه بحث و جدل نمودی.

حارثه گفت: علاوه بر آن، اکنون تو آن را برایم روشن گردان. پدر و مادرم به قربانت!

نایب گفت: رستگار است کسی که حق را شناخت و در برابر حق گردن نهاد و بِدان اعتراف نمود و از آن روی نگرداند. هم ما و هم تو از خبرهای کتاب های آسمانی که شامل علم اقوام و امّت ها و رخدادهای گذشته و آینده است، آگاهی داریم. این کتاب ها که به زبان هر امّتی از آن امّت ها نازل شده اند، ظهور احمدِ پیامبر نهایی را اعلام کرده اند و بشارت و هشدار داده اند؛ پیامبری که امّتش شرق و غرب عالم را می پوشانند و پیروانش پس از او سلطنتی دیر ینده بر پا می کنند که اوّلینِ آنها، حکومت را از نزدیک ترین فردشان به آن پیامبر، از جهت دنباله روی و خویشاوندی، غصب می کند. بعدا امّتشان دست به تجاوزگری و توسعه طلبی می زنند و بدین ترتیب، روزگاری دراز حکومت می کنند، تا جایی که در جزیرة العرب، هیچ خانه ای و خانواده ای نمی ماند، مگر این که یا طرفدار آنهاست و یا از آنان بیمناک است. سپس بعد از مشقّات بسیار، روزگار از آنان بر می گردد و سلطنتشان به مرزها و خاندان های گوناگون تجزیه می شود، و مانندِ کرم هایی که در بینی شتر و گوسفند می افتند، اقوامی در میان آنان می افتند. سپس بردگان و غلام زادگانشان بر آنها حاکم می شوند و نسل اندر نسل، سلطنت می کنند و در میان مردم، با زور و خشونت، دسته دسته فرمان می رانند، و سلطنتشان سلطنتی پر نیش و گزند است.

در این هنگام، از گوشه و کنار زمین، فرو کاسته می شود، و بلا سخت می شود و آسیب ها همه جا را می گیرد، چندان که مرگ در نزد هر یک از آنها از آن زندگی فلاکتبار، عزیزتر و محبوب تر است، و این نیست، مگر به سبب بدبختی ها و مصیبت ها و فتنه کوری که به جان آنها می افتد. سرپرستان و پیشوایان دین در آن هنگام، مردمانی هستند که اهل آن نیستند. از این رو، دین، آنها را مانند آب دهان بیرون می اندازد، و نشانه های دین از بین می روند، و خودش رو به محو و نابودی می نهد و سرانجام از آن، جز نامش چیزی باقی نمی ماند، به طوری که مرگش را اعلام می کنند.

در آن روز، مؤمن، غریب است، و دینداران، اندک اند، تا جایی که جز اندکی، بقیه مردم از لطف و گشایش الهی نومید می گردند، و عدّه ای گمان می کنند که خداوند هرگز پیامبرانش را یاری نمی کند و وعده اش را تحقّق نمی بخشد؛ لیکن چون سختی ها و کیفرها بر سرشان فرود آمد و گلوی همه آنها را فشرد، آن گاه خداوند به داد دینش می رسد، و بندگانش را که دیگر نومید شده اند، با مردی از نسل و ذریه پیامبرشان احمد، کمک می کند. خداوند عز و جل ناگهان، او را می آورد. آسمان ها و آسمانیان بر او درود می فرستند، و زمین و هر چه بر روی زمین است، از گزنده و پرنده و آدمی، از آمدن او شادمان می شوند، و مادرتان ـ یعنی زمین ـ برکت ها و زیورهایش را برای او بیرون می ریزد. زمین، گنج ها و پاره های جگرش را به سوی او می افکند، آن سان که بر شکل و حالتش در زمان آدم علیه السلام بر می گردد. در روزگار او (قائم علیه السلام )، فقر و بیماری ها و کیفرهایی که پیش تر به سر امّت ها فرود می آمد، از مردم برطرف می شود و همه جا را امنیت فرا می گیرد، و زهر هر زهرداری و چنگال هر چنگالداری و نیش هر نیشداری، کنده می شود، به طوری که دختر بچّه نوپا با مار زنگی، بازی می کند و به او هیچ گزندی نمی رساند، به طوری که شیر در میان گلّه گاو، به سان چوپان آن است، و گرگ در میان رمه برّه ها گویا صاحب آن. خداوند، بنده اش را بر هر آنچه دین است، چیره می گرداند، و زمام جهان را تا بیضای چین در دست می گیرد، به طوری که به روزگار او در سرتاسر زمین، تنها دینی که هست، همان دین حقّ خداست، که برای بندگانش پسندیده و آدم، این مخلوق بدیعش، و احمد، خاتم پیامبرانش، و پیامبران و فرستادگان میان این دو را با آن دین فرستاده است.

چون نایب، این نَقلش را بدین جا رسانید، حارثه رو به او کرد و در جوابش گفت: به خدای دادار، سوگند ـ ای خردمند بزرگ و ای دانای برگزیده ـ که حق در دل تو درخشید، و دل ها از عدالت [و حقّانیتِ] گفتار تو روشن شد، و کتاب های خدا ـ که آنها را نوری در شهرهایش و گواهی بر بندگانش قرار داده است ـ، با این نقلی که تو از سطور آنها کردی، نازل شدند و هیچ دفتری از آنها با دفتری دیگر ناساز نبود، و نه هیچ خطّی از آیات آنها با خطّی دیگر. پس دیگر چه می خواهی [و چرا به او ایمان نمی آوری]؟

نایب گفت: تو او را همان مرد قرشی می پنداری؛ امّا با این تصوّرت سخت در اشتباهی.

حارثه گفت: به چه دلیل؟ مگر شواهد، بر نبوّت و رسالت او گواهی نمی دهند؟

نایب گفت: چرا به خدا؛ امّا دو پیامبر و رسول هستند که در فاصله بعد از مسیحِ خدا و قیامت می آیند، و نام یکی از آن دو، از دیگری مشتق است: محمّد و احمد. به [ظهور] اوّلی، موسی علیه السلام بشارت داده است و به دومی، عیسی علیه السلام. این مرد قرشی [فقط ]به سوی قوم خودش فرستاده شده و بعد از او، صاحبِ سلطنتی نیرومند و بهره ای طولانی [از دنیا ]می آید. خداوند عز و جل او را خاتم [آورندگان] دین و حجّت بر همه آدمیان بر می انگیزد. سپس بعد از او، دوره ای می آید که در آن دوره، پایه ها از جایگاه خود، دور می شوند. پس خداوند عز و جل او را باز می گرداند و بر هر چه دین است، چیره اش می گرداند، و او و فرمان روایانِ شایسته پس از او بر هر آنچه شب و روز آنها را فرا می گیرد از دشت و کوه و خشکی و دریا، فرمان می رانند و همچون دو پدر، آدم و نوح(ع)، وارث ملک زمین خدای عز و جل می شوند؛ امّا با آن که پادشاهانی بزرگ اند، آنان را در هیئت درویشان پریشان حال و بیچاره می بینی. اینان، همان مردان ارجمند و برتری هستند که بندگان خدا و سرزمین او جز با آنان، سامان نمی گیرند. و در زمانِ آخرین فرد آنها (امام زمان) و پس از درنگی طولانی و سلطنتی نیرومند، عیسی پسر [مریمِ ]باکره [از آسمان] بر آنان فرود می آید. بعد از آنان، دیگر خیری در زندگی نیست. در پی آنها آشوب توده های پست که در خِرَد چونان گنجشک اند، به راه می افتد، و آن گاه است که قیامت بر پا می شود، و قیامت در زمان بدترین و پلیدترین مردمان، بر پا می شود. این وعده ای است که خدای عز و جل به واسطه آن بر احمد درود فرستاد، چنان که به واسطه آن بر خلیلش ابراهیم علیه السلام درود فرستاد و این یکی از فراوان براهین در تأیید احمد(ص) است که کتاب های پیشینِ خدا از آنها خبر داده اند.

حارثه گفت: پس، از نظر تو ـ ای ابو واثله ـ قطعی و ثابت است که این دو نام، برای دو نفر است؛ برای دو پیامبر مُرسَل در دو عصر مختلف؟

نایب گفت: آری.

حارثه گفت: آیا در این باره تردیدی یا گمانی به وجود تو راه می یابد؟

نایب گفت: نه، به معبود سوگند، این، از آفتاب هم روشن تر است. و به قرص خورشید، اشاره کرد.

حارثه سرش را پایین انداخت و تعجّب کنان با انگشتش با زمین ور رفت. سپس گفت: ای پیشوای مُطاع! مصیبت است این که مال، در نزد کسی باشد که آن را می اندوزد، نه کسی که خرجش می کند، و سلاح، نزد کسی باشد که از آن برای تزیین خود، استفاده می کند، نه نزد کسی که با آن می جنگد، و رأی، نزد کسی باشد که آن را در اختیار می گیرد، نه کسی که یاری اش می کند.

نایب گفت: ای حارثک! هر ناسزایی که خواستی، گفتی، و هر گستاخی ای که خواستی کردی. بس کن دیگر!

حارثه گفت: به خدایی که آسمان ها و زمین ها به اذن او بر پاست و شاهان به فرمان او چیره گشته اند، سوگند می خورم که این دو نام برای یک نفر و یک پیامبر و یک فرستاده است، که موسی بن عمران از آمدنش خبر داده، و عیسی بن مریم بشارتش را داده، و پیش از آن دو نیز صُحُف ابراهیم علیه السلام به او اشاره کرده است.

مهتر خندید، طوری که به قومش و به حاضران وانمود کند که خنده اش برای ریشخند حارثه و از سر تعجّب است. نایب از خنده او به شوق و نشاط آمده، سرزنش کنان رو به حارثه کرد و گفت: [خنده ]دروغ ابو قرّه، تو را نفریبد؛ زیرا اگر چه او برای تو خندید؛ امّا در حقیقت به تو خندید.

حارثه گفت: اگر چنین کرده باشد، یک جوری سبکی یا کار بدی کرده است. آیا شما دو تن ـ که خدایتان به راهتان آوَرَد ـ از حکمت کهن نمی دانید که: «خردمند را سزد رو ترش نمودن جز از بهر ادب کردن، و خندیدن، مگر از سر شگفتی»؟ آیا از سَروَرتان مسیح علیه السلام به شما نرسیده است که فرمود: «خنده بی جای عالِم، از غفلت دل اوست یا از سرمستی ای که او را از فردایش بی خبر کرده است».

مهتر گفت: ای حارثه! به خدا سوگند که هیچ کس با خِرد خویش زندگی نمی کند، مگر این که با گمانش نیز زندگی می کند،[۱۳]و اگر من جز آنچه را تو روایت کردی، نمی دانستم که عالِم نبودم. آیا به تو نیز از سَروَرمان مسیح ـ که درود او بر ما باد ـ نرسیده است که: «خداوند، بندگانی دارد که به سبب رحمت بی کران پروردگارشان آشکارا می خندند و از ترس پروردگارشان، در نهان می گریند»؟

حارثه گفت: اگر این است، بسیار خوب [اشکالی ندارد].

مهتر گفت: آنچه را گفتی، باید به حساب بدگمانی های تو به بندگان خدایت دانست. بر گردیم بر سر آنچه موضوع سخن ماست؛ زیرا بحث و کشمکش میان ما به درازا کشید، ای حارثه!

گفته اند: این، سومین نشست در سومین روز از گردهمایی آنان برای بحث و مشورت در باره مسئله ای بود که برایشان پیش آمده بود.

مهتر گفت: ای حارثه! آیا ابو واثله با روشن ترین بیانی که به گوشی خورده است، تو را خبر نداد؟ و با یک چنین زبانی به تو گزارش نکرد؟ و تو را با دلایلی که آورد، مجاب ننمود؟[۱۴]و اینک من از باب تأکید، آن را از منبعی سوم به تو یادآور می شوم. تو را به خدا و به آنچه بر کلمه ای از کلماتش (پیامبری از پیامبرانش) نازل کرده است، سوگند می دهم، آیا در زاجره نقل شده از زبان اهل سوریه به زبان عربی ـ یعنی صحیفه شمعون بن حَمّون صفا که اهل نجران، آن را از او به ارث برده اند ـ، نمی یابی؟!

مهتر گفت: آیا او پس از ایراد سخنی طولانی، نگفت: «آن گاه که رشته خویشاوندی ها جدا و بریده شود، و نشانه ها از میان رود، خداوند، بنده اش فارقلیطا را با رحمت و دادگری می فرستد. گفتند: فارقلیطا چیست، ای مسیح خدا؟ گفت: احمدِ پیامبر خاتم و وارث [پیامبران]. او کسی است که در زمان حیاتش [خداوند] بر او درود می فرستد، و پس از آن که او را نزد خویش برد نیز بر وی درود می فرستد، به واسطه فرزند پاک و برگزیده او که در آخر الزمان، آن گاه که دستگیره های دین از هم می گسلند، و چراغ های شریعت، خاموش می گردند و ستارگانش افول می کنند، خداوند، او را می فرستد، و اندکی از ظهور آن بنده صالح نمی گذرد که دین به حالت آغازش باز می گردد، و خداوند عز و جل سلطنت خود را در بنده اش، و سپس در نیکانِ از نسل او، مستقر می سازد، و این سلطنت، از او منتشر می شود، تا جایی که پادشاهی اش در سراسر زمین قرار می گیرد»؟

حارثه گفت: تمام آنچه شما دو تن بیان داشتید، حق است، و با وجود حق، جای هراس نیست و با غیر حق انس نتوان گرفت. پس دیگر چه می خواهید؟

مهتر گفت: حقیقت، آن است که شخصِ بی دنباله از این افتخار، بهره ای ندارد.

حارثه گفت: همین طور است؛ امّا محمّد چنین نیست.

مهتر گفت: تو جز ستیزه گری نمی دانی. آیا کاروانیان ما و یارانمان پس از جستجو در باره او به ما خبر ندادند که او تنها دو فرزندِ پسر، قُرَشی و قِبطی،[۱۵]داشته و هر دو مرده اند و محمّد، چون شاخ شکسته [یعنی بی کس و فرزند] مانده و پایش بر لب گور است. اگر از دنیا رفت و از او فرزندی بر جای ماند، آن گاه سخن تو جا دارد.

حارثه گفت: به خدا سوگند که عبرت ها بسیارند؛ امّا عبرت گرفتن از آنها اندک است، و نشانه های راه راست، موجودند، اگر چشم از دیدن آنها کور نباشد. همان گونه که چشمان بیمار نمی توانند به قرص خورشید بنگرند، همچنین نظرهای کوتاه، دستشان به نور حکمت نمی رسد؛ چون ناتوان اند. البتّه هر کس چنین باشد، شما دو تن ـ به مهتر و نایب اشاره کرد ـ چنین نیستید. به خدا سوگند که شما دو تن، به سبب میراث حکمتی که خدای عز و جل عطایتان کرده و به واسطه بقایای حجّتی که نزد شما به امانت سپرده است، و بزرگی و منزلتی که برای شما در میان مردم قرار داده است، حجّت بر شما تمام است. خداوند عز و جل کسی را که به او سلطنتی بخشیده، شهریار و خدایگان مردم قرار داده است، و شما دو تن را حاکم و سرپرست بر شهریاران آیین ما، و حامیان آنان قرار داده است، آن سان که در دینشان به شما پناه می آورند؛ امّا شما به آنان پناه نمی برید، و به آنان فرمان می دهید و آنان فرمانتان می برند، و هر شهریاری یا سلطانی باید برای خداوند عز و جل که او را بالا برده است، فروتنی نماید، و برای خدای عز و جل با بندگانش خیرخواه باشد، و در کار او سستی نکند.

شما دو تن از شهادت های راستی که به نفع محمّد، حکم کرده اند، و در کتاب های محفوظ مانده [در نزد شما ]بر حقّانیت او صحّه می گذارند، یاد کردید، و با این حال، بر آنید که او تنها به سوی قوم خودش فرستاده شده و نه به سوی همه مردمان، و او را پیامبر خاتم و جهانی و وارث نهایی [پیامبران ]نمی دانید؛ چون او را بی دنباله می پندارید. چنین نیست؟

مهتر و نایب گفتند: چرا.

حارثه گفت: اگر او بازمانده و دنباله ای داشت، آیا شما دو تن که به دلیل آنچه در دل دارید و به خاطر تکذیب وراثت و چیره آمدن [وارث نهایی او] بر همه شرایع، در شک هستید، باز هم در این که او پیامبر خاتم و فرستاده شده به سوی همه بشر است، شک می کردید؟

گفتند: نه.

حارثه گفت: آیا این پاسخ برای این ایراد، بعد از این همه سرزنش ها و ستیزه ها، برایتان کافی نیست؟

گفتند: چرا.

حارثه گفت: اللّه اکبر.

آن دو گفتند: تکبیر گفتی. سبب چیست؟

حارثه گفت: حق آشکار شد، و باطل به لکنت افتاد، و کشیدن آب دریا و شکافتن کوه از میراندن آنچه خدا زنده کرده و زنده کردن آنچه او میرانده، آسان تر است. اینک، بدانید که محمّد، مقطوع النسل نیست، و او حقیقتا خاتم و وارث [نهایی پیامبران] و فرستاده نهایی است، و پس از او پیامبری نیست، و امّت او، آخرین امّت اند تا قیام قیامت که خداوند، زمین و زمینیان را به ارث می برد، و از نسل اوست آن فرمان روای شایسته ای که توضیح دادید و خبر دادید که بر شرق و غرب عالم، حاکم می شود، و خداوند عز و جل او را با آیین توحیدی ابراهیم بر همه آیین ها چیره می گرداند.

آن دو گفتند: وای بر تو، ای حارثه! ما از تو غافل بودیم؛ لیکن تو چونان روبهان مکار، از ستیزه گری خسته نمی شوی، و از بحث سیر نمی گردی. تو ادّعای بزرگ کردی. برهانت بر آن چیست؟

حارثه گفت: به نیایتان سوگند، شما را از برهانی خبر دهم که از شبهه نگه می دارد، و درد سینه ها بِدان شفا می یابد!

آن گاه به ابو حارثه حُصَین بن علقمه، رئیس آنان و اسقف اوّلشان، رو کرد و گفت: ای پدر عزیز! اگر صلاح می دانی، با آوردن جامعه[۱۶]و زاجره، دل های ما را آرام و سینه هایمان را شاد گردان.

گفتند: این، چهارمین نشست در روز چهارم بود و این روز، روزی بود که زمین، آفریده شد و خورشید به وسط آسمان رسید و چلّه تابستان بود. پس، آن دو به حارثه رو کردند و گفتند: دنباله این بحث را به فردا بیفکن، که دیگر جانمان به لب رسیده است.

پس، جمعیت پراکنده شدند تا فردا که زاجره و جامعه را بیاورند و در آن دو بنگرند و به آنچه در آنها آمده، عمل کنند. چون فردا شد، نجرانیان به کلیسایشان آمدند تا ببینند جامعه که دو رئیسشان و حارثه بر آن توافق کرده بودند، چه می گوید. مهتر و نایب، چون اجتماع مردم را برای این منظور دیدند، خود را باختند؛ چون می دانستند که سخن حارثه درست است، و راه را بر حارثه گرفتند تا او را از گشودن کتاب ها در حضور مردم، منصرف کنند. آن دو، شیطان هایی انسان نما بودند.

مهتر گفت: تو زیاده گویی کردی و همه را خسته نموده ای. پس بحث و سخن با ما را که رشته اش بریده شد، در همین جا مختومه دار، و از ادامه دادن به آن دست بشوی.

حارثه گفت: آیا این جز از تو و یار تو بود؟ پس، از حالا آنچه می خواهید، بگویید.

نایب گفت: آنچه گفتنی بود، گفتیم، و دوباره پاره ای از آنها را می آزماییم، بی آن که حجّتی از حجّت های خدا را کتمان نماییم، یا نشانه ای از او را انکار کنیم، یا به خدا افترا بندیم و بنده ای را که از جانب او فرستاده شده است، فرستاده اش ندانیم. ای مرد! ما اعتراف داریم که محمّد، فرستاده خداوند عز و جل به سوی قومش از فرزندان اسماعیل است، بدون آن که بر دیگر مردمان از عرب و عجم، لازم باشد که از او پیروی و فرمان برداری کنند و به خاطر او از دینی دست بر دارند و با او به دینی دیگر در آیند؛ بلکه تنها کافی است که اقرار کنند او پیامبر و فرستاده به سوی بزرگان قوم و دین خودش است.

حارثه گفت: به چه دلیل بر پیامبری او و فرمان برداری از وی گواهی می دهید؟

آن دو گفتند: چون در بشارت های اناجیل و کتاب های پیشین، در باره او برای ما گواهی داده شده است.

حارثه گفت: حال که پس از این همه سخنان بلند و کوتاه و مکرّر، پذیرفتید که محمّد این گونه است، از کجا می گویید که او وارث نهایی و فرستاده به سوی همه انسان ها نیست؟

آن دو گفتند: هم تو و هم ما می دانیم و شک نداریم که حجّت خداوند عز و جل تمام نشده است؛ بلکه آن کلمه خداست که تا شب و روز در پی هم می آیند و تا زمانی که حتّی دو نفر آدم در این عالم باقی اند، در نسل ها جاری خواهد بود، و ما پیش تر گمان می کردیم که محمّد، صاحب این کلمه است، و اوست که زمام آن را می کشد؛ لیکن چون خداوند عز و جل با بردن فرزندان ذکورش، او را بی نسل کرد، دانستیم که او نیست؛ زیرا محمّد، مقطوع النسل است، در حالی که به شهادت کتاب های آسمانی خدای عز و جل، حجّت باقی مانده خدای عز و جل و پیامبر خاتم او، مقطوع النسل نیست. بنا بر این، او (حجّت نهایی و پیامبر خاتم)، پیامبر دیگری است که پس از محمّد می آید و [دینش] جاوید می ماند. نامش از نام محمّد گرفته شده است، و او همان احمد است که مسیح علیه السلام از نام او و از ختم نبوّت و رسالتش خبر داده است، و فرزندش چنان سلطنتی قاهر می یابد که همه مردم را بر شریعت بزرگِ خداوند عز و جل گرد می آورد. او یکی از یاران دین [و امّت] او نیست؛ بلکه از ذریه او و از پشت اوست. بر تمام آبادی های زمین، و آنچه میان این آبادی هاست از سنگلاخ و دشت و کوه و دریا، سلطنت می کند؛ سلطنتی به ارث رسیده و آماده. این، خبری است که کتاب های اناجیل از آن، اطّلاع داده اند و ما هم این سخن را به گوش تو خواندیم و پیاپی برایت باز گفتیم. پس دیگر تو را چه حاجت به تکرار آن؟!

حارثه گفت: می دانم که من و شما سه روز است بحث و گفتگو می کنیم، و این نیست، مگر برای آن که فراموش کرده، به یاد آورد و غفلت زده، به خود آید، و حقایق برای ما روشن گردد. شما دو تن، از دو پیامبری سخن گفتید که در فاصله میان [رفتن] مسیح خدا و قیام قیامت، پشت سر هم می آیند و گفتید: هر دوی آنها از فرزندان اسماعیل اند. اوّلین آنها، محمّد در یثرب، و دومین آنها، احمد خاتم. محمّد، آن مرد قرشی، همین ساکن در یثرب است و من به او حقیقتا ایمان دارم. آری، به معبود سوگند، او همان احمد است که کتاب های خدای عز و جل، از او خبر داده اند و نشانه هایش بر او دلالت دارند. او حجّت خدا و فرستاده خاتم او و وارث حقیقی [پیامبران] است، و در فاصله میان پسر [مریمِ] باکره تا قیامت، جز او پیامبر و فرستاده ای و حجّتی نخواهد بود، مگر کسی که از نسل دختر پاک دامن و بزرگوار و مؤمن اوست [که البتّه او هم حجّت خداست]. پس شما دو تن، به سبب ابلاغی که از جانب خداوند در باره نبوّت محمّد، به شما شده است، به آن اطمینان دارید، و اگر انقطاعِ نسل او نبود، در این که او اوّلین و آخرین است، شک نمی داشتید؟

آن دو گفتند: آری، این یکی از بزرگ ترین نشانه های او در نزد ماست.

حارثه گفت: پس ـ به خدا سوگند ـ، شما دو تن در باره پیامبر دومی که پس از او می آید، دچار شک و شبهه اید، و جامعه در این باره میان ما داوری می کند.

مردم از هر سو فریاد زدند: جامعه ـ ای ابو حارثه ـ! جامعه!

علّت این [درخواستِ آوردن جامعه] آن بود که مردم از بحث و جدل های طولانی میان آن سه، خسته شده و به ستوه آمده بودند. به علاوه، می پنداشتند که پیروزی، با آن دو تن خواهد بود و ادّعاهایی که در آن نشست ها کرده بودند، تأیید خواهد شد.

ابو حارثه به مرد غول پیکری که کنارش ایستاده بود، رو کرد و گفت: ای غلام! برو و آن [جامعه] را بیاور. او جامعه را آورد، در حالی که روی سرش گذاشته و از سنگینی به زور، آن را نگه داشته بود.

مردی راستگو از نجرانیان ـ که با مهتر و نایب، ملازم بود و در پاره ای امورشان به آن دو، خدمت می کرد و از بسیاری کارهای آنان اطّلاع داشت ـ به من (راوی) گفت: چون جامعه آورده شد، مهتر و نایب در مخمصه شدیدی افتادند؛ چون می دانستند که با ورق زدن آن به نشانه ها و اوصاف پیامبر خدا(ص) و ذکر خانواده و همسران و فرزندان او، و مصائبی که پس از او تا پایان دنیا در میان امّت و یاران او رخ می دهد، دست خواهند یافت.

از این رو، یکی از آن دو، رو به دیگری کرد و گفت: امروز، روزی است که طلوع خورشید آن برای ما خجسته نیست. پیکرهایمان در این روز، حاضر است؛ امّا اندیشه هایمان حضور ندارند؛ چرا که فرومایگان و سفلگانِ ما حضور دارند، و به ندرت پیش می آید که نابخردان قومی در جمعی باشند و پیروزی از آنِ ایشان نباشد.

آن دیگری گفت: آنان برای آن که مغلوب می شود، بد چیره شوندگانی هستند. یک نفرِ آنان با کمترین سخنی چنان ضربتی می زند و در یک آن، چنان خرابی ای به بار می آورد که طبیب خردمند نمی تواند آن ضربه را التیام بخشد، و تیماردار[۱۷]حاذق در یک سال تمام، از عهده اصلاح آن خرابی بر نمی آید؛ چرا که نادان، ویرانگر است و دانا سازنده، و میان ساختن و ویران کردن، تفاوت از زمین تا آسمان است.

حارثه از فرصت استفاده کرد و در خفا و پنهانی، پیکی نزد گروهی از یاران پیامبر خدا(ص) فرستاد و از آنان خواست که در گردهمایی ایشان حاضر شوند و آنان آمدند. در نتیجه، آن دو نتوانستند آن جلسه را تعطیل کنند یا به تأخیر افکنند؛ زیرا در یافتند که عموم نصارای نجران منتظرند تا بدانند که در جامعه از اوصاف پیامبر خدا(ص) چه آمده است، مخصوصا که حضور فرستادگان پیامبر خدا(ص) در آن جمع و تحریک حارثه علیه آن دو و تمایل شیخشان به ابو حارثه، آنان را به این امر برانگیخته [و کنجکاو کرده] بود.

آن مرد نجرانی به من (راوی) گفت: پس، رأی آن دو بر این شد که به وضعیتِ پیش آمده، گردن نهند و نشان ندهند که از آن گریزان اند، مبادا بدگمانی به آن را به خود راه دهند، و نیز تا اوّلین ارج گزار جامعه و مشوّق به آن باشند تا مقام و منزلت آن دو، خدشه دار نشود. سپس حقیقت امر، روشن شود و از آن کمک بگیرند تا به موجب آن عمل نمایند. از این رو، با این ذهنیت، به طرف جامعه ـ که در برابر ابو حارثه بود ـ پیش رفتند. حارثة بن اثال، در برابر آن دو، قرار گرفت، و گردن ها به طرف آن دو کشیده شدند و فرستادگان پیامبر خدا(ص) پیرامون آنان را گرفتند.

ابو حارثه دستور داد جامعه را باز کردند و [نیز] صحیفه بزرگ آدم علیه السلام را که مشتمل بود بر علم ملکوت خدای عزیز و پُر جلال و آنچه در زمین و آسمانش آفریده و پدید آورده، و آنچه جهان های میان آسمان و زمینش را از آن بیرون آورده؛ همان صحیفه ای که شیث از پدرش آدم علیه السلام به ارث برد و آدم آن را از لوح محفوظ گرفته بود.

پس، مهتر و نایب و حارثه، در صحیفه برای یافتن مشخّصات و اوصاف پیامبر خدا(ص) که موضوع اختلاف آن سه بود، به جستجو پرداختند و مردمانی که در آن روز، حاضر شده بودند، هیاهو می کردند و منتظر نتیجه بودند. آن سه در مسباح (/ مصباح) دوم، از فاصله های صحیفه چنین یافتند:

«به نام خدای مهرگستر مهربان. منم خدا. معبودی نیست جز منِ زنده جاویدان، در پی هم آورنده روزگاران، و فیصله دهنده امور. با مشیت خود، بر اسباب، پیشی گرفته ام، و با قدرتم، دشواری ها[ی سرکش] را رام ساخته ام. پس منم نیرومند فرزانه، مهرگستر مهربان. رحم کن تا به تو رحم شود.[۱۸]رحمت من بر غضبم پیشی دارد، و عفوم بر مجازاتم. بندگانم را برای پرستش کردنم آفریدم، و حجّتم را بر آنان تمام کردم. من رسولانم را در میان ایشان بر می انگیزم، و کتاب هایم را بر ایشان فرو می فرستم. این کار را از همان زمانِ نخستین موجودِ بشری تا زمان پیامبرم و خاتم رسولانم احمد، انجام می دهم؛ همان پیامبری که درودهایم را بر او قرار می دهم و برکت هایم را در دلش می نشانم، و [زنجیره] پیامبران و هشدار دهندگانم را به او کامل می گردانم.

آدم علیه السلام گفت: معبودا! این فرستادگان، کیان اند؟ و این احمدی که او را چنین جایگاه بالا و بلندی بخشیده ای، کیست؟

خداوند فرمود: همگی از نسل تو هستند و احمد، فرجامین آنهاست.

آدم گفت: خداوندا! آنان را به چه بر می انگیزی و می فرستی؟

فرمود: به توحیدم. سپس سیصد و سی شریعت را پیاپی می فرستم، و همه آنها را با احمد به سامان می رسانم و کامل می گردانم. پس هر که با یکی از این شریعت ها نزد من آید و به من و فرستادگانم ایمان داشته باشد، او را به بهشت می برم».

سپس مطالبی گفت که خلاصه اش این است که خداوند متعال، پیامبران(ع) و ذریه آنان را به آدم علیه السلام شناساند و آدم به آنها نگریست. در ادامه آن، چنین آمده بود: «آن گاه آدم علیه السلام نوری را دید که درخشش آن، فضای شکافته را بست و شرق را فرا گرفت. سپس همچنان پیش رفت تا آن که غرب را هم پوشاند. آن گاه بالا رفت تا به ملکوت آسمان رسید. آدم، نگاه کرد و دید که آن، نور محمّد پیامبر خداست، و ناگاه، کران تا کران از بوی خوش آن، آکنده شد، و دید که چهار نور از راست و چپ و پشت سر و پیش رویش آن را در میان گرفته اند که عطر و روشنایی آنها، بسیار شبیه اوست. به دنبال آنها نورهایی بودند که از نور آنها اقتباس می کردند، و این نورها در روشنایی و عظمت و گستردگی، به آن نورها می مانستند. آن گاه این نورها به آن چهار نور، نزدیک شدند و آنها را در میان گرفتند.

آدم سپس نورهایی به شمار ستارگان دید که بسیار بسیار پایین تر از جایگاه نورهای نخستین بودند. و برخی از آن نورها، روشن تر از برخی دیگر بودند، و از این جهت نیز تفاوت بسیاری میانشان بود. سپس ناگهان لشکری همچون شب، سیل آسا به طرف آن نور، سرازیر شدند و از هر سو و از هر جهت، پیشروی می کردند، و همچنان آمدند تا آن که دشت و کوه را پر کردند، و بسیار زشت و بدریخت و بدبو بودند.

آدم، از دیدن این صحنه ها متحیر گشت و گفت: ای دانای اسرار نهان و ای آمرزنده گناهان، و ای پروردگار قدرت قاهر و مشیت غالب! این مخلوق خوش بختی که گرامی اش داشته ای و بر جهانیان، برتری اش داده ای، کیست؟ و این نورهای والا که گرداگرد او را گرفتند، کیستند؟

خدای عز و جل به او وحی فرمود: ای آدم! او و اینان، دستاویز تو و دستاویز آن دسته از آفریدگان من اند که سعادتمندشان کرده ام. اینان، پیشتازان مقرَّب [درگاه من] و شفاعت کنندگانی هستند که شفاعتشان پذیرفته می شود. این یکی، احمد است که سَروَر آنان و سَروَر آفریدگان من است. با علم خویش، او را برگزیدم، و نامش را از نام خودم بر گرفتم: من محمودم و او محمّد است. و این یکی، برادر و وصی اوست و با او پشتیبانی اش کردم، و نسل وی را پر برکت و پاک گردانیدم. و این یکی، بانوی کنیزان من و بازمانده پیامبرم احمد است و در علم من، چنین است. و این دو، نوه ها و جانشینان ایشان اند، و این دیگران که نورشان همسان نور آنهاست، از نسل آنان اند. بدان که هر یک از آنان را من برگزیده ام و پاکشان گردانیده ام، و وجود همه آنان را پر برکت و رحمت ساخته ام. پس هر کدامشان را، به علم خویش، پیشوای بندگانم و نور شهرهایم قرار داده ام.

آدم، چشمش به شبحی در آخر آنان افتاد که در آن پهنه، همچون ستاره صبحگاهی که برای مردم دنیا می درخشد، می درخشید. خداوند ـ تبارک و تعالی ـ فرمود: با این بنده سعادتمندم غل و زنجیرها را از بندگانم می گشایم، و بارهای گران را از دوششان بر می دارم، و به واسطه او زمینم را از مهر و رأفت و دادگری پر می کنم، چنان که پیش از او از بی رحمی و وحشت و ستم پر شده است.

آدم علیه السلام گفت: بار خدایا! گرامی [واقعی]، کسی است که تو گرامی اش داشته ای، و بزرگ، کسی است که تو بزرگی اش بخشیده ای. معبودا! حقّا کسی که تو او را رفعت و بلندی بخشی، باید چنین باشد. پس ـ ای خداوندگار نعمت های بی وقفه، و احسان بی پایانی که پاداش آن را نتوان داد! این بندگان والای تو از چه به این منزلت رسیدند و سزامند دهِش بزرگ و فضل و بخشش فراوان تو گشتند و نیز بندگان فرستاده ات که آنان را گرامی داشته ای؟

خدای ـ تبارک و تعالی ـ فرمود: منم من آن خدایی که معبودی جز من نیست. مهترگستر و مهربانم، ارجمند و فرزانه ام، دانا به نهان ها، و اسرار نهفته در دل هایم. موجوداتی را که هستند، آن زمان که نبودند، می دانستم که [بعد از هستی یافتن ]چگونه خواهند بود، و می دانم که آنچه نیست، اگر هستی می یافت، چگونه می بود، و من ـ ای بنده من ـ در علم خویش بر دل های بندگانم نگریستم و در میان ایشان، مطیع تر و برای خلقم خیرخواه تر از پیامبران و رسولانم ندیدم. از این رو، روح و کلمه خویش را در آنان قرار دادم، و بار حجّتم را بر دوش ایشان نهادم، و به واسطه رسالت و وحیم، آنان را بر دیگر آفریدگان برگزیدم. سپس این جایگاه و منزلت ایشان را به بستگان و جانشینانِ پس از ایشان سپردم و [بدین سان آنان را به پیامبران و رسولانم ملحق نمودم و آنان را پس از ایشان] امانتداران حجّتم، و سَروَران خلقم قرار دادم، تا به واسطه آنان شکستگی بندگانم را التیام بخشم و کژی هایشان را راست گردانم؛ چرا که من به آنها و به دل هایشان خبیر و آگاهم.

سپس به دل های برگزیدگانم، یعنی رسولانم، نظر افکندم، و در میان ایشان، مطیع تر و برای بندگانم خیرخواه تر از محمّد، این منتخب و برگزیده ام، نیافتم. پس به علم خویش، او را برگزیدم، و نامش را تا [حدّ] نام خودم بالا آوردم. سپس دل های بستگان او را که پس از اویند، به رنگ دل وی یافتم. پس ایشان را به او ملحق نمودم، و وارثان کتاب و وحیم، و آشیانه های حکمت و نورم قرارشان دادم،

و با خود، عهد کردم که کسی را که با چنگ زدن به توحید من و ریسمان محبّت آنان به دیدارم آید، هرگز عذاب نکنم».

ابو حارثه، سپس دستور داد به سراغ صحیفه بزرگ شیث علیه السلام ـ که به ادریسِ پیامبر علیه السلام به ارث رسیده بود ـ، بروند. نگارش آن به خطّ سُریانی قدیم بود و آن، خطّی است که بعد از نوح علیه السلام، شاهان هیاطله[۱۹]ـ که همان نمرودان اند ـ، با آن می نوشتند.

پس، آن عدّه صحیفه را خواندند، تا به این جا رسیدند که گفت: «قوم ادریس علیه السلام و یارانش به نزد او ـ که آن روز در عبادت خانه اش در سرزمین کوفان بود ـ رفتند و ادریس از جمله چیزهایی که به ایشان گفت، این بود: پسرانِ بلافصل پدرتان آدم علیه السلام و پسرانِ پسران او و ذریه اش، با هم بحث کردند و گفتند: به نظر شما کدام کس نزد خدای عز و جل گرامی تر و بلندپایه تر و مقرّب تر است؟ برخی گفتند: پدرتان آدم علیه السلام؛ [چون] خداوند عز و جل او را با دست خودش آفرید و فرشتگانش را به سجده در برابرش وا داشت و او را در زمین، جانشین قرار داد و همه آفریدگانش را مسخّر او گردانید. برخی گفتند: نه، فرشتگان اند که از فرمان خدای عز و جل سرپیچی نکردند. برخی گفتند: نه، سه رئیس فرشتگان، جبرئیل و میکائیل و اسرافیل اند. و برخی گفتند: نه، امین خدا جبرئیل علیه السلام است.

[برای داوری] نزد آدم علیه السلام رفتند و موضوع بحث و اختلاف خود را به او گفتند. آدم علیه السلام گفت: پسران من! من به شما می گویم که گرامی ترین خلق خدای عز و جل در نزد او کیست. به خدا سوگند که وقتی او در من جان دمید، به طوری که من راست نشستم، عرش بزرگ برایم درخشید. من در آن نگریستم و دیدم نوشته است: معبودی جز خدا نیست. محمّد، پیامبر خداست. فلانی، برگزیده خداست. فلانی، امین خداست. فلانی، منتخب خداست و چند نام در کنار محمّد(ص) اسم برد.

آدم گفت: در آسمان، هیچ جای پیدایی نبود، مگر این که در آن، نوشته شده بود: معبودی جز خدا نیست و هیچ جایی نبود که در آن، نوشته شده باشد: معبودی جز خدا نیست، مگر این که در کنارش نوشته شده بود ـ به نگارش تکوینی و نه خطّی ـ: «محمّد، پیامبر خداست، و هیچ جایی نبود که در آن، نوشته شده باشد: محمّد، پیامبر خداست، مگر این که در کنارش نوشته شده بود: فلانی، منتخب خداست. فلانی، برگزیده خداست. فلانی، امین خداست و چند نام به ترتیب شماره، نام برد.

آدم علیه السلام گفت: پس ـ ای فرزندان من ـ محمّد(ص) و آن کسانی که نامشان در کنار او نوشته شده بود، از همه آفریدگان خدای متعال، در نزد او گرامی ترند».

ابو حارثه از مِهتر و نایب خواست که درودهای ابراهیم علیه السلام را هم ـ که فرشتگان از نزد خدای عز و جل آورده اند ـ، بخوانند [و مطّلع شوند]؛ لیکن حاضران به همین مقدار از جامعه که خوانده بودند، رضایت دادند.

ابو حارثه گفت: نه، همه آن را ببینید و امتحان کنید؛ زیرا این کار، هر بهانه دیگری را از بین می برد، و تردیدها را از دل می زداید، و دیگر جای شک و شبهه ای باقی نمی گذارد. پس، چاره ای جز تن دادن به سخن او نماند. از این رو، آن عدّه، آهنگ تابوتِ (صندوق) ابراهیم علیه السلام کردند. در آن آمده بود: «خداوند عز و جل به فضل خویش ـ که آن را شامل هر یک از خلق خود که خواهد، می گرداند ـ، ابراهیم علیه السلام را به دوستی خویش برگزید و به درودها و برکاتش مفتخر گردانید، و او را جلودار و پیشوای آیندگان قرار داد، و پیامبری و پیشوایی و کتاب را در نسل او نهاد که یکی از دیگری آن را می گیرد، و او را وارث تابوت آدم علیه السلام گردانید که دربردارنده حکمت و دانش بود و به واسطه همان، خداوند عز و جل آدم را بر همه فرشتگان، برتری داد.

پس ابراهیم علیه السلام به آن تابوت نگریست و در آن، خانه هایی به شمار پیامبران مرسل اولو العزم و اوصیای [جانشینِ] آنان دید. به آن خانه ها نگریست و چشمش به خانه محمّد، واپسینِ پیامبران، افتاد و علی بن ابی طالب را در سمت راست او دید که کمربند وی را گرفته است. پیکری بزرگ بود و نوری در آن می درخشید. او برادر محمّد و وصی ظفرمند او بود. ابراهیم علیه السلام گفت: ای معبود و ای سَرور من! این مخلوقِ شریف کیست؟ خدای عز و جل به او وحی فرمود که: این، بنده من و برگزیده آغازین و انجامین من است، و این یکی، وصی و وارث اوست. ابراهیم گفت: پروردگارا! آغازین و انجامین چیست؟ فرمود: این محمّد است؛ برگزیده من و نخستین آفریده من و بزرگ ترین حجّت من در میان آفریدگانم. او را آن گاه که آدم هنوز میان گِل و تَن بود، پیامبر قرار دادم و برگزیدم، و در پایان زمان، او را برای تکمیل و دینم بر می انگیزم و [رشته] پیام ها و هشدارهایم را بدو ختم می کنم، و این علی، برادر و بزرگ ترین دوست (/ گرونده به) اوست. میان آن دو، پیوند برادری افکندم، و هر دو را برگزیدم، و بر آن دو، درود و برکت نثار کردم، و هر دو را پاک و خالص گردانیدم، و نیکان را از این دو و فرزندان ایشان قرار دادم، و این همه را انجام دادم، پیش از آن که آسمانم و زمینم و مخلوقاتی را که در آسمان و زمین اند، بیافرینم؛ چرا که من به آنان و دل هایشان علم داشتم. من به بندگانم، دانا و آگاهم.

ابراهیم علیه السلام [باز] نظر کرد و چشمش به دوازده [بزرگ] افتاد که از زیبایی می درخشیدند. از پروردگارش پرسید: پروردگارا! مرا از نام های این صورت هایی که در کنار صورت محمّد و وصی او هستند، خبر ده. این [کنجکاوی] از آن رو بود که دید آن عدّه، درجات بالایی دارند و در کنار صورت محمّد و وصی او قرار دارند. خداوند عز و جل به او وحی فرمود: این یکی، کنیز من و یادگار پیامبرم، فاطمه صدّیقه زهراست. او و همسرش را منشأ این ذریه پیامبرم قرار دادم. این دو، حسن و حسین هستند، و این، فلانی است، و این فلانی، و این یکی، کلمه من است که به واسطه او رحمتم را در سرزمینم می گسترانم، و دینم و بندگانم را نجات می دهم، و این، زمانی است که آنان از کمک من مأیوس و نومید گشته اند. پس ـ ای ابراهیم ـ هر گاه در درودهایت از پیامبرم محمّد یاد کردی، در کنار او، بر ایشان نیز درود فرست.

در این هنگام، ابراهیم علیه السلام بر آنان درود فرستاد و [چنین] گفت: پروردگارا! بر محمّد و خاندان محمّد درود فرست، چنان که آنان را برگزیدی و کاملاً پاک و خالصشان گردانیدی. خداوند عز و جل وحی فرمود که: کرامت و فضل من بر تو، خجسته و گوارا باد؛ زیرا من سلاله محمّد و کسانی از آنان را که برگزیده ام، در مجرای صلب تو قرار می دهم و آنان را از تو و سپس از نخستین فرزندت اسماعیل بیرون می آورم. پس، شاد باش ـ ای ابراهیم ـ که من درودهای تو را به درودهای آنان پیوند زدم، و در پی آن [درودها]، برکات و رحمتم را بر تو و بر ایشان قرار دادم، و مِهر خویش و حجّتم را تا زمان مشخّص و آن روز موعود، بر قرار نمودم؛ روزی که در آن، آسمان و زمینم را خود به ارث می برم، و مخلوقاتم را برای داوری ام و پراکندن مِهر و دادم بر می انگیزم».

چون یاران پیامبر خدا(ص) شنیدند آنچه را که آن عدّه از تلاوت جامعه و کتاب های کهن بِدان رسیدند ـ یعنی اوصاف پیامبر خدا(ص) و اهل بیت او که در کنار او از ایشان یاد شده بود ـ و دریافتند که آنان با او چه نسبت [و قرابتی] دارند و منزلت آنان در نزد او را مشاهده کردند، بر یقین و ایمانشان افزوده گشت و از خوش حالی می خواستند بال در آوردند.

سپس آن عدّه به سراغ آنچه بر موسی علیه السلام نازل شده بود، رفتند و در سفر دوم تورات، چنین یافتند: «من در میان اُمّی ها پیامبری از فرزندان اسماعیل بر خواهیم انگیخت. کتابم را بر او نازل می کنم و او را با آیین درست، به سوی همه آفریدگانم می فرستم، حکمتم را به او می دهم و با فرشتگان و لشکریانم یاری اش می نمایم. نسل او از طریق دختر مبارک اوست که من به آن دختر، برکت داده ام. سپس از دو شیر بچّه او، همانند اسماعیل و اسحاق ـ که منشأ دو شاخه (طایفه) بزرگ اند ـ، شمار آنان را بسیار بسیار افزون می سازم. از ایشان، دوازده پیشوا خواهد بود. با محمّد(ص) و رسالت او، پیام و دینم را کامل می گردانم و رشته پیامبران و رسولانم را با او ختم می نمایم. پس قیامت، در پی محمّد و امّت او بر پا می شود».

حارثه گفت: اکنون صبح برای کسی که دو چشم بینا داشته باشد، آشکار شد و حقیقت، برای آن که حق پذیر است، روشن گردید. پس آیا در دل های شما دو تن (مهتر و نایب)، مَرَضی هست که بخواهید شفایش دهید؟

آن دو، پاسخی ندادند.

ابو حارثه گفت: آخرین نشانه را هم در سخن سَرورتان مسیح علیه السلام بیابید.

پس آن عدّه به سراغ کتاب ها و اناجیلی رفتند که عیسی علیه السلام آورده است، و در مفتاح چهارم وحی به مسیح علیه السلام چنین یافتند:

«ای عیسی، ای پسر عَذرای پاک! سخنم را بشنو و در فرمان من کوشا باش. من تو را بدون پدر آفریدم، و نشانه ای (/ معجزه ای) برای جهانیان قرارت دادم. پس فقط مرا پرستش کن و بر من توکل نمای و کتاب را محکم بگیر. سپس آن را برای مردم سوریا تفسیر کن و به ایشان خبر ده که: منم خدای یکتا. معبودی نیست جز منِ زنده جاویدان، که دگرگونی و زوال نمی پذیریم. پس به من و به فرستاده ام، پیامبر اُمّی، ایمان آورید؛ همو که در آخر الزمان می آید؛ پیامبر رحمت و جنگ؛ نخستین و واپسین. گفت: نخستین پیامبری است که آفریده شد و واپسین پیامبری است که بر انگیخته می شود و آن، آخرین و فرجامین [پیامبر ]است. پس بنی اسرائیل را به [آمدن ]او بشارت ده.

عیسی علیه السلام گفت: ای مالک روزگاران و دانا به نهان ها! این بنده نیکی که چشمم او را ندیده، امّا دلم دوستش می دارد، کیست؟

خداوند فرمود: او برگزیده من و فرستاده من است که با دستش در راه من جهاد می کند و گفتارش با کردارش، و نهانش با آشکارش یکی است، توراتی جدید بر او فرو می فرستم که با آن، چشم های کور و گوش های کر و دل های فرو بسته را می گشاید و چشمه های دانش، دریافت حکمت و بهار دل ها، در آن است. خوشا به حال او و خوشا به حال امّت او!

عیسی گفت: پروردگارا! نام و نشان او و خوراک امّت او ـ یعنی: سلطنت امّت او ـ چیست؟ و آیا او را بازمانده ای ـ یعنی ذریه ای ـ هست؟

خداوند فرمود: تو را از آنچه پرسیدی، خبر می دهم. نامش احمد است؛ برگزیده ای از ذریه ابراهیم و منتخبی از نسل اسماعیل. دارای رخساری تابان و جبینی درخشان است، مرکبش اُشتر است، و چشمانش می خوابند؛ امّا دلش نمی خوابد. خداوند، او را در میان امّتی اُمّی بر می انگیزد، تا زمانی که شب و روز باقی است [و نبوّت و دین او به قوّت خود، باقی خواهد ماند]. زادگاه او، شهر پدرش اسماعیل ـ یعنی مکه ـ است. پُر همسر است و کم فرزند. نسل او از بانویی خجسته و مؤمن است و از آن بانو، صاحب دختر می شود، و آن دختر، صاحب دو دُردانه آقا می شود که هر دو شهید می شوند. نسل احمد را از آن دو، قرار می دهم. پس، طوبا برای آن دو باشد و هر که آن دو را دوست دارد و در زمان آن دو است و یاری شان می دهد.

عیسی علیه السلام گفت: معبودا! طوبا چیست؟

فرمود: درختی است در بهشت که تنه و شاخه های آن، از طلاست، و برگ هایش حریر، و میوه هایش چون پستان دختران، شیرین تر از عسل و نرم تر از مِسکه، و آب آن، از [چشمه ]تسنیم[۲۰]است. اگر جوجه کلاغی بر فراز آن بپرد، پیر می شود و به آخر آن نمی رسد. هیچ منزلی از منازل بهشتیان نیست، مگر که شاخه ای از آن درخت بر آن، سایه افکنده است».

چون افراد از خواندن آنچه خدای عز و جل به مسیح علیه السلام وحی فرموده است ـ یعنی اوصاف و ویژگی های محمّد پیامبر خدا(ص) و سلطنت امّت او و یادکرد از ذریه و اهل بیت او ـ، فراغت یافتند، آن دو مرد، محکوم گشته، دم فرو بستند، و گفتگوی میان ایشان در این باره تمام شد.

پس از آن که حارثه از طریق [ کتاب ] جامعه و آنچه در کتاب های قدیم آمده بود، بر مهتر و نایب پیروز شد و آن دو نتوانستند در مطالب جامعه، مطابق خواست خود دست برند و موفّق نشدند با تأویل و تفسیرهای خود، مردم را بفریبند، از بحث و ستیزه در این باب، باز ایستادند و دانستند که راه درست را نپیموده اند. پس افسرده و غمگین به معبدشان رفتند تا بیندیشند و فکری بکنند. نصارای نجران به نزد ایشان رفتند و نظر آن دو را پرسیدند و این که در کار دینشان چه می کنند.

آن دو، سخنی بدین مضمون گفتند: [فعلاً] به دین خود چنگ زنید تا وضعیت دین محمّد معلوم شود. به زودی، ما نزد قریشیان ـ به یثرب ـ می رویم تا ببینیم که او چه آورده و به چه چیز، دعوت می کند.

چون مهتر و نایب برای رفتن به نزد پیامبر خدا در مدینه آماده شدند، چهارده سوار از نصارای نجران که به نظرشان از فاضل ترین و دانشمندترین افرادشان بودند، و هفتاد مرد از بزرگان و سَروران بنی حارث بن کعب انتخاب شدند که آن دو را همراهی کنند. راوی گفت: قیس بن حصین ذو الغصّه و یزید بن عبد المَدان که در سرزمین حَضرَموت بودند، به نجران آمدند و ورودشان هم زمان با حرکت قومشان بود. از این رو آن دو نیز با آن عدّه، همراه شدند.

افراد بر پشت مرکب هایشان نشستند و اسبانشان را هی زدند و روی در راه نهادند تا آن که به مدینه وارد شدند.

[از طرف دیگر،] پیامبر خدا(ص) چون دید یارانش دیر کردند، خالد بن ولید را با عدّه ای سوار فرستاد تا از آنان خبر بیاورند، که به آنان در راه که نزد پیامبر خدا(ص) می آمدند، برخوردند.

چون [هیئت نجرانی] نزدیک مدینه رسیدند، مهتر و نایب بر آن شدند تا یاران خود و بنی حارث را که با آن دو آمده بودند، به رخ مسلمانان و مردم مدینه بکشند، از این رو، راه را بر آنان گرفتند و گفتند: اگر اشتران خود را بخوابانید و پیاده شوید و گرد و خاک از خود بزدایید و جامه های سفرتان را از تن بر کنید و از باقی مانده آبی که دارید، بر خود بریزید، این، بهتر است.

مسلمانان از شترها پیاده شدند و گرد و غبار از خود زدودند و جامه های کهنه شان را در آوردند و جامه های نوِ بُرد و حریر خود را پوشیدند، و زلف و فرق خود را مشک زدند. آن گاه [نجرانیان] بر اسب ها نشستند و نیزه ها را بر روی کتف اسبانشان نهادند و در یک ردیف به حرکت در آمدند. آنان از خوش شکل و شمایل ترین عرب ها بودند.

مردم با دیدن آنها به طرفشان رفتند و گفتند: نمایندگانی به این زیبایی ندیده ایم!

نجرانیان آمدند تا آن که بر پیامبر خدا(ص) در مسجدش وارد شدند. در این هنگام، وقت نمازشان رسید و سوی مشرق به نماز ایستادند. مردم [مسلمان] خواستند آنها را از این کار باز دارند، که پیامبر خدا(ص) مانع آنان شد. سپس نجرانیان و پیامبر خدا(ص) سه روز به یکدیگر مهلت دادند، و نه پیامبر(ص)، آنان را [به اسلام ]فرا خواند و نه آنان از پیامبر(ص) سؤالی کردند، تا به رفتار او دقّت کنند و آنچه را از او مشاهده می کنند، با اوصافی که از او [در کتب آسمانی خویش ]می یابند، بسنجند.

روز سوم که تمام شد، پیامبر خدا(ص) آنها را به اسلام دعوت نمود. نجرانیان گفتند: ای ابو القاسم! هر چیزی که کتاب های خداوند عز و جل در وصف پیامبرِ مبعوث شونده بعد از روح [خدا ]عیسی علیه السلام، به ما خبر داده اند، آن را در تو دیدیم، مگر یک چیز را که آن هم بزرگ ترین نشانه و روشن ترین اماره و دلیل است!

فرمود: «آن چیست؟».

گفتند: ما در انجیل می خوانیم که پیامبرِ آینده پس از مسیح، او را تصدیق می کند و به او ایمان دارد، در حالی که تو از او بد می گویی و تکذیبش می کنی، و می گویی که او [ نیز همچون ما ] بنده (انسان) است!

پس، بحث و دعوای آنان با پیامبر(ص) فقط بر سر عیسی علیه السلام بود.

پیامبر(ص) فرمود: «چنین نیست؛ بلکه من او را تصدیق می کنم و به او باور و ایمان دارم، و گواهی می دهم که او پیامبر و فرستاده از جانب پروردگارش بود، و می گویم: او بنده ای است که اختیار سود و زیان و مرگ و زندگی و رستاخیز خود را هیچ ندارد».

نجرانیان گفتند: آیا بنده[ی مخلوق] می تواند آن کنَد که او می کرد؟ آیا پیامبران، آن قدرت فوق العاده ای را که او از خود نشان می داد، داشته اند؟ آیا او مردگان را زنده نمی کرد و کور مادرزاد و پیس را شفا نمی داد، و از آنچه در سینه هایشان نهان می داشتند و در خانه هایشان اندوخته بودند، به آنان خبر نمی داد؟ آیا کسی جز خدا یا فرزند خدا می تواند این کارها را بکند؟! و سخنان غلوآمیز فراوان در حقّ او گفتند، در حالی که خداوند از این نسبت ها بسی پاک و به دور است.

پیامبر(ص) فرمود: «برادرم عیسی چنان بود که گفتید؛ مرده را زنده می کرد و کور مادرزاد و پیس را شفا می داد، و افراد را از آنچه در دل هایشان بود و از آنچه در خانه هایشان می اندوختند، خبر می داد، و همه اینها با اجازه خداوند عز و جل بود. در عین حال، او بنده خدای عز و جل بود، و این برای او ننگ نیست، و خودش نیز از آن استنکاف نمی کرد؛ چرا که او گوشت و خون و مو و استخوان و پی و اخلاط بود. غذا می خورد، و تشنه می شد، و نیاز (/ قضای حاجت) پیدا می کرد، و امّا پروردگار او، آن خدای یگانه حقّی است که چیزی همانندش نیست، و همتا ندارد».

نجرانیان گفتند: پس کسی چون او را به ما نشان بده که بدون جنس مذکری و پدری به دنیا آمده باشد.

فرمود: «آدم علیه السلام. او خلقتش از عیسی علیه السلام عجیب تر است. او بدون پدر و مادر آفریده شد. برای خداوند عز و جل با آن قدرتش، آفریدن هیچ چیزی آسان تر یا سخت تر از آفریدن مخلوق دیگری نیست؛ «بلکه کار او چنان است که هر گاه چیزی را اراده کند، به او می گوید: باش. و او [بی درنگ] هست می شود» » و این آیه را برایشان خواند: «همانا مَثَل عیسی نزد خدا، همچون مَثَل [خلقت] آدم است که او را از خاک آفرید. سپس بدو گفت: «باش». پس وجود یافت» .

مهتر و نایب گفتند: در باره سَرورمان [عیسی]، ما با تو به توافق نمی رسیم و به پیامبری تو، اقرار نمی کنیم. پس بیا یکدیگر را لعنت کنیم تا معلوم شود که کدام یک از ما بر حق است و لعنت خدا را بر دروغگویان قرار دهیم؛ زیرا لعنت، نمونه و نشانه ای سریع است [و زود دامنگیر می شود].

در این هنگام، خداوند عز و جل آیه مباهله را بر پیامبر خدا(ص) فرو فرستاد: «پس هر که در این باره، پس از دانشی که تو را حاصل آمده، با تو محاجّه کرد، بگو: بیایید پسرانمان و پسرانتان و زنانمان و زنانتان و خودمان و خودتان را فرا بخوانیم، سپس مباهله کنیم و لعنت خدا را بر دروغگویان قرار دهیم» . پیامبر خدا(ص) این آیه از قرآن را که بر او نازل شده بود، برای آنان خواند و فرمود: «خداوند به من فرمود که به درخواست شما پاسخ مثبت دهم و مأمورم کرد که در صورت ایستادگی و پافشاری بر سخنتان، با شما مباهله کنم».

آن دو گفتند: این نشانه میان ما و توست. چون فردا شود، با تو مباهله می کنیم. سپس با یاران مسیحی خود برخاستند و رفتند. چون دور شدند ـ آنان در حَرّه منزل کرده بودند ـ به یکدیگر گفتند: او تصمیم به فیصله دادن میان خود و شما گرفته است. پس نخست بنگرید که همراه چه کسانی به مباهله با شما می آید. آیا با همه پیروانش یا با یاران اهل کتابش[۲۱]و یا کسانی که اهل فروتنی و تمسّک به دین و اخلاص هستند ـ که اینان شمارشان اندک است ـ. اگر با جمعیت زیاد و افرادِ یال و کوپال دار آمد، برای به رخ کشیدن آمده است، چنان که شاهان چنین می کنند [تا قدرت خود را در برابر دشمن به نمایش بگذارند]. در این صورت، پیروزی با شما خواهد بود، نه با او. و اگر با اندک افرادی فروتن [و بی نام و نشان ]آمد، [بدانید که ]آنان از تبار پیامبران و برگزیده آنان و کسانی هستند که پیامبران با ایشان مباهله می کنند. در این صورت از مباهله کردن با آنان بپرهیزید. پس، این نشانه ای است برای شما، و آن گاه بیندیشید که با او چه باید بکنید؛ زیرا آن که پیشاپیش، هشدار می دهد، معذور است.

پیامبر(ص) دستور داد بین دو درخت را جارو کردند و صبح فردای آن روز، دستور داد جامه سیاه نازکی را روی آن دو درخت، پهن نمودند. مهتر و نایب، چون آن را دیدند، با فرزندان خود (صبغة المحسن و عبد المنعم و ساره و مریم) بیرون آمدند و نصارای نجران با آن دو، خارج شدند و سواران بنی حارث بن کعب در زیباترین شکل و شمایل بر مرکب هایشان نشستند.

مردم مدینه، از مهاجر و انصار و دیگران با قبایل خود و پرچم ها و درفش هایشان و با زیباترین جامه ها و هیئت های خود آمدند تا ببینند که چه می شود.

پیامبر خدا(ص) در حجره اش بماند تا آن که روز بالا آمد. سپس در حالی که دست علی را گرفته بود و حسن و حسین، پیشاپیش او و فاطمه(ع) پشت سرشان حرکت می کردند، بیرون آمد و به طرف آنها رفت تا به آن دو درخت رسید و با همان هیئتی که از حجره اش بیرون آمده بود، بین دو درخت زیر ردا ایستاد، و در پی مهتر و نایب فرستاد و آنها را به مباهله فرا خواند.

آن دو آمدند و گفتند: چه کسانی را برای مباهله با ما آورده ای، ای ابو القاسم؟

فرمود: «بهترین مردمان روی زمین و گرامی ترین آنها در نزد خدای عز و جل را؛ اینان را» و علی و فاطمه و حسن و حسین ـ که درودهای خدا بر آنها باد ـ را به آن دو نشان داد.

آن دو گفتند: نمی بینیم که برای مباهله با ما، بزرگان و انبوه جمعیت و یا افراد نام و نشانداری را که به تو ایمان آورده و پیروی ات کرده اند، آورده باشی. ما در این جا با تو جز این جوان و زن و دو کودک نمی بینیم. آیا با اینها می خواهی با ما مباهله کنی؟

فرمود: «آری، آیا اندکی پیش، این را به شما نگفتم؟! آری، سوگند به آن که مرا به حق بر انگیخت، من مأمورم که با این افراد با شما مباهله کنم».

رنگ آن دو، زرد شد و به سوی یاران خود در اقامتگاهشان باز گشتند. چون یارانشان رنگ و روی آن دو را دیدند، گفتند: چه اتّفاقی برایتان افتاده است؟

آن دو، موضوع را کتمان کردند و گفتند: اتّفاقی نیفتاده است تا به شما بگوییم.

جوانی که از نیکان آنها و فردی دانا بود، به نجرانیان رو کرد و گفت: وای بر شما! دست بر دارید و در باره اوصافی که از او در جامعه یافتید، فکر کنید. به خدا سوگند، شما خوب می دانید که او راستگوست. هنوز از زمانی که برادران شما به صورت بوزینه و خوک در آمدند، مدّت زیادی نمی گذرد! نجرانیان دانستند که او خیرخواه آنهاست. از این رو چیزی نگفتند.

منذر بن علقمه برادر اُسقفشان ابو حارثه ـ که از علمای آنان بود و نجرانیان، او را به علم می شناختند؛ ولی در زمان بحث و گفتگوهای آنان در نجران نبود و وقتی آمد که تصمیم گرفته بودند نزد پیامبر خدا(ص) بروند و او نیز با آنان همراه شد ـ، چون در هم ریختگی نجرانیان و شک و دودلی آنها را در آن روز دید، دست مهتر و نایب را گرفت و به یارانش گفت: مرا با این دو تنها بگذارید. پس، آن دو را به کناری برد و گفت: پیشرو، به افرادش دروغ نمی گوید و [من حقیقتا خیرخواه شما و] به راستی دلسوزتان هستم. پس اگر به عاقبت خود اندیشیدید، نجات می یابید، و گر نه هم خودتان نابود می شوید و هم دیگران را نابود می کنید.

آن دو گفتند: تو پاک دل و مورد اعتمادی. پس بگو.

گفت: آیا می دانید که هرگز گروهی با پیامبری مباهله نکردند، مگر آن که در چشم بر هم زدنی، نابود شدند؟ شما و هر عالم خردمند دیگری چون شما، می دانید که این ابو القاسم محمّد، همان پیامبری است که پیامبران آمدن او را نوید داده اند و از اوصاف او و خاندان درستکارش یاد کرده اند، و یک نشان دیگر هم هست که من شما را از آن آگاه می کنم. پس، آن را نادیده نگیرید.

آن دو گفتند: آن نشان چیست، ای ابو مُثنّی؟

گفت: به ستارگان بنگرید که چه سان به زمین، خیره شده اند، و به سر فرود آوردن درختان و به پرندگان که در برابر شما به رو در افتاده اند؛ بال هایشان را بر زمین گسترده اند و آنچه را در چینه دان هایشان است، بالا آورده اند، بی آن که نزد خداوند عز و جل گناهی و تقصیری کرده باشند. اینها نیست، مگر به خاطر آن که عذاب، سایه افکنده است. به لرزش کوه ها و دود پراکنده و تکه های ابر بنگرید، در حالی که ما در چلّه تابستان و وسط ظهر به سر می بریم! بنگرید محمّد؛ که چهار عضو خانواده اش همراه اویند، دست به آسمان برداشته و منتظر جواب شماست. بدانید که اگر دهان او به کلمه ای از نفرین باز شود، هلاک ما قطعی است و به سوی زن و فرزند و مال بر نمی گردیم.

مِهتر و نایب، نگاه کردند و صحنه ای مهیب دیدند و یقین کردند که آن، امری از جانب خدای متعال است. پس گام هایشان لرزید و نزدیک بود عقلشان را از دست بدهند، و احساس کردند که عذاب بر آن دو، فرود آمده است.

چون منذر بن علقمه ترس و وحشتی را که به جان آن دو افتاده بود، دید، گفت: اگر تسلیم او شوید، در دنیا و آخرتش سالم [و بی گزند] خواهید بود، و اگر دین خودتان و خرّمی آیینتان را برگزیدید و حاضر نشدید از آزمندی به جاه و مقامی که نزد قومتان دارید، چشم بپوشید، من نمی توانم جلو آزمندی شما به جاه و مقامتان را بگیرم. شما داوطلب مباهله با محمّد شدید و آن را راه حلّ نهایی میان خود و او قرار دادید و با همین نیت از نجران بیرون آمدید، و محمّد هم در پذیرفتن درخواست شما شتافت، و پیامبران، هر گاه کاری را اعلان کنند، تا آن را برآورده نسازند و انجامش ندهند، دست بر نمی دارند. پس اگر از این کار منصرف شده اید و ترس آنچه می بینید، شما را گیج و هراسان کرده است، هنوز فرصت انصراف دادن دارید. پس زود باشید ـ ای برادران من ـ زود باشید، بروید با محمّد صلح کنید و رضایتش را به دست آورید، و آن را به تأخیر نیندازید؛ زیرا شما ـ و من نیز در کنار شما ـ به منزله قوم یونسید، آن گاه که عذاب بر فراز سرشان قرار گرفت.

آن دو گفتند: پس تو خودت ـ ای ابو مثنّی ـ با محمّد ملاقات کن و در باره آنچه از ما می خواهد، به او تضمین بده و [متقابلاً] از او تقاضا کن که همین پسرعمویش را برای عقد قرارداد میان ما و خودش بفرستد؛ زیرا او در نزد محمّد، دارای وجهه و اعتبار است. زودتر خبرش را برای ما بیاور.

منذر، نزد پیامبر خدا(ص) رفت و گفت: درود بر تو، ای فرستاده خدا! گواهی می دهم که معبودی نیست، جز آن خدایی که تو را بر انگیخت، و [گواهی می دهم که ]تو و عیسی، هر دو، بنده و فرستاده خدا هستید. پس [منذر] اسلام آورد و پیغام آن دو را به پیامبر(ص) رساند. پیامبر خدا(ص) علی علیه السلام را برای مصالحه با نجرانیان فرستاد. علی علیه السلام گفت: پدرم فدایت باد! بر چه اساس با آنان مصالحه کنم؟ فرمود: «نظر تو ـ ای ابو الحسن ـ در توافقی که با آنان می کنی، نظر من است».

علی علیه السلام نزد آنان رفت و مهتر و نایب با وی توافق کردند که سالی هزار جامه و هزار دینار بابت خراج بدهند و نصف آن را در محرّم و نصف دیگرش را در رجب بپردازند. علی علیه السلام آن دو را خوار و حقیر نزد پیامبر خدا(ص) آورد و ایشان را از توافقی که با آنان کرده بود، آگاه ساخت، و مهتر و نایب به خراج و فرمان برداری از پیامبر(ص) تن دادند.

پیامبر خدا(ص) به آن دو فرمود: «این را از شما پذیرفتم. بدانید که اگر با من و این کسانی که زیر این ردا هستند، مباهله می کردید، خداوند، این درّه را بر شما آتشی شعله ور می کرد و سپس آن آتش را زودتر از چشم بر هم زدنی، به طرف کسانی که پشت سرتان هستند، می کشاند و آنها را در شعله هایش می سوزاند».

وقتی پیامبر(ص) با خانواده اش بر گشت و به مسجد رفت، جبرئیل علیه السلام بر او فرود آمد و گفت: ای محمّد! خدای عز و جل تو را سلام می رساند و می فرماید: بنده ام موسی به واسطه هارون و پسرانش با دشمن خود، قارون، مباهله کرد و قارون و خانواده اش و اموالش و کسانی از قومش که از او پشتیبانی می کردند، همگی، در کام زمین فرو رفتند. به عزّت و جلالم سوگند می خورم ـ ای احمد ـ که اگر با خودت و خانواده ات که زیر آن ردا بودند، با همه زمینیان و خلایق مباهله می کردی، بی گمان، آسمان، پاره پاره و کوه ها ریز ریز می شدند، و زمین فرو می ریخت و دیگر هرگز آرام نمی گرفت، مگر آن که من چنین می خواستم.

آن گاه پیامبر(ص) به سجده افتاد و پیشانی اش را بر خاک نهاد. سپس دو دستش را به طرف آسمان بر داشت، چندان که سفیدی زیر بغلش بر مردم نمایان شد و سه بار گفت: «سپاس، [ خدای ] نعمت بخش را! سپاس [ خدای ] نعمت بخش را!».

از پیامبر(ص) در باره [علّت] سجده اش و نشانه های شادی در چهره اش سؤال شد. فرمود: «خدای عز و جل را سپاس، به خاطر لطفی که به من در باره خانواده ام کرد» و سپس پیغامی را که جبرئیل علیه السلام آورده بود، برای آنان بیان فرمود.


[۱]. آل عمران: ۶۴.

[۲]. یس: ۸۲.

[۳]. آل عمران: ۵۹.

[۴]. آل عمران: ۶۱.

[۵]. الإقبال: ج ۲ ص ۳۱۰، بحار الأنوار: ج ۲۱ ص ۲۸۶، دانشنامه قرآن و حدیث، ج ۱۶، ص ۱۷۲.

[۶]کنايه از غلبه ترس و وحشت بر وجود اوست. اين تعبير، در باره شخص بزدل و ترسو به کار مى رود.

[۷]پادشاهى از پادشاهان يمن بوده است.

[۸]ذو منار، لقب يکى از شاهان يمن است. او را چنين لقب داده اند؛ چون او نخستين کسى است که در راه ها، براى راه نمايى ره گذران، مناره نصب کرد.

[۹]در روايت شيخ مفيد، عبد المسيح به عنوان شخص سومى، در کنار نايب و رئيس، آمده و نه به عنوان نامى براى نايب.

[۱۰]مقصود، مسيلمه کذّاب است که در يمامه به دروغ، ادّعاى نبوّت کرد.

[۱۱]مراد از بنى قيله، انصار اوس و خزرج اند. قيله، مادر اين دو طايفه بود.

[۱۲]يعنى: ديگران به سخن او توجّه مى کنند.

[۱۳]يعنى: زندگى کردن با گمان هاى نادرست، بيشتر است تا زندگى کردن بر اساس خِرد. اين، کنايه از آن است که اين سخن تو، ناشى از گمان نادرست است، و مرادش اين بود که خنده اش عقب نبوده است (پانوشت محقّق إقبال الأعمال). در بيان علّامه مجلسى آمده است: شايد معنايش اين باشد که کسانى که با اتّکاى محض به عقل زندگى مى کنند، از گمان هاى باطل پيروى مى کنند، يا معنايش اين است که خردمند، خردمند نيست، مگر آن که با گمان و فهم خود، مطالبى را در يابد و فهم و علم او به روايت و خبر، محدود و منحصر نباشد.

[۱۴]يا بنا به ضبط بحار الأنوار: «فألقاک مع غرماتک بموارده حجرا»، ترجمه چنين مى شود: «تو را با وجود آگاهى ات از اين مطلب، چون سنگ يافت [که هيچ سخنى در تو کارگر نمى افتد]».

[۱۵]منظور از قرشى، قاسم فرزند ايشان از خديجه است و مراد از قبطى، ابراهيم فرزند ايشان از ماريه قِبطيّه است.

[۱۶]جامعه: هر يک از اسفار کتاب مقدّس (فرهنگ لاروس عربى ـ فارسى: واژه «جامعه»).

[۱۷]يا: پيشکار؛ باغبان.

[۱۸]در بحار الأنوار، «رحم مى کنم و رحمت مى فرستم» آمده است.

[۱۹]هياطله: معرّب «هَفتاليان» که نام قبيله اى از هون هاى سفيد است که در تاريخ قرون پنجم و ششمِ ايران و هند، اهمّيت فراوان داشته است (ر.ک: دائرة المعارف فارسى مصاحب: مدخل «هفتاليان»).

[۲۰]تسنيم: چشمه اى در بهشت که بهترين شراب بهشتى را دارد.

[۲۱]يعنى ياران عالم و قرآن دان خود.