تطور اللغه و تأثيره على فهم الحديث - صفحه 49

و فيه أيضاً: «مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرارَةَ قالَ كُنْتُ أَنا وَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحابِنا مُتَرافِقينَ فيهِمْ مُيَسِّرٌ فيما بَيْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدينَةِ فارْتَحَلْنا وَ نَحْنُ نَشُكُّ في الزَّوالِ فَقالَ بَعْضُنا لِبَعْضٍ: فامْشُوا بِنا قَليلاً حَتَّى نَتَيَقَّنَ الزَّوالَ ثُمَّ نُصَلّي، فَفَعَلْنا، فَما مَشَيْنا إِلاّ قَليلاً حَتَّى عَرَضَ لَنا قِطارُ أَبي عَبْدِ اللهِ(عليه‌السلام) فَقُلْتُ أَتى الْقِطارُ، فَرايْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْماعيلَ فَقُلْتُ لَهُ صَلَّيْتُمْ فَقالَ لي أَمَرَنا جَدّي فَصَلَّيْنا الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ جَميعاً ثُمَّ ارْتَحَلْنا فَذَهَبْتُ إِلَى أَصْحابي فاعْلَمْتُهُمْ ذَلِكَ.»۱«رَوَى ابْنُ فَضّالٍ عَنْ حَمّادٍ اللَّحّامِ قالَ مَرَّ قِطارٌ لأَبي عَبْدِ اللهِِ(عليه السلام) فَراى زامِلَةً قَدْ مالَتْ، فَقالَ: يا غُلامُ اعْدِلْ عَلَى هَذا الْحَمْلِ فانَّ اللهَ تَعالَى يُحِبُّ الْعَدْلَ.۲ و لا ريب أن المراد بالسيارة في الآية الكريمة غير المراد منها في اللغة المعاصرة كما هو واضح، فلا يراد بها واسطة النقل المعروفة و إنما يراد بها القافلة، قال ابن منظور في بيان معني هذه المفردة: «السَّيَّارَةُ: القافلة. و السَّيَّارَةُ: القوم يسيرون أُنث على معنى الرُّفْقَةِ أَو الجماعة.» ۳
«ثم طرأ التغيير على معنى هذه المفردة شيئاً فشيئاً؛ نتيجة لتطور الحياة و اعتياد السفر بالسيارات بدلاً عن القوافل، حتى اندرس المعني السابق للسيارة و صارت في عصرنا الراهن بمعنى واسطة النقل المعينة.»
و كذا القطار في الأحاديث المذكورة فإنه لا يراد به واسطة النقل التي تسير على سكك حديدية بلا ريب و إنما يراد بها الإبل التي تمشي متتالية الواحدة تلو الأخرى. قال الخليل الفراهيدي في بيان معني هذه المفردة: «القطار: قطار الإبل بعضها إلى بعض على نسق واحد.» ۴
و قال ابن‌منظور: «القِطارُ: أَن تَقْطُر الإِبل بعضها إِلى بعض على نَسَقٍ واحد. و القِطارَةُ و القِطارُ أَن تُشَدَّ الإِبلُ على نَسَقٍ واحداً خَلفَ واحد.» ۵
«فالنقطة الملحوظة في القطار بمعناه المعاصرهي تتالي مقطوراته و عرباته و کونها علي نسق واحد نظير قطار الإبل، فاستخدم لفظ القطار للوسيلة النقلية المعروفة، و اندرس استعمالها بمعناها السابق شيئاً فشيئاً بتطور الحياة.»

الفهم الصحيح للألفاظ

النقطة التي نريد تسليط الأضواء عليها في هذا البحث هي أن الكلمات المتقدمة في النماذج الآنفة الذكر و أمثالها ينبغي فهمها وفق معناها في عصر النصّ، لا وفق معناها في العصر الحاضر كما هو واضح، فكما لا يصحّ فهم و

1.(الكافي، ج۳، ص۴۳۱، ح۴.)

2.(من لا يحضره الفقيه، ج۲، ص۲۹۲، ح۲۴۹۲.)

3.(لسان العرب، ج۴، ص۳۸۹ سير.)

4.(كتاب العين، قطر.)

5.(لسان العرب، ج۵، ص۱۰۵، قطر.)

صفحه از 63