رسالة فى الكافى - صفحه 70

يقيدوا ما أخذوه عنهم من كتاب و يحفظوا كتبهم لتصل الى اللاحقين من بعدهم من المسلمين أو الغائبين عنهم من معاصريهم. و قال: «ألا فليبلغ الشاهد الغائب» .
فامتثل الموفقون للمشافهة هذه الأوامر، فكتبوا ما أخذوه عنهم فى الكتب والدفاتر، و ضبطوها فى الصدور، و حفظوها من الضياع، و تحفّظوا عليها من الدّسّ فيها أو التغيير والتبديل، و هيّأوها لسائر أفراد المسلمين الذين كانوا مأمورين بالرجوع اليهم و الأخذ عنهم شفاهاأو عن كتبهم.
وجرى الأمر على هذا المنوال فى القرون الأولى إلى عصر الغيبة، فكان المشتاقون يعلمون (ظ: يعملون) بما أخذوه من المعصومين عليهم السلام ، و هُم على بصيرة من أمرهم، عالمون بالوجدان بما هوالحكم الواقعى لهم.
وأما غيرهم من الغائبين أو اللّا حقين، فلا يرجعون إلّا إلى تلك الكتب المؤدة لهم من قدمائهم، حيث لم يكلّفوا إلّا بالأخذ بما فيها، لعجزهم من العلم الوجدانى الذى حظى به المشافهون، فلاسبيل لهم إلّا تحصيل العلم التعبدى و العمل بمفاد الأخبار الواصلة اليهم من المشافهين.
وقد بلغت تلك المؤلّفات فى قرب الثلائمائة سنة إلى ستّة آلاف كتبا، كما أحصاها الشيخ الحّر صاحب الوسائل، و كلّها من تصانيف شيعة على عليه السلام ، المختلفين فى الوثاقة و العدالة و الضبط و المذهب و سائر الأوصاف الذاتية، المعبّر عنها بالقرائن الداخلية.
و قد خصّت من بين تلك التصانيف، الأصول المعروفة - الأصول الأربعمائة - التى ألّفت فى عصر الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السلام ، فإنّ فيها مزايا خاصّة ليست فى غيرها من الكتب، و راجع تفصيل ما ذكرناه حول الباب فى الذريعة ج 3 ص 125 تحت عنوان «الأصل» و يعبّر عن تلك المزايا بالقرائن الخارجية. و قد نقلنا بعضها عن البهائى فى صفحة 126.
و كانت تلك الأصول مع القرائن الموجودة عند الشيخ الكلينى، الذى كان عارفا بأحوال الرجال كاملاً و بأحوال مؤلّفى الكتب و الأصول حقّ المعرفة، لقرب عصره منهم و إدراكه لجمع من متأخّريهم.و قد ألّف هو كتابا فى تراجم الرجال و أحوالهم، عدّه النجاشى من تصانيفه عند ذكرها فى ترجمته.
وقد بقيت الأصول المذكورة بخطوط مؤلفيها و تصحيحاتهم و بلاغاتهم و امضائهم بعد الشيخ الكلينى أيضا فى مكتبة شاپور بن اردشير فى كرخ بغداد، كما ذكره ياقوت الحموى فى

صفحه از 73