رسالة فى الكافى - صفحه 71

معجم البلدان ج 2 ص 342 فى مادّة بين السورين، قال: «لم يكن فى الدنيا مكتبة أحسن منها، كانت كلّها بخطوط الأئمة المعتبرة و أصولهم المحرّرة...» إلخ.
عمد الشيخ الكلينى إلى تلك الأصول التى اجتمعت عنده و حصلت له، و انتخب من أحاديث تلك الأصول ما اطمأنّت به نفسه أو قطع بصدوره من المعصوم، بشهادة تلك القرائن الخارجية المفيدة كذلك. فأدرج منتخباته المستخرجة من تلك الأصول فى كتابه الكافى، مرتّبا لها على الكتب فى الأصول والفروع، و كلّ كتاب على الأبواب، لتسهيل التناول للطالبين. و كان مشغولاً بتقديم هذه الخدمة لهم طيلة عشرين سنة، و قدجعل كتابه هذا مرجعا للشيعة بعده، مصرّحا بذلك فى الخطبة التى انشأها بعد التمام، فقد ذكر أنّ جميع ما أدرجه فى الكتاب مأخوذ من كتب الثقات الأثبات، المحفوفة بالقرائن الخارجية، المطمئن بصدورها عن المعصوم عليه السلام ، و لم يكن هو ولا غيره مأمورا بتحصيل العلم الوجدانى بصدورها.
وكذلك اتّفق قدماء الأصحاب على أنّ كتاب الكافى أصحّ و أوثق من بين الكتب الأربعة، فضلاًعن سائر كتب الأصحاب. و كانوا يعملون بكلّ ما تقرّره الكافى من الأحاديث ، فضلاً عما وجده مثله فى واحدة من الكتب الثلاثة الاخر، أو اثنين أوالجميع.
و أمّا المتأخرون والمقاربون لعصر العلّامة الحلّى (المتوفى 726) و من بعده، فكانوا يقدّمون أحاديث الكافى و يعملون بها مالم يجدوا لها معارضا فى سائر الكتب. و أمّا مع وجود المعارض، فيتوقّفون .فكان حكم الكافى عندهم فى صورة عدم المعارض، غير حكمه مع وجوده. و سبب توقّفهم، وجود الأخبار العلاجية الواردة فى بيان الحكمين المتعارضين، الحاكمة بلزوم الترجيح بعد عدم إمكان الجمع بينهما. و الترجيح المستفاد منها، انّما هو الترجيح بالرجوع الى صفات الراوى و المرجّحات الداخلية و الخارجية التى كانت مورثة الاطمينان و الظّن بصدور أحاديث الكافى.
فقد ضعف تأثيرها بسبب طول المدّة و بُعد العهد، الموجبين لتلف تلك الأصول الأولية، وخفاء تلك العلامات و القرائن، و اندراس رسومها.
وبما أنّ أخبار العلاج كانت ترشد إلى الترجيح بالأوصاف الذاتية للرواة والمحاكمة بالقرائن الداخلية، اضطرّ المتأخّرون من لدن عصر السيد ابن طاووس والعلامة الحلّى إلى تنويع الأحاديث على حسب صفات الراوى إلى أربعة أو خمسة أنواع، و تسمية كلّ نوع باسم يخصّه، وهى:

صفحه از 73