99
كتابه عليه السلام إلى ابن بُدَيْل
۰.ذكروا أنَّه قدم عبد اللّه بن بُدَيْل بن وَرْقاء الخُزاعِيّ إلى الأنبار ، وأتبعه كتابا منه [ وهذا نصّه : ]« من عَبدِ اللّه ِ علي ّ أميرِ المؤمنين ، إلى عَبدِ اللّه ِ بنِ بُدَيْل ٍ ، سلامٌ علَيكَ . أمَّا بَعْدُ ؛ فإنَّهُ بَدا لِيَ المَقامُ بِشاطِى ء الفُراتِ لِحمَّامِ عبد اللّه ، فليجئني عَبدُ اللّه بِنُ عبَّاسٍ بِمَنْ مَعَهُ ، وحُرَيْثَ بنَ جابِر ٍ . وانظُر جُندَكَ فأقِم بِهِم بالمَكانِ الَّذي أنتَ بِهِ ، وإيَّاكَ ومُواقَعَةَ أحَدٍ مِن خَيلِ العَدُوِّ حَتَّى أتقدَّمَ علَيكَ وأَذْكِ ۱ العُيونَ نَحوهُم ، ولْيَكُن مَعَ عُيونِكَ مِنَ السِّلاحِ ما يُباشِرونَ بِهِ القِتالَ ، ولْتَكُن عُيونُكَ الشُّجعانُ مِن جُندِكَ ، فَإنَّ الجَبانَ لا يأتِيكَ بِصِحَّةِ الأمرِ . وانتَهِ إلى أمرِي ومَن قِبلَكَ بإذنِ اللّه ِ ، والسَّلامُ . » ۲
عَبدُ اللّه ِ بنُ بُدَيْل
عبد اللّه بن بُدَيْل بن وَرْقاء الخُزاعِيّ ، أسلم قبل فتح مكّة ۳ ، وشهد حُنَينا ،
والطائف ، وتبوك ۴ ، أشخصه النَّبيّ صلى الله عليه و آله إلى اليمن مع أخيه عبد الرَّحمن ۵ . عدّه المؤرّخون من عظماء أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأعيانهم ۶ .
اشتركَ عبدُ اللّه ِ في الثَّورة علَى عُثمان ۷ . ثمّ كان إلى جانب الإمام أمير المؤمنين عضدا صلبا وصاحبا مُضحّيا . وشهد معه الجمل ، وصفِّين . وكان في صفِّين قائد الرَّجّالة ۸ أو قائد الميمنة ، وتولّى رئاسة قُرّاء الكوفة أيضا ۹ .
تدلّ خُطبه وأقواله على أنّه كان يتمتّع بوعي عظيم في معرفة أوضاع عصره ، واُناس زمانه ، ودوافع أعداء الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ۱۰ . وقف عند قيام الحرب بكلّ ثبات ، وقال : إنّ معاوية ادّعى ما ليس له ، ونازع الأمر أهله ومن ليس مثله ، وجادل بالباطل ليدحض به الحقّ ، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب ، وزيّن لهم الضَّلالة . . . وأنتم واللّه ، على نورٍ من ربّكم ، وبرهانٍ مبين ۱۱ .
دنا من معاوية بشجاعة محمودة ، وصولة لا هوادة فيها . فلمّا رأى معاوية أنّ
الأرض قد ضاقت عليه بما رحُبت ، أمر أن يرضخ بالصَّخر والحجارة ويُقضى عليه . فاستشهد عبد اللّه ۱۲ ، وسمّاه معاوية : كبش القوم ، وذكر شجاعته واستبساله متعجّبا ۱۳ ، وذهب إلى أنّه فذّ لا نظير له في القتال . وعُدّ عبد اللّه أحد دُهاة العرب الخمسة ۱۴ .
واستشهد أخوه عبد الرَّحمن في صفِّين أيضا ۱۵ . ودافع عبد اللّه عن إمامه حتَّى آخر لحظة من حياته بكلّ ما اُوتي من جُهد . وعندما طلب منه رفيق دربه وصاحبه الأسْوَد بن طهمان الخُزاعِيّ أن يوصيه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ، قال :
اُوصيك بتقوى اللّه ، وأن تُناصِحَ أمير المؤمنين ، وأن تقاتل معه المُحلّين حتَّى يظهر الحقّ أو تلحق باللّه ، وأبلغه عنّي السَّلام . . . » .
وعندما بلغ الإمام صلوات اللّه عليه سلامه قال :
رحمه اللّه ! جاهد معنا عدوّنا في الحياة ، ونصح لنا في الوفاة ۱۶ .
في وقعة صفِّين عن زَيْد بن وَهَب : إنّ عبد اللّه بن بُدَيْل قام في أصحابه فقال : إنّ معاوية ادّعى ما ليس له ، ونازع الأمر أهلَهُ ومَن ليس مِثلَه ، وجادل بالباطل ليدحض به الحقّ ، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب ، وزيّن لهم الضَّلالة ،
وزرع في قلوبهم حُبّ الفتنة ، ولبّس عليهم الأمر ، وزادهم رجسا إلى رجسهم ، وأنتم واللّه ، على نور من ربّكم وبرهان مبين .
قاتلوا الطَّغام الجُفاة ولا تخشَوهم ، وكيف تخشونهم وفي أيديكم كتاب من ربّكم ظاهر مبروز ؟ ! « أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ »۱۷ وقد قاتلتهم مع النَّبيّ صلى الله عليه و آله ، واللّه ما هم في هذه بأزكى ولا أتقى ولا أبرّ ، قوموا إلى عدوّ اللّه وعدوّكم ۱۸ .
1.أي : أدلّ .
2.المعيار والموازنة : ص۱۳۰ .
3.تاريخ الإسلام للذهبي : ج۳ ص۵۶۷ ، الاستيعاب : ج۳ ص۹ الرقم۱۴۸۹ ، اُسد الغابة : ج ۳ ص۱۸۴ الرقم۲۸۳۴ ، تقريب التهذيب : ج۲۹۶ ص۳۲۲۵ وفيه « يوم الفتح » بدل « قبل فتح » .
4.الاستيعاب : ج ۳ ص ۹ الرقم۱۴۸۹ ، اُسد الغابة : ج ۳ ص۱۸۴ الرقم۲۸۳۴ وفيه « شهد الفتح وحنينا و . . . » ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج۳ ص۵۶۷ وفيه « شهد الفتح ومابعدها » .
5.رجال الطوسي : ص۷۰ الرقم۶۴۳ ؛ الإصابة : ج۴ ص۱۸ الرقم۴۵۷۷ ، تهذيب التهذيب : ج۳ ص۹۸ الرقم۳۷۴۷ .
6.اُسد الغابة : ج ۳ ص۱۸۴ الرقم۲۸۳۴ ، الاستيعاب : ج ۳ ص ۹ الرقم۱۴۸۹ ، تهذيب التهذيب : ج۳ ص۹۸ الرقم۳۷۴۷ .
7.تاريخ الطبري : ج۴ ص۳۸۲ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج۳ ص۵۶۷ .
8.وقعة صفّين : ص۲۰۵ ؛ تاريخ خليفة بن خيّاط : ص۱۴۶ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج۳ ص۵۶۷ ، الاستيعاب : ج۳ ص ۹ الرقم۱۴۸۹ ، تهذيب التهذيب : ج۳ ص۹۸ الرقم۳۷۴۷ .
9.وقعة صفّين : ص۲۰۸ ؛ تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۵ .
10.وقعة صفّين : ص۱۰۲ .
11.وقعة صفّين : ص۲۳۴ ؛ الإصابة : ج۴ ص۱۹ الرقم۴۵۷۷ نحوه .
12.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص۴۴۶ الرقم۵۶۸۸ .
13.وقعة صفّين : ص۲۴۶ ؛ تاريخ الطبري : ج۵ ص۲۴ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج۳ ص۵۴۳ ، الاستيعاب : ج۳ ص۱۰ الرقم۱۴۸۹ .
14.التاريخ الصغير : ج۱ ص۱۳۸ ، تهذيب الكمال : ج۲۴ ص۴۵ ، تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۶۴ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۴۸ ، سِيَر أعلامِ النبلاء : ج۳ ص۱۰۸ .
15.تاريخ الإسلام للذهبي : ج۳ ص۵۶۷ ، تهذيب التهذيب : ج۳ ص۹۸ الرقم۳۷۴۷ ، اُسد الغابة : ج۳ ص۱۸۴ الرقم۲۸۳۴ ؛ رجال الطوسي : ص۷۰ الرقم۶۴۳ .
16.وقعة صفّين : ص۴۵۷ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۸ ص۹۳ .
17.التوبة : ۱۳ و۱۴ .
18.وقعة صفّين : ص۲۳۴ ؛ تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۶ وفيه « مبرورا » بدل « مبروز » ، الاستيعاب : ج۳ ص۱۰ الرقم۱۴۸۹ وليس فيه من « ولا تخشَوهم » إلى « مبروز » .