137
مكاتيب الأئمّة ج3

13

كتابُه عليه السلام إلى عمرو بن سعيد بن العاص

بعد إعطائه الأمان له عليه السلام

قام عبداللّه بنُ جعفر إلى عمرو بن سعيد بن العاص فكلَّمه ، وقال : اكتب إلى الحسين كتاباً تَجعَل له فيه الأمان ، وتُمنِّيه فيه البِرّ والصِّلة ، وتُوثِّق له في كتابك ، وتسأله الرُّجوع لعلَّه يطمئنّ إلى ذلِكَ فيرجع ؛ فقال عمرو بن سعيد : اكتبْ ما شئتَ وأتِني به حتَّى أختِمَهُ .
فكتب عبداللّه بن جعفر الكتاب ، ثمَّ أتى به عمرو بن سعيد ، فقال له : اختِمه ، وابعث به مع أخيك يحيى بن سعيد ، فإنَّه أحْرَى أنْ تطمئنَّ نفسُه إليه ، ويعلم أنَّه الجِدُّ منك ، ففعل وكان عمرو بن سعيد عاملَ يزيدَ بن معاوية على مكَّة ، قال : فلحقه يحيى وعبداللّه بن جعفر ، ثُمَّ انصرفا بعد أن أقرأه يحيى الكتاب ، فقالا : أقرأناه الكتاب ، وجهدْنا به ، وكان مِمَّا اعتَذَرَ به إليْنا أنْ قال :
إنِّي رأيتُ رُؤيا فيها رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، وَأُمِرتُ فيها بِأَمرٍ ، أنا ماضٍ لَهُ ، عَلَيَّ كانَ أو لِي .
فقالا له : فما تلك الرّؤيا؟
قال : ما حَدَّثتُ أحَداً بِها ، وَما أنَا مُحَدِّثٌ بِها حتَّى ألقَى رَبِّي .
قال : وكان كتاب عمرو بن سعيد إلى الحسين بن عليّ :
بسم اللّه الرَّحمن الرَّحيم
من عمرو بن سعيد إلى الحُسين بن عليّ :
أمَّا بَعدُ ؛ فإنِّي أسألُ اللّه َ أن يَصرِفَكَ عَمَّا يُوبِقُكَ ، وأن يَهدِيَكَ لِما يُرشِدُكَ ؛ بَلَغَني أنَّكَ قَد تَوَجَّهتَ إلى العِراقِ ، وَإنِّي أُعيذُكَ باللّه ِ مِن الشِّقاقِ ، فَإنِّي أَخافُ عَلَيكَ فيهِ الهَلاكَ ، وقَد بَعَثتُ إليكَ عَبدَاللّه ِ بنَ جَعفَرٍ ، ويحيى بنَ سَعيدٍ ، فأقْبِل إليَّ مَعَهُما ، فَإنَّ لَكَ عِندي الأمانَ وَالصِّلَةَ وَالبِرَّ وَحُسنَ الجِوارِ لَكَ ، اللّه ُ عَلَيَّ بذلِكَ شَهيدٌ وَكَفيلٌ ، وَمُراعٍ وَوَكيلٌ ؛ وَالسَّلامُ عَلَيكَ .
قال : وكتَب إليه الحسينُ :
أمَّا بَعدُ ؛ فَإنَّهُ لَم يُشاقِقِ اللّه َ وَرَسولَهُ مَن دَعا إلى اللّه ِ عز و جل ، وعَمَل صالِحاً ؛ وقال : إنَّني مِنَ المُسلِمينَ ، وقَد دَعَوتَ إلى الأمانِ والبِرِّ والصِّلَةِ ، فَخَيرُ الأَمانِ ، أمانُ اللّه ِ ، وَلَن يُؤمِنَ اللّه ُ يَومَ القِيامَةِ مَن لَم يَخَفهُ فِي الدُّنيا ، فَنَسألُ اللّه َ مَخافَةً في الدُّنيا تُوجِبُ لَنا أمانَهُ يَومَ القِيامَةِ ، فَإن كُنتَ نوَيتَ بِالكتابِ صِلَتي وَبِرِّي ، فَجُزيتَ خَيراً فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ؛ والسَّلامُ .۱
قال ابن أعثم :
وَكتب إليه سعيد بن العاص من المدينة :
أمَّا بَعدُ ؛ فَقَد بلغني أنَّكَ قَد عَزَمتَ عَلى الخُروجِ إلى العِراقِ ، وَقَد عَلِمتَ ما نَزَلَ بابنِ عَمِّكَ مُسلمِ بنِ عَقيلٍ رحمه الله وَشيعَتِهِ ، وَأنَا أُعيذُكَ باللّه ِ مِنَ الشَّيطانِ ۲ ، فَإنِّي خائِفٌ عَلَيكَ مِنهُ الهلاكَ ، وَقَد بَعَثتُ إلَيكَ بابني [عبداللّه بن جعفر و ]يحيى بن سعيد ، فأقبل إليَّ معه فلَكَ عِندَنا الأَمانُ والصِّلَةُ والبِرُّ والإحسانُ وحُسنُ الجِوارِ ، وَاللّه ُ لَكَ بذلِكَ عَلَيَّ شهيدٌ ووَكيلٌ ومُراعٍ وكفيلٌ ، ـ والسَّلامُ ـ . ۳
وهو مَحَلُّ إشكالٍ من جِهَتينِ : الأُولى : إنَّ سعيد بن العاص مات سنة 58 ه في قصره ، ودفن بالبقيع ، كما في هامش الفتوح هنا .
والثَّانية : إنَّ خروجَه عليه السلام كان يوم التَّروية قبل شهادَةِ مسلم عليه السلام .

1.تاريخ الطّبري : ج ۵ ص ۳۸۸ وراجع : الطّبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۴۸ ، مقتل الحسين للخوارزمي :ج۱ ص ۲۱۷ ، الكامل في التّاريخ : ج ۴ ص ۴۰ ، تهذيب الكمال : ج ۶ ص ۴۱۹ الرّقم۱۳۲۳ ، تاريخ مدينة دمشق : ج ۱۴ ص ۲۱۰ ، الفتوح : ج ۵ ص ۶۷ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۵ ص ۹ ، سِيَر أعلام النُّبلاء : ج ۳ ص ۲۹۷ ، البداية والنّهاية : ج ۸ ص ۱۶۴ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۳۵ ، كشف الغمّة : ج ۲ ص ۴۳ ، المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۴ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۶۶.

2.وفي نسخة : «الشِّقاق» .

3.الفتوح : ج ۵ ص ۶۷.


مكاتيب الأئمّة ج3
136

۰.وفي مقتل الحسين عليه السلام :
فكتب إليه الحسينُ [ بن عليّ عليهماالسلام ] :
أمَّا بعدُ ، فَإنَّ كتابَكَ ورَدَ عَلَيَّ ، فَقَرأتُهُ وفَهِمتُ ما فيهِ ؛ اعلم أنِّي قد رأيتُ جَدِّي رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله في مَنامي ، فَأَخبرَني بِأَمرٍ أنَا ماضٍ لَهُ ، كان لِيَ الأمرُ أوْ علَيَّ ، فوَ اللّه ِ يابنَ عَمّ لو كُنتُ في جحر هامَّةٍ ۱ مِن هَوامِّ الأَرضِ لاستَخرجوني حَتَّى يَقتُلوني ، وواللّه ِ ليَعتَدُنَّ علَيَّ كما اعتَدَت اليَهودُ في يومِ السَّبتِ ، والسَّلامُ . ۲

وفي الطبقات :
كتب عبداللّه بن جعفر بن أبي طالب إليه كتاباً يحذِّره أهل الكوفة ، ويناشده اللّه أنْ يشخص إليهم .
فكتبَ إليهِ الحُسينُ [ عليه السلام ] :
إنِّي رأيتُ رُؤيا ، ورأيتُ فيها رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، وأَمرَني بِأَمرٍ أنا ماضٍ لَهُ ، وَلَستُ بِمُخبرٍ بِها أحَداً حَتَّى اُلاقي عَمَلي۳.

1.الهامّة : ما له سمّ يقتل كالحيّة ، وقد تطلق الهوام على ما لا يقتل كالحشرات (المصباح المنير : ص ۶۴۱) .

2.مقتل الحسين للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۱۸ وراجع : الفتوح : ج ۵ ص ۶۷ ؛ المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۴.

3.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصَّحابة) : ج ۱ ص ۴۴۷ ، تهذيب الكمال : ج ۶ ص ۴۱۸ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۵ ص ۹ ، تاريخ مدينة دمشق : ج ۱۴ ص ۲۰۹ ، سِيَر أعلام النُّبلاء : ج ۳ ص ۲۹۷ ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۱۰ ، البداية والنّهاية : ج ۸ ص ۱۶۳ ؛ المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۴ نحوه .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج3
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 59159
الصفحه من 340
طباعه  ارسل الي