الفصل الرّابع : مكاتيبه عليه السلام في أُمور شتّى
21
كتابُه عليه السلام في القدر
۰.في فقه الرِّضا عليه السلام :
قال العالم عليه السلام : كتَب الحسن بن أبي الحسن البصريّ ، إلى الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، يسأله عن القدر ، فكتب إليه :اتَّبع ما شَرَحتُ لَكَ فِي القَدَرِ ، مِمَّا أُفضي إليْنا أهلَ البَيتِ ، فَإنَّهُ مَن لَم يُؤمِن بالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ فَقَدْ كَفَر ، ومَن حَمَل المعاصي عَلى اللّه ِ عز و جل فَقَد فجَر وافْتَرى عَلى اللّه ِ افتراءً عظيماً ، إنَّ اللّه َ تَبارَكَ وَتعالى لا يُطاعُ بإكْراهٍ ، ولا يُعصى بِغَلَبةٍ ، وَلا يُهمِلُ العِبادَ في الهَلَكَةِ ، وَلكِنَّهُ المالِكُ لِمَا ملَّكَهم ، والقادِرُ لِمَا عَلَيهِ أقدَرَهُم .
فإنْ ائْتمروا بالطَّاعَةِ لَم يَكُن لَهُم صادَّاً عَنها مُبطِّئاً ، وإنْ ائْتمروا بالمَعصِيَةِ فَشاءَ أنْ يَمُنَّ عَلَيهِم ، فَيَحولَ بَينَهم وَبَينَ ما ائْتمروا بهِ ، فَإنْ فَعَلَ وَإنْ لَم يفعَل فَلَيس هُوَ حامِلُهُم عليه ۱ قسراً ، ولا كلَّفهم جَبْراً بِتَمكينِهِ إيَّاهُم بَعدَ إعْذارِهِ وإنْذارِهِ لَهُم ، واحتجاجِهِ عَلَيهِم ، طَوَّقَهَم وَمَكَّنهُم وجَعَل لَهُمُ السَّبيلَ إلى أخذِ ما إليهِ دَعاهُم ، وتَرْكِ ما عَنهُ نَهاهُم ، جَعَلَهم مُستَطيعينَ لأَخْذِ ما أمرَهُم بهِ من شَيءٍ غيرِ آخِذيهِ ، ولِتَركِ ما نَهاهُم عَنهُ مِن شَيءٍ غَيرِ تاركِيهِ ، والحَمدُ للّه ِ الَّذي جَعَلَ عِبادَهُ أقوياءَ لِما أمرَهُم بهِ ، يَنالونَ بِتِلكَ القُوَّةِ ، وَنهاهُم عَنهُ ، وجَعَلَ العُذرَ لِمَن لَم يَجعَل لَهُ السَّبَبُ جُهداً مُتَقَبَّلاً . ۲