185
مكاتيب الأئمّة ج3

9

9مكاتيب الإمام عليّ بن الحسين

كتابُه عليه السلام إلى عبد الملك بن مروانمكاتيبه

في هدية المختار

۰.في البداية والنهاية :
قال محمّد بن سعد : أنبأ عليّ بن محمّد ، عن سعيد بن خالد ، عن المقبريّ قال : بعث المختار إلى عليّ بن الحسين بمائة ألف ، فكره أن يقبلها ، وخاف أنْ يَرُدَّها ، فاحتَبَسَها عِندَهُ ، فَلَمّا قُتِلَ المُختار كتب إلى عبد الملك بن مروان :
«إنَّ المختارَ بَعثَ إليَّ بِمائَةِ ألفٍ ، فَكَرِهتُ أنْ أقبَلَها ، وكَرِهتُ أنْ أَرُدَّها ، فابعَث مَن يَقبَضُها» .

فَكَتبَ إليهِ عَبدُ المَلِكِ : يا بنَ عَمِّ! خُذها فَقَد طَيَّبتُها لَكَ .
فَقَبِلَها . ۱

10

رسالته عليه السلام في الحقوق

۰.الحُقوق الخمسونَ الَّتي كتب بها عليّ بن الحسين سيّد العابدين عليهماالسلام إلى بعض أصحابه .
حدَّثنا عليُّ بن أحمد بن موسى رضى الله عنه ، قال : حدَّثنا محمّد بن أبي عبد اللّه الكوفيُّ ، قال : حدَّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاريُّ ، قال : حدَّثنا خيران بن داهر ، قال : حدَّثني أحمد بن عليِّ بن سليمان الجبليُّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن
عليٍّ ، عن محمّد بن فُضَيل ، عن أبي حمزة الثُّماليِّ۲، قال : هذه رسالة عليِّ بن
الحسين عليهماالسلامإلى بعض أصحابه :
«اعلَم أنَّ للّه ِِ عز و جل علَيكَ حُقوقاً مُحيطَةً بِكَ في كُلِّ حَرَكَةٍ تحَرَّكتَها ، أو سكَنَةٍ سكَنتَها ، أو حالٍ حِلتَها ، أو مَنزِلَةٍ نَزَلتَها ، أو جارحة قَلّبْتَها ، أو آلةٍ تَصَرَّفتَ فيها ، فَأكبَرُ حُقوقِ اللّه ِ تبارَكَ وَتَعالى عَلَيكَ ما أَوجَبَ عَلَيكَ لِنَفسِهِ مِن حَقِّهِ الَّذي هُوَ أصلُ الحُقوقِ ، ثُمَّ ما أوجَبَ اللّه ُ عز و جل عَلَيكَ لِنَفسِكَ مِن قَرنِكَ إلى قَدَمِكَ عَلى اختلافِ جَوارِحِكَ .
فجعَلَ عز و جل لِلِسانِكَ عَلَيكَ حَقَّاً ، وَلِسَمعِكَ عَلَيكَ حَقَّاً ، وَلِبَصرِكَ عَلَيكَ حَقَّاً ، وَلِيَدِكَ عَلَيكَ حَقَّاً،وَلِرِجلِكَ عَلَيكَ حَقَّاً، وَلِبَطنِكَ عَلَيكَ حَقَّاً، وَلِفَرجِكَ عَلَيكَ حَقَّاً؛ فَهذِهِ الجَوارِحُ السَّبعُ الَّتي بها تكون الأفعال ، ثمَّ جعل عز و جل لأفعالك عليك حقوقاً .
فَجَعَلَ لِصَلاتِكَ عَلَيكَ حَقَّاً ، ولِصَومِكَ عَلَيكَ حَقَّاً ، ولِصَدَقَتِكَ عَلَيكَ حَقَّاً ،
وَلِهَديِكَ عَلَيكَ حَقَّاً ، وَلأِفعالِكَ عَلَيكَ حُقوقاً .
ثُمَّ يَخرُجُ الحُقوقُ مِنكَ إلى غَيرِكَ مِن ذَوي الحُقوقِ الواجِبَةِ عَلَيكَ ، فَأَوجَبُها عَلَيكَ حُقوقُ أئمَّتِكَ ، ثُمَّ حُقوقُ رَعيَّتِكَ ، ثُمَّ حُقوقُ رَحِمِكَ ، فَهذِهِ حُقوقٌ تَتَشعَّبُ مِنها حُقوقٌ .
فَحُقوقُ أئمَّتِكَ ثَلاثَةٌ أوجَبُها علَيكَ : حَقُّ سائِسِكَ ۳ بالسُّلطانِ ، ثُمَّ حَقُّ سائِسِكَ بالعِلمِ ، ثُمَّ حَقُّ سائِسِكَ بالمُلكِ ، وكلُّ سائسٍ إمامٌ .
وَحُقوقُ رَعيَِّتِكَ ثَلاثَةٌ أوجبَهُا عَلَيكَ : حَقُّ رعيَّتِكَ بِالسُّلطانِ ، ثُمَّ حقُّ رعيَّتِكَ بِالعِلمِ ، فإنَّ الجاهِلَ رَعِيَّةُ العالِمِ ، ثُمَّ حَقُّ رَعيَّتِكَ بالمِلكِ مِنَ الأزواجِ وَمـا مَلَكَـت الأَيمانُ .
وَحُقوقُ رَعيَّتِكَ كَثيرَةٌ ، متّصلَةٌ بِقَدرِ اتِّصالِ الرَّحِمِ فِي القَرابَةِ : وأوجَبُها عَلَيكَ حَقُّ أُمِّكَ ، ثُمَّ حَقُّ أبيكَ ، ثُمَّ حَقُّ وُلدِكَ ، ثُمَّ حَقُّ أخيكَ ، ثُمُّ الأَقربُ فالأقرَبُ ، والأَولى فَالأَولى ، ثُمَّ حَقُّ مَولاكَ المُنعِمِ عَلَيكَ ، ثُمَّ حَقُّ مَولاكَ الجارِيَةُ نِعمَتُهُ عَلَيكَ ۴ ، ثُمَّ حَقُّ ذوي المَعروفِ لَدَيكَ ، ثُمَّ حَقُّ مُؤَذِّ نُكَ لِصَلاتِكَ ، ثُمَّ حَقُّ إمامِكَ في صَلاتِكَ ، ثُمَّ حَقُّ جَليسِكَ ، ثُمَّ حَقُّ جارِكَ ، ثُمَّ حَقُّ صاحِبِكَ ، ثُمَّ حَقُّ شَريكِكَ ، ثُمَّ حَقُّ مالِكَ ، ثُمَّ حَقُّ غريمِكَ الَّذي تُطالِبُهُ ، ثُمَّ حَقُّ غريمِكَ الَّذي يُطالِبُكَ ، ثُمَّ حَقُّ خَليطِكَ ، ثُمَّ حَقُّ خَصمِكَ المُدَّعي عَلَيكَ ، ثُمَّ حَقُّ خَصمِكَ الَّذي تَدَّعي عَلَيهِ ، ثُمَّ حَقُّ مُستَشيرِكَ ، ثُمَّ حَقُّ المُشيرِ عَلَيكَ ، ثمَّ حَقُّ مُستَنصِحِكَ ، ثُمَّ حَقُّ النَّاصِحِ لَكَ ، ثُمَّ حَقُّ مَن هو أكبرُ مِنكَ ، ثُمَّ حَقُّ مَن هُوَ أصغَرُ مِنكَ ، ثُمَّ حَقُّ سائِلِكَ ، ثُمَّ حقُّ مَن سألتهُ ، ثُمَّ حَقُّ مَن جَرى لَكَ عَلى يَديهِ مساءَةٌ بِقَولٍ أو فِعلٍ ۵ عَن تَعَمُّدٍ مِنهُ أو غير تَعَمُّدٍ ، ثُمَّ حَقُّ أهلِ مِلَّتكَ عَلَيكَ ، ثُمَّ حَقُّ أهلِ ذِمَّتِكَ ، ثُمَّ الحُقوق الجارِيَةُ بِقَدرِ
عِلَلِ الأَحوالِ وتَصَرُّفِ الأسبابِ .
فَطوبى لِمَن أعانَهُ اللّه ُ على قَضاءِ ما أوجَبَ عَلَيهِ مِن حُقوقِهِ ، وَوَفَّقَهُ لِذلِكَ وَسَدَّدَهُ .
فَأمَّا حَقُّ اللّه ِ الأكبرُ عَلَيكَ : فَأنْ تعبُدَهُ لا تُشرِكُ بِه شَيئاً ، فإذا فَعَلتَ بالإخلاصِ جَعَل لَكَ عَلى نَفسِهِ أنْ يكفِيَكَ أمرَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ .
وَحَقُّ نفسِكَ عَلَيكَ : أنْ تَستَعمِلَها بِطاعَةِ اللّه ِ عز و جل .
وَحَقُّ اللِّسانِ : إكرامُهُ عَن الخنى ، وتَعويدُهُ الخَيرَ ، وَتَركُ الفُضولِ الَّتي لا فائِدَةَ لَها ، والبِرُّ بالنَّاسِ ، وحُسنُ القَولِ فِيهم .
وَحَقُّ السَّمعِ : تَنزيهُهُ عَن سَماع الغيبَةِ ، وسَماعِ ما لا يَحِلُّ سَماعُهُ .
وحَقُّ البَصرِ : أنْ تغضَّه عَمَّا لا يحِلُّ لَكَ ، وَتَعتَبِرَ بالنَّظَرِ بِه .
وحَقُّ يَدِكَ : أنْ لا تَبسطَها إلى ما لا يَحِلُّ لَكَ .
وَحَقُّ رِجلَيكَ : أنْ لا تمشي بهِما إلى ما لا يَحِلُّ لَكَ ، فبهما تَقِفُ عَلى الصِّراطِ ، فانْظُر أنْ لا تَزِلَّ بِكَ فَترَدَّى فِي النَّار؟
وَحَقُّ بطنِكَ : أنْ لا تَجعَلَهُ وِعاءً للحَرامِ ، ولا تزيدَ عَلى الشِّبعِ .
وَحَقُّ فَرْجِكَ : أنْ تُحَصِّنَهُ عَنِ الزِّنا ، وَتَحفَظَهُ مِن أنْ يُنظَرَ إليهِ .
وَحَقُّ الصَّلاةِ : أنْ تَعلَمَ أنَّها وِفادَةٌ إلى اللّه ِ عز و جل وَأنتَ فيها قائمٌ ۶ بَينَ يَدَيْ اللّه ِ عز و جل ، فإذا عَلِمتَ ذلِكَ ، قُمتَ مَقامَ العَبدِ الذَّليلِ الحَقيرِ الرَّاغِبِ الرَّاهِبِ الرَّاجي الخائِفِ المُستَكينِ المُتَضرِّعِ المُعظِّمِ لِمَن كانَ بَينَ يَديهِ بِالسُّكونِ والوَقارِ ، وتُقبِلُ عَلَيها بِقَلبِكَ ، وَتُقِيمُها بِحُدودِها وَحُقوقِها .
وحَقُّ الحَجِّ : أنْ تَعلَمَ أنَّهُ وِفادةٌ إلى رَبِّكَ ، وفِرارٌ إليهِ مِن ذُنوبِكَ ، وبهِ ۷
قَبول تَوبَتِكَ ، وقَضاءُ الفَرضِ الَّذي أوجَبَهُ اللّه ُ عَلَيكَ .
وَحَقُّ الصَّومِ : أنْ تعلَمَ أنَّهُ حِجابٌ ضربَهُ اللّه ُ عز و جل على لِسانِكَ وسَمْعِكَ وبَصَرِكَ وبَطْنِكَ وفَرْجِكَ لِيَسْتُرَكَ بهِ مِنَ النَّارِ ، فإنْ تَرَكتَ الصَّومَ خَرَقتَ سِترَ اللّه ِ عَلَيكَ .
وَحَقُّ الصَّدَقَةِ : أنْ تعلَمَ أنَّها ذُخْرُكَ عِندَ رَبِّك عز و جل ، وَوَديعَتُكَ الَّتي لا تَحتاجُ إلى الإشهادِ عَلَيها ، فإذا عَلِمتَ ذلِكَ كُنتَ بِما تَستَودِعُهُ سِرّاً أوثَقَ مِنكَ بِما تَستَودِعُهُ علانِيَّةً ، وَتَعلَمُ أنَّها تَدفَعُ البَلايا والأسقامَ عَنكَ فِي الدُّنيا ، وتَدفَعُ عَنكَ النَّارَ في الآخِرَةِ .
وَحَقُّ الهَدي : أنْ تُريدَ بهِ وَجهَ اللّه ِ عز و جل ، وَلا تريد بهِ خَلقَهُ ، ولا تُريدُ بهِ إلاَّ التَّعرُّضَ لِرَحمَةِ اللّه ِ ، ونجاةِ روحِكَ يَومَ تَلقاهُ .
وحَقُّ السُّلطانِ : أنْ تعلَمَ أنَّكَ جُعِلْتَ لَهُ فِتنَةً ، وأنَّهُ مُبتلًى فيكَ بِما جعَلَهُ اللّه ُ عز و جل لَهُ عَلَيكَ مِنَ السُّلطانِ ، وأنَّ عَلَيكَ أنْ لا تَتَعرَّضَ لِسَخَطِهِ فَـتُلقي بِيَدِكَ إلى التَّهْلُكَةِ ، وتَكونُ شَريكاً لَهُ فيما يأتي إلَيكَ مِن سوءٍ .
وحَقُّ سائِسِكَ بِالعِلمِ : التَّعظيمُ لَهُ ، والتَّوقيرُ لِمَجلِسِهِ ، وحُسنُ الاستِماعِ إلَيهِ ، والإقبالِ عَلَيهِ ، وأنْ لا تَرفَعَ عَلَيهِ صَوتَكَ ، وأنْ لا تُجيبَ أحَداً يَسألُهُ عَن شَيءٍ حتَّى يكونَ هُو الَّذي يُجيبُ ، ولا تُحَدِّثَ في مَجلِسهِ أحَداً ، ولا تغتابَ عِندَهُ أحَداً ، وأنْ تدفَعَ عَنهُ إذا ذُكِرَ عِندَكَ بِسوءٍ ، وَأنْ تستُرَ عُيوبَهُ ، وتُظهِرَ مَناقِبَهُ ، ولا تجالِسَ لَهُ عَدُوَّاً ، ولا تعادي لَهُ وليّاً ، فإذا فَعَلتَ ذلِكَ شَهِدَت لَكَ مَلائِكَةُ اللّه ِ بِأنَّكَ قَصدتَهُ ، وتعلَّمتَ عِلمَهُ للّه ِ جَلَّ اسمُه لا للنَّاسِ .
وأمَّا حَقُّ سائِسِكَ بالمُلكِ : فَأنْ تُطيعَهُ ، ولا تَعصِيَهُ إلاَّ فيما يُسخِطُ اللّه َ عز و جل ، فَإنَّهُ لاطاعَةَ لِمَخلوقٍ في مَعصِيَةِ الخالِقِ .
وَأمَّا حَقُّ رَعِيَّتِكَ بالسُّلطانِ : فأنْ تعلَمَ أنَّهُم صاروا رَعِيَّتَكَ لِضَعفِهِم وَقُوَّتِكَ ، فيَجِبُ أنْ تعدِلَ فيهم ، وتكونَ لَهُم كالوالدِ الرَّحيمِ ، وتَغفِرَ لَهُم جَهلَهُم ، وَلا تعاجِلَهُم بالعُقوبَةِ ، وتَشكُرَ اللّه َ عز و جل على ما آتاكَ مِنَ القُوَّةِ عَلَيهِم .
وأمَّا حَقُّ رَعِيَّتِكَ بالعِلمِ : فأنْ تعلَمَ أنَّ اللّه َ عز و جل إنَّما جَعَلَكَ قَيِّماً لَهُم فيما آتاكَ مِنَ العِلمِ ، وفَتَح لَكَ مِن خَزَائِنِهِ ، فَإنْ أحسَنتَ في تَعليمِ النَّاسِ وَلَم تَخرَقْ بِهِم ولَم تَضجَر عَلَيهِم ، زادَكَ اللّه ُ مِن فَضلِهِ ، وإنْ أنتَ مَنَعتَ النَّاسَ عِلمَكَ ، أو خَرَقتَ بِهِم عِندَ طَلَبِهم العِلَم مِنكَ ، كان حَقّاً على اللّه ِ عز و جل أنْ يسلِبَكَ العِلمَ وَبهاءَهُ ، ويُسقِطَ مِنَ القُلوبِ مَحِلَّكَ .
وأمَّا حَقُّ الزَّوجَةِ : فأنْ تعلَمَ أنَّ اللّه َ عز و جل جَعَلَها لَكَ سَكَناً وأُنساً ، فَتعلَمُ أنَّ ذلِكَ نِعمَةٌ مِنَ اللّه ِ عَلَيكَ ، فَتُكرِمُها وَتَرفَقُ بِها ، وإنْ كانَ حَقُّكَ عَلَيها أوجَبَ ، فَإنَّ لَها عَلَيكَ أنْ ترحَمَها ، لأِنَّها أسيرُكَ ، وَتُطعِمَها وَتكسوها ، وإذا جَهِلَت عَفوتَ عَنها .
وَأمَّا حَقُّ مَملوكِكَ : فَأنْ تعلَمَ أنَّهُ خَلقُ رَبِّكَ ، وابنُ أبيكَ وأُمِّكَ ولَحمِكَ وَدَمِكَ ، لم تَملِكهُ ، لأنَّكَ صَنعتَهُ دونَ اللّه ِ ، ولا خَلَقتَ شَيئاً مِن جَوارِحِهِ ، وَلا أخرَجتَ لَهُ رِزقاً ، ولكِنَّ اللّه عز و جل كفاكَ ذلِكَ ، ثُمَّ سخَّرهُ لَكَ ، وائتمنَكَ علَيهِ ، واستَوْدَعَكَ إيَّاهُ لِيَحفَظَ لَكَ مَا تأتيهِ من خَيرٍ إلَيهِ ، فَأحسِنْ إلَيهِ كَما أحسَنَ اللّه ُ إلَيْكَ ، وإنْ كَرِهْتَهُ استَبدَلْتَ بهِ ، وَلَم تُعَذِّب خَلقَ اللّه ِ عز و جل ، ولا قُوَّةَ إلاَّ باللّه ِ .
وحقُّ أمِّك : فأنْ تعلم أنَّها حَمَلَتكَ حَيثُ لا يَحتَمِلُ أحَدٌ أحَداً ، وأَعطَتكَ مِن ثَمَرَةِ قَلبها ما لا يُعطي أحَدٌ أحَداً ، وَوَقَتكَ بِجميعِ جَوارِحِها ، ولَم تُبالِ أنْ تَجوعَ وتُطعِمَكَ ، وتَعطَشَ وتَسقِيَكَ ، وتَعرى وَتكسوَكَ ، وتَضحى وتُظِلَّكَ ، وتَهجُرَ النَّومَ لأجلِكَ ، وَوَقَتْكَ الحَرَّ والبَردَ لِتكونَ لَها ، فإنَّكَ لا تُطيقُ شُكرَها إلاَّ بِعَونِ اللّه ِ تَعالى وَتَوفيقِهِ .
وأمَّا حقُّ أبيك : فأنْ تعلَمَ أنَّهُ أَصلُكَ ، وأنَّهُ لَولاهُ لَم تَكُن ، فَمَهْمَا رَأيْتَ في نَفْسِكَ مِمَّا يُعْجِبُكَ ، فاعلَم أنَّ أباكَ أصلُ النِّعمَةِ عَلَيكَ فيهِ ، فاحمَدِ اللّه َ واشكُرهُ عَلى قَدرِ ذلِكَ ، ولا قُوَّةَ إلاَّ باللّه ِ .
وَأمَّا حَقُّ وَلَدِكَ : فأنْ تَعلَمَ أنَّهُ مِنكَ ، ومُضافٌ إليكَ في عاجِلِ الدُّنيا بِخَيرِهِ وَشَرِّهِ ، وأنَّكَ مَسؤولٌ عَمَّا ولَّيتَهُ مِن حُسْنِ الأدَبِ ، والدَّلالة على رَبِّهِ عز و جل ، والمَعونَةِ عَلى طاعَتِهِ ، فاعمَل في أمرِهِ عَمَلَ مَن يَعلَمُ أنَّهُ مُثابٌ عَلى الإحسانِ إِليهِ ، مُعاقَبٌ عَلى الإساءَةِ إليهِ .
وَأمَّا حَقُّ أخيكَ : فَأنْ تعلَمَ أنَّهُ يَدُكَ وَعِزُّكَ وقُوَّتُكَ ، فَلا تتَّخِذهُ سِلاحاً على مَعصِيَةِ اللّه ِ ، ولا عُدَّةً للظُّلمِ لِخَلقِ اللّه ِ ، ولا تَدَع نُصرَتَهُ عَلى عَدُوِّهِ والنَّصيحَةَ لَهُ ، فإنْ أطاع اللّه ، وإلاَّ فَليَكُنِ اللّه ُ أكرَم عَلَيكَ مِنهُ ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .
وأمَّا حَقُّ مَولاكَ المُنعِمِ عَلَيكَ : فأنْ تعلَمَ أنَّهُ أنفَقَ فِيكَ مالَهُ ، وأخرجَكَ مِن ذُلِّ الرِّقِّ ، وَوَحشَتِهِ إلى عزِّ الحُرِّيَّةِ وأُنسِها ، فأَطلَقَكَ مِن أَسرِ المَلكَةِ ، وَفَكَّ عَنكَ قَيدَ العُبودِيَّةِ ، وأخرجَكَ مِنَ السِّجنِ ، وملَّكَكَ نَفسَكَ ، وفرَّغَكَ لِعبادَةِ رَبِّكَ ، وتعلَمَ أنَّهُ أَولى الخَلقِ بِكَ في حياتِكَ وَموتِكَ ، وَأنَّ نُصرَتَهُ عَلَيكَ واجِبَةٌ بِنَفسِكَ وما احتاجَ إليهِ مِنكَ ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .
وأمَّا حَقُّ مولاكَ الَّذي أنعَمتَ عَلَيهِ : فأنْ تعلَمَ أنَّ اللّه عز و جل جَعَل عِتقَكَ لَهُ وَسيلةً إليهِ ، وحِجاباً لَكَ مِنَ النَّارِ ، وَأنَّ ثوابَكَ في العاجِلِ ميراثُهُ إذا لَم يَكُن لَهُ رَحِمٌ، مُكافأةً بِما أنفَقتَ مِن مالِكَ ، وفي الآجِلِ الجَنَّةُ .
وأمَّا حَقُّ ذي المَعروفِ عَلَيكَ : فَأنْ تَشكُرَهُ ، وَتَذكُرَ مَعروفَهُ ، وتُكسِبَهُ المَقالَةَ الحَسنَةَ ، وتُخلِصَ لَهُ الدُّعاءَ فيما بينَكَ وبَينَ اللّه ِ عز و جل ، فإذا فَعَلتَ ذلِكَ كُنتَ قَد شَكَرتَهُ سِرّاً وعَلانِيَّةً ، ثُمَّ إنْ قَدِرتَ على مُكافَأتِهِ يَوماً كافَيتَهُ .
وَأمَّا حَقُّ المُؤذِّنِ : أنْ تعلَمَ أنَّهُ مُذَكِّرٌ لَكَ رَبَّك عز و جل ، وداعٍ لَكَ إلى حَظِّكَ ، وَعَونُكَ على قَضاءِ فَرضِ اللّه ِ عَلَيكَ ، فَاشكُره على ذلِكَ شُكرَكَ للمُحسِنِ إلَيكَ .
وأمَّا حَقُّ إمامِكَ في صَلاتِكَ : فأنْ تعلَمَ أنَّهُ تَقَلَّد السَّفارَةَ فيما بَينَكَ وَبَينَ رَبِّكَ عز و جل ، وتكلَّم عَنكَ ولَم تَتَكلَّم عَنهُ ، ودعا لَكَ ولَم تَدعُ لَهُ ، وكَفاكَ هَولَ المُقامِ بَينَ يَدَي اللّه ِ عز و جل ، فإنْ كانَ بهِ نَقصٌ كانَ بهِ دونَكَ ، وإنْ كانَ تماماً كُنتَ شَريكَهُ ، ولم يَكُن لَهُ
عَلَيكَ فَضلٌ ، فَوَقى نفسَكَ بِنَفسِهِ وصَلاتَكَ بِصلاتِهِ ، فَتشكُر لَهُ على قَدرِ ذلِكَ .
وأمَّا حَقُّ جَليسِكَ : فَأنْ تُلينَ لَهُ جانِبَكَ ، وتُنصِفَهُ في مُجازاة اللَّفظِ ، ولا تَقومُ من مَجلِسِكَ إلاَّ بإذنِهِ ، ومَن يجلسُ إليهِ يجَوزُ لَهُ القِيامُ عَنكَ بِغَيرِ إذنِكَ ، وَتَنسى زَلاَّتِهِ ، وتَحفَظَ خَيراتِهِ ، ولا تُسمِعَهُ إلاَّ خَيراً .
وأمَّا حقُّ جارِكَ : فَحِفظُهُ غائِباً ، وإكرامُهُ شاهِداً ، ونُصرَتُهُ إذ كانَ مَظلوماً ، ولا تتَّبِــع لَهُ عَورَةً ، فَإنْ عَلِمتَ عَلَيهِ سوءاً ستَرتَهُ عَلَيهِ ، وإِنْ عَلِمتَ أنَّه يقبَلُ نَصيحَتَكَ نَصَحتَهُ فيما بَينَكَ وبَينَهُ ، وَلا تُسلِمْهُ عِندَ شَديدَةٍ ، وَتُقيلُ عَثْرَتَهُ ، وتَغفِرُ ذَنبَهُ ، وتعاشِرُهُ مُعاشَرَةً كريمَةً ، ولا قوَّة إلاَّ باللّه ِ .
وأمَّا حَقُّ الصَّاحِب : فأنْ تصحَبَهُ بالتَّفضُّلِ والإنصافِ ، وتُكرِمَهُ كما يُكرِمُكَ ، ۸ وكُن عَلَيهِ رَحمَةً ، ولا تَكُن عَلَيهِ عَذاباً ، وَلا قوَّةَ إلاَّ باللّه ِ .
وَأمَّا حَقُّ الشَّريكِ : فإنْ غاب كَفَيتَهُ ، وإنْ حَضَرَ رَعَيتَهُ ، ولا تَحكُم دونَ حُكمِهِ ، ولا تَعمَل بِرَأيِكَ دونَ مناظَرَتِهِ ، وتحفظُ عَلَيهِ مالَهُ ، ولا تَخونُهُ فيما عَزَّ أو هانَ مِن أمرِهِ ، فإنَّ يَد اللّه ِ تبارَكَ وتَعالى على الشَّريكَينِ ما لَم يتخاوَنا ، وَلا قُوَّةَ إلاَّ باللّه ِ .
وأمَّا حَقُّ مالِكَ : فأنْ لا تأخذَهُ إلاَّ من حِلِّهِ ، ولا تُنفِقَهُ إلاَّ في وَجهِهِ ، ولا تُؤثِرَ على نَفسِكَ مَن لا يَحمَدُكَ ، فاعمَل بهِ بِطاعَةِ رَبِّكَ ، ولا تَبخَل بهِ فَتَبوءَ بالحَسرةِ والنَّدامَةِ مَعَ السَّعَةِ ۹ ، وَلا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .
وأمَّا حَقُّ غَريمِكَ الَّذي يُطالِبُكَ : فإنْ كُنتَ مُوسِراً أعطَيتَهُ ، وإنْ كُنتَ مُعسِراً أرضَيتَهُ بِحُسنِ القَولِ ، ورَدَدْتَهُ عَن نَفسِكَ رَدّاً لطيفاً .
وحَقُّ الخليطِ : أنْ لا تَغرَّهُ ، ولا تَغُشَّهُ ، ولا تَخدَعَهُ ، وَتتَّقي اللّه َ تَبارَكَ وتَعالى في أمرِهِ .
وحَقُّ الخَصمِ المُدَّعي عَلَيكَ : فإنْ كانَ ما يدَّعي عَلَيكَ حَقّاً كُنتَ شاهِدَهُ على نَفسِكَ وَلَم تَظلِمهُ ، وَأوفيتَهُ حَقَّهُ ، وإنْ كانَ ما يدَّعي باطِلاً رَفَقتَ بهِ ، وَلم تأتِ في أمرهِ غَيرَ الرِّفقِ ، ولَم تُسخِط رَبَّكَ في أمرِهِ ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .
وحَقُّ خَصمِكَ الَّذي تدَّعي عَلَيه : إِنْ كُنتَ مُحِقّاً في دَعوَتِكَ أجمَلتَ مُقاوَلَتهُ ، ولَم تَجحَد حَقَّهُ ، وإنْ كُنتَ مُبطِلاً في دَعوَتِكَ اتَّقيتَ اللّه عز و جل و تُبتَ إليهِ ، وتَركتَ الدَّعوى .
وحَقُّ المُستشيرِ : إِنْ عَلِمتَ أنَّ لَهُ رأياً أشَرتَ عَلَيهِ ، وإنْ لم تَعلَم أرشَدتَهُ إلى مَن يَعلَمُ .
وَحَقُّ المُشير عَلَيكَ : أنْ لا تتَّهِمَهُ فيما لا يوافِقُكَ من رَأيهِ ، فَإنْ وافَقَكَ حَمِدتَ اللّه َ عز و جل .
وحَقُّ المُستَنصِحِ : أن تؤدِّي إلَيهِ النَّصيحَةَ ، وَليَكُن مَذهَبُكَ الرَّحمَةَ لَهُ ، والرِّفقَ بهِ .
وحَقُّ النَّاصِحِ : أنْ تُلينَ لَهُ جَناحَكَ ، وتُصغي إليهِ بِسَمعِكَ ، فَإنْ أتى بالصَّواب حَمِدتَ اللّه َ عز و جل ، وإنْ لَمْ يُوافِق رحمَتَهُ ، ولَم تتَّهِمهُ وَعلِمتَ أنَّهُ أخطأ ، وَلَم تُؤاخِذهُ بِذلِكَ إلاَّ أنْ يَكونَ مُستَحقّاً للتُّهمَةِ ، فَلا تَعبأ بِشيءٍ مِن أمرِهِ عَلى حالٍ ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .
وَحَقُّ الكبيرِ : تَوقيرُهُ لِسنِّهِ ، وإجلالِهِ لِتَقَدُّمِهِ في الإسلامِ قَبلَكَ ، وَتَركُ مُقابَلَتِهِ عِندَ الخِصامِ ، ولا تَسبقهُ إلى طريقٍ ، ولا تَتقدَّمهُ ، ولا تَستجهِلهُ ، وإنْ جَهِلَ عَلَيكَ احتَمَلتَهُ وأكرَمتَهُ لِحَقِّ الإسلامِ وحُرْمَتِهِ .
وَحَقُّ الصَّغيرِ : رَحمَتُه في تَعليمِهِ ، والعَفوُ عَنهُ ، والسَّترُ عَلَيهِ ، والرِّفقُ بهِ ، والمعونَةُ لَهُ .
وحَقُّ السَّائِلِ : إعطاؤهُ على قَدرِ حاجَتِهِ .
وَحَقُّ المسئولِ : إنْ أعطى فاقبَل مِنهُ بالشُّكرِ والمَعرِفَةِ بِفَضلِهِ ، وإنْ مَنَعَ فَاقبَل عُذرَهُ .
وحَقُّ من سَرَّك للّه ِ تَعالى ذكرُهُ : أنْ تحمَدَ اللّه َ عز و جل أوَّلاً ، ثُمَّ تَشكُرُهُ .
وحَقُّ مَن أساءَكَ : أنْ تعفوَ عَنهُ ، وإنْ عَلِمتَ أنَّ العفوَ يَضُرُّ انتصرتَ ، قال اللّه ُ تبارَكَ وتعالى : «وَ لَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُـلْمِهِ فَأُولئكَ مَا عَلَيْهِم مِن سَبِيلٍ »۱۰ .
وَحَقُّ أهل مِلَّتِكَ : إضمارُ السَّلامَةِ والرَّحمَةِ لَهُم ، والرِّفقُ بِمُسيئهِم ، وتَألُّفهُم ، واستِصلاحُهُم ، وشُكرُ مُحسِنِهِم ، وكَفُّ الأذى عَنهُم ، وتُحِبُّ لَهُم ما تُحِبُّ لِنَفسِكَ ، وتَكرَهُ لَهُم ما تَكرَهُ لِنَفسِكَ ، وأنْ يكونَ شُيوخُهُم بِمَنزِلَةِ أبيكَ ، وَشُبَّانُهُم بِمَنزِلَةِ إخوَتِكَ ، وعَجائِزُهُم بِمَنزِلةِ أُمِّكَ ، والصِّغارُ بِمَنزِلةِ أولادِكَ .
وحَقُّ الذِّمَّة : أنْ تقبَلَ مِنهُم ما قَبِلَ اللّه ُ عز و جل ، ولا تَظلِمهُم ما وَفوا للّه ِ عز و جل بِعَهدِهِ» . ۱۱

1.البداية والنهاية : ج ۹ ص ۱۰۶.

2.ثابت بن دينار في الفقيه : فقد رويته عن أبيـ رضى الله عنه ـ عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثُّماليّ . ودينار يكنّى أبا صفيّة ، وهو من حيّ من بني ثُعَل ، ونُسب إلى ثُمالة لأنّ داره كانت فيهم ، وتوفّي سنة خمسين ومائة ، وهو ثقة عدل قد لقي أربعة من الأئمّة : عليّ بن الحسين ، ومحمّد بن عليّ ، وجعفر بن محمّد ، وموسى بن جعفر عليهم السلام(من لايحضره الفقيه : ج ۴ ص ۴۴۴) . وفي معجم رجال الحديث : ثابت بن دينار : ثابت بن أبي صفيّة ، قال الشيخ : ثابت بن دينار يكنّى أبا حمزة الثُّماليّ ، وكنية دينار أبو صفيّة ؛ ثقة ، له كتاب ، أخبرنا به عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، ومحمّد بن الحسن وموسى بن المتوكّل ، عن سعد بن عبد اللّه ، والحميريّ ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة . وأخبرنا أحمد بن عبدون عن أبي طالب الأنباريّ ، عن حميد بن زياد ، عن يونس بن عليّ العطار عن أبي حمزة ، وله كتاب النّوادر ، وكتاب الزّهد ، رواهما حميد بن زياد ، عن محمّد بن عيّاش بن عيسى أبي جعفر ، عن أبي حمزة . وقال النجاشيّ : ثابت بن أبي صفيّة أبو حمزة الثُّماليّ ، واسم أبي صفيّة : دينار ، مولى ، كوفيّ ، ثقة . وكان آل المهلب يدّعون ولاءه وليس من قبيلهم ، لأنّهم من القنيك (العتيك) ، قال محمّد بن عمر الجعابيّ ثابت بن أبي صفيّة مولى المهلب بن أبي صفرة . وأولاده نوح ، ومنصور ، وحمزة ، قتلوا مع زيد ، لقي عليّ بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبد اللّه وأبا الحسن عليهم السلام ، وروى عنهم ، وكان من خيار أصحابنا وثقاتهم ومعتمديهم في الرّواية والحديث ، وروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال : أبو حمزة في زمانه ، مثل سلمان في زمانه ، وروى عنه العامّة ومات في سنة خمسين ومائة ، له كتاب تفسير القرآن .. . وقال الصدوق في المشيخة ، عند ذكر طريقه إليه : أبو حمزة ثابت بن دينار الثُّماليّ ، ودينار يكنّى أبا صفيّة ، وهو من حي (طي) (من) بني ثعل ، ونسب إلى ثُمالة ، لأنّ داره كانت فيهم ، وتوفي سنة (۱۵۰) ، وهو ثقة ، عدل ، قد لقي أربعة من الأئمّة عليّ بن الحسين ، ومحمّد بن عليّ ، وجعفر بن محمّد ، وموسى بن جعفر عليهم السلام . وقال الكشي : حدّثنا حمدويه بن نصير قال : حدّثنا أيوب بن نوح ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي حمزة ، قال : كانت صبيَّة لي ، سقطت ، فانكسرت يدها ، فأتيت بها التّيميّ ، فأخذها ، فنظر إلى يدها ، فقال : منكسرة ، فدخل يخرج الجبائر ، وأنا على الباب ، فدخلتني رقّة على الصبية ، فبكيت ودعوت ، فخرج بالجبائر فتناول بيد الصبية ، فلم ير بها شيئاً ، ثم نظر إلى الأُخرى ، فقال : ما بها شيء . قال : فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام ، فقال يا أبا حَمزَةَ ، وافَقَ الدُّعاءُ الرِّضا فاستُجيبَ لَكَ ، في أسرَعِ مِن طَرفَةِ عَين . حدّثني محمّد بن إسماعيل ، قال : حدّثنا الفضل ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليِّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام فقال : ما فعل أبو حمزة الثُّماليّ؟ قلت : خلَّفتهُ عليلاً ، قال : إذا رجعت إليه فاقرأه منّي السّلام ، وأعلِمه أنّه يموت في شهر كذا في يوم كذا . قال أبو بصير : قلت : جُعلتُ فِداكَ ، واللّه ِ لقد كان لكم فيه أنس ، وكان لكم شيعة . قال : صدقت ، ما عندنا خير له . قلت : شيعتكم معكم؟ قال : نعم إن هو خافَ اللّه َ وراقَبَ نبيَّهُ وتَوقَّى الذُّنوبَ ، فإذا هُوَ فَعَل كانَ مَعَنَا في دَرَجاتِنا . قال عليٌّ : فرجعنا تلك السنة فما لبث أبو حمزة إلاّ يسيراً حتّى توفي .. . وعدّه الشّيخ في رجاله ، مع توصيفه بالأزديّ الكوفيّ ، في أصحاب السَّجاد عليه السلام ، وقال فيه : مات سنة ۱۵۰ ، وفي أصحاب الباقر عليه السلام وفي أصحاب الصّادق عليه السلام قائلاً : ثابت بن أبي صفيّة : دينار الأزديّ الثُّماليّ الكوفيّ ، يكنّى أبا حمزة ، مات سنة ۱۵۰ . وفي أصحاب الكاظم عليه السلام قائلاً : اختلف في بقائه إلى وقت أبي الحسن موسى عليه السلام ، روى عن عليّ بن الحسين عليه السلام ومن بعده ، له كتاب . وعدّه البرقيّ في أصحاب الحسن والحسين والسّجاد والباقر عليهم السلام . وعدّه ابن شهر آشوب : من خواص أصحاب الصّادق عليه السلام .. . ويقع الكلام فيه من جهات : .. . معجم رجال الحديث : ج ۳ ص ۳۸۵ الرقم ۱۹۵۳ .

3.السائس : القائم بامر والمدبر له .

4.كذا والظاهر تصحيفه ، والصواب كما سيأتي في تفصيله عليه السلام هذه الحقوق : «حق مولاك الجارية نعمتك عليه» .

5.زاد في التحف : «أو مسرة بقول أو فعل» ولعله سقط من النساخ .

6.في المصدر «قائما» والصحيح ما أثبتناه كما في بحار الأنوار .

7.وفي الفقيه : «فيه» بدل «به» .

8.وزاد في الفقيه : « .. . يكرمك، ولا تدعه يسبق إلى مكرمةٍ، فإنْ سبق كافأته وتودُّه كما يودُّك، وتزجره عمَّا يهمُّ به من معصيةٍ .

9.في الفقيه : «التَّبِعَة» بدل «السعة» .

10.الشورى : ۴۱ .

11.الخصال : ص ۵۶۴ ح ۱ ، بحار الأنوار : ج ۷۴ ص ۲ ح ۱ وراجع من لا يحضره الفقيه : ج ۲ ص ۶۱۹.


مكاتيب الأئمّة ج3
184

8

كتابُه عليه السلام في المواعظ

۰.عن بريد العجليّ عن أبي جعفر عليه السلام قال :«وجدنا في كتاب عليّ بن الحسين عليهماالسلام «أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَآءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاَ هُمْ يَحْزَنُونَ »۱ ، قال : إذا أدَّوا فرايضَ اللّه ِ ، وأخذوا بِسُنَنِ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، وتَورَّعوا عَن محارِمِ اللّه ِ ، وزَهَدوا في عاجِلِ زَهرَةِ الدُّنيا ، ورَغَبوا فيما عِندَ اللّه ِ ، واكتَسبوا الطَّيِّبَ مِن رِزقِ اللّه ِ ، لا يريدونَ بهِ التَّفاخُرَ والتَّكاثُرَ ، ثُمَّ انفَقوا فيما يَلزَمهُم مِن حُقوقٍ واجِبَةٍ ، فَأُولئِكَ الَّذين بارَكَ اللّه ُ لَهُم فيما اكتسَبوا ، وَيُثابونَ على ما قَدَّموا لآِخِرَتِهِم» . ۲

1.يونس : ۶۲ .

2.تفسير العيّاشي : ج ۲ ص ۱۲۴ ح ۳۱ ، بحار الأنوار : ج ۶۹ ص ۲۷۷ ح ۱۱ نقلاً عنه وراجع : التّبيان : ج ۵ ص ۴۰۱.

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج3
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 59161
الصفحه من 340
طباعه  ارسل الي