209
مكاتيب الأئمّة ج3

39 ـ وأمَّا حَقُّ المُسْتَشِيرِ :

۰.فَإنْ حضرَكَ لَهُ وجْهُ رأيٍ جَهِدتَ لَهُ في النَّصيحَةِ ، وأشَرتَ عَلَيهِ بِما تعلَمُ ، أنَّكَ لَو كُنتَ مكانَهُ عَمِلتَ بهِ ، وذلِكَ لِيَكُن مِنكَ في رَحمَةٍ ولِينٍ ، فَإنَّ اللِّينَ يؤنِسُ الوَحشَةَ ، وإنَّ الغَلِظ يُوحِشُ مَوضِعَ الأُنْسِ وإنْ لم يَحضُرْكَ لَهُ رأيٌ ، وعَرَفْتَ لَهُ مَن تَثِقُ بِرَأيهِ ، وتَرْضى بِهِ لِنَفسِكَ دَلَلْتَهُ عَلَيهِ ، وأرْشَدْتَهُ إلَيهِ ، فَكُنتَ لَم تأْ لُهُ خَيراً ، ولَم تدَّخِرْهُ نُصْحاً ، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلاَّ باللّه ِ .

40 ـ وأمَّا حقُّ المُشِير عَلَيكَ :

۰.فلا تَتَّهِمْهُ فيما لا يُوافِقُكَ عَلَيهِ مِن رأيهِ إذا أشارَ عَلَيكَ ، فإنَّما هِيَ الآراءُ وتَصرُّفُ النَّاسِ فيها واختِلافُهُم ، فَكُن عَليهِ في رأيهِ بالخيارِ إذا اتَّهمْتَ رأيَهُ ، فأمَّا تُهمَتُهُ فلا تَجوزُ لَكَ إذا كان عِندَكَ مِمَّن يَستَحِقُّ المُشاوَرَةَ ، ولا تَدع شُكرَهُ على ما بَدا لَكَ من إشْخاصِ رأيهِ وحسْن وجهِ مَشورَتِهِ ، فإذا وافَقَكَ حَمِدْتَ اللّه َ ، وقَبِلتَ ذلِكَ مِن أخيكَ بالشُّكرِ والإرصادِ بالمُكافَأةِ في مثلها إنْ فزَع إلَيكَ ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .

41 ـ وأمَّا حَقُّ المسْتَنْصِحِ :

۰.فإنَّ حَقَّهُ أنْ تُؤدِّيَ إلَيهِ النَّصيحَةَ على الحَقِّ الَّذي تَرى لَهُ أنَّهُ يَحمِلُ ، ويَخرُجُ المَخْرَجَ الَّذي يَلِينُ على مَسامِعِهِ ، وتُكَلِّمَهُ مِنَ الكلامِ بِما يُطيقُهُ عَقلُهُ ، فإنَّ لِكُلِّ عَقلٍ طَبقَةً مِنَ الكلامِ يعرِفُهُ ويَجْتَنِبُهُ ، وليَكُن مذهَبُكَ الرَّحمَةَ ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .

42 ـ وأمَّا حقُّ النَّاصح :

۰.فأنْ تُلينَ لَهُ جَناحَكَ ، ثمَّ تَشْرَئِبَّ لَهُ قلْبَكَ ، وتَفتَح لَهُ سمعَكَ حَتَّى تَفْهَمَ عَنهُ
نَصيحَتَهُ ، ثُمَّ تَنْظُرَ فيها ، فَإنْ كانَ وُفَّقَ فيها للصَّوابِ حَمِدتَ اللّه َ على ذلِكَ وقبِلْتَ مِنهُ ، وعَرَفْتَ لَهُ نَصيحَتَهُ ، وإنْ لمْ يَكُن وُفِّقَ لَها ۱ فيها رَحِمْتَهُ ، وَلَمْ تَتَّهِمْهُ ، وعَلِمتَ أنَّهُ لَم يأْلُكَ نُصْحاً ، إلاَّ أنَّهُ أخطَأ ، إلاَّ أن يكون عندك مُسْتَحقَّاً للتُّهمَة ، فلا تَعْبأْ بشيْء من أمره على كلّ حالٍ ، ولا قوَّة إلاَّ باللّه ِ .

1.هكذا في المصدر، والصواب: «له».


مكاتيب الأئمّة ج3
208

36 ـ وأمَّا حقُّ الخَلِيط :

۰.فأنْ لا تغُرَّهُ ، ولا تغُشَّهُ ، ولا تُكَذِّبَهُ ، ولا تُغْفِلَهُ ، ولا تَخْدَعَهُ ، و لاتعمَلَ في انتقاضِهِ عَمَلَ العَدُوِّ الَّذي لا يُبْقي على صاحبِهِ ، وإِن اِطمأنَّ إلَيكَ استقْصَيْتَ لَهُ على نَفسِكَ ، وعَلِمْتَ أنَّ غَبْنَ المُسترسِلِ رِباً . و لا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .

37 ـ وأمَّا حقُّ الخَصْم المُدَّعي عليك :

۰.فإنْ كانَ ما يَدَّعي علَيكَ حَقَّاً لم تَنفَسِخ في حُجَّتِهِ ، ولم تَعمَل في إبطالِ دَعوَتِهِ وكُنتَ خَصمَ نَفسِكَ لَهُ ، والحاكِمَ عَلَيها ، والشَّاهِدَ لَهُ بِحَقِّهِ دُونَ شهادَةِ الشُّهودِ ، فإنَّ ذلِكَ حَقُّ اللّه ِ عَلَيكَ ، وإنْ كانَ ما يَدَّعيهِ باطِلاً رَفقْتَ بهِ ، وَروَّعتَهُ وناشَدْتَهُ بِدينِهِ ، وكَسرْتَ حِدَّتَهُ عَنكَ بِذِكرِ اللّه ِ ، وألْقيتَ حَشْوَ الكَلامِ ، ولَغْطَهُ الَّذي لا يَرُدُّ عَنكَ عادِيَةَ عَدُوِّكَ ، بَل تَبُوءُ بإثْمِهِ ، وبهِ يشْحَذُ علَيكَ سَيْفَ عَداوَتِهِ ، لأنَّ لفظَةَ السُّوءِ تَبْعَثُ الشَّرَّ ، والخَيرُ مَقْمَعَةٌ للشَّرِّ ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .

38 ـ وأمَّا حَقُّ الخَصم المُدَّعى عَلَيهِ :

۰.فَإنْ كانَ ما تَدَّعيهِ حَقَّاً أجْمَلْتَ في مقاوَلَتِهِ بمَخْرَجِ الدَّعوى ، فَإنَّ للدَّعوى غِلْظَةً في سَمْع المُدَّعى عَلَيهِ ، وقَصَدْتَ قصدَ حُجَّتِكَ بالرِّفقِ ، وأمْهَلِ المُهْلَةِ ، وأبْينِ البَيانِ ، وألْطَفِ اللُّطْفِ ، ولم تَتَشاغَل عَن حُجَّتِكَ بمنَازَعَتِهِ بالقِيل وَالقالِ ، فتُذْهِبُ عنكَ حُجَّتَكَ ، ولا يكونُ لَكَ في ذلِكَ دَرَكٌ ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج3
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 60226
الصفحه من 340
طباعه  ارسل الي