233
مكاتيب الأئمّة ج3

في آثار نبذ الكتاب

۰.وَكُلُّ أمَّة قَد رَفَعَ اللّه ُ عَنهُم عِلمَ الكِتابِ حِينَ نَبَذُوهُ ، ووَلاّهُمْ عَدُوَّهُم حِينَ تَوَلَّوهُ ، وَكانَ مِن نَبْذِهِمُ الكِتابَ أنْ أقاموا حُرُوفَهُ ، وَحَرَّفوا حُدودَهُ ، فَهُم يَرْوونَه وَلا يَرْعَوْنَهُ ، والجُهَّالُ يُعْجِبهم حِفْظُهم للرِّوايَةِ ، والعُلماءُ يَحْزُنُهم تَرْكُهم للرِّعايَةِ ، وكانَ مِن نَبْذِهِمُ الكِتابَ أنْ وَلَّوْهُ الَّذينَ لا يَعلَمونَ ، فأوْرَدُوهُم الهَوَى ، وأصْدَرُوهُم إلى الرَّدَى ، وغيَّروا عُرَى الدِّين ، ثُمَّ ورَّثُوه في السَّفَهِ والصِّبا ، فالاُمَّةُ يَصْدُرونَ عَنْ أمْرِ النَّاسِ بَعْدَ أمرِ اللّه ِ تبارَكَ وتَعالى وَعَلَيهِ يَرِدونَ .
في حال من اعتمد على الناس بدل اللّه
فَبِئْسَ للظَّالِمينَ بَدَلاً وَلايَةُ النَّاسِ بَعدَ وَلايَةِ اللّه ِ ، وَثَوابُ النَّاسِ بَعدَ ثَوابِ اللّه ِ ، وَرِضا النَّاسِ بَعْدَ رِضا اللّه ِ ، فَأصبَحَتِ الاُمَّةُ كَذلِكَ ، وَفِيهِمُ المُجتَهِدونَ في العِبادَةِ
عَلى تِلكَ الضَّلالَةِ ، مُعْجَبونَ مَفْتُونونَ ، فعبادَتُهُم فِتنَةٌ لَهُم ، وَلِمَنِ اقتَدَى بِهِم ، وقد كانَ في الرُّسُلِ ذِكْرَى للعابِدينَ . إنَّ نبيّاً مِنَ الأنْبياءِ كانَ يَستَكْمِلُ الطَّاعَةَ ، ثُمَّ يَعْصي اللّه َ تبارَكَ وتَعالى في البابِ الواحِدِ ، فَخَرَج بهِ مِنَ الجَنَّةِ ، ويُنْبَذُ بِهِ في بَطْنِ الحُوتِ ، ثُمَّ لا يُنَجِّيه إلاّ الاعْترافُ والتَّوبَةُ .
في التحذير من المتشبّهين بالصلحاء
فاعرِفْ أشْباهَ الأحْبارِ والرُّهْبانِ ، الَّذين سارُوا بِكِتْمانِ الكِتابِ وَتَحْريفِهِ ، فما رَبِحَتْ تِجارَتُهُم وما كانوا مهتدين ، ثُمَّ اعرِفْ أشْباهَهُم مِن هذهِ الاُمَّةِ ، الَّذينَ أقاموا حُرُوفَ الكِتابِ وحَرَّفُوا حُدُودَهُ فَهُم مَعَ السَّادَةِ والكُبَرَة ، فإذا تفرَّقَتْ قادَةُ الأهْواءِ ، كانوا مَعَ أكثَرِهِم دُنْيا ، وَذلِكَ مبْلَغُهُم مِنَ العِلمِ لا يَزالونَ كذلِكَ في طَبَعٍ وَطَمَعٍ ، لا يَزالُ يُسْمَعُ صوْتُ إبْليسَ عَلى ألْسِنَتِهِم بباطِلٍ كثير ، يَصْبِرُ مِنهُمُ العُلماءُ عَلى الأذَى وَالتَّعْنِيفِ ، ويَعِيبونَ على العُلماءِ بالتَّكليفِ ، والعُلماءُ في أنفُسِهِم خانَةٌ ۱ إنْ كتَمُوا النَّصِيحَةَ ، إنْ رَأوْا تائِهاً ضَالاًّ لا يَهْدونَهُ ، أو مَيِّتاً لا يُحْيُونَهُ ، فَبِئْسَ ما يَصْنَعُونَ ، لِأنَّ اللّه َ تَبارَكَ وَتَعالَى أخَذَ عَلَيهِم المِيثاقَ في الكتابِ أنْ يأْمُروا بالمَعروفِ وبِما أُمِرُوا بهِ ، وأنْ ينهَوا عَمَّا نُهُوا عَنهُ ، وأنْ يَتَعاوَنوا عَلى البِرِّ والتَّقوَى ، ولا يتعَاوَنوا عَلى الإثْمِ والعُدْوانِ .

1.الخونُ : أن يُؤتَمنَ الإنسانُ فلا يَنصَحُ ، خانَهُ يخونُهُ خانَةً (لسان العرب : ج ۱۳ ص ۱۴۴) .


مكاتيب الأئمّة ج3
232
  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج3
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 59132
الصفحه من 340
طباعه  ارسل الي