23
الرجال لابن الغضائري

2 ـ وأنّ إثبات الوثاقة يختلف طريقه من منهجٍ إلى آخر عند علماء الرجال.
فالقدماء اعتمدوا أصلاً لذلك، وهو مأخوذ ممّا اعتبروه في شرائط الراوي الّتي اُخذت من الأدلّة الشرعيّة، وهي :«الإيمان، والصدق، والسداد».
فلو كان الراوي «مؤمنا : اثنا عشريا» وكان «صادقا : متحرّزا عن الكذب في الكلام والنقل» وكان «سديد الحديث : أي ضابطا للحديث» فهو «الثقة» عندهم، بقولٍ مطلق، ويقال فيه : «الصحيح» مجرّدا أو مضافا.
ويقابل «الثقة» فقدان جميع هذه الشروط، وهو «الضعف».
فمن لم يكن مؤمنا، ولاصادقا، ولاضابطا، فهو الضعيف بقولٍ مطلق، وهو الجامع لجهات «الطعن».
وقد يتخلّف شرط ويتحقّق آخر، فتكون الوثاقة والضعف بِحسب ذلك.
فقد يكون ثقةً في دينه ـ أي إماميّا اثني عشريا ـ .
وقد يكون ثقةً في روايته ـ أي صادقا في نقله ـ .
وقد يكون ثقةً في حديثه ـ أي ضابطا له متقنا ـ .
والثقة بقول مطلق يعني الجميع.
وقد يكون ضعيفا في دينه ـ أي غير إماميّ، من أهل المذاهب الإسلاميّة الاُخرى ـ .
وقد يكون ضعيفا في روايته ـ أي كاذبا في النقل والكلام ـ .
وقد يكون ضعيفا في الحديث ـ أي في النصّ الّذي ينقله ـ .
والضعف المطلق يشمل الجميع.
والتوثيق والتضعيف ـ مطلقا، ومقيّدا بقيد «في دينه» و«في الرواية» و«في الحديث» أو بنحو الإضافة: «ضعيف المذهب» أو «ضعيف الرواية» أو «ضعيف الحديث» ـ متوفّران في التراث الرجاليّ بكثرة.


الرجال لابن الغضائري
22

وهذا موقفٌ مهزوز، مردودٌ بالاجماع المركّب، فإنّ أساس القبول والردّ إنّما هو صحّة نسبة الكتاب، وصحّة منهج الكاتب، ولا يمكن التفريق في ذلك بين التضعيف والتوثيق.

منهج ابن الغضائريّ

بالرغم من اشتهار عمل ابن الغضائريّ في كتابه، بأنّه يذكر الضعفاء ويلتزم جرح الرواة، فإنّه:
أوّلاً : قد وَثّق مجموعةً من الرواة في كتابه، ونُقل عنه التوثيق خارج الكتاب أيضا.
ثانيا : نقل عنه الانفراد بتوثيق عدّةٍ من الرواة، دون جميع علماء الرجال.
ثالثا : إنّه يُناقش بعض التضعيفات المنقولة عن السابقين، كالقمّيين المتشدّدين في أمر الرواة.
رابعا : إنّ كتابه يخلو من ذكر بعض الضعفاء الّذين صرّح الرجاليون بضعفهم.
خامسا : إنّه يستند إلى «عدم الطعن» لقبول بعض الرواة.
ومن التدقيق في هذه الجهات، يحصل الاطمئنان، بالخطأ في ما اشتهر عنه من كونه مختصّا بالتضعيف، وأنّه ديدنه، أو متسرٍّ إليه، أو لا يسلم منه أحد، أو جرّاح وطعّان، وغير ذلك مما لم يُطلقه إلاّ القاصر عن درك منهج الكتاب وأهداف مؤلّفه العظيم، ومدى موقعيّته العلميّة في فنّ الرجال.

وأمّا تضعيفاته

نعم، قد تصدّى ابن الغضائريّ لجمع أسماء من «طُعِنَ» في كتابه هذا المتوفّر.
لكنّه إنّما قام بهذا الأمر على أساسٍ من منهجٍ علميّ رصينٍ، وهو :
1 ـ لا ريب في اعتبار كون الراوي «ثقةً» حتّى يمكن الاعتماد على نقله وحديثه.

  • نام منبع :
    الرجال لابن الغضائري
    المساعدون :
    حسيني الجلالی، محمد رضا
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 31989
الصفحه من 208
طباعه  ارسل الي