17
نهج الدعاء

مفهوم الدعاء فيما يخصّ الإنسان

كان ذلك معنى «الدعاء» بشأن اللّه سبحانه وتعالى . أمّا معناه بشأن الإنسان فله استعمالات متباينة في القرآن والحديث حقيقةً ومجازا . ۱ ولا ضرورة لعرضها في مدخلنا هذا . وما هو مهمّ ضروريّ تبيانه هنا الكشف عن المفهوم الحقيقيّ لدعاء الإنسان أمام خالقه . وفيما يأتي تبويب مجمَل للآيات والأحاديث الواردة بهذا الشأن :

1 . حقيقة الدعاء

يتبيّن من التأمّل في استعمال كلمة «الدعاء» في القرآن والحديث أنّ دعاء الإنسان أمام اللّه سبحانه هو في الحقيقة بمعنى عدّ نفسه عبدا للّه ومحتاجا مطلقا إليه ، وانتظار عنايته ورحمته بعبادته . ومن هنا قال الإمام الصادق عليه السلام مبيّنا جنودَ العقل والجهل :
وَالدُّعاءُ وضِدُّهُ الاِستِنكافُ .۲
وهذا يعني أنّ «الدعاء» من جنود العقل . والعقل هو الذي يرى الإنسان محتاجا مطلقا ، لذا يدعوه إلى عبوديّة الكمال المطلق حتّى يظفر بعنايته ورحمته من خلال عبادته . فكلّما ازدادت معرفة الإنسان كثر دعاؤه ، كما رُوي عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام قوله :
أعلَمُ النّاسِ بِاللّهِ أكثَرُهُم لَهُ مَسأَ لَةً .۳
ولمّا سما أئمّة الدين إلى أعلى درجات العقل والمعرفة كانوا يرون أنفسهم

1.راجع : نضرة النّعيم : ج۵ ص۱۹۰۴ .

2.الكافي : ج ۱ ص ۲۳ ح ۱۴ ، علل الشرائع : ص ۱۱۵ ح ۱۰ ، الخصال : ص ۵۹۱ ح ۱۳ ، المحاسن : ج ۱ ص ۱۹۷ ح ۲۲ ، بحار الأنوار : ج ۱ ص ۱۱۱ ح ۷ .

3.راجع : ص۲۵ ح۹ .


نهج الدعاء
16

الدعاء في القرآن والحديث

استُعمل الدعاء في القرآن والحديث بمعانٍ متنوّعة تنظر إلى مفهومه اللغويّ .
وتُستعمَل هذه الكلمة بعامّة فيما يخصّ اللّه تعالى تارةً ، وما يخصّ الإنسان تارة اُخرى . ودعاء اللّه نوعان :

أ ـ تكوينيّ

وهو بمعنى إيجاد الشيء لهدف خاصّ ، فكأنّه يُدعى ما يُوجَد إلى ما يريده اللّه سبحانه ، كما في قوله تبارك اسمه :
«يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ»۱.
أي : إنّ اللّه سبحانه يدعو الناس في يوم القيامة إلى حياة الآخرة تكوينا ، وهم يجيبون دعوته بحياتهم بعد الموت .

ب ـ تشريعيّ

وهو تكليف الناس بما فرض اللّه عليهم وترك ما حرّمه . فالتكليف في الحقيقة هو دعوة المكلّف إلى الائتمار بأوامر اللّه وترك نواهيه ، كقوله عزّوجلّ :
«أَفِى اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَـوَ تِ وَ الْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى»۲.
بكلمةٍ مستعاضَة : الدين رسالة لتكامل الإنسان إذ يدعوه ربّه إليه ليُدرك فلسفة خلقه بتطبيقه في الحياة .

1.الإسراء : ۵۲ .

2.إبراهيم : ۱۰ .

  • نام منبع :
    نهج الدعاء
    المساعدون :
    افقی، رسول؛ سرخئی، احسان
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1386 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 238590
الصفحه من 787
طباعه  ارسل الي