111
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

استِسرارٍ بِذلِكَ كَما وَصَّت بِهِ .
فَلَمّا حَضَرَتهَا الوَفاةُ وَصَّت أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام أن يَتَوَلّى أمرَها ، ويَدفِنَها لَيلاً ، ويُعَفِّيَ ۱ قَبرَها . فَتَوَلّى ذلِكَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ودَفَنَها ، وعَفّى مَوضِعَ قَبرِها .
فَلَمّا نَفَّضَ يَدَهُ مِن تُرابِ القَبرِ هاجَ بِهِ الحُزنُ ، فَأَرسَلَ دُموعَهُ عَلى خَدَّيهِ ، وحَوَّلَ وَجهَهُ إلى قَبرِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَقالَ :
السَّلامُ عَلَيكَ يا رَسولَ اللّهِ مِنّي ، وَالسَّلامُ عَلَيكَ مِنِ ابنَتِكَ وحَبيبَتِكَ وقُرَّةِ عَينِكَ ، وزائِرَتِكَ وَالبائِتَةِ فِي الثَّرى بِبُقعَتِكَ ، وَالمُختارِ لَهَا اللّهُ سُرعَةَ اللِّحاقِ بِكَ ، قَلَّ يا رَسولَ اللّهِ عَن صَفِيَّتِكَ صَبري ، وضَعُفَ عَن سَيِّدَةِ النِّساءِ تَجَلُّدي ، إلاّ أنَّ فِي التَّأَسّي لي بِسُنَّتِكَ وَالحُزنِ الَّذي حَلَّ بي بِفِراقِكَ مَوضِعَ التَّعَزّي ، فَلَقَد وَسَّدتُكَ في مَلحودِ قَبرِكَ بَعدَ أن فاضَت نَفسُكَ عَلى صَدري ، وغَمَّضتُكَ بِيَدي ، وتَوَلَّيتُ أمرَكَ بِنَفسي ، نَعَم وفي كِتابِ اللّهِ أنعَمُ القَبولِ : «إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّـآ إِلَيْهِ رَ جِعُونَ»۲ .
لَقَدِ استُرجِعَتِ الوَديعَةُ ، واُخِذَتِ الرَّهينَةُ ، وَاختُلِسَتِ الزَّهراءُ ، فَما أقبَحَ الخَضراءَ وَالغَبراءَ ۳ ، يا رَسولَ اللّهِ ! أمّا حُزني فَسَرمَدٌ ۴ ، وأمّا لَيلي فَمُسَهَّدٌ ۵ ، لا يَبرَحُ الحُزنُ مِن قَلبي أو يَختارَ اللّهُ لي دارَكَ الَّتي أنتَ فيها مُقيمٌ ، كَمَدٌ ۶ مُقَيِّحٌ ، وهَمٌّ مُهَيِّجٌ ، سَرعانَ ما فُرِّقَ بَينَنا ، وإلَى اللّهِ أشكو . وسَتُنَبِّئُكَ ابنَتُكَ بِتَضافُرِ اُمَّتِكَ عَلَيَّ وعَلى هَضمِها حَقَّها ،

1.عَفَتِ الريحُ الأثرَ : أي درسته ومحته (تاج العروس : ج ۱۹ ص ۶۸۷ «عفو») .

2.البقرة : ۱۵۶ .

3.الغبراء : الأرض . والخضراء : السماء ؛ للونهما (النهاية : ج ۳ ص ۳۳۷ «غبر») .

4.السّرمَد : الدائم الذي لا ينقطع (النهاية : ج ۲ ص ۳۶۳ «سرمد») .

5.السُّهد : الأرق (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۳۰۵ «سهد») .

6.الكَمْد ـ بالفتح وبالتحريك ـ : تغيّر اللون وذهاب صفائه ، والحزن الشديد ، ومرض القلب (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۳۳۳ «الكمدة») .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
110

۱۷۳.الإرشاد :إنَّ الحَسَنَ بنَ الحَسَنِ خَطَبَ إلى عَمِّهِ الحُسَينِ عليه السلام إحدَى ابنَتَيهِ ، فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : اِختَر يا بُنَيَّ أحَبَّهُما إلَيكَ ، فَاستَحيَا الحَسَنُ ولَم يُحِر ۱ جَوابا .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : فَإِنّي قَدِ اختَرتُ لَكَ ابنَتي فاطِمَةَ ، وهِيَ أكثَرُهُما شَبَها بِاُمّي فاطِمَةَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله . ۲

۱۷۴.دلائل الإمامة عن الحسين بن زيد عن عليّ بن الحسين عن الحسين بن عليّ عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام: سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : إنَّما سُمِّيَت فاطِمَةُ فاطِمَةَ ؛ لِأَنَّها فُطِمَت هِيَ وشيعَتُها وذُرِّيَّتُها مِنَ النّارِ . ۳

4 / 2

وَفاتُها

۱۷۵.الأمالي عن عليّ بن محمّد الهرمزاني عن عليّ بن الحسين بن عليّ عن أبيه الحسين عليهماالسلام :لَمّا مَرِضَت فاطِمَةُ بِنتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ وعَلَيهَا السَّلامُ ، وَصَّت إلى عَلِيٍّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ أن يَكتُمَ أمرَها ، ويُخفِيَ خَبَرَها ، ولا يُؤذِنَ أحَدا بِمَرَضِها ، فَفَعَلَ ذلِكَ ، وكانَ يُمَرِّضُها بِنَفسِهِ ، وتُعينُهُ عَلى ذلِكَ أسماءُ بِنتُ عُمَيسٍ رَحِمَهَا اللّهُ عَلَى

1.لم يحر جوابا : أي لم يردّ جوابا (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۴۷۲ «حور») .

2.الإرشاد : ج ۲ ص ۲۵ ، العُدد القويّة : ص ۳۵۵ ح ۱۸ ، عمدة الطالب : ص ۹۸ ، كشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۰۵ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۱۶۷ ح ۳ ؛ مقاتل الطالبيّين : ص ۱۶۷ ، سرّ السلسلة العلويّة : ص ۶ نحوه .

3.دلائل الإمامة : ص ۱۴۸ ح ۵۷ وراجع : كشف الغمّة : ج ۲ ص ۸۹ .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    المساعدون :
    الطباطبایی،محمود ، الطباطبایی، روح الله
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 190278
الصفحه من 598
طباعه  ارسل الي