45
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

يركّز البحث حولها في شرحه ، وهي :
الأول : شرح خطب ورسائل وكلمات الإمام عليه السلام وحكمه ، وكان قد اقتصر فيه أولاً على شرح الألفاظ الغريبة في كتاب مختصر ، لكنه رأى « أن هذه النغبة لا تشفي أواماً ولا تزيد الحائم إلاّ حياماً ، فتنكّب ذلك المسلك ورفض ذلك المنهج وبسط القول في شرحه بسطاً ... » ۱ . وكان نتيجة ذلك عشرين جزءاً ، بسط القول في شرح كلام أمير المؤمنين عليه السلام . وكان ابن أبي الحديد يركز في هذا المحور على تأويل كلام أمير المؤمنين عليه السلام في مواطن بحسب هواه ومعتقده أو مذهب أصحابه ، يقول : « إنا لم نترك موضوعاً يوهم خلاف مذهبنا إلاّ وأوضحناه وفسّرناه على وجه يوافق الحق ... » ۲ .
الثاني : الرد على السيد المرتضى في كتابه « الشافي في الإمامة » الذي ردّ فيه على القاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه « المغني » في بحث الإمامة تأييداً للقاضي المعتزلي ودفاعاً عن مذهب الاعتزال .
الثالث : سرد عام لبعض جوانب تاريخ الإسلام عموماً وتاريخ الإمام علي عليه السلام وحروبه أيام خلافته بشكل خاص ، وقد أورد هذه المادّة التأريخية بشكل متفرّق بين ثنايا موسوعته الكبيرة ، وإن كان قد أفرط في نقل الحوادث التأريخية ، حتى خرج عن مقصوده ومنهجه .
الرابع : بحوث استطرادية في علم البلاغة والأدب (شعراً ونثراً) ، والأخلاق والحكمة ، وجملة من المفاهيم الدينية والعقائدية ، بخاصة آراء المعتزلة التي استبسل في الدفاع عنها ، كما ذكر طاقات من شعره ونثره خلالها .
والذي كان يهمّنا هو المحور الأول ، فقد كان محور كتابنا هذا ( التهذيب ) مع إضافات مهمة وتفسير لكثير من كلمات الإمام علي عليه السلام ومقاصده التي لم يذكرها ابن أبي الحديد في شرحه ،مع ردود علمية على تأوّلاته لكل كلام صريح يخالف مذهب أصحابه أوردناها في الهامش ، وسوف نفصل القول في ذلك لاحقاً إن شاء اللّه تعالى .

1.نفس المصدر ۱/۳ ـ ۶ .

2.نفس المصدر ۲۰/۳۵ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
44

الحديد ، وهدفه من تأليفه هذا ، فقد كان يقصد المصادمة والرد على عقائد مذهب أهل البيت عليهم السلام ، وربما يطعن فيها بشكل يجرح العواطف ، ويثير الأحقاد ، ويفرّق الكلمة ، ويحاول أن ينتصر في موارد كثيرة لأهل السنة ، وكثيراً ما كان يصرف الألفاظ ويؤوّل العبارات التي تثبت حقانية الإمام وتؤكد مظلوميته ، عن ظواهرها بلا صارف واضح ، تأييداً لمذهب أصحابه ، وقد صرّح بذلك مراراً « فإنّا لم نترك موضعاً يوهم خلاف مذهبنا إلاّ أوضحناه وفسّرناه على وجه يوافق الحقّ » ]شرح النهج 20/35 ] . كما كان يذهب إلى صحة إمامة المفضول مع وجود الفاضل . ويدعي أن أصحابه هم الشيعة حقّاً ، وأنّ فهمه وفهم أصحابه للتشيع هو الفهم الصحيح ، والمعتزلة هم أصحابه وهم الشيعة وهم الفرقة الناجية دون سواهم .

منهجيته في تأليف شرح النهج :

ألف ابن أبي الحديد كتابه « شرح نهج البلاغة » لمؤيد الدين محمّد بن أحمد العلقمي الأسدي الحلي (656 ه) ، وزير المستعصم باللّه (656 ه) .
وقد كان ابن العلقمي قد أسس مكتبة عامة في بغداد سنة (644 ه) ۱ ، وانتدب العلماء إلى إهداء مؤلفاتهم إليها ، أو التأليف لها ، وقد ندب ابن أبي الحديد إلى شرح (نهج البلاغة) ، فشرحه في عشرين جزءاً ، هي هذه التي بأيدي الناس اليوم ، وقد شرع بتأليفه في غرّة رجب (644 ه) حتى سلخ صفر (649 ه) ، وهي أربع سنوات وثمانية أشهر ، إنّها مدة خلافة أمير المؤمنين علي عليه السلام ، ولا شك أنّ هذا الشرح هو أفضل الشروح وأوسعها بسبب طاقة الشارح وعلمه وأدبه وتنوع ثقافته ، وهو يعد بحق موسوعة تاريخية أدبية ثقافية عقائدية كبيرة متشعّبة الفوائد والموضوعات ، فخرج الكتاب « كتاباً كاملاً في فنّه ، واحداً بين أبناء جنسه ، ممتعاً بمحاسنه ، جليلة فوائده ، شريفة مقاصده ، عظيماً شأنه ، عالية منزلته ومكانه » ۲ .
ويمكن الكشف عن محاور أربعة مهمة في هذه الموسوعة حاول ابن أبي الحديد أن

1.الحوادث ، ابن الفوطي ، ص۲۰۶ ، ۲۷۷ ؛ هامش شرح نهج البلاغة ۱/۴ .

2.شرح نهج البلاغة ۱/۴ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 88628
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي