453
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

122

الأصْلُ:

۰.مَنْ قَصَّرَ فِي الْعَمَلِ ، ابْتُلِيَ بِالْهَمِّ .

الشّرْحُ:

هذا مخصوصٌ بأصحاب اليقين ، والاعتقادِ الصّحيح ، فإنّهم الّذين إذا قَصّروا في العمل ابتُلوا بالهَمّ ، فأمّا غيرُهم من المُسرِفين على أنفسهم وذوي النّقص في اليَقين والاعتقاد ، فإنّه لا هَمَّ يَعْرُوهم وإن قَصّروا في العمل ، وهذه الكلمة قد جَرّبْناها من أنفسِنا فوَجَدْنا مِصداقَها واضحا ، وذلك أنّ الواحد منّا إذا أخَلّ بفريضةِ الظّهر مَثَلاً حتّى تغيبَ الشمس وإن كان أخلّ بها لعُذْر وَجَد ثِقْلاً في نفسِه وكَسَلاً وقِلّةَ نَشاط ، وكأنّه مشكولٌ بشِكالٍ أو مقيَّدٌ بقَيْد ، حتّى يقضيَ تلك الفَرِيضة ، فكأنّما أُنشِطَ من عِقال .

123

الأصْلُ:

۰.لاَ حَاجَةَ للّهِ فِيمَنْ لَيْسَ للّهِ فِي مَالِهِ وَنَفْسِهِ نَصِيبٌ .

الشّرْحُ:

قد جاء في الخبر المرفوع : «إذا أحَبَّ اللّهُ عبدا ابتلاَه في مالِه أو في نفسِه» . وجاء في الحديث المرفوع : «اللّهمّ إنّي أعوذ بك من جَسَدٍ لا يَمرَض ، ومن مالٍ لا يُصاب» .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
452

واقعا على بُطْلانه .
فإن قلت : إنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يقل كما تقوله المعتزلة ؛ لأنّ المعتزلة تقول : الإسلامُ اسمٌ واقعٌ على العَمَل وغيرِه من الاعتقاد ، والنطق باللسان ، وأمير المؤمنين عليه السلام جَعل الإسلامَ هو العمل فقط ، فكيف ادّعيتَ أنّ قولَ أميرِ المؤمنين عليه السلام يُطابق مذهبهم؟
قلت : لا يجوز أن يريد غيره ؛ لأنّ لفظ العَمَل يشمل الاعتقاد ، والنطق باللسان ، وحركات الأركان بالعبادات ، إذ كلُّ ذلك عملٌ وفِعْل ، وإن كان بعضه من أفعال القلوب ، وبعضه من أفعال الجوارح ، ولو لم يُرِد أميرُ المؤمنين عليه السلام ما شرَحْناه لكان قد قال : الإسلام هو العمل بالأركان خاصة ، ولم يعتبر فيه الاعتقاد القلبيّ ، ولا النطق اللفظيّ ، وذلك مما لا يقوله أحد .

121

الأصْلُ:

۰.عَجِبْتُ لِلْبَخِيلِ يَسْتَعْجِلُ الْفَقْرَ الذِي مِنْهُ هَرَبَ ، وَيَفُوتُهُ الْغِنَى الَّذِي إِيَّاهُ طَلَبَ ، فَيَعِيشُ فِي الدُّنْيَا عَيْشَ الْفُقَرَاءِ ، وَيُحَاسَبُ فِي الاْخِرَةِ حِسَابَ الْأَغْنِيَاءِ ، وَعَجِبْتُ لِلْمُتَكَبِّرِ الَّذِي كَانَ بِالأَمْس نُطْفَةً ، وَيَكُونُ غَداً جِيفَةً ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ شَكَّ فِى اللّهِ وَهُوَ يَرَى خَلْقَ اللّهِ ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ نَسِيَ الْمَوْتَ وَهُوَ يَرَى مَنْ يمُوتُ ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَنْكَرَ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى وَهُوَ يَرَى النَّشْأَةَ الْأُولَى ، وَعَجِبْتُ لِعَامِرِ دَارِ الْفَنَاءِ وَتَارِكِ دَارِ الْبَقَاءِ .

الشّرْحُ:

قال أعرابيّ : الرِّزق الواسعُ لمن لا يَستمتِع به بمنزلة الطعامِ الموضوعِ على قبْر . ورأى حكيمٌ رجلاً مُثرِيا يأكل خُبْزا ومِلْحا ، فقال : لِمَ تَفعَل هذا ؟ قال : أخافُ الفقرَ ، قال : فقد تعجَّلتَه . فأمّا القول في الكِبْر والتِّيه فقد تقدّم منه ما فيه كفاية ۱ .

1.الفقر ما قصر بك عن درك حاجتك . والبخيل تكون له الحاجة فلا يقضيها ويكون عليه الحق فلا يؤديه ؛ فحاله حال الفقراء يحتمل ما يحتملون . واستعجاله بالفقر ؛ لعدم انتفاعه بماله حتى كأنه فقير . وقد ذكر عليه السلام محل العجب من هؤلاء الأربعة تنفيرا عنهم .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 113953
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي