تجدر الإشارة إلى أنّه إن كان مراد القائلين بنبوّته ، هو النبوّة الإنبائية أمكن التوفيق بين رأيهم وبين ما ورد في الروايات .
سِرّ نيل لقمان الحكمة
آخر وأهمّ ملاحظة في حياة لقمان ، وأكثرها بعدا تربويّا ، هي السرّ الكامن وراء نيله الحكمة . ويمكن القول بعبارة اُخرى ما الّذي فعله لقمان في حياته فمنّ اللّه عليه بنعمةِ الحكمة ؟ فلو كُشف عن هذا السرّ لغدا بميسور الآخرين أيضا أن يُسخّروا طاقاتهم وجهودهم لنيل نور الحكمة .
وتتلخّص الإجابة الاجمالية عن هذا السؤال في أنّ لنور الحكمة ـ وفقا لمقتضيات السنّة الإلهية ـ مبادِئه الخاصّة ۱ ، وأهمّ هذه المبادئ هو : الإيمان ، والإخلاص ، والعمل الصالح ، والزهد ، وأكل الحلال . ومِن ألمَع الأقوال الجامعة لمبادئ الحكمة ، قول منسوب إلى امام الحكماء عليّ عليه السلام يقول فيه :
«مَن أخلَصَ للّهِِ أربَعينَ صَباحا ، يَأكُلُ الحَلالَ ، صائِما نَهارَهُ ، قائِما لَيلَهُ ، أجرَى اللّهُ سُبحانَهُ يَنابيعَ الحِكمَةِ مِن قَلبِهِ عَلى لِسانِهِ» .۲
أمّا الإجابة التفصيلية عن التساؤل الآنف ذكره بشأن لقمان ، فقد اُشير في روايات مختلفة إلى اُمور متعدّدة من مبادئ الحكمة ، كالّذي ورد في الحديث النبويّ الشريف :
«حَقّا أقولُ : لَم يَكُن لُقمانُ نَبِيّا ولكِن كانَ عَبدا كَثيرَ التَّفَكُّرِ ، حَسَنَ الَيقينِ أحَبَّ اللّهَ فَأَحَبَّهُ وَ مَنَّ عَلَيهِ بِالحِكمَةِ» .۳
1.راجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة في الكتاب والسنّة : ج ۲ ، المعرفة / القسم الخامس / الفصل الأوّل : مبادئ العلم والحكمة .
2.مسند زيد بن علي : ص ۳۸۴ .
3.مجمع البيان : ج ۸ ص ۴۹۴ ، بحار الأنوار : ج ۱۳ ص ۴۲۴ .