181
مكاتيب الأئمّة ج4

أُوجِبَ عَلَيها خَيلٌ وَرِكابٌ وَكانَت فيها حَربٌ . فَقَسَّمَها على قِسمَةِ بَدرٍ ، فَقالَ اللّهُ عز و جل : « ما أَفَآءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبَى وَ الْيَتَامَا وَالْمَسَاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ كَىْ لاَ يَكُونَ دُولَةَ بَيْنَ الْأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ وَ مَآ ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَانَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا»۱ فَهذا سَبيلُ ما أفاءَ اللّهُ على رَسولِهِ مِمّا أُوجِفَ عَلَيهِ خَيلٌ وَرِكابٌ .
وَقَد قال عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ صلواتُ اللّهِ عَلَيهِ : ما زِلْنا نَقبِضُ سَهمَنا بِهذهِ الآيَةِ الّتي أوّلُها تَعليمٌ وَآخِرُها تَحَرُّجٌ ، حَتّى جاءَ خُمسُ السُّوسِ وَجُنديّ سابورَ ۲ إلى عُمَرَ وَأنا وَالمُسلِمونَ وَالعَبّاسُ عِندَهُ ، فَقالَ عُمَرُ لَنا : إنَّهُ قَد تَتابَعَت لَكُم مِنَ الخُمسِ أموالٌ فَقَبضتُموها حَتّى لا حاجَةَ بِكُم اليَومَ ، وَبِالمُسلِمينَ حاجَةٌ وَخَلَلٌ ، فَأسلِفونا حَقَّكُم مِن هذا المالِ حَتّى يأتِيَ اللّهُ بِقَضائِهِ مِن أوَّلِ شَيءٍ يَأتِي المُسلِمينَ . فَكَفَفتُ

1.الحشر:۷.

2.كانتا مدينتين في نواحي فارس فتحهما المسلمون في خلافة عمر سنة ۱۷ وسببها : إنّ المسلمين لمّا فتح رامهرمز وتستر ، وأُسر الهرمزان ساروا مع قائدهم أبي سبرة بن أبي رهم في أثر المنهزمين إلى السّوس وكان بها شهريار أخو الهرمزان فأحاط المسلمون بها وناوشوهم القتال مرّات وحاصروهم ثمّ اقتحموا الباب فدخلوا عليهم فألقى المشركون بأيديهم ونادوا: الصّلح الصّلح . فأجابهم إلى ذلك المسلمون بعدما دخلوه عنْوةً واقتسموا ما أصابوا . ولمّا فرغ أبو سبرة من السّوس خرج في جنده حتّى نزل على جندي سابور . وزر بن عبد اللّه بن كليب فحاصرهم فأقاموا عليها يقاتلونهم فرمى رجل من عسكر المسلمين إليهم بالأمان فلم يفجأ المسلمون إلاّ وقد فتحت أبوابها وأخرجوا أسواقهم فسألهم المسلمون عن ذلك . فقالوا : رميتم لنا بالأمان فقبلناه وأقررنا الجزية . فقال المسلمون : مافعلنا وسألوا بعضهم من فعل ذلك فإذا هو عبد يدعى مكثفا كان أصله منها فعل هذا فقال أهلها : قد رُمي إلينا منكم بالأمان ، ولا نعرف العبد من الحرّ وقد قبلنا وما بدّلنا ، فكتبوا بذلك إلى عمر فأجاز أمانهم فأمنوهم وانصرفوا عنهم . (راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۸ ص ۱۷۸ ، تاريخ الطبري : ج ۱ ص ۴۸۶) .


مكاتيب الأئمّة ج4
180

وَأمّا خَيبَرُ ۱ فَإنَها كانَت مَسيرَةَ ثَلاثَةِ أيّامٍ مِنَ المَدينَةِ ، وَهِيَ أموالُ اليَهودِ ، وَلكِنَّهُ

1.خيبر : اسم موضع مشتملة على حصون ومزارع ونخل كثير على مشي ثلاثة أيّام من المدينة إلى جهة الشّام على يسار الماشي . وقيل : هي بلسان اليهود الحصن وسكانها اليهود وأشهر حصونها سبعة: ناعم . قموص - كصبور - . كتيبة - كسفينة - . نطاة - كقناة - شق . وطيح - كأمير - . سلالم - بالضم - . فتحها رسول اللّه صلى الله عليه و آله في سنة سبع بيد عليّ بن أبي طالب عليه السلام واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الأنصاريّ . وأمر أن لا يخرج إلاّ من رغب في الجهاد . وسار صلى الله عليه و آله حتّى أتى خيبر واستقبل عمّال خيبر غادين قد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم فلمّا رأوه قالوا: واللّه محمَّدٌ والخميس معه ، فولّوا هاربين إلى حصونهم . قيل : فأدخلوا أموالهم وعيالهم في حصن كتيبة . وأدخلوا ذخائرهم في حصن ناعم وجمع المقاتلة وأهل الحرب في حصن نطاة . فلمّا تيقّن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّ اليهود تحارب وعظ أصحابه ونصحهم وحرّضهم على الجهاد ورغّبهم في الثّواب وبشّرهم بأنّ من صبر فله الظفر والغنيمة وحاصرهم النّبيّ صلى الله عليه و آله ليالي وأيّاماً . وكانت اليهود في حصونهم ترمى بالسّهام إلى عسكر المسلمين وكان النبي صلى الله عليه و آله يعطى الرّاية كلّ يوم واحداً من أصحابه ويبعثه إلى المحاربة ولم يفتح الحصن فرجع من غير فتح . ثمّ قال النّبي صلى الله عليه و آله ليلة: أما واللّه لأعطينّ الرّاية غداً رجلاً كرّاراً غير فرّار يحبّ اللّه ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله يفتح اللّه على يديه . وبات النّاس يحرصون ليلتهم ويتحدّثون أيّهم يعطاها غداً . فلمّا أصبحوا غدوا إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله واجتمعوا على بابه . ثمّ خرج النّبيّ صلى الله عليه و آله من خيمته وقال: أين عليّ بن أبي طالب فقيل : هو يشتكي عينيه . فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أرسلوا إليه من يأتي به . فذهب إليه مسلمة بن الأكوع وأخذ بيده يقوده حتّى أتى به إلى النّبيّ صلى الله عليه و آله وهو أرمد وكان قد عصب عينيه بشقة برد قطري . ووضع صلى الله عليه و آله رأسه في حجره وبصق في كفّه ومسح عينه فبرئ منه فألبسه النّبيّ صلى الله عليه و آله درعه الحديد وشدّ ذا الفقار سيفه في وسطه وأعطاه الرّاية ووجهه إلى الحصن وقال: امض حتّى يفتح اللّه عليك فما رجع حتّى فتح اللّه على يديه . وقتل يومئذ ثمانية من رؤساء اليهود منهم مرحب اليهوديّ الّذي لم يكن في أهل خيبر أشجع منه وفرّ الباقون إلى الحصن . عَليٌّ حَمى الإسلامَ مِن قَتلِ مَرحَبٍغداةَ اعتلاهُ بالحُسام المُضَخَّمِ وقلع عليّ عليه السلام باب خيبر بنفسه فترّسَ به عن نفسه فجعله على الخندق جسراً حتّى دخل المسلمون الحصن وحملوا عليهم فظفروا بالحصن وأغنم اللّه المسلمين مالاً كثيراً منه كنز عند كنانة بن ربيع بن أبي الحقيق أحد رؤساء يهود خيبر مملوّة من الذّهب وعقود من الدّر والجوهر وأمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله بجمع الأموال وأصاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله سبايا منهم صفيّة بنت حيي بن أخطب اليهوديّ زوجة كنانة بن ربيع ولمّا جرت المقاسم في أموال خيبر أشبع فيها المسلمون ووجدوا بها مرفقاً لم يكونوا وجدوه قبل حتّى قال عبد اللّه بن عمر: ما شبعنا حتّى فتحنا خيبر، ثمّ أمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله يهود خيبر في أموالهم يعملون فيها للمسلمين على النّصف ممّا كان يخرج منها، فكان خيبر فيئا للمسلمين بخلاف فدك ، فإنّها خالصة لرسول اللّه صلى الله عليه و آله لأنّهم لم يحملوا عليها بخيل ولا ركاب . (راجع : السيرة النبويّة : ج ۳ ص ۳۴۹ ، تاريخ الطّبري : ج ۲ ص ۳۰۵ ، بحار الأنوار : ج ۱۹ ص ۱۶۱ و ج ۲۱ باب ۲۲) .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج4
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 89694
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي