107
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

ثالثاً : العُرفاء

العرفاء جمع عريف ، و العريف يمثّل منصباً في القبيلة ، وهو أن يتولّى رئاسة عدد من أفراد القبيلة ورعاية شؤونهم ، ويأخذ على عاتقه مسؤولية أعمال اُولئك الأشخاص أمام الحكومة ، ويطلق على المسؤولية التي يقوم بها العريف و عدد الأشخاص الخاضعين لإشرافه عنوان «العرافة» . ۱
وقد كان هذا المنصب معروفاً بين قبائل العرب في العصر الجاهلي ، وهو في الناحية الإدارية أدنى من رئاسة القبيلة بدرجة أو درجتين . ۲
لكن بعد تأسيس نظام الأسباع عام 17 للهجرة ، صار نظام العرفاء بشكل آخر ، وذلك بأن جُعل المعيار في عدد الأشخاص الخاضعين لإشراف كلّ عريف ، هو أن يكون عطاؤهم وحقوقهم هم ونساؤهم وأولادهم مئة ألف درهم . ۳ ولذلك فقد كان عدد أفراد «العرافات» المختلفة متبايناً ؛ لأنّ النظام الذي كان عمر بن الخطّاب قد أخذ به لدفع عطاءات المقاتلين لم يكن قائماً على المساواة ، بل على أساس فضائل الأشخاص وخصوصيّاتهم ، كأن يكونوا صحابيّين ومشاركين في غزوات النبي الأعظم صلى اللَّه عليه وآله أو مشاركين في الفتوح ، وغير ذلك . ۴ وبذلك كانت «العرافات» المختلفة تضمّ من عشرين إلى ستّين مقاتلاً بالإضافة إلى نسائهم وأولادهم .
وكانت مهمّة العرفاء في ذلك الوقت تتمثّل في أنّهم كانوا يستلمون عطاءات وحقوق الأفراد الخاضعين لإشرافهم من اُمراء الأسباع ويسلّمونها إليهم ، وكانوا يستنفرون أفرادهم عند الحرب ، ويرفعون أحياناً تقارير بأسماء المتخلّفين عن الحرب إلى الوالي ، أو إلى اُمراء الأسباع . ۵
واكتسب العرفاء أهمّية أكبر عندما توطّن الجنود غير المتحضّرين في المدن واستقرّوا في الكوفة ، فقد اُوكلت إليهم مسؤولية إقرار الأمن في نطاق الأفراد المذكورين بالإضافة إلى المسؤوليات السابقة ، وأعدّوا دفاتر خاصّة سجّلوا فيها أسماء المقاتلين ونسائهم وأولادهم ومواليهم ، وكانت تسجّل أيضاً أسماء المولودين حديثاً وسنة ولادتهم ، كما كان يتمّ محو أسماء الأشخاص المتوفّين ، وبذلك فقد كانوا يحيطون علماً بأفرادهم .
ويبدو أنّ تعيين وعزل العرفاء كانا يتمّان بواسطة الوالي ؛ ذلك لأنّهم كانوا مسؤولين أمام الوالي تجاه أفراد العرافة . ۶
وكان دور العرفاء وأهميّتهم يتضاعفان عند حدوث الاضطرابات في المدن ؛ ذلك لأنّهم كانوا مسؤولين عن إقرار النظام في عرافتهم ، وبالطبع فإنّ الحكومة المركزية إذا كانت قويّة فإنّها كانت تطلب منهم أن يرفعوا تقارير بأسماء الأشخاص المتمرّدين . ۷

1.النهاية : ج ۳ ص ۲۱۸ ، لسان العرب : ج ۹ ص ۲۳۸ .

2.تاج العروس : ج ۱۲ ص ۳۸۰ ، تاريخ التمدّن الإسلامي : ج ۱ ص ۱۷۶ .

3.تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۴۹ .

4.لمزيد من الاطّلاع على خصائص نظام العطاء لدى عمر راجع : تاريخ الطبري : ج ۳ ص ۶۱۳ .

5.مجلّة «مشكاة» : العدد ۵۳ ص ۳۱ .

6.تنظيمات الجيش العربي الإسلامي : ص ۲۲۳ ، الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الكوفة في القرن الأوّل الهجري : ص ۴۹ وما بعدها .

7.ممّا يجدر ذكره أنّ هناك منصباً آخر ذُكر في النظام الإداري للكوفة يُدعى «المناكب» ، وقد أفادت بعض الروايات أنّ ابن زياد هو الذي كان قد استحدث هذا المنصب للإشراف على عمل «العرفاء» والسيطرة عليه (مجلّة «مشكاة» : العدد ۵۳ ص ۳۱) .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
106
  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 288146
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي