39
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

6 . إكسير العبادات في أسرار الشهادات «أسرار الشهادة»

لآغا بن عابد الدربندي الشيرواني المعروف بالفاضل الدربندي والملّا آغا الدربندي (ت 1285 أو 1286 ه . ق) ، من الذين ألّفوا مضافاً لمجال تخصّصهم - وهو الفقه - في فروع اُخرى مثل تاريخ عاشوراء . وقد عدّ أحد أكبر المؤلّفات حول وقعة عاشوراء ، من خلال الجمع بين الأخبار القويّة والضعيفة وبهدف رفع الاختلاف بينها وتحليلها .
كان عاشقاً للإمام الحسين عليه السلام ، وقد ألّف كتابه بهذا الدافع ، إلّا أنّه وبسبب استناده إلى المصادر الضعيفة إلى جانب المصادر المعتمدة ، ونقل بعض الروايات الفاقدة للسند ، لم يستطع أن يقدّم مقتلاً معتبراً . كما اعتمد بعض المباني الخاطئة ، فنقل عن كتب تشتمل على أخبار مظنونة الكذب أيضاً . والمبنى الذي اعتمده في ذلك هو أنّ علامات الكذب لا تمنع من النقل وإن بلغت درجة الظنّ ، ولا إشكال في نقل مثل هذه الأخبار في بيان السيرة والتاريخ .
ويرى المحدّث النوري أنّ مخطوطة لا أساس لها ومجهولة وحافلة بالكذب كانت أحد مصادر الدربندي الضعيفة ، وكان أحد السادة العرب القارئين للمراثي قد أتى بها إلى علماء النجف ليحصل على تأييدهم ، فنالت انكارهم لها ، إلّا أنها وصلت إلى الدربندي ، وهي مخطوطة لا يحتمل أن تكون من مؤلّفات عالم على حدّ قول المحدّث النوري ؛ لكثرة اشتمالها على الأكاذيب الواضحة والأخبار الواهية . ۱ وذكر في موضع آخر أنّ هذا الكتاب من ذرائع المخالفين لنسبة الشيعة إلى الكذب والافتراء . ۲
وقد أيّد الكثير من العلماء كلام المحدّث النوري ، واستشهدوا بالكثير من النقول غير الصحيحة وغير القابلة للتصديق في الكتاب ، ويمكن الإشارة في هذا المجال إلى الميرزا محمّد التنكابني ۳ تلميذ الفاضل الدربندي ، والشيخ ذبيح اللَّه المحلّاتي ، ۴ والسيّد محسن الأمين ، ۵ والميرزا محمّد علي المدرّس التبريزي ، ۶ والشيخ آقا بزرك الطهراني ، ۷ والاُستاذ الشهيد مرتضى المطهّري . ۸وممّا يجدر ذكره أنّ الكثير من تحليلات مؤلّف الكتاب هدفها الإقناع بالروايات التي لا يمكن قبولها بسهولة . ۹

1.لؤلؤ ومرجان «بالفارسيّة» : ص ۲۵۰.

2.«بلغ الأمر أن كتب المخالفون في كتبهم : أنّ الشيعة بيت الكذب. وإن أنكر أحدٌ ذلك كفاه لإثبات ذلك بأن تأتي بكتاب أسرار الشهادة إلى الساحة» (لؤلؤ ومرجان «بالفارسيّة» : ص ۲۸۹) .

3.«الأخبار غير المعتبرة في هذا الكتاب (أسرار الشهادة) كثيرة وضعيفة ، بل بعضها مظنون الكذب ، بل يبدو أنّ بعضها قطعي الكذب ، ممّا أدّى إلى الحطّ من قدر الكتاب» (قصص العلماء : ص ۱۰۸).

4.«نقل الفاضل الدربندي في أسرار الشهادة خبراً طويلاً حول عطش سكينة وإتيان برير بالماء وتخرّق القربة وإراقة الماء . ولأنّني لا أثق بذلك الكتاب بشكل كامل ، فإنّني تغاضيت عن نقله» (رياحين الشريعة : ج ۳ ص ۲۷۲).

5.«وبالجملة، قد أكثر في مؤلّفاته النقلية من الأخبار الواهية ، بل أورد مالا تقبله العقول ولم تصدقه النقول» (أعيان الشيعة : ج ۲ ص ۸۸).

6.«الإنصاف إنّ كتابه هذا ، بل مؤلّفاته الاُخرى في موضوع المقتل ظهرت على أثر الحبّ الشديد الذي كان يُكنّه ، وهي تحوي الغثّ والسمين» ( ريحانة الأدب : ج ۲ ص ۲۱۷ ) .

7.«من شدّة خلوصه وصفاء نفسه نقل في هذا الكتاب اُموراً لا توجد في الكتب المعتبرة ، وإنّما أخذها عن بعض المجاميع المجهولة اتّكالاً على قاعدة التسامح في أدلّة السنن» (الذريعة : ج ۲ ص ۲۷۹ الرقم ۱۱۳۴).

8.«ظهر قبل ستّين أو سبعين سنة المرحوم الملّا الدربندي ، فجمع ما كان في روضة الشهداء ، مضافاً إلى أشياء اُخرى وجمعها كلّها في موضع واحد وألّف كتاباً باسم أسرار الشهادة. وإنّ مواضيع هذا الكتاب تدفع الإنسان إلى البلاء على الإسلام» ( حماسه حسيني «بالفارسية» : ج ۱ ص ۵۵ ، وراجع : ص ۱۰۶ ) .

9.روايات لا يمكن تصديقها ؛ مثل مقتل خمسة وعشرين ألف شخص على يد العبّاس و۳۳۰ ألف شخص بيد الإمام الحسين (الطبعة القديمة : ص ۳۴۵) ، أو انتحال قصّة حول كيفية خروج الإمام الحسين عليه السلام من المدينة بزيّ يشبه زيّ الملوك (ج ۳ ص ۵۰۹) ، أو أنّ جيش عمر بن سعد كان ۰۰۰/۶۰۰/۱ شخصاً (أسرار الشهادة : ج ۳ ص ۳۹ ) .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
38

5 . مُحْرِقُ القلوب‏

كتاب محرق القلوب هو مقتل باللغة الفارسية للملّا مهدي النراقي (ت 1209 ه . ق) . وقد عمد من خلال الاقتباس من روضة الشهداء ، إلى تقديم مواضيع تقود عواطف الناس ومشاعرهم بشكل مثير نحو واقعة كربلاء ، ولكن بما أنّ المصدر الذي اعتمده النراقي هو روضة الشهداء ، الذي تختلط فيه المعلومات الصحيحة وغير الصحيحة ، فقد اشتمل كتابه على الأخبار الضعيفة وغير المعتبرة .
وقد صرّح النراقي نفسه بضعف بعض روايات كتابه ، ۱ ولذلك فقد تعرّض لنقد بعض العلماء الذين جاؤوا بعده . وقد اعتبر الميرزا محمّد التنكابني بعض أخباره مظنونة الكذب أومقطوعته . ۲ وقد تعجّب المحدّث النوري من تأليف مثل هذا العالم الكبير لمثل هذا الكتاب ، ووصف بعض مواضيعه بالمنكرة . ۳
كما اعتبر الشهيدُ المطهّري النراقيَّ فقيهاً كبيراً ، ولكنّه لا يعتبره ذا اطّلاع في تاريخ عاشوراء ، ونقد بعض مواضيعه . ۴ وممّا يجدر ذكره أنّ نسبة هذا الكتاب إلى النراقي مشهورة ولم يتسرّب إليها الشكّ ، ۵ ولكنّ من المحتمل أنّه كتبه في أوائل دراسته وقبل بلوغه مراتب الكمال العلمي .

1.عاشورا پژوهي «بالفارسيّة» : ص ۴۰۶ نقلاً عن مقدّمة محرق القلوب .

2.قصص العلماء : ص ۱۴۶.

3.لؤلؤ ومرجان «بالفارسيّة» : ص ۲۴۵.

4.راجع : حماسه حسيني «بالفارسية» : ج ۱ ص ۲۸.

5.راجع : الذريعة : ج ۴ ص ۴۱ الرقم ۲۰۵۶ و ج ۲۰ ص ۱۴۹ الرقم ۲۳۲۹ و ج ۲۱ ص ۳۵۹ الرقم ۵۴۵۲ وإيضاح المكنون : ج ۲ (۴) ص ۴۴۳ وهدية العارفين : ج ۲ ( ۶ ) ص ۳۴۲ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 291454
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي