413
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

4 / 10

سِياسَةُ ابنِ زِيادٍ لِلسَّيطَرَةِ عَلَى الكوفَةِ

۳۲۸.تاريخ الطبري عن أبي ودّاك : أَخَذَ [ابنُ زِيادٍ] العُرَفاءَ وَالنّاسَ أخذاً شَديداً ، فَقالَ :
اُكتُبوا إلَيَّ الغُرَباءَ ، ومَن فيكُم مِن طِلبَةِ أميرِ المُؤمِنينَ ، ومَن فيكُم مِنَ الحَرورِيَّةِ وأهلِ الرَّيبِ ، الَّذينَ رَأيُهُمُ الخِلافُ وَالشِّقاقُ ، فَمَن كَتَبَهُم لَنا فَبَري‏ءٌ ، ومَن لَم يَكتُب لَنا أحَداً فَيَضمَنُ لَنا ما في عَرافَتِهِ ألّا يُخالِفَنا مِنهُم مُخالِفٌ ، ولا يَبغي عَلَينا مِنهُم باغٍ ، فَمَن لَم يَفعَل بَرِئَت مِنهُ الذِّمَّةُ ، وحَلالٌ لَنا مالُهُ وسَفكُ دَمِهِ .
وأيُّما عَريفٍ ۱ وُجِدَ في عَرافَتِهِ مِن بُغيَةِ أميرِ المُؤمِنينَ أحَدٌ لَم يَرفَعهُ إلَينا ، صُلِبَ عَلى‏ بابِ دارِهِ ، واُلقِيَت تِلكَ العَرافَةُ مِنَ العَطاءِ ، وسُيِّرَ إلى‏ مَوضِعٍ بِعُمانَ الزّارَةِ ۲ .

۳۲۹.مطالب السؤول : لَمّا دَخَلَ [ابنُ زِيادٍ] قَصرَ الإِمارَةِ وأصبَحَ ، جَمَعَ النّاسَ وقالَ وأرعَدَ وأبرَقَ ، وقَتَلَ وفَتَكَ ، وسَفَكَ وَانتَهَكَ ، وعَمَلُهُ ومَا اعتَمَدَهُ مَشهورٌ في تَحَيُّلِهِ ، حَتّى‏ ظَفِرَ بِمُسلِمِ بنِ عَقيلٍ وقَتَلَهُ. ۳

1.العَريفُ : هو القَيِّم باُمور القبيلة أو الجماعة من الناس يَلي اُمورهم ، ويتعرّف الأمير منه أحوالهم(النهاية : ج ۳ ص ۲۱۸ «عرف») .

2.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۵۹ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۳۶ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۴۴ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۴۱ وراجع : البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۵۴ وإعلام الورى : ج ۱ ص ۴۳۸ .

3.مطالب السؤول : ص ۷۴ ؛ كشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۵۵ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
412

۳۲۶.الفتوح : لَمّا أصبَحَ [ابنُ زِيادٍ] نادى‏ الصَّلاةَ جامِعَةً ، فَاجتَمَعَ النّاسُ إلَى المَسجِدِ الأَعظَمِ ، فَلَمّا عَلِمَ أنَّهُم قَد تَكامَلوا ، خَرَجَ إلَيهِم مُتَقَلِّداً بِسَيفٍ ، مُتَعَمِّماً بِعِمامَةٍ ، حَتّى‏ صَعِدَ المِنبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ يا أهلَ الكوفَةِ ، فَإِنَّ أميرَ المُؤمِنينَ يَزيدَ بنَ مُعاوِيَةَ ، وَلّاني مِصرَكُم وثَغرَكُم ، وأمَرَني أن اُغيثَ مَظلومَكُم ، وأن اُعطِيَ مَحرومَكُم ، وأن اُحسِنُ إلى‏ سامِعِكُم ومُطيعِكُم ، وبِالشِّدَّةِ عَلى‏ مُريبِكُم ، وأنَا مُتَّبِعٌ في ذلِكَ أمرَهُ ، ومُنَفِّذٌ فيكُم عَهدَهُ ، وَالسَّلامُ . ثُمَّ نَزَلَ ودَخَلَ القَصرَ .
فَلَمّا كانَ اليَومُ الثّاني ، خَرَجَ إلَى النّاسِ ونادى‏ بِالصَّلاةِ جامِعَةً ، فَلَمَّا اجتَمَعَ النّاسُ ، خَرَجَ إلَيهِم بِزِيً‏ّ خِلافَ ما خَرَجَ بِهِ أمسِ ، فَصَعِدَ المِنبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ ، فَإِنَّهُ لا يَصلُحُ هذَا الأَمرُ إلّا في شِدَّةٍ مِن غَيرِ عُنفٍ ، ولينٍ في غَيرِ ضَعفٍ ، وأن آخُذَ مِنكُمُ البَري‏ءَ بِالسَّقيمِ ، وَالشّاهِدَ بِالغائِبِ ، وَالولِيَّ بِالوَلِيِّ .
قالَ : فَقامَ إلَيهَ رَجُلٌ مِن أهلِ الكوفَةِ ، يُقالُ لَهُ أسَدُ بنُ عَبدِ اللَّهِ المُرِّيُّ ، فَقالَ : أيُّهَا الأَميرُ ! إنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالى‏ يَقولُ : (وَ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى‏)۱ ، وإنَّمَا المَرءُ بِجَدِّهِ ، وَالسَّيفُ بِحَدِّهِ ، وَالفَرَسُ بِشَدِّهِ ، وعَلَيكَ أن تَقولَ ، وعَلَينا أن نَسمَعَ ، فَلا تُقَدِّم فَينَا السَّيِّئَةَ قَبلَ الحَسَنَةِ .
قالَ : فَسَكَتَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ ، ونَزَلَ عَنِ المِنبَرِ ، فَدَخَلَ قَصرَ الإِمارَةِ. ۲

۳۲۷.مثير الأحزان : لَمّا أصبَحَ [ابنُ زِيادٍ] قامَ خاطِباً ، وعَلَيهِم عاتِباً ، ولِرُؤَسائِهِم مُؤَنِّباً ۳ ولِأَهلِ الشِّقاقِ مُعاتِباً ، ووَعَدَهُم بِالإِحسانِ عَلى‏ لُزومِ طاعَتِهِ ، وبِالإِساءَةِ عَلى‏ مَعصِيَتِهِ وَالخُروجِ عَن حَوزَتِهِ. ۴
ثُمَّ قالَ : يا أهلَ الكوفَةِ ! إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ يَزيدُ وَلّاني بَلَدَكُم ، وَاستَعمَلَني عَلى‏ مِصرِكُم ، وأمَرَني بِقِسمَةِ فَيئِكُم بَينَكُم ، وإنصافِ مَظلومِكُم مِن ظالِمِكُم ، وأخذِ الحَقِّ لِضَعيفِكُم مِن قَوِيِّكُم ، وَالإِحسانِ إلَى السّامِعِ المُطيعِ ، وَالتَّشديدِ عَلَى المُريبِ ، فَأَبلِغوا هذَا الرَّجُلَ الهاشِمِيَّ مَقالَتي ، لِيَتَّقِيَ غَضَبي . ونَزَلَ .
يَعني بِالهاشِمِيِّ : مُسلِمَ بنَ عَقيلٍ ۵ .

1.فاطر : ۱۸ .

2.الفتوح : ج ۵ ص ۳۹ .

3.أنَّبَهُ : عنّفه ولامه (الصحاح : ج ۱ ص ۸۹ «أنب») .

4.الحَوزة : الناحية ، وحوزة الإسلام : حدوده ونواحيه (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۴۷۲ «حوز») .

5.مثير الأحزان : ص ۳۰ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۴۰ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 290028
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي