2 / 2
دُعاءُ الإِمامِ صَباحَ عاشوراءَ ۱
۸۴۹.الإرشاد عن عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام : لَمّا صَبَّحَتِ الخَيلُ الحُسَينَ عليه السلام ، رَفَعَ يَدَيهِ وقالَ : اللَّهُمَّ أنتَ ثِقَتي في كُلِّ كَربٍ ، ورَجائي في كُلِّ شِدَّةٍ ، وأنتَ لي في كُلِّ أمرٍ نَزَلَ بي ثِقَةٌ وعُدَّةٌ ، كَم مِن هَمٍّ يَضعُفُ فيهِ الفُؤادُ ، وتَقِلُّ فيهِ الحيلَةُ ، ويَخذُلُ فيهِ الصَّديقُ ، ويَشمَتُ فيهِ العَدُوُّ ، أنزَلتُهُ بِكَ وشَكَوتُهُ إلَيكَ رَغبَةً مِنّي إلَيكَ عَمَّن سِواكَ ، فَفَرَّجتَهُ وكَشَفتَهُ ، وأنتَ وَلِيُّ كُلِّ نِعمَةٍ ، وصاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ ، ومُنتَهى كُلِّ رَغبَةٍ . ۲
2 / 3
كَلِمَةُ زُهَيرِ بنِ القَينِ لِجَيشِ الكوفَةِ
۸۵۰.تاريخ الطبري عن كثير بن عبد اللَّه الشعبي : لَمّا زَحَفنا قِبَلَ الحُسَينِ ، خَرَجَ إلَينا زُهَيرُ بنُ القَينِ عَلى فَرَسٍ لَهُ ذَنوبٍ . ۳ شاكٍ فِي السِّلاحِ ، فَقالَ : يا أهلَ الكوفَةِ ، نَذارِ لَكُم مِن عَذابِ اللَّهِ نَذارِ ! إنَّ حَقّاً عَلَى المُسلِمِ نَصيحَةُ أخيهِ المُسلِمِ ، ونَحنُ حَتَّى الآنَ إخوَةٌ ، وعَلى دينٍ واحِدٍ ومِلَّةٍ واحِدَةٍ ، ما لَم يَقَع بَينَنا وبَينَكُمُ السَّيفُ ، وأنتُم لِلنَّصيحَةِ مِنّا أهلٌ ، فَإِذا وَقَعَ السَّيفُ انقَطَعَتِ العِصمَةُ ، وكُنّا اُمَّةً وأنتُم اُمَّةً ، إنَّ اللَّهَ قَدِ ابتَلانا وإيّاكُم بِذُرِّيَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، لِيَنظُرَ ما نَحنُ وأنتُم عامِلونَ ، إنّا نَدعوكُم إلى نَصرِهِم وخِذلانِ الطّاغِيَةِ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ؛ فَإِنَّكُم لا تُدرِكونَ مِنهُما إلّا بِسوءِ عُمُرِ سُلطانِهِما كُلِّهِ ، لَيَسمُلانِّ أعيُنَكُم ، ويَقطَعانِّ أيدِيَكُم وأرجُلَكُم ، ويُمَثِّلانِّ بِكُم ، ويَرفَعانِّكُم عَلى جُذوعِ النَّخلِ ، ويُقَتِّلانِّ أماثِلَكُم وقُرّاءَكُم ، أمثالَ حُجرِ بنِ عَدِيٍّ وأصحابِهِ ، وهانِئِ بنِ عُروَةَ وأشباهِهِ .
قالَ : فَسَبّوهُ وأثنَوا عَلى عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ، ودَعَوا لَهُ ، وقالوا : وَاللَّهِ ، لا نَبرَحُ حَتّى نَقتُلَ صاحِبَكَ ومَن مَعَهُ ، أو نَبعَثَ بِهِ وبِأَصحابِهِ إلَى الأَميرِ عُبَيدِ اللَّهِ سِلماً .
فَقالَ لَهُم : عِبادَ اللَّهِ! إنَّ وَلَدَ فاطِمَةَ رِضوانُ اللَّهِ عَلَيها أحَقُّ بِالوُدِّ وَالنَّصرِ مِنِ ابنِ سُمَيَّةَ ، فَإِن لَم تَنصُروهُم فَاُعيذُكُم بِاللَّهِ أن تَقتُلوهُم ، فَخَلّوا بَينَ الرَّجُلِ وبَينَ ابنِ عَمِّهِ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ ، فَلَعَمري إنَّ يَزيدَ لَيَرضى مِن طاعَتِكُم بِدونِ قَتلِ الحُسَينِ عليه السلام .
قالَ : فَرَماهُ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ بِسَهمٍ ، وقالَ : اُسكُت ، أسكَتَ اللَّهُ نَأمَتَكَ ۴ ، أبرَمتَنا ۵ بِكَثرَةِ كَلامِكَ !
فَقالَ لَهُ زُهَيرٌ : يَابنَ البَوّالِ عَلى عَقِبَيهِ ، ما إيّاكَ اُخاطِبُ ، إنَّما أنتَ بَهيمَةٌ ، وَاللَّهِ ما أظُنُّكَ تُحكِمُ مِن كِتابِ اللَّهِ آيَتَينِ ! فَأَبشِر بِالخِزيِ يَومَ القِيامَةِ وَالعَذابِ الأَليمِ .
فَقالَ لَهُ شِمرٌ : إنَّ اللَّهَ قاتِلُكَ وصاحِبَكَ عَن ساعَةٍ .
قالَ : أفَبِالمَوتِ تُخَوِّفُني ؟ فَوَاللَّهِ ، لَلمَوتُ مَعَهُ أحَبُّ إلَيَّ مِنَ الخُلدِ مَعَكُم .
قالَ : ثُمَّ أقبَلَ عَلَى النّاسِ رافِعاً صَوتَهُ ، فَقالَ : عِبادَ اللَّهِ ! لا يَغُرَّنَّكُم مِن دينِكُم هذَا الجِلفُ ۶ الجافي ۷ وأشباهُهُ ! فَوَاللَّهِ ، لا تَنالُ شَفاعَةُ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله قَوماً هَراقوا ۸ دِماءَ ذُرِّيَّتِهِ وأهلِ بَيتِهِ ، وقَتَلوا مَن نَصَرَهُم وذَبَّ عَن حَريمِهِم.
قالَ : فَناداهُ رَجُلٌ ، فَقالَ لَهُ : إنَّ أبا عَبدِ اللَّهِ عليه السلام يَقولُ لَكَ : أقبِل ، فَلَعَمري لَئِن كانَ مُؤمِنُ آلِ فِرعَونَ نَصَحَ لِقَومِهِ وأبلَغَ فِي الدُّعاءِ ، لَقَد نَصَحتَ لِهؤُلاءِ وأبلَغتَ لَو نَفَعَ النُّصحُ وَالإِبلاغُ . ۹
1.من الأقوال المتداولة: «كُلُّ يَومٍ عاشوراءُ وَ كُلُّ أَرضٍ كَربَلاءُ» وقد يضاف إليه عبارة «وَكُلُّ شَهرٍ مُحَرَّمٌ»، ونلاحظ أنّه يُنسب أحياناً إلى أهل البيت عليهم السلام ، في حين إنّنا لا نرى مثل هذه العبارات في مصادر الحديث، نعم جاء مضمونها في أشعار محمّد بن سعيد البوصيري (القرن السابع الهجري) في رثاء الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه، إذ يقول:
كلُّ يومٍ وكلُّ أرضٍ لِكَربيفيهِمُ كربلاءُ و عاشورا .
(أعيان الشيعة : ج ۱ ص ۶۲۵ ، الدر النضيد : ص ۱۸) .
ومن المحتمل أن يكون هذا البيت مصدر تلك العبارة المشهورة .
2.الإرشاد : ج ۲ ص ۹۶ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۴ ؛ تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۲۳ ، تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۱۷ وفيه «كلّ غاية» بدل «كلّ رغبة» وكلاهما عن أبي خالد الكابلي ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۶۱ وفيه «واقتتل أصحابه بين يديه» بدل «لمّا صبّحت الخيل الحسين» وكلّها من دون إسنادٍ إلى أحدٍ من أهل البيت عليهم السلام وراجع : الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۶۸ .
3.الذَّنُوبُ : أي وافر شعر الذَنَب (النهاية : ج ۲ ص ۱۷۰ «ذنب») .
4.النَّأمة : الصوت (الصحاح : ج ۵ ص ۲۰۳۸ «نأم») .
5.بَرِمَ به - بالكسر - يبرَمُ بَرَماً - بالتحريك - : إذا سئمه وملّه (النهاية : ج ۱ ص ۱۲۱ «برم») .
6.الجِلْفُ : الأحمق (النهاية : ج ۱ ص ۲۸۷ «جلف») .
7.الجافي : الغليظ الخِلقَة والطبع (لسان العرب : ج ۱۴ ص ۱۴۸ «جفا») .
8.هَراقَ الماء يهريقه : صَبّه ، وأصله : أراقه يُريقه (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۲۹۰ «هراق») .
9.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۲۶ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۶۲ ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۸۰ كلاهما نحوه وراجع : أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۹۷ .