805
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

كلام حول شهداء الحملة الاُولى‏

المعروف أنّ عدداً من أصحاب الإمام الحسين عليه السلام استشهدوا في الحملة الاُولى لعسكر الكوفة عليهم ، ويقدّر عددهم بأكثر من خمسين شهيداً، حتّى ذهب ابن شهر آشوب في كتابه «المناقب» إلى أنّ عدد شهداء الحملة الاُولى يقرب من أربعين شخصاً، وذكر أسماء 28 شخصاً منهم ، حيث قال :
المَقتولونَ مِن أصحابِ الحُسَينِ عليه السلام فِى الحَملَةِ الاُولى‏ : نَعيمُ بنُ عَجلانَ ، و عِمرانُ بنُ كَعبِ بنِ حارِثٍ الأَشجَعِيُّ ، و حَنظَلَةُ بنُ عَمرٍو الشَّيبانِيُّ ، وقاسِطُ بنُ زُهَيرٍ ، وكِنانَةُ بنُ عَتيقٍ ، وعَمرُو بنُ مشيعَةَ ، وضِرغامَةُ بنُ مالِكٍ ، وعامِرُ بنُ مُسلِمٍ ، وسَيفُ بنُ مالِكٍ النُّمَيرِيُّ ، وعَبدُ الرَّحمنِ الأَرحَبِيُّ ، ومُجَمِّعٌ العائِذِيُّ ، و حَبابُ بنُ الحارِثِ ، و عَمرٌو الجَندَعِيُّ ، وَ الحَلّاسُ بنُ عَمرٍو الرّاسِبِيُّ ، و سَوّارُ بنُ أبي عُمَيرٍ الفَهمِيُّ ، و عَمّارُ بنُ أبي سَلامَةَ الدّالانِيُّ ، وَ النُّعمانُ بنُ عَمرٍو الرّاسِبِيُّ ، و زاهِرُ بنُ عَمرٍو مَولَى ابنِ الحَمِقِ ، وجَبَلَةُ بنُ عَلِيٍّ ،ومَسعودُ بنُ الحَجّاجِ ، و عَبدُ اللَّهِ بنُ عُروَةَ الغِفارِيُّ ، و زُهَيرُ بنُ بِشرٍ الخَثعَمِيُّ ، وعَمّارُ بنُ حَسّانٍ ، وعَبدُ اللَّهِ بنُ عُمَيرٍ ، ومُسلِمُ بنُ كَثيرٍ ، وزُهَيرُ بنُ سُلَيمٍ ، و عَبدُ اللَّهِ و عُبَيدُ اللَّهِ ابنا زَيدٍ البَصرِيِّ ، و عَشَرَةٌ مِن مَوالِي الحُسَينِ عليه السلام ، و مَولَيانِ مِن مَوالي أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام‏ . ۱
ويبدو أنّ أوّل مصدر أشار إلى أنّ عدد شهداء الحملة على أصحاب الإمام رحمة اللَّه عليه كان خمسين شخصاً ، هو الفتوح لابن أعثم، الّذي قال - بعد إشارته إلى الحملة الاُولى والّتي تمثّلت برمي السهام من قبل عسكر الكوفة - :
فاقتتلوا ساعةً من النهار ، حملةً واحدة ، حتّى‏ قُتل من أصحاب الحسين عليه السلام نيّف وخمسون رجلاً . ۲
وبالتأمّل في رواية ابن أعثم ، يتّضح أنّ مراده هو أنّ العدد المذكور استشهدوا خلال الحرب وفي فترة من يوم عاشوراء، لا أنّهم استشهدوا في الحملة الاُولى . إلاّ أنّ الخوارزميّ ۳ - ومن دون الالتفات إلى المعنى الدقيق للعبارة - نقل الحادثة بشكل آخر ؛ فبعد أن نقل خبر الحملة الاُولى كتب قائلاً :
فلمّا رموهم هذه الرمية قلّ أصحاب الحسين عليه السلام ، فبقي في هؤلاء القوم الّذين يُذكرون في المبارزة ، وقد قُتل منهم ما ينيف على‏ خمسين رجلاً . ۴
وفي سياق أمثال هذه النقول ذكر ابن شهر آشوب أسماء 28 منهم - كما أشرنا - على أنّهم شهداء الحملة الاُولى ، إلاّ أنّ الظاهر عدم صحّة ذلك لما يلي :
أوّلاً : لا توجد في المصادر القديمة نقول بهذا النحو عن الحملة الاُولى، وكلام ابن أعثم ليس فيه دلالة على هذا المعنى ، بل هو دالّ على خلافه ، كما أشرنا .
ثانياً : ذكرت بعض المصادر المعتبرة - كالإرشاد للمفيد، وتاريخ الطبري - رميَ السهام من قبل الأعداء بعنوان الحملة الاُولى، من دون إشارة إلى استشهاد أحد في هذه الحملة ، بل ذكرت في هذا السياق انتصار أصحاب الإمام رحمة اللَّه عليه عبر المبارزة الفردية بالقتال ، ممّا حَدا بالعدوّ إلى العدول عن هذا الاُسلوب في القتال إلى الهجوم الجماعي .
ثالثاً : المسألة المهمّة هي أنّ عدد أصحاب الإمام الحسين عليه السلام - وفقاً لبعض هذه النقول - كان 72 شخصاً ، وعليه فإن كان عدد شهداء الحملة الاُولى خمسين شخصاً ، فلايبقى‏ منهم حينئذ إلّا قلائل لا يمكن توزيعهم على ساحة القتال بالشكل المطلوب ، وكيف يتسنّى لهذا العدد القليل مقاومة العدوّ حتّى عصر عاشوراء؟
على أنّه لو كان العدوّ قد كبّد جيش الإمام هذا العدد من القتلى في حملة واحدة وبرمي السهام، لما كانت هناك حاجة للمبارزة، ولَاستمرّ على هذا الاُسلوب ليحسم النتيجة لصالحه في وقتٍ قصير !
فعلى هذا الأساس ، لا يمكن قبول ما ورد حول شهداء الحملة الاُولى ، وخصوصاً ما جاء في المناقب لابن شهر آشوب .

1.المناقب لابن شهر آشوب : ج ۴ ص ۱۱۳ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۶۴ وفيه «والجلاس بن عمرو الراسبي» و«سوار بن أبي حمير الفهمي» .

2.راجع : ص ۸۰۳ ح ۸۶۸ .

3.ممّا ينبغي ذِكره هو أنّ قسماً كبيراً من كتاب مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي قد اُخذ من كتاب الفتوح لابن أعثم .

4.راجع : ص ۸۰۲ ح ۸۶۷ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
804

۸۶۹.تاريخ اليعقوبي : لَمّا كانَ مِنَ الغَدِ خَرَجَ [الحُسَينُ عليه السلام‏] فَكَلَّمَ القَومَ ، وعَظَّمَ عَلَيهِم حَقَّهُ ، وذَكَّرَهُمُ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ ورَسولَهُ ، وسَأَلَهُم أن يُخَلّوا بَينَهُ وبَينَ الرُّجوعِ ، فَأَبَوا إلّا قِتالَهُ ، أو أخذَهُ حَتّى‏ يَأتوا بِهِ عُبَيدَ اللَّهِ بنَ زِيادٍ ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ القَومَ بَعدَ القَومِ وَالرَّجُلَ بَعدَ الرَّجُلِ ، فَيَقولونَ : ما نَدري ما تَقولُ .
فَأَقبَلَ عَلى‏ أصحابِهِ ، فَقالَ : إنَّ القَومَ لَيسوا يَقصِدونَ غَيري ، وقَد قَضَيتُم ما عَلَيكُم ، فَانصَرِفوا ، فَأَنتُم في حِلٍّ .
فَقالوا : لا وَاللَّهِ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ، حَتّى‏ تَكونَ أنفُسُنا قَبلَ نَفسِكَ ، فَجَزاهُمُ الخَيرَ . ۱

۸۷۰.كامل الزيارات عن الحلبي : سَمِعتُ أبا عَبدِ اللَّهِ عليه السلام يَقولُ : إنَّ الحُسَينَ عليه السلام صَلّى‏ بِأَصحابِهِ الغَداةَ ، ثُمَّ التَفَتَ إلَيهِم ، فَقالَ : إنَّ اللَّهَ قَد أذِنَ في قَتلِكُم ، فَعَلَيكُم بِالصَّبرِ . ۲

۸۷۱.كامل الزيارات عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللَّه [الصادق‏] عليه السلام : إنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام قالَ لِأَصحابِهِ يَومَ اُصيبوا : أشهَدُ أنَّهُ قَد اُذِنَ في قَتلِكُم ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاصبِروا . ۳

۸۷۲.إثبات الوصيّة : فَلَمّا صافَّهُ لِلحَربِ [أيِ ابنُ زِيادٍ لِحَربِ الحُسَينِ عليه السلام‏] صَلَّى الحُسَينُ عليه السلام بِأَصحابِهِ الغَداةَ ، ورُوِيَ : أنَّهُ كانَ ذلِكَ مِن يَومِ العاشِرِ مِنَ المُحَرَّمِ ، سَنَةَ إحدى‏ وسِتّينَ ، قامَ خَطيباً ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ ، وقالَ لِأَصحابِهِ : إنَّ اللَّهَ عزّ وجلّ قَد أذِنَ في قَتِلكُمُ اليَومَ وقَتلي ، وعَلَيكُم بِالصَّبرِ وَالجِهادِ . ۴

1.تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۴۴ .

2.كامل الزيارات : ص ۱۵۲ ح ۱۸۷ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۸۶ ح ۲۰ .

3.كامل الزيارات : ص ۱۵۲ ح ۱۸۵ و ص ۱۵۳ ح‏۱۸۹ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۸۶ ح ۱۹ و ص ۸۷ ح ۲۲ .

4.إثبات الوصيّة : ص ۱۷۶ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 289951
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي