291
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3

يَقتُلُهُم ويُقَطِّعُ أيدِيَهُم وأرجُلَهُم مِن خِلافٍ ، ويَصلُبُهُم عَلى جُذوعِ النَّخلِ . سُبحانَ اللّهِ يا مُعاوِيةُ ! لَكَأَنَّكَ لَستَ مِن هذِهِ الاُمَّةِ ، ولَيسوا مِنكَ .
أوَلَستَ قاتِلَ الحَضرَمِيَّ الَّذي كَتَبَ إلَيكَ فيهِ زِيادٌ أنَّهُ عَلى دينِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللّهُ وَجهَهُ ؟ ودينُ عَلِيٍّ هُوَ دينُ ابنِ عَمِّهِ صلى الله عليه و آله الَّذي أجلَسَكَ مَجلِسَكَ الَّذي أنتَ فيهِ ، ولَولا ذلِكَ كانَ أفضَلُ شَرَفِكَ وشَرفِ آبائِكَ تَجَشُّمَ الرِّحلَتَينِ : رِحَلَةِ الشِّتاءِ وَالصَّيفِ ، فَوَضَعَهَا اللّهُ عَنكُم بِنا مِنَّةً عَلَيكُم !
وقُلتَ فيما قُلتَ : لا تَرُدَّ هذِهِ الاُمَّةَ في فِتنَةٍ . وإنّي لا أعلَمُ لَها فِتنَةً أعظَمَ مِن إمارَتِكَ عَلَيها !
وقُلتَ فيما قُلتَ : اُنظُر لِنَفسِكَ ولِدينِكَ ولِاُمَّةِ مُحَمَّدٍ . وإنّي وَاللّهِ ما أعرِفُ أفضَلَ مِن جِهادِكَ ؛ فَإِن أفعَل فَإِنَّهُ قُربَةٌ إلى رَبّي ، وإن لَم أ فعَلهُ فَأَستَغفِرُ اللّهَ لِديني ، وأسأَلُهُ التَّوفيقَ لِما يُحِبُّ ويَرضى .
وقُلتَ فيما قُلتَ : مَتى تَكِدني أكِدكَ . فَكِدني يا مُعاوِيَةُ ما بَدا لَكَ ، فَلَعَمري لَقَديما يُكادُ الصّالِحونَ ، وإنّي لَأَرجو أن لا تَضُرَّ إلّا نَفسَكَ ، ولا تَمحَقَ إلّا عَمَلَكَ ، فَكِدني ما بَدا لَكَ .
وَاتَّقِ اللّهَ يا مُعاوِيَةُ ! وَاعلَم أنَّ للّهِِ كِتابا لا يُغادِرُ صَغيرَةً ولا كَبيرَةً إلّا أحصاها ، وَاعلَم أنَّ اللّهَ لَيسَ بِناسٍ لَكَ قَتلَكَ بِالظِّنَّةِ ، وأخذَكَ بِالتُّهَمَةِ ، وإمارَتَكَ صَبِيّا يَشرَبُ الشَّرابَ ، ويَلعَبُ بِالكِلابِ ، ما أراكَ إلّا قَد أوبَقتَ نَفسَكَ ، وأهلَكتَ دينَكَ ، وأضَعتَ الرَّعِيَّةَ . وَالسَّلامُ ۱ .

1.الإمامة والسياسة : ج۱ ص۲۰۲ ؛ رجال الكشّي : ج۱ ص۲۵۲ ح۹۹ ، الاحتجاج : ج۲ ص۸۹ ح۱۶۴ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج۴۴ ص۲۱۲ ح۹ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
290

2 / 1 ـ 9

كِتابُ الإِمامِ الحُسَينِ إلَيهِ ۱

۲۳۳۸.الإمام الحسين عليه السلامـ في كِتابِهِ إلى مُعاوِيَةَ ـ: أمّا بَعدُ : فَقَد جاءَني كِتابُكَ تَذكُرُ فيهِ أنَّهُ انتَهَت إلَيكَ عَنّي اُمورٌ لَم تَكُن تَظُنُّني بِها رَغبَةً بي عَنها ، وإنَّ الحَسَناتِ لا يَهدي لَها ولا يُسَدِّدُ إلَيها إلَا اللّهُ تَعالى .
وأمّا ما ذَكَرتَ أنَّهُ رَقِيَ إلَيكَ عَنّي ، فَإِنَّما رَقّاهُ المَلّاقونَ المَشّاؤونَ بِالنَّميمَةِ ، المُفَرِّقونَ بَينَ الجَمعِ ، وكَذَبَ الغاوونَ المارِقونَ ، ما أرَدتُ حَربا ولا خِلافا ، وإنّي لَأَخشَى اللّهَ في تَركِ ذلِكَ مِنكَ ومِن حِزبِكَ القاسِطينَ المُحِلّينَ ، حِزبِ الظّالِمِ ، وأعوانِ الشَّيطانِ الرَّجيمِ .
أ لَستَ قاتِلَ حُجرٍ وأصحابِهِ العابِدينَ المُخبِتينَ الَّذين كانوا يَستَفظِعونَ البِدَعَ ، ويَأمُرونَ بِالمَعروفِ ، ويَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ ؟ فَقَتَلتَهُم ظُلما وعُدوانا مِن بَعدِ ما أعطَيتَهُمُ المَواثيقَ الغَليظَةَ ، وَالعُهودَ المُؤَكَّدَةَ ، جُرأَةً عَلَى اللّهِ ، وَاستِخفافا بِعَهدِهِ ؟
أوَلَستَ بِقاتِلِ عَمرِو بنِ الحَمِقِ الَّذي أخلَقَت وأبلَت وَجهَهُ العِبادَةُ ؟ فَقَتَلتَهُ مِن بَعدِما أعطَيتَهُ مِنَ العُهودِ ما لَو فَهِمَتهُ العُصمُ ۲ نَزَلَت مِنَ شَعَفِ ۳ الجِبالِ .
أوَلَستَ المُدَّعِيَ زِيادا فِي الإِسلامِ ، فَزَعَمتَ أَنَّهُ ابنُ أبي سُفيانَ ، وقَد قَضى رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله أنّ الوَلَدَ لِلفِراشِ ولِلعاهِرِ الحَجَرَ ؟ ثُمَّ سَلَّطتَهُ عَلى أهِل الإِسلام

1.كتب معاوية إلى الإمام الحسين عليه السلام : أمّا بعد ، فقد انتهت إليّ منك اُمور ، لم أكن أظنّك بها رغبة عنها ، وإنّ أحقّ الناس بالوفاء لمن أعطى بيعة من كان مثلك ، في خطرك وشرفك ومنزلتك التي أنزلك اللّه بها ، فلا تنازع إلى قطيعتك ، واتّق اللّه ولا تردّن هذه الاُمّة في فتنة ، وانظر لنفسك ودينك واُمّة محمّد ، ولا يستخفنّك الذين لا يوقنون (الإمامة والسياسة : ج۱ ص۲۰۱) .

2.العُصْم : الوعول (لسان العرب : ج۱۲ ص۴۰۶) .

3.جمع شَعَفة ؛ وهي مِن كلّ شيء أعلاه (النهاية : ج۲ ص۴۸۱) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 150631
الصفحه من 670
طباعه  ارسل الي