521
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3

وهَل نَحنُ إلّا في حُكمِ الأَشتَرِ ؟ !
قالَ عَلِيٌّ : وما حُكمُهُ ؟
قالَ : حُكمُهُ أن يَضرِبَ بَعضُنا بَعضا بِالسُّيوفِ حَتّى يَكونَ ما أرَدتَ وما أرادَ .
قالَ : فَقَد أبَيتُم إلّا أبا موسى ؟ !
قالوا : نَعَم .
قالَ : فَاصنَعوا ما أرَدتُم .
فَبَعثوا إلَيهِ وقَد اعتَزَلَ القِتالَ ، وهُوَ بِعُرضٍ ۱ ، فَأَتاهُ مَولىً لَهُ ، فَقالَ :
إنَّ النّاسَ قَدِ اصطَلَحوا .
فَقالَ : الحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ !
قالَ : قَد جَعَلوكَ حَكَما .
قالَ : إنّا للّهِِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ !
وجاءَ أبو موسى حَتّى دَخَلَ العَسكَرَ ، وجاءَ الأَشتَرُ حَتّى أتى عَلِيّا فَقالَ :
ألِزَّني بِعَمرِو بنِ العاصِ ، فَوَاللّهِ الَّذي لا إلهَ إلّا هُوَ ، لَئِن مَلَأتُ عَيني مِنهُ لَأَقتُلَنَّهُ .
وجاءَ الأَحنَفُ فَقالَ :
يا أميرَ المُؤمِنينَ ! إنَّكَ قَد رُميتَ بِحَجَرِ الأَرضِ ، وبِمَن حارَبَ اللّهَ ورَسولَهُ أنفَ الإِسلامَ ، وإنّي قَد عَجَمتُ ۲ هذَا الرَّجُلَ ، وحَلَبتُ أشطُرَهُ ، فَوَجَدتُهُ كَليلَ الشَّفرَةِ ، قَريبَ القَعرِ ، وإنَّهُ لا يَصلُحُ لِهؤُلاءِ القَومِ إلّا رَجُلٌ يَدنو مِنهُم حَتّى يَصيرَ في أكُفِّهِم ، ويَبعَدُ حَتّى يَصيرَ بِمَنزِلَةِ النَّجمِ مِنهُم . فَإِن أبَيتَ أن تَجعَلَني حَكَما ، فَاجعَلني ثانِيا أو

1.عُرْض : بليدة في بريّة الشام تدخل في أعمال حلب (معجم البلدان : ج۴ ص۱۰۳) .

2.يُقال : عَجَمتُ الرجلَ : إذا خَبَرتَه (لسان العرب : ج۱۲ ص۳۹۰) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
520

قالَ : اِيتِهِ إن شِئتَ فَسَلهُ .
فَأَتاهُ فَقالَ : يا مُعاوِيَةُ ! لِأَيِّ شَيءٍ رَفعتُم هذِهِ المَصاحِفَ ؟
قالَ : لِنَرجِعَ نَحنُ وأنتُم إلى ما أمَرَ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ بِهِ في كِتابِهِ ، تَبعَثونَ مِنكُم رَجُلاً تَرضَونَ بِهِ ، ونَبعَثُ مِنّا رَجُلاً ، ثُمَّ نَأخُذُ عَلَيهِما أن يَعمَلا بِما في كِتابِ اللّهِ لا يَعدُوانِهِ ، ثُمَّ نَتَّبِعُ ما اتَّفَقا عَلَيهِ .
فَقالَ لَهُ الأَشعَثُ بنُ قَيسٍ : هذَا الحَقُّ . فَانصَرَفَ إلى عَلِيٍّ فَأَخبَرَهُ بِالَّذي قالَ مُعاوِيَةُ .
فَقالَ النّاسُ : فَإِنّا قَد رَضينا وقَبِلنا .
فَقالَ أهلُ الشّامِ : فَإِنّا قَدِ اختَرنا عَمَرو بنَ العاصِ .
فَقالَ الأَشعَثُ واُولئِكَ الَّذينَ صاروا خوَارِجَ بَعدُ : فَإِنّا قَد رَضينا بِأَبي موسى الأَشعَرِيِّ .
قالَ عَلِيٌّ : فَإِنَّكُم قَد عَصَيتُموني في أوَّلِ الأَمرِ ، فَلا تَعصونِي الآنَ ، إنّي لا أرى أن اُولِّيَ أبا موسى .
فَقالَ الأَشعَثُ ، وزَيدُ بنُ حُصَينٍ الطّائِيُّ ، ومِسعَرُ بنُ فَدَكِيٍّ : لا نَرضى إلّا بِهِ ، فَإِنَّهُ ما كانَ يُحَذِّرُنا مِنهُ وَقَعنا فيهِ .
قالَ عَلِيٌّ : فَإِنَّهُ لَيسَ لي بِثِقَةٍ ، قَد فارَقَني ، وخَذَّلَ النّاسَ عَنّي ، ثُمَّ هَرَبَ مِنّي حَتّى آمَنتُهُ بَعدَ أشهُرٍ ، ولكِن هذَا ابنُ عَبّاسٍ نُوَلّيهِ ذلِكَ .
قالوا : ما نُبالي أنتَ كُنتَ أمِ ابنُ عَبّاسٍ ! لا نُريدُ إلّا رَجُلاً هُوَ مِنكَ ومِن مُعاوِيَةَ سَواءٌ ، لَيسَ إلى واحِدٍ مِنكُما بِأَدنى مِنهُ إلَى الآخَرِ .
فَقالَ عَلِيٌّ : فَإِنّي أجعَلُ الأَشتَرَ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : أنَّ الأَشعَثَ قالَ : وهَل سَعَّرَ الأَرضَ غَيرُ الأَشتَرِ ؟ ! . . .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 150601
الصفحه من 670
طباعه  ارسل الي